الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

النظام المصري لا يقضي على تضخم ولا يعالج قضايا وأزمات ولا يحل مشكلات

بل يخدع الناس ويغرق مصر وأهلها في مستنقع الأزمات

 

 

نقلت العربي الجديد في تقرير نشرته الخميس 2024/8/22م، أن بيانات الحكومة المصرية تظهر تراجع معدل التضخم، بينما الواقع يعكس صورة مغايرة في ظل قوائم الأسعار الحقيقية على مختلف السلع والخدمات التي تشهد ارتفاعاً مستمراً بوتيرة أسبوعية، ما أرهق معظم الأسر التي باتت تجهر بالضيق من غلاء السلع الغذائية والكهرباء والوقود والأدوية والملابس ورسوم ومستلزمات المدارس، وسوقت الحكومة البيان الإحصائي، وسط دهشة المستهلكين الذين يشعرون بضيق شديد جراء ارتفاع الأسعار في الأسواق، على مدى السنوات الماضية، زادت حدتها خلال العامين الماضي والحالي، مع انهيار حاد في قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار الواردات وتكاليف التشغيل، وتراجع قيمة الدخل.

 

في ظل الرأسمالية وجشعها لا يمر على الناس يوم إلا وهو أسوأ مما قبله! وانظروا إلى حال مصر منذ حكمها عسكر أمريكا برأسماليتها وحينما اقتلعوا بقايا حكم الإسلام منها، وكيف كان الانحدار والانهيار؛ فمن عملة قوية لها قيمة في ذاتها لأن أساسها الذهب والفضة إلى عملة لا وزن لها ولا قيمة؛ من جنيه مصري يساوي جنيه ذهب و3 قروش ويساوي 5 دولارات يوم كانت أوقية الذهب بـ27 دولاراً، إلى دولار يقترب من الـ50 جنيهاً بينما تعدى ثمن أوقية الذهب 2500 دولار، ما يعني انهيارا فعليا في قيمة الدولار، لكن يقابله انهيار أكبر بل دمار لقيمة الجنيه المصري، فما هي أسباب انهيار العملة المصرية؟ وما الذي يسبب هذا التضخم الذي يرهق الناس ويلتهم دخولهم؟ وهل يعمل النظام حقا على وقف التضخم وعلاج الأزمات؟ وكيف تنجو مصر مما يعصف بأهلها من أزمات؟

 

إن عملة ورقية لا تستند إلى الذهب هي عملة لا قيمة لها على الحقيقة وإنما تستمد قوتها من قوة الدولة التي تصدرها وتجبر الناس على التعامل بها بيعا وشراء، وهو ما يملكه الدولار الذي تقف خلفه أمريكا بسطوتها وإجبارها للدول على جعله ميزانا لتعاملاتها وتجارتها، وقطعا لا تملكه مصر ولا عملتها فلا هي دولة قوية ولا صناعة حقيقية ولا قيمة للعملة في ذاتها، بل دولة مرتهنة نظامها عميل يخضع لسياسات الغرب ومؤسساته الاستعمارية الناهبة لثروات الشعوب، وبخضوعه لتلك السياسات فهو يجعل مصر وثرواتها تحت تصرف الغرب ويمكّنه من استعباد أهلها ونهب مدخراتهم وجهودهم، وهو عين ما نراه الآن في مصر التي أصبح ما يزيد عن 85% من دخل الموازنة العامة فيها من الضرائب! فأنت في مصر تدفع على كل شيء تشتريه أو تستهلكه ضريبة، ولا ينجو منها أحد، ما يؤدي طبيعيا لغلاء الأسعار أو ما يسمى بالتضخم، فالتضخم هو شكل خفي من الضرائب يقلل من قيمة المال دون الحاجة إلى قانون أو تشريع رسمي! فعندما ترتفع الأسعار، فإن الأفراد والشركات يشترون السلع والخدمات بثمن أكبر، ما يقلل بشكل فعال من القدرة الشرائية. وخضوع الدولة وقوانينها وسياساتها للغرب ومؤسساته الاستعمارية واللجوء لحلوله الرأسمالية ليس علاجا لمشكلات مصر، ومن يقوم بذلك لا يرغب حتما في علاج مشكلاتها بل هو انغماس في مستنقع من الأزمات وإغراق مصر فيه لأجيال قادمة ربما لا تستطيع رفع رأسها من ثقل ما حملت به قبل أن تولد إذا بقي الوضع كما هو عليه واستمر النظام في ارتهانه ورهن البلاد للغرب ومؤسساته وقروضه. فالقروض ليست علاجا وبيع أصول الدولة ومصانعها وشركاتها التي تدر دخلا لسداد الديون ليست حلا بل تعمق الأزمات وتزيد حدتها، واستثمارات المال الغربي في بلادنا ليست حلا بل تعمق الأزمة وتزيد التضخم وتفقد عملة البلاد قيمتها، فما يجنيه المستثمرون من أرباح يريدون قطعا إخراجه في صورة عملات صعبة، ما يعني مزيداً من انخفاض قيمة العملة المحلية أمام نظيراتها، فهي لا تملك مرونة ولا قدرة تنافسية حيث قيمة الإنتاج المحلي المصدّر لا تقارن مع ما تستورده البلاد، وقد بلغ ما يقارب الـ90% من حجم الاستهلاك المحلي، مع خلو الإنتاج المحلي من الصناعات الثقيلة والمغذية التي تعد عماد أي نهضة اقتصادية، بخلاف وضع موارد البلاد كلها من نفط وغاز وذهب وغيرها تحت تصرف شركات الغرب الرأسمالية تحت دعوى حق الامتياز، وفوق هذا فالنظام ينتهج برامج وسياسات وضعها له صندوق النقد الدولي على أساس أنها برامج إصلاحية للاقتصاد بينما هي ضغث على إبالة وكلها إجراءات تعمق أزمات مصر وتزيد التضخم وتمكن الغرب مما تبقى للناس من ثروات، فلا تخرج تلك الإجراءات عن:

 

1- تحرير سعر الصرف وما يتبعه من زيادة أسعار الواردات من سلع ومواد خام ومستلزمات إنتاج، ما يعني ارتفاع أسعار كافة السلع بالتبعية في دولة تستورد أكثر من 90% مما تستهلك، بينما هي على الحقيقة تستطيع الاستغناء عن جل ما تستورده وإنتاجه محليا وربما تصديره خاصة القمح...

 

2- رفع الدعم عن الطاقة وبخضوع لقرارات صندوق النقد الدولي الدائن، وهو لا يعد رفعا للدعم على الحقيقة بل هو معادلة للسعر بالأسعار العالمية أو الاقتراب منها وما يتبع هذا الرفع من زيادة في تكاليف الإنتاج والنقل ما يؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل عام وبشكل مستمر مع توالي الزيادات في أسعار الوقود من قبل النظام، وحقيقة هذه الطاقة وتلك المحروقات التي يرفع النظام سعرها باستمرار أنها ملكية عامة مما لا يجوز للنظام بيعها للناس فضلا عن التربح من ورائها وبيعها لهم بالأسعار العالمية، وهي بضع من حقوقهم التي نهبها ومكن الغرب منها، فواجب الدولة ليس دعمها بل توصيلها للناس بلا ثمن أو برسم توصيل ثابت القيمة، دون تحميل الناس أية أعباء مقابل ما يستهلكون منها.

3- فرض ضرائب جديدة وزيادتها، فكل ضريبة تفرض أو تتم زيادة قيمتها تضاف بالتبعية لقيمة السلعة ما يؤدي إلى غلاء الأسعار وتحمل الناس لأعباء جديدة هم في غنى عنها، والدولة تفرض ضرائب وجمارك ورسوماً على كل شيء من سلع تدخل البلاد وغذاء ودواء حتى رسوم المرور على الطرق كلها عبء على الناس، وهي مما نهى عنه الشرع بقوله ﷺ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» وقوله عن المرأة التي تابت من الزنا وهي ترجم «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ».

 

4- الاقتراض الحكومي: اعتماد الحكومة على الاقتراض من الخارج لسد الفجوة التمويلية قد يؤدي إلى ضغوط على العملة المحلية، خاصة إذا اقترن ذلك بتباطؤ في تدفقات العملات الأجنبية مثل السياحة أو تحويلات المصريين في الخارج، ما يسهم في تضخم الأسعار، بينما مصر ليست في حاجة إلى قروض ربوية ولا تحتاج أموالا من السياحة ولا حتى تحويلات أبنائها في الخارج، فمصر ليست فقيرة كما يدعي النظام بل تملك تنوعا هائلا في الموارد والثروات لا تملكه كثير من الدول، بل إن ما تملكه من موارد يكفي واحد منها لتقوم عليه نهضة دولة وربما دول، ويكفيها ما تملك من طاقة بشرية هائلة قادرة على إحداث الفارق حتى لو لم تملك هذا التنوع في الموارد فكيف لو اقترنت طاقة شباب مصر والأمة وقدرتهم على الإبداع بما تملكه مصر والأمة من ثروات وقطعت يد الغرب التي تمتد مهيمنة على تلك الموارد وناهبة لما فيها من ثروات؟! حينها لن يكون في بلادنا فقير واحد ولا محتاج، ولن ننظر لقروض لا حاجة لها ولا تسمن ولا تغني من جوع، بل تعني في حقيقتها مزيداً من الارتهان والتبعية ومزيداً من السياسات التي تمكن الغرب من الهيمنة على البلاد ونهب ثرواتها لعقود وأجيال قادمة.

 

5- بيع أصول الدولة وبعض الشركات والمصانع كمصنع الكوك مثلا وما يمنح النظام لشركات الغرب من حقوق امتياز للتنقيب عن الثروات هو تفريط في أكبر ما تملكه الدولة من ثروات دفينة وما يتبعها من صناعات يجب أن تكون صناعات ثقيلة ومغذية، وواجب الدولة هنا أن توقف كل تلك الامتيازات وتلغي كل العقود الباطلة وتستعيد ما هو من الملكية العامة أي ما يعد من الثروات الدائمية وشبه الدائمية، وتقوم هي على إدارته وإنتاج الثروة منه واستغلال طاقة أبنائها في ذلك، وتعيد توزيع الثروة على الناس جميعا توزيعا عادلا مسلمين وغير مسلمين.

 

6- عدم اعتماد الدولة على الصناعات الثقيلة كأساس للإنتاج وتخليها عما كانت تملكه من بنية تستطيع القيام بهذا النوع من الصناعات وشغلها في صناعات لا طائل منها كصناعة أواني الطهي وغير ذلك مما قد يستغني عنه الناس! أو تنشغل بغير هذه البنية القوية التي تستطيع إنشاء المصانع التي تقوم بها وبغيرها، بينما يمكن لهذه البنية أن تكون أساسا لنهضة صناعية كبرى تجعل من مصر مركزا لتصدير كافة المنتجات والصناعات من سلاح وذخيرة إلى سيارات وطائرات وغير ذلك مما يمكن القيام به لو استغلت طاقات الشباب المهدرة التي يدعي النظام أن زيادتها تلتهم ما يقوم به من تنمية لا ندري أين هي ولا متى قام بها!

 

7- اعتماد الدولة على عملة ورقية ليس لها غطاء ذهبي ولا قيمة لها في ذاتها وربطها وربط اقتصاد البلاد كله بالدولار والخضوع لهيمنة الغرب ومؤسساته الاستعمارية فيما ينفذ النظام من سياسات اقتصادية ونقدية؛ ما يجعل البلاد مرهونة للغرب لعقود قادمة، بينما لو كانت العملة لها قيمة في ذاتها من ذهب أو فضة أو كانت ورقة نائبة عنهما لكانت العملة أقوى من أي أزمات ولتحدّت أي كوارث أو نكبات، ولما شعر الناس بغلاء في الأسعار مطلقا، فما في أيديهم ليس ورقا تسرق بها جهودهم بل عملة لها قيمة توازي قيمة جهودهم على الحقيقة.

 

8- ارتفاع تكلفة الإنتاج: السياسات التي تنتهجها الدولة خضوعا لقرارات صندوق النقد الدولي ترفع تكلفة الإنتاج، مثل ارتفاع أسعار الطاقة أو المواد الخام نتيجة لتحرير الأسعار أو تقليص الدعم، تؤدي إلى تضخم في أسعار السلع والخدمات، وهنا لو طبقت الملكية العامة التي تجعل الطاقة والمواد الخام ملكا للناس وتوجب على الدولة عدم التفريط فيها ولا تمكين الغرب منها وتعطي الطاقة لأهل مصر بلا ثمن، هنا حتما سيجدها الناس بين أيديهم ما يحرك عجلة الإنتاج ويقلل تكاليفه ويؤدي حتما لانخفاض في أسعار السلع المنتجة وقدرتها على المنافسة سواء في السوق المحلي أو العالمي حال تصديرها.

 

إن كل ما سبق من مشكلات عرضنا بعض ما يمكن من حلول ولو بشكل عارض إلا أنها جميعها يستحيل تحقيقها في ظل الرأسمالية، بل الرأسمالية تحول دون تحقيقها ودون تمكين مصر من القيام بها ولو تطلب الأمر حربا مباشرة، فهذه الأمور لا تتحقق إلا باقتلاع الرأسمالية واستبدال نظام الإسلام بها، فهو الذي يوجب القيام بكل ما ذكرنا، فدولته ليست دولة جباية ولا تقبل الخضوع للغرب ولا التبعية لنظامه، بل دولته ترعى الناس بأحكام الإسلام وتكفل أرزاقهم وحقوقهم بأحكام شرعية مصدرها الوحي تطبق في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع