الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
جريدة الراية: في نهاية الحكم الجبري وإطلالات العهد الراشد: المرأة أين هي؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Raya sahafa

 

 

2016-02-15

 

جريدة الراية: في نهاية الحكم الجبري وإطلالات العهد الراشد: المرأة أين هي؟

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم، وعد المؤمنين بالاستخلاف والنصر والتمكين، والصلاة والسلام على رسول الله بشَّر هذه الأمة بالرفعة والسنا والفتح المبين، وهو القائل كما جاء في مسند الإمام أحمد ورواه الطبراني والبزار وغيرهم عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «تكونُ النُّـبُوَّةُ فيكمْ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثمّ يرْفعُها اللّهُ إذا شاءَ أنْ يرْفَعَها. ثـُـمّ تكونُ خِلافةً على مِنهاج النبوَّة، فتكونُ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثـُمّ يرْفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُمّ تكونُ مُلْكاً عاضّاً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُمّ يرفعُها إذا شاءَ الله أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ مُلْكاً جَبريَّةً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُـمّ يرفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ خِـلافـةً على مِنهـاج النُّـبُوَّة، ثم سكت».

 

وبعد: فإن العصور المذكورة في الحديث قد عاصرتها الأمة وشهدت أحوالها، وظهر انتقالها فيما بينها، وتنقلها من عزِّ الخلافة لذل الحكم الجبري، وستشهد حتماً لا ظناً عز الظفر والغلبة بالتحوّل من مذلة الحكم الجبري إلى سيادة الدنيا بقيام الخلافة الراشدة الثانية، ﴿وَعْدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

لكنَّ هذا الأمر ليس بالهيِّن ولا طريقه مفروشة بالورود، وإلا فما كان له من معنىً ولا كان للابتلاء نتائجه من تمحيص المؤمنين وتمايز الصفوف وثبات المستحقين للاستخلاف ليكونوا أهله وجنده وشهوده. فكما تآمر الكافر المستعمر ليهدم الخلافة سنواتٍ طوالاً، ها هو يخوض الحرب مرةً أخرى مستمراً في تآمره ومعه خونة العرب والعجم لإجهاض مشروع الأمة النهضوي؛ إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

أجل: إن الأيام حبلى والجنين عهدٌ راشد على منهاج النبوة، لكنَّ الولادة قيصرية والمخاض عسير، جدُّ عسير ﴿وَلِيَبْتَلِىَ ٱللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾.

 

وإن الجهود المبذولة من دول الكفر وأعوانه لا تخفى على أحدٍ في ظل القتل المنتشر انتشار النار في الهشيم في الشام والعراق واليمن، ونهب الثروات وتآمر السلطات في ليبيا وتونس والمغرب، وما يلاقيه المسلمون في بلاد الغرب من عنت وشقاء وسط حربٍ إعلامية سياسيةٍ على هويتهم الإسلامية. وفي خضم هذه الأحداث الفيصلية المتسارعة نتساءل: أين تقف المرأة المسلمة في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الأمة، حيث بداية النهاية لحكمٍ جبريٍ تكتب فيه الأمة بدايةَ عزِّها بالدماء وهي تشهد إطلالات العهد الراشد؟

 

إنَّ غياب دولة الخلافة عن الوجود كان الضربة القاصمة التي فتحت المجال لاستهداف أبناء هذه الأمة في دينهم، وأعراضهم وأرزاقهم. وبالطبع لم تكن المرأة المسلمة مغيَّبة عن هذه الضربات بل كانت تتلقى الجزء الأكبر منها ولسان حالها كما ذكرت أفا فيدال - كاتبة مقالة بريطانية في صحيفة التلغراف عن الحرب على المرأة المسلمة في أيار/مايو 2014 - "ينتزع الناس حجابنا من فوق رؤوسنا ويصفوننا بالإرهابيين ويتمنون موتنا"، وهي تسطر بدمائها التضحيات جنباً إلى جنب مع الرجل، في تفنيد أسطوريٍ لوهم المساواة القائم على النظرة الغربية في التماثل في الأدوار والمسؤوليات والواجبات. واليوم ونحن على أبواب عهدٍ جديد فإن المرأة المسلمة لا تزال تتلقى الطعنات بصبرٍ وثبات تعيد سيرة سمية أم عمار، والخنساء أم الشهداء. وهي في ذلك مؤمنة بأن الله مع الصابرين وأنَّ فوز ماشطة ابنة فرعون لم يكن إلا لثباتها على دينها وتضحيتها بنفسها في سبيل الله سبحانه وتعالى. وفي نساء سوريا وهن يلقين بفلذات أكبادهن ويضحين بالغالي والنفيس في سبيل "هي لله" خير مثال. وفي صبر مسلمات الغرب على الهجمة الشرسة من العامة والساسة عليهن نموذج يُحتذى في ثبات المرأة المسلمة.

 

لكنَّ الجاري على الساحة الآن، وما يُخاض من حرب فكرية شرسة لا تقل أهميةً عن الحرب العسكرية بات يتطلب من المرأة المسلمة أكثر بكثير من تلقي الضربات بالصبر والثبات، فكما يُقال "لا يُفل الحديد إلا بالحديد". والهجمة الفكرية على أحكام الإسلام كمبدأ وطراز عيش، وعلى أنظمته في الحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع كأحكام خاصة بتنظيم حياة المجتمع وشأنه، يجب أن تنبري لها المسلمات بالتفنيد برسم الخط المستقيم الذي يُظهر اعوجاج الأطروحات الغربية وما انبثق عنها من دعوات في شأن المرأة وحياتها كالمساواة والتمكين؛ وما تفتَّق عن هذه الأفكار من مؤتمرات ومواثيق تحتاج وقفة صلبة جادة تنقض أساسها، وتهدم بنيانها الذي استظلت به المسلمات جهلاً وغفلةً.

 

فالمسلمة الآن مطلوب منها أن تلزم الثغر لئلَّا يؤتى دينُ الله من قبلها. فمن كانت تتلقى السهام عن رسول الله في الغزوات قادرة أن ترد سهام أعداء الله عن دينه، سوية مع الرجل لإعزاز دين الله، في بوتقة واحدة تنصهر فيها أفكار الإسلام وتتجلى بشكل يدحض الشبهات ويرتقي بعمل المرأة المسلمة السياسي.

 

يحتاج العمل السياسي اليوم للمسلمات كحاجته للرجال، فالهمُّ واحدٌ والفرض مفروض على الطرفين، وبكليهما تنجو الأمة ويرتقي العمل السياسي. لذلك كان على المسلمة فوق قيامها بوظيفتها الأساسية وهي كونها أماً وربة بيت ترعى شؤون بيتها وزوجها وتربي أطفالها وتنشئهم على أحكام الإسلام، كان عليها أيضاً أن تحمل الدعوة للإسلام خاصة في أوساط النساء منتهجة نهج صحابيات رسول الله في زيارة النساء في بيوتهن، لتثقفهن بالإسلام التثقيف الحامل على التغيير؛ لتؤثر في حِسِّ المجتمع وفكره تجاه ما يمسه من قضايا، خاصة فيما يتعلق بالمرأة والطفل كإقامة مهرجانات خادشة للحياء تُفسد الشباب وتدعو للتعري والاختلاط، وما يُقام من مسابقات ملكات الجمال "الإسلامية" أو مسابقات الغناء للأطفال ...إلخ، وكان عليها أيضاً أن تكافح سياسياً فتكشف المؤامرات وتوضح عوار إجراءات الرعاية من قبل الأنظمة الحاكمة وتقصيرها في أداء واجبها تجاه الرعية، فموت الألوف من النساء الحوامل نتيجة انعدام الرعاية الصحية في بلد ما مسألة تتعلق بالمرأة وتمسُّ كرامتها كامرأة أولاً، وكجزء من الجماعة المسلمة ثانياً. ومسألة السجينات من أهل فلسطين في سجون الاحتلال، والشهيدات اللاتي ارتقين واحتجزت جثامينهن إثر عدوان يهود في "انتفاضة القدس" وغيرها من القضايا تبين حال المرأة المسلمة بعد فقدان الإمام الجُنَّة الذي يحميها فكان لزاماً على المسلمة الواعية توضيح هذه المسائل وكشف حقيقتها وتسليط الضوء عليها في وقتٍ غاب فيه الإعلام الصادق عن تبنِّي قضاياها وطرح المعالجات القويمة لها.

 

من هنا جاءت أهمية العمل الإعلامي للمرأة المسلمة، فجريمة الإعلام التقليدي لم تقف عند حدِّ الإفساد وطرح الحياة الغربية كنموذج للعيش، بل إنَّه تجاوز الأمر لتهميش المرأة المسلمة الواعية، وتحجيم دورها الفعلي وإقناعها بعجزها عن تقديم أيِّ حلٍّ للخلاص، فأثبط عزيمتها عن الأمل في التغيير، وصارت تعيش على هامش الحياة، وفقد الثقة في أي دعوةٍ مخلصة للنهضة. لذلك كان لا بُدَّ من نشر أخبار الأعمال المخلصة المؤدية للنهضة وتسليط الضوء على القائمين عليها في صفوف الأمة، وكان لا بد من إعادة اللحمة بين جماعة النساء المسلمات وأمتهن بوصفهن جزءاً مهماً منها، يجب أن يقوم بدوره لتؤتي النهضة أكلها.

 

وهذا واقعٌ ملموسٌ نجده في حاملات الدعوة اللاتي حملنها بصدقٍ وإخلاص وجد، ينافحن عن ذرى الإسلام، ويرددن عنه الدعوات الباطلة، والتهم المسمومة، في مصر والشام وبريطانيا وإندونيسيا والأردن... وهي ثلةٌ مخلصة واعية تركت عنها زخرف الحياة الدنيا، وانطلقت عبر فضاءات الشبكات العنكبوتية تتابع أمتها وتتحرق للتغيير ولسان حالها "يا رب نعمل كما أمرت فأنجز لنا ما وعدت". لا يردُّها كيد عدوٍ؛ فعافية صديقي ذهب عقلها لأجل ثباتها، وحرائر الشام ضحين بالولد لأجل المجد، وحرائر تونس وبنغلادش وأوزبيكستان يوضعن في السجون وعزائمهن تناطح السحاب، ومسلمات الغرب ثابتات أمام هجمات المتطرفين المعادين للإسلام، وقد تقبع الواحدة في بيتها أياماً لا تخرج لئلا يُنزع حجابها عن رأسها. وهنَّ مع ذلك سياسيات متميزات يمتلئ الأثير بإبداع أقلامهن ورقي فكرهن، وتضج الأرض بمحافلهن الصادقة حيث جموع النساء ينهلن من ثروتهن الفكرية ووعيهن السياسي في إزالة اللثام عن إجرام الحكام وأسيادهم.

 

هذه هي المرأة المسلمة وهذا هو دورها في المشهد الحاسم، نسأل الله سبحانه أن يعيننا ويتقبل منا، ويعجل لنا نصره، إنه مجيب الدعاء.

 

 

 

 

بقلم: حنين منصور

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

2 تعليقات

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 27 شباط/فبراير 2016م 20:38 تعليق

    لا عزّ للمرأة إلا بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

  • ام مهدي
    ام مهدي الإثنين، 15 شباط/فبراير 2016م 23:36 تعليق

    فمن أجل قيام المرأة المسلمة بدرها الحقيقي في العمل لاستئناف الحياة الإسلامية عليها أن تضحي ربما بقليل من وقتها لتدفع بعجلة الدعوة والتغيير. وقبل هذا على المرأة أن تثق بقدراتها وإمكاناتها وتعتز بخصوصيتها كأم وربة بيت وعرض يجب أن يصان ولا تتنكر لها كخصوصية منتقصة. فإعلاؤها لأحكام الإسلام في ثوب العفاف والتقوى، وتحت مظلة الضوابط الشرعية لا ينقص من رجاحة عقلها وتميز فكرها، كما أن عليها أن تثق بأنها يمكنها أن تساهم في التغيير الجذري

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع