جريدة الراية يوم المرأة العالمي 2015: الاحتفال بقرن من فشل الحركات النسائية في "تحرير" المرأة بقلم: د. نسرين نوّاز*
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2015-03-11م
سوف تستغل الأمم المتحدة الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، هذا العام، لتسليط الضوء على إعلان ومنهاج عمل بكين، الذي هو بمثابة خارطة طريق وقعت عليها 189 حكومة منذ 20 سنة من أجل تحسين حقوق وحياة النساء من خلال دعم كفاحهن للوصول إلى المساواة بين الجنسين بين شعوب العالم. وقد غطت تلك الاتفاقية 12 جانباً مؤثرا في النساء، من ضمنها الفقر والعنف وحقوق التعليم والصراع المسلح والسلطة واتخاذ القرارات. وقد وصفتها الأمم المتحدة بإعلان تاريخي يمتلك "رؤية واضحة لتمكين النساء" ويجسد "الإطار الأكثر شمولاً للسياسة العالمية، وبرنامج عمل... لتحقيق المساواة بين الجنسين وحقوق النساء والبنات في كل مكان". ومع ذلك، فبعد عقدين من ولادة الاتفاقية، وبعد 104 سنوات على أول يوم عالمي للمرأة، وعلى الرغم من أكثر من قرن من النضال النسوي من أجل المساواة بين الجنسين، فإن حياة الملايين من النساء في أرجاء العالم ما زالت مأساوية. فبحسب إحصائيات نشرتها صحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم سوف يتعرضن للضرب أو الاغتصاب خلال حياتهن، وأن 70% من الفقراء الذين يبلغ عددهم 1.2 ملياراً هم من النساء والأطفال، و700 مليون امرأة يعشن دون ما يكفيهن من الغذاء والمياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية، أو التعليم، وأن 85 مليون فتاة لا يستطعن الذهاب إلى المدارس، وتشير التقديرات إلى أن 1,2 مليون طفل يتاجَر بهم سنويا كعبيد؛ 80% منهم من الإناث. كل هذا يعكس الفشل الذريع للحركات النسائية وفكرتها المثالية الأساسية، المساواة، في الوفاء بوعودها للنساء.
من الواضح جدا أن مجرد الدعوة "للمساواة" في الحقوق والخيارات ودور الرجل والمرأة في الحياة الأسرية والمجتمع من خلال فكرة المساواة بين الجنسين، ليست هي الضامن لاحترام النساء وتحقيق حياة أفضل لهن، بل إن فكرة الحركات النسائية المقززة قد استُغلت لصرف الأنظار عن حقيقة أن الأوضاع البائسة التي تتعرض لها النساء اليوم، إنما هي بسبب النظام الرأسمالي العلماني الذي هيمن على السياسة والاقتصاد في العالم على مدى القرن الفائت. إنه النظام الذي سبب التفاوت الفادح في الثروات وأصاب الاقتصاد بالشلل؛ ما أفقر ملايين النساء وأدى إلى انهيار التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات العامة في بلادهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وجهة نظر الرأسمالية المادية في الحياة قد أنشأت عقليات لا ترى أي خطأ في استغلال أجساد النساء من أجل الربح، ما أدى إلى إيجاد بيئة مهيأة للاتجار بالبشر. علاوة على ذلك فإن القيم الليبرالية العلمانية التي تقدس السعي لتحقيق الرغبات الفردية وتقدس النظرة الجنسية للمرأة، قد أدت إلى تدهور أوضاع النساء وتسببت في وباء الجرائم الجنسية وغيرها من الانتهاكات التي يواجهنها اليوم. وبالتالي فإن الحركات النسائية التي تنظر للمشاكل بنظرة المساواة الضيقة، والتي تسعى لإيجاد التغيير من داخل النظام الرأسمالي المعيب نفسه، بدلا من تغييره تغييرا جذريا، ستفشل دائماً في تحسين حقوق المرأة. لهذا فإن إعلان بكين ومعاهدات المرأة الدولية مثل سيداو، وما لا يحصى من لوائح المساواة المنصوص عليها في قوانين الدول شرقا وغربا، قد أثبتت جميعها فشلها الذريع في ضمان الاحترام والحياة الكريمة لملايين النساء حول العالم. وهذا دليل ساطع على أن المنظمات النسائية والحكومات والمؤسسات الذين يروِّجون لأفكارهم، لا يملكون رؤية حقيقية أو برنامج عمل موثوقاً لحل مشاكل النساء.
بالمقابل فإن الإسلام الذي يوصف من قبل العلمانيين بأنه ظالم للنساء بسبب قوانينه الاجتماعية التي تتناقض مع الأفكار الغربية في المساواة بين الجنسين، فإنه يمتلك برنامجاً شاملا وموثوقا ومجرّباً في كيفية إيجاد الاحترام للنساء، وحل مشاكلهن وضمان حقوقهن. برنامج نجح في توفير حياة كريمة للنساء على مدى قرون في ظل حكم نظام الخلافة. وهذا ما يتم إبرازه حالياً في الحملة العالمية الواسعة التي ينظمها القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير بعنوان: "المرأة والشريعة: للتمييز بين الحق والباطل". وسوف تبلغ هذه الحملة ذروتها في المؤتمر النسائي العالمي التاريخي في الثامن والعشرين من آذار 2015. إننا نحثّ كل من تعب من الاتفاقيات الخاملة والمبادرات العقيمة، والوعود الكاذبة في تحسين حياة المرأة، أن يتابع هذه الحملة المهمة والمؤتمر المرتقب على موقعنا:الفيس بوك
* المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - القسم النسائي
المصدر: جريدة الراية