- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2025-02-05
جريدة الراية: ترامب والتطبيع بين السعودية وكيان يهود
إنّ دفء العلاقة بين السعودية وأمريكا في عهد دونالد ترامب يرجع في الأساس إلى فضل ترامب على محمد بن سلمان في فترته الرئاسية الأولى عندما قام بالتغطية على جريمة قتل الصحفي السعودي عدنان خاشقجي في إسطنبول، والتي تورط فيها ابن سلمان بشكل واضح، فبرأته تركيا أردوغان بإيعاز من ترامب، ثمّ أعيد التعامل معه كحاكم شرعي بتوصية من ترامب بعد أن نبذه الكثير من حكام العالم.
لذلك ليس غريباً أنْ يطلب ترامب هذه المرة مبلغ 450 مليار دولار ثمّ يرفع المبلغ إلى تريليون دولار من ابن سلمان لقاء القيام بزيارة السعودية، لأنّه يعلم أنّ ابن سلمان لا يرد له طلباً كونه عميلاً لأمريكا أولا ثم لكون ترامب هو الذي دعمه سابقا، وما زال يدعمه حاليا.
فابن سلمان على أتم استعداد ليقوم بتنفيذ أي أمر لترامب ليس لكونه هو ولي أمره فحسب، بل وحاميه، ومُثبّت عرشه، وضامنا له مستقبله في قادم الأيام.
لكنّ ابن سلمان - وبسبب خوفه على نفسه - يطلب حماية أمريكية مباشرة لدولته وعرشه وذلك خوفاً من أي تهديد يؤثّر على بقاء نظام آل سعود الذي يقف على رأسه، أو من أي خطر داخلي أو خارجي قد يطيح بحكمه، أو ربما من قيام أهل نجد والحجاز بثورة عارمة تستأصل هذا النظام من جذوره، لذلك فهو يريد من أمريكا عقد اتفاقية أمنية دفاعية تضمن بقاء مملكة آل سعود، وأنْ لا تتعرض لأي تهديد وجودي، ولو كان بعيد المدى، وذلك كشرط مسبق للتطبيع مع كيان يهود، وقد تكرر طلب هذا رسميا من الإدارة الأمريكية مرات عدة، ففي 22 أيار 2024 توالت التقارير الصحفية المتعلقة حول إبرام اتفاقية أمنية دفاعية بين أمريكا والسعودية بعيد اللقاء الدبلوماسي الذي جمع وزيري خارجية البلدين أنتوني بلينكن وفيصل بن فرحان على هامش منتدى الاقتصاد العالمي الذي عقد في الرياض، والذي أقرت فيه الاتفاقية الأمنية الثنائية السعودية الأمريكية مبدئياً وربطها بشكل محكم بالتطبيع بين السعودية وكيان يهود، بالإضافة إلى ربط أمريكا للتطبيع بعدم شراء السعودية أي أسلحة صينية، وكذلك الحد من الاستثمارات الصينية الاقتصادية والتجارية في السعودية.
ولكن يجب معرفة أنّ هناك من ناحية واقعية عوائق كبيرة تقف أمام توقيع مثل هذه الاتفاقية، ومنها أنّ التوقيع عليها يتطلّب تصويت ثلثي أعضاء الكونغرس، وهو أمر غاية في الصعوبة أن يتم إقراره في أي تصويت.
ومنها مطالبة السعودية وبتوجيه من إدارة بايدن السابقة بقبول كيان يهود بفكرة إقامة الدولة الفلسطينية كشرط لأي تطبيع سعودي مع الكيان، وهو أمر غير وارد مطلقا في ظل حكومة نتنياهو الحالية، وأيضاً من الصعب القبول به لدى أي حكومة في كيان يهود مستقبلية، خاصة بعد أن صوّت الكنيست بغالبية أصواته ومن غالبية تياراته بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية.
ومنها مطالبة السعودية لأمريكا بالسماح لها ببناء برنامج نووي سعودي للأغراض السلمية، والذي يعترض عليه كيان يهود بشدة، ويصرح بعدم قبوله له بشكل صريح خشية استخدامه مستقبلا لأغراض عسكرية.
وربما يكتفي ترامب بإقامة علاقات تطبيعية محدودة بين السعودية وكيان يهود بدرجة لا ترقى إلى مستوى إبرام اتفاقية سلام، أو إبرام معاهدة تطبيع بين الدولتين، وقد أوضح ترامب موقفه هذا برده على سؤال أحد الصحفيين عمّا إذا كان سيدفع يهود والسعوديين لتطبيع العلاقات فأجاب: "لا أعتقد أنّه يتعيّن عليّ أن أضغط، أعتقد أنّه سيحدث، ولكن ربما ليس بعد".
ويبدو أنّ ما يهم ترامب في فترته الرئاسية الثانية بالدرجة الأولى هو عقد صفقات مالية مربحة ماديا، وليس إبرام اتفاقات سياسية معقدة، فالأولوية بالنسبة له هي اقتصادية وليست سياسية.
بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني
المصدر: جريدة الراية