الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلمة المهندس صلاح الدين عضاضة في المؤتمر العالمي "عام مضى أيتها الجيوش"

 

الذي عقدته قناة الواقية يوم الخميس 07 ربيع الآخر 1446هـ الموافق 10 تشرين الأول/أكتوبر 2024م

 

الشعوب الإسلامية بين التعاطف والتحرك المنتج

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين سيد الخلق سيدِنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

منذ عام والأمة تنظر إلى غزة والألم يعتصر قلبها وهي تشاهد الإجرام المتواصل ليل نهار بحق أهل الأرض المباركة فلسطين. واليوم ينضم لبنان إلى ضحايا إجرام كيان يهود من القصف والقتل والتدمير.

 

منذ عام وفي أعماق الأمة سؤال كبير يحتاج إلى الإجابة، سؤال من شأنه أن يأكل العقول من الحيرة، وهو: "كيف يمكن للأمة أن تتحرك تحركا منتجا فتنقذ نفسها من براثن الإجرام؟"

 

وسنجيب على السؤال من أربعة جوانب:

 

لقد كان تفاعل الأمة الإسلامية مع أحداث طوفان الأقصى وحرب غزة هو الأبرز منذ ثورات الربيع العربي. ورغم أن حجم المظاهرات هذه المرة لم يعادل حجم تلك التي شهدناها في فترة الربيع العربي، إلا أنها تُشابِهُها في شمولها لجميع الساحات التي تضم جماهير المسلمين.

 

وسبب ذلك هو أن الأمة في ثورات الربيع العربي، أدركت بأن التحركات الشعبية بالتظاهرات الكبرى كانت سببا مباشرا في إسقاط الحكام سياسيا وإخراجهم من السلطة، فلذلك لم تترك الأمة الشارع بل بقيت ترابط فيه حتى أرغمت الحاكم على الهروب وترك كرسي الحكم.

 

ثم كان ما كان بأن ظهر النفوذ الغربي الذي كان يختبئ عن أعين الثوار داخل عقول وقلوب كبار قادة الجيوش، فتلاعب هؤلاء بالثورات وانقلبوا عليها، واستعادوا الأنظمة القديمة وأعادوا البلاد إلى الأوضاع الاستعماريّة. وفي تلك الفترة، كان حزب التحرير يحذر الثوار بضرورة كسب ولاء الجيوش، لكن الأمة لم تع أهمية هذه المسألة، وبالفعل انقلب قادة الجيوش على الثورات.

 

لكن اليوم، ومع أحداث طوفان الأقصى، بدأت الأمة تدرك قيمة علاقتها بجيوشها وأهمية دورها في التغيير، حيث نادت الجيوش بشكل مباشر للتحرك لإنقاذ الأرض المباركة، وقد استجاب أفراد من الجيوش لهذه النداءات.

 

وهذا تطور جديد لا بد للأمة أن تتمسك به لأن فيه مفتاح وقف العدوان على الأرض المباركة، بل تحريرِ كامل فلسطين. وفيه جواب على السؤال: "كيف يمكن للأمة أن تتحرك تحركا منتجا فتنقذ نفسها من براثن الإجرام؟"

 

فالجواب هو أنه على الأمة أن تستعيد قرار جيوشها عبر القوى المخلصة في هذه الجيوش. فهي التي عندها الاستعدادات والقدرات والتدريب والتسليح الذي من شأنه أن يذيق يهود وبال أمرهم بل أن يحرر الأرض المباركة فلسطين. فبعد الدروس التي تعلمتها الأمة في الربيع العربي عن دور الجيوش في الإمساك بالسلطة الحقيقة في البلاد وإعطائها لمن تريد، لا بد للأمة أن تسعى لأن يكون ربيعها هذه المرة هو "ربيع جيوش المسلمين" حيث تتحرر قيادات هذه الجيوش من العملاء وتعيد السلطان إلى الأمة الإسلامية.

 

أما الجانب الثاني من مسألة الوصول إلى معرفة ما هو التحرك المنتج فعلا لنصرة غزة عمليا، فلقد تمثل في حدث أساسي في بداية حرب غزة، فحين بدأت الحرب تشتد على أهل غزة وظهرت معالم سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها كيان يهود معهم، حينها اشتعلت قلوب شباب المسلمين وقرروا التوجه إلى غزةَ سيرا على الأقدام فوجدوا أن الذي منعهم هم جيوش بلادهم بأمر من الحكام، فاكتشفوا بأن حدود سايكس بيكو ما هي إلا جدران السجن العالية. سجن صنع كي يستطيع الغرب أن يستفرد بشعوب الأمة الإسلامية، وهذا يوصلنا إلى جواب على سؤال آخر كان شباب الأمة الإسلامية قد طرحوه على أنفسهم، وهو "لماذا لم نستطع نصرة غزة وعدد المسلمين ملياران؟"، والجواب هو أن حدود سايكس بيكو سلبت الميزة العددية من الأمة الإسلامية، فهي صممت لسلب هذه الميزة تحديدا كي يستطيع الغرب أن يستفرد بشعوب الأمة الإسلامية شعبا شعبا. وحدود سايكس بيكو ليست هي السياج الحديدية ولا الجدران الإسمنتية التي تحيط بالبلاد، فهذه ما أسهل على الأمة أن تكسرها، وإنما حدود سايكس بيكو هي بالجيوش التي تحرس هذه الحدود بأمر من الحكام الخونة.

 

ولذلك يكون الجواب على السؤال: "كيف يمكن للأمة أن تتحرك تحركا منتجا فتنقذ نفسها من براثن الإجرام؟"، هو بأن تستعيد الأمة قيادة جيوشها من يد الحكام العملاء فيفتحوا لها الحدود لكي تصل إلى الأرض المباركة فلسطين بل أن يكونوا هم في الصفوف الأمامية يكبرون وتكبر الأمة من خلفهم فيحرروا فلسطين يدا بيد من رجس يهود المغتصبين.

 

أما الجانب الثالث من مسألة التحرك المنتج الذي يمكن للأمة أن تقوم به لكي تنصر غزة ولبنان اليوم، فهو يتمثل في أن يدرك الوسط الإعلامي من أصحاب المنابر والمنصات الإعلامية ممن يوجهون أنظار الرأي العام على القضايا، فعلى هؤلاء أن يتنبهوا بأن كيان يهود يضرب غزة بجيش ولا يرد الجيش إلا جيش آخر. لا يرده المجتمع الدولي، ولا محكمته، ولا رأيه العام، فهؤلاء أقصى ما سيقدمونه هو التعاطف، بل التعاطف الكاذب، بل أحيانا الشماتة الوقحة. لذلك على جميع الإعلاميين ممن يعتبر نفسه مخلصا للأمة الإسلامية وقلبه على الأرض المباركة فلسطين، ومعها اليوم لبنان، على هؤلاء أن يصبوا قولهم على دور الجيوش في تخليص فلسطين وأن لا يشغلوا الأمة بأيٍّ من شعوذات الحكام العملاء، ومن خلفهم تشويشات الغرب وأدواته الإعلامية الذي يحاول أن يشتري الوقت لكيان يهود حتى ينهي سياسة الأرض المحروقة في غزة ولبنان.

 

ولذلك يكون مجددا الجواب على السؤال: "كيف يمكن للأمةِ أن تتحرك تحركا منتجا فتنقذ نفسها من براثن الإجرام؟"، هو بأن كيان يهود يحارِب بجيش ولذلك على الأمة أن ترد عليه بجيش، فلا بد للأمة أن تستعيد قرار جيوشها فتحركها في وجه جيش كيان يهود فتشرد به من خلفه، وهنا دور رجال الأمة من صناع الرأي العام بأن يركزوا قولهم على أن يخاطبوا الجيوش لأن يعيدوا ولاءهم إلى أمتهم الأمة الإسلامية.

 

أما الجانب الرابع من مسألة التحرك المنتج الذي يجب على الأمة أن تقوم به، فلنراجع الحقائق التالية:

 

الحقيقة الأولى هي أن الحكام يستخدمون الجيوش لتنفيذ خطة سايكس بيكو لسلب الأمة من ميزتها العددية بأن تعدادها ملياران. فبحجة حراسة الخطوط التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو (وهي اتفاقية ليست بين أبناء الأمة بل بين جنرال بريطاني وجنرال فرنسي)، فبحجة حراسة خطوط هذه الاتفاقية يمنع شباب الأمة من الوصول إلى الأرض المباركة فلسطين، بل إن الحكام يمنعون شباب الأمة حتى من التظاهر نصرة لغزة هاشم.

 

والحقيقة الثانية هي أن الحكام يستخدمون الجيوش لحماية عروشهم المعوجة، وقراراتهم الخيانية التي تكشف البلاد وثرواتها لمصالح الغرب الكافر المستعمر.

 

والحقيقة الثالثة هي أن الحكام يستخدمون الجيوش لقصف مدن شعوبهم وتدميرها على رؤوس أهلها تنفيذا لقرارات الغرب الكافر المستعمر كلما أراد أن يشغل الأمة عن الانتفاض على مصالحه الاستعمارية.

 

فإذاً وعلى ضوء هذه الحقائق، لا بد أن يترسخ لدى الأمة الإسلامية أن العقدة هي في العلاقة مع جيوشها ومن يسيطر على قرار هذه الجيوش.

 

وبهذا يكون الجواب مجددا على سؤال: "كيف يمكن للأمة أن تتحرك تحركا منتجا فتنقذ نفسها من براثن الإجرام؟"، هو أنه على الأمة أن تستعيد قرار الجيوش، فالجيوش هم أبناؤها وتسليحهم هو من ثرواتها، ومهمتها الأساسية هي حماية مصالح الأمة وشعوبها وأرضها وليس حماية الحكام العملاء والمصالح الاستعمارية للغرب الكافر.

 

وهنا لا بد للذكر بأن على الأمة أن تتنبه جيدا بأن لا تصطدم بجيوشها أبدا، فهم أبناؤها، بل عليها أن تبدأ بالحديث معها، وخاصة من بيدهم القوة والمنعة في هذه الجيوش.

 

ولا بد للأمة أن تدرك بأنه: "نعم إن الحكام عملاء"، إلا أن جيوش الأمة هم من جنس الأمة، تشعر بما تشعر به الأمة وتتألم لما تتألم له الأمة، فإن أدركت الأمة هذا الأمر هذه المرة، فسيسهل عليها أن تخاطب أبناءها من أهل القوة والمنعة في هذه الجيوش، وتستمر في حثهم على إعادة ولائهم إلى أن يقفوا في صف الأمة وليس في صف مصالح الحاكم العميل وأسياده من دول الغرب الكافر المستعمر.

 

وبهذا نكون قد أجبنا على مسألة كيف يمكن للأمة الإسلامية أن تتحرك تحركا منتجا يوصلها لأن تتخلص من رجس يهود وشرهم في فلسطين ولبنان.

 

فلا يبقى إلا أن نذكّر الأمة الإسلامية بعامتها من شعوب في بلاد المسلمين وخارجها، وبخاصتها من وجهاء وعلماء وإعلاميين ومفكرين ومؤثرين، بأن المسلمين أمة، ولا شأن ولا عزة لأمة لا دولة لها. وطوال تاريخ الأمة الإسلامية كانت دولة المسلمين هي دولة الخلافة. ولقد بشرنا رسول الله ﷺ بعودتها مرة أخرى بعد زوالها، بل إنه بشرنا بأنها ستعود خلافة على منهاج النبوة، أي كما كانت زمن الصحابة رضوان الله عليهم. فقد قال ﷺ في حديثه الشهير «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

وإن حزب التحرير قد أعد العدة لهذا الأمر فاستنبط ثقافة من الإسلام من شأنها أن يبنى عليها نظام الحكم في دولة الخلافة بجميع أجهزته، ولهذا وفي ذكرى انطلاق معركة طوفان الأقصى ندعوكم جميعا للعمل الجاد مع شباب الحزب للسعي لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع