- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-01-19
جريدة الراية: الحصول على تأشيرة شرط لدخول أهل سوريا إلى تركيا يكشف كذب حكام تركيا
بينما تستقبل رؤوس أهلنا في سوريا في مختلف مناطق سوريا المحررة حمماً مختلفة الصنع والمصدر لتقتل وتدمر ما بقي من صمود وثبات وإباء لأهل ثورة الشام، تتواصل محاولات النزوح واللجوء من سوريا بالوصول إلى ملاذ آمن للأطفال والنساء والشيوخ الذين كوتهم الآلة الحربية الغادرة. وتستفحل أسوأ مؤامرة إنسانية شهدها العالم بالدفع بالمدنيين في سوريا للهروب بأرواحهم من شدة الإجرام الذي توّجه مجرم الحرب بوتين بجعل سوريا مصباً لأحقادهم على الإسلام والمسلمين. فلم يتبق سلاح لأعداء الله إلا واستعملوه محاولين الفتّ في عضد الثوار للتراجع عن مطالبهم بإسقاط النظام وقلع آل أسد حامي حمى يهود والغرب، بما في ذلك التجويع ومنع الماء والغذاء والكهرباء والخدمات الصحية في معظم أنحاء سوريا. ولا يجد آلاف من أهل سوريا حلاً أمامهم سوى اللجوء للدول المجاورة هربا من الموت والمجاعة وعلى رأسها تركيا.
لم يكد ينسى أهل الشام بعد خطوط أردوغان الحمراء في بداية الثورة والتي داسها بشار أسد بنعاله نكاية به، حتى أطلق في تشرين الأول/أكتوبر 2014 مقولته المشهورة مخاطباً لاجئي سوريا: "أنتم المهاجرون ونحن الأنصار"! تزامن هذا مع بدء الآلة العسكرية التركية بزيادة حراساتها للحدود بين سوريا وتركيا وبالتالي زادت حالات الاعتقال والضرب والإهانة لكل من حاول اجتياز الحدود، ثم تطور الأمر للقنص المقصود والقتل المتعمد، ثم بدأ بناء السد العنصري الفاصل على أرض الشام التي دخل منها أجدادنا المسلمون لنشر الإسلام وفتح البلاد وإزالة الحدود. بل وصلت الوقاحة بنظام أردوغان لأن يعلن صراحة التنسيق مع الأمريكان والأوروبيين في إتمام إغلاق الحدود مع سوريا وإذعانه لأوامرهم الصارمة التي لباها وجعلها فوق أوامر الله ونواهيه.
ورغم التخبط في التصريحات التي نُشرت قبل 2016/1/8 حول حقيقة القرار الذي أعلنته الحكومة التركية عن أنها (.. أعلنت عن فرض تأشيرة دخول على أهل سوريا الوافدين إلى تركيا عن طريق المنافذ البحرية والجوية، وذلك اعتباراً من 8 كانون الثاني الحالي. وقال المتحدث باسم الخارجية طانجو بيليتش، إن «القرار يستثني السوريين الوافدين إلى تركيا عبر المعابر البرية الموجودة بين البلدين»، معتبراً أن «تطبيق نظام تأشيرة الدخول على السوريين القادمين من دول أخرى يندرج ضمن إطار الحد من الهجرة غير الشرعية».) إلا أن الأخبار أوردت أيضاً عن (عضو من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن الحكومة التركية فرضت على حاملي الجوازات السورية، الحصول على فيزا صادرة من إحدى السفارات أو القنصليات التركية في البلدان التي يتواجد فيها أهل سوريا، كشرط للدخول إلى البلاد).. وأضاف عضو الائتلاف (.. في تصريحات لموقع "زمان الوصل" أن السلطات التركية طلبت منه فيزا للدخول إلى تركيا، على المعبر الحدودي مع إقليم كردستان في العراق).
وهكذا دخل النظام التركي لنادي المحاصِرين لثورة الشام ولأهلها بمنعه دخولهم إلى بلادهم التي لأجدادهم الفضل في بنائها، فقد ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ». وقد حاول المُسلمون طوال ثمانية قرون تحقيق هذه النبوءة؛ فأولى المُحاولات كانت سنة 49هـ، المُوافقة لِسنة 669م، وذلك في عهد مُعاوية بن أبي سُفيان، إذ أرسل حملةً عسكريَّةً بريَّةً ضخمة لِحصار المدينة بقيادة فضالة بن عُبيد الله الأنصاري الذي توغَّل في عُمق الأراضي البيزنطيَّة حتّى وصل إلى خلقدونيَّة القريبة من العاصمة الروميَّة. وقد أمضى فضالة شتاء تلك السنة في أملاك الإمبراطوريَّة وكان مُعاوية يمُدُّه بالإمدادات والمؤن. وقد قامت هذه الإمدادات، بقيادة سُفيان بن عوف، بتنفيذ الحصار على العاصمة البيزنطيَّة. واصطدم الفريقان الإسلامي والرومي في معارك التحاميَّة تحت أسوار المدينة، إلَّا أنَّ المُسلمين لم يُحرزوا انتصاراتٍ حاسمة، فاضطرّوا إلى فك الحصار والعودة إلى دمشق وتوفي في هذه الغزوة الصحابي أبو أيّوب الأنصاريّ ، ودُفن عند أسوار القسطنطينيَّة وقبره الآن موجود في وسط استانبول في منطقة سميت باسمه، وأقيم على ضريحه مسجد عظيم كان السلاطين والخلفاء لا يتوجون في الحكم إلا في هذا المقام الذي يتبركون فيه بصاحب رسول الله ﷺ والمجاهد العظيم الذي بذل حياته في نشر الإسلام وفتح البلاد وتوحيدها وإزالة الحدود بينها! فما بالك يا أردوغان تعيد سيرة أعداء أبي أيوب الأنصاري الذين قتلوه كي لا يتمم فتح القسطنطينية ويبقي على الحدود التي تقسم البلاد وتمنع حركة المسلمين!!
يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، فأين هم الأنصار الجدد الذي من واجبهم هدم السدود ومسح الحدود بين بلاد المسلمين والدفاع عن البلاد والأعراض كما قال نبينا الكريم ﷺ للأنصار الحقيقيين: «بَلِ الدَّمُ الدَّمُ، وَالْهَدَمُ الْهَدَمُ، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي»؟ فهل بعد هذه الحقيقة الساطعة التي تسطرها الحكومة التركية في الحفاظ على نفوذ الكافر المستعمر بالإبقاء على سايكس بيكو وعلى نفوذ الاستعمار والكذب على أهل سوريا من يجادل في الله بغير علم؟ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ. ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.
المهندس هشام البابا
المصدر: جريدة الراية