الأربعاء، 06 شعبان 1446هـ| 2025/02/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-02-05

 

جريدة الراية: الشام لا يُصلحها إلا أن تُحكم بالإسلام

 

 

 

جولة في مدن الشام من حماة أم الفداء، مرورا بحمص الوليد، وحتى تدخل دمشق الأمويين، تسير في شوارع تشم خلالها عبق الإسلام وترى آثار حضارته التي لا يمكن أن تطمس، ترى بعينيك كيف أن ما حصل لم يكن أمرا عاديا، وأن عناية الله هي التي تسيره، عندما ترى جبل زين العابدين في حماة وقمحانة التي هي على خط واحد، وعندما كان يصل لمسمعك حجم الحشودات التي كانت تتجمع في حماة، تدرك أن الأمر غير عادي، عندما تصل لوادي حمص ومدينة الرستن وتعلم أن الثوار مروا على جسره تدرك أن الأمر ليس للبشر فيه أي يد، عندما تعبر حمص لدمشق وترى مدن القلمون وقراها وجبالها يترسخ في ذهنك أن ما حصل فوق كل قدرة للبشر، وعندما تطل عليك دمشق وتتذكر أن فيها كانت تتمركز الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري وكثير من المليشيات الطائفية يُنفث في صدرك أن ما حصل شيء غير اعتيادي، وإن تجاوزنا كل ذلك وتذكرنا أن كل هذه المسافة قد قطعها الثوار والمجاهدون في اثني عشر يوماً يترسخ في عقلك وذهنك أن الأمر ليس تدبير بشر، نعم لقد نُصرنا بالرعب أثناء مسيرنا، عند مشاهدة كل ذلك أدركت يقينا قول النبي ﷺ «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ»، مهما حاول المتصيدون ومهما استخدموا من ألاعيب ومهما حاولوا حرف الصورة، فكلام الناس أبلغ من كذبهم ومحاولاتهم، لقد كان الناس يقولون عند اللقاء هذا ليس بعمل بشر، هذا تدبير الله وفضله، حقا إنه تدبير الله ونصره ومعيته. يقين كبير يتم العمل على طمسه مثل كثير من أحداث الثورة.

 

منذ بداية الثورة عام 2011 قلنا إنها قامت بأمر الله ورعايته وتسير بحفظه وتدبيره، ثورة بدأها أطفال ليتم قطع المنة عليها، وسارت بجموع الناس دون قيادة عليها حتى لا تُركب من أي جهة كانت، ثورة انطلقت في أجواء فارغة من أي وسط سياسي حتى لا تُحرف، أجواء جامعة مانعة لأي جهة أو شخص أو دولة، وعندما سارت هيأ الله لها رجالا كانوا شموسا في سمائها، كلما سعى المتآمرون للالتفاف عليها كان هؤلاء موانع أمام مساعي المجرمين.

 

وصلت الثورة إلى دمشق، فكان حدث وصولها مزلزلا للجميع ومربكا للكثيرين، والكل شد مئزر تآمره ووضع يده على قلبه، كيف سيتم ضبط الإيقاع، كيف سنحرف المسار، كيف سنسحب من المجاهدين والثوار نشوة نصرهم، فبدأت الوفود تأتي تترى لأجل تدارك الأمر، وفرض الإملاءات والقضاء على التوجه الإسلامي لأهل الشام، ولأجل منع محاولة التفكير المستقل، وهنا أضرب مثالا ليس ببعيد وكيف أنهم تجاوزوا ما سبق من خطأ في أحداث زلزال شباط، فالدول كانت تعمل لدفع الثورة للاستسلام، وكانت تضغط عليها بشكل مرعب حتى تسلم نفسها، كانت تتآمر عليها ليل نهار حتى ترفع راية الاستسلام معلنة انتهاء محاولتها الثورية، حدث الزلزال، فكان فرصة لهم حتى يمارسوا أفعالهم القذرة، وأساليبهم فقطعوا الحدود ومنعوا أي مساعدة ووجهوا الأنظار نحو أسد المجرم لدفع الناس إلى حضنه، ولكن الذي حصل هو أن الناس بدأوا بالتفكير الذاتي للخلاص وبدأت الأعمال لذلك، فردت مكر الدول إلى نحورها بدل أن يكون لهم. فغاياتهم فشلت ومخططاتهم سقطت، وكان للأمر دور كبير في إعادة الروح للحاضنة في زلزال سقوط المجرم أسد، كان الأمر مختلفا فالخطوات اختلفت والسير كان أسرع، فلقد بادروا جميعاً بالتوجه نحو دمشق وعدم التأخر حتى لا يحصل الأمر نفسه الذي ضربنا له المثل السابق، عقدت الدول المؤتمرات ورتبوا الزيارات، جاءت الوفود تحمل شروطها للدعم، جاءت تفرض عقليتها كيف يجب أن تكون الدولة، جاءت لتقول لنا إما أن تحكموا كما نريد أو أن نجعلكم تموتون من الجوع، وفي دافوس الأمر نفسه اجتماع اقتصادي تحول لسياسي عنوانه العريض لا دعم ولا أموال إلا بعد أن توقعوا على ورقة قبولكم بأن السيادة لنا وأن التشريع لنا.

 

نعم لقد كان حدث سقوط أسد المجرم كبيراً وعظيماً، لم يكن حدثاً اقتصرت فرحته على أهل الشام بل عمت الفرحة البلاد المجاورة وكذلك الأبعد منها، نعم لقد نجحت الحاضنة، حققت النصر بفضل الله، رغم كل محاولات قتلها وأعمال تيئيسها وكل مخططات دفعها للاستسلام التي ذهبت هباءً منثورا.

 

سقط أسد المجرم آخر قلاع العلمانية في الشرق كما وصف نفسه، سقط المجرم الذي طالما سمعنا قصصا وروايات عن أفعاله بالمسلمين، سقط السفاح عميل أمريكا، التي وضعت كل إمكانياتها ألا يسقط، أسقطه الله سبحانه، بعد أن جمعوا كيدهم وأعدوا عدتهم ونصبوا فخاخهم، لكن كان تدبير الله أكبر.

 

إن المتتبع لمجريات الثورة على مر سنواتها الـ14 يدرك يقينا أن الله سبحانه هو صاحب الفضل وهو الراعي وهو المدبر، من شاهد عدد الأيام التي احتاجها الثوار للوصول إلى دمشق منطلقين من إدلب يدرك يقيناً أن سلاح الرعب الذي أنزله الله على جنود النظام البائد كان سلاحا لا يمكن الوقوف بوجهه.

 

لقد قدمت الثورة على مر عقد ونصف القافلة تلو القافلة من الشهداء، لقد كانت ردات فعل الناس عند التضحية حمداً لله على قضائه وشكره على نعمه، لقد كان ارتباطهم بالله عظيما ووثيقا، لقد كان الله في كل لحظات الثورة معنا، فلنحذر كل الحذر أن ندير له ظهورنا، ولو سألنا أي ثائر اليوم أو مجاهد أو أي فرد من أفراد الحاضنة كيف تم النصر ليقولن الله هو من أكرمنا به، فكيف بعد كل ذلك ندير ظهورنا للخالق الذي أكرمنا بالنصر ونتوجه نحو من يضرنا ولن ينفعنا؟! نيمم وجوهنا نحو بشر كانت أسمى غاياتهم أن يكسرونا وينهوا ثورتنا؟!

 

إن بلاد الشام بمدنها وقراها وبلداتها لا يليق بها إلا أن تُحكم بالإسلام وأن تكون السيادة فيها لشرعه وحده، إن الشام لا يليق بها إلا أن تكون حاضرة للإسلام ولدولة الإسلام.

 

وإننا على ثقة بأن الله عز وجل الذي أكرمنا بالنصر سيكرمنا بالتمكين لإقامة دولة الإسلام وتحكيم شرعه.

 

 

بقلم: الأستاذ عبدو الدلّي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع