الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾

 

 

أثناء صلاة الفجر من يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول كشف رسول الله ﷺ الستار عن حجرته المطلة على المسجد وهو في سكرات الموت وأطل على المسلمين وسيدنا أبو بكر الصديق يؤمهم في صلاتهم فتبسم المصطفى عليه الصلاة والسلام وكانت آخر ابتسامة رآها المسلمون من ثغره الشريف قبل أن يفارق الدنيا الفانية ويذهب إلى جوار ربه، فكانت ابتسامة الفخر والعزة والأمان والاطمئنان لأداء الأمانة وتبليغ الرسالة وهو القائل في حجة الوداع ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾.

 

واليوم وبعد أكثر من 1400 سنة أوشك عدد المسلمين أن يناهز المليارين، فكانوا قلة أقاموا دولة وصرنا كثرة فضاعت الدولة!

 

فبعد أن عانى سيدنا محمد ﷺ ما عاناه من صراع وكفاح لمدة 13 عاما تعرض خلالها هو وصحبه لشتى صنوف العذاب والأذى، بل وبلغ الأمر أن تتكالب عليه قبائل الكفر وتآمروا لقتله، فلم يثنه ذلك عن مراده حتى وضع أسس وركيزة أعظم حضارة في التاريخ، وأقام دولة الإسلام فكانت كيانا سياسيا فريدا من نوعه متفردا بين الكيانات؛ الحكم فيه لله، والسلطان فيه للأمة، والعدل قوامه، ورعاية الشؤون عمله، فشع نور الهداية حتى عمّ الأقاصي والأداني.

 

وبعد أكثر من 13 قرنا كان أمر الله مفعولا ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، إذ تمكن أعداء الدين من هدمها في 28 من رجب سنة 1342 هجرية الموافق لـ3 آذار/مارس 1924م على يد مجرم العصر مصطفى كمال بإيعاز من الإنجليز وتواطؤ وخيانة آل سعود والشريف حسين وغيرهم كثر، حيث ألغى الحكم بالإسلام وأقام الجمهورية العلمانية وفصل الدين عن الدولة.

 

فتكالبت دول الكفر وأصحاب القلوب الفاسدة من العرب والترك على دولة الخلافة كما تتكالب الأكلة على قصعتها فمزقوها إربا إربا، وفرقوا وحدتها، واستباحوا أرضها، ونهبوا مقدراتها، وتركوا الأمة مشردة، فأصبحنا كالأيتام على موائد اللئام.

 

وبعد عشرة عقود من إسقاطها جرب خلالها المسلمون كل نظام وضعي؛ ملكي، جمهوري، رئاسي... واستنسخوا كل فكر غربي مناقض للإسلام يلتمسون منه الرفعة والعزة، "من ابتغى العزة بغير الله ذل"، فما أصابنا منه إلا الطعن في الدين والذل والهوان حتى سمى الغرب حربه على الإسلام (حربا على الإرهاب) ليصبح الإسلام دينا إرهابيا وكل مسلم إرهابيا!

في خضم كل ذلك أشغلونا بالدنيا وبقضايا مفتعلة ونسينا أننا أمة واحدة توحدها "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

 

وقد بلغ الوضع مبلغا من عدم الاستقرار والفوضى العارمة بفعل الغرب الاستعماري، فأراضينا ترزح تحت قيد المستعمر الذي عاث فيها فسادا وإفسادا، فقتل وهجّر ودمّر البلاد والعباد وانتهك الحرمات وسفك الدماء وحلل ما حرم الله، فضاقت الأرض علينا بما رحبت، وسلطوا علينا حكاما لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة، فقد بانت خيانتهم وعمالتهم بالكاشف...

 

فما فضحه طوفان الأقصى لهو خير إثبات على انبطاح الحكام للغرب، فقد أسقط عنهم ورقة التوت واختزل سنوات من ستار الخداع والتمويه وفضح زيف سياستهم وسيادتهم!

واليوم وبعد 100 عام على هدم الخلافة أصبح بإمكاننا أن نقارن بين ما كنا عليه يوم كانت لنا دولة تحضننا وتذود عنا، وبين ما أصبحنا عليه بعدما فرطنا فيها وتركناها مرتعا للكلاب الشاردة تمزقها إربا إربا.

 

والأمة الإسلامية اليوم تعيش أزمة انحطاط حرجة، فحين نذكركم بهدم الخلافة لا لنبكيها بل لنشحذ الهمم لنحييها، ونعمل مع حزب التحرير لإقامة تاج الفروض الذي به يكتمل الدين وتنهض البلاد والعباد وفق نظام الإسلام العظيم.

 

قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آمال بوليلة

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع