الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جسد بلا رأس لا يرعب مهما كبر حجمه

 

ما فائدة الجسد الكبير الذي يفتقد رأسا يقوده ويسير شؤونه ويدبر أموره وينسق حركته ويحافظ عليه ويحميه من المخاطر والأذى التي قد تصيبه مهما كبر حجمه وطالت أطرافه وضخمت أعضاؤه؟ فالجسد بدون رأس مهما كبر يمكن لأصغر المخلوقات أن تتغلب عليه.

 

إن من أوضح الأمثلة على ذلك الأمة الإسلامية التي يبلغ تعدادها قرابة 2 مليار نسمة ولكنها لا تخيف حتى أصغر أعدائها، والسبب أنها جسد كبير ولكنه بلا رأس، فمنذ أن غابت الخلافة التي كان يقودها خليفة واحد عن الوجود، أصبحت الأمة لا تهابها الأمم والشعوب الأخرى ولا تقيم لها وزنا ولا تلقي بالاً.

 

ولما كانت الخلافة موجودة، ولما كان للأمة خليفة واحد، كانت الأمم تخشاها، وكانت الخلافة ترهب كل أعداء الأمة مع أن عدد أتباعها كان أصغر بعشرات المرات من عدد أفراد الأمة اليوم. فمنذ أن هدمت الخلافة عام 1924م والأمة الإسلامية جسد بلا رأس، ومهما بلغ حجم الجسد فإنه لا قيمة له بدون رأس. ولقد بين لنا الرسول الكريم ﷺ هذه الحقيقة في الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ».

 

الإمام جنة: أي كالستر لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام ويتقيه الناس ويخافون سطوته. ومعنى يقاتل من ورائه: أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد وينصر عليهم. ومعنى يتقى به: أي شر العدو وشر أهل الفساد والظلم مطلقا، والتاء في يتقى مبدلة من الواو؛ لأن أصلها من الوقاية.

 

الأمة اليوم ممزقة في 56 دويلة لا يحسب الأعداء لها أي حساب؛ ففلسطين محتلة منذ ما يزيد عن قرن من الزمان، وأمريكا مزقت العراق والصومال وأفغانستان وغيرها، والإنجليز مزقوا الخلافة وشتتوا جسد الأمة في عشرات الدول. والفرنسيون احتلوا الجزائر وعددا كبيرا من دول أفريقيا، وروسيا دمرت سوريا بتنسيق مع أمريكا... فبعد أن قطع الرأس مزق الجسد بحدود سايكس بيكو وانتشرت الوطنيات والقوميات وتعمقت الفرقة والتشرذم، وأضاف العرب على كل هذا البلاء النزعات الطائفية فقسموا الأمة لشيعة وسنة وغير ذلك. عن تميم الداري قال: تطاول الناس في البناء في زمن عمر، فقال عمر: "يا معشر العريب الأرض الأرض إنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة".

 

إن الدول القطرية هي سبب شقائنا وتشرذمنا وتفرقنا وهي مصدر فقرنا وعوزنا، وهي أس بلائنا وأساس ذلنا وخنوعها لأعداء أمتنا. وإنه لا عز لنا إلا بخليفة يجمعنا في دار عز ومنعة، سلمنا فيها واحدة، وحربنا فيها واحدة، إخوة متحابين ومتناصحين، لا يتجرأ علينا أعداء الأمة ولو كثروا، تحرر فيها فلسطين وباقي بلاد المسلمين المحتلة، وتحمل الدعوة الإسلامية للعالم، ثرواتنا كلها ملكنا، وخيراتنا كلها لنا، يطبق فيها شرع الله، فيأمن الضعيف والمستجير؛ دولة خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، حكمها راشد وسيفها راشد.

 

كفانا هوانا وذلا وفقرا وتخلفا بين الأمم، فلنسع جاهدين لاستئناف الحياة الإسلامية في ظل خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة تعيد لنا أمجادنا وتحفظ بيضتنا، وتطبق علينا شرع ربنا وتنشر ديننا في ربوع العالم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع