الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند: الاستنتاج النهائي

 

  1. 1. منظمة ضد النهضة الإسلامية

منظمة شنغهاي للتعاون تم إرساء أساسها عام 1996 تحت اسم "شنغهاي خمسة". وفي 15 حزيران/يونيو 2001 تم تحويلها إلى منظمة شنغهاي للتعاون وبدأت أنشطتها كمنظمة. وفي هذا التاريخ تم قبول عضوية أوزبيكستان وأصبحت الدولة السادسة إلى جانب الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان. وفي هذا العام أيضاً تم تبني الوثيقة الرئيسية: "اتفاقية شنغهاي لمكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف" (أي ضد الإسلام والمسلمين) والتي كانت السبب الرئيسي لإنشاء منظمة شنغهاي للتعاون والهدف الأكثر أهمية. ويجدر بالذكر أنه في القمة التي عقدت في موسكو يومي 28 و29 أيار/مايو 2003 ناقش قادة الدول الأعضاء قضايا الإرهاب والتطرف وأولوا اهتماماً خاصاً بأنشطة حزب التحرير. كما تم إنشاء هيكل إقليمي لمكافحة الإرهاب ومقره في طشقند تتمثل مهمته في تعزيز التنسيق والتعاون المتبادل بين السلطات المختصة للأطراف في مكافحة الإرهاب والتطرف والانفصال. وبحسب تقرير هذا الهيكل لعام 2019 تم الكشف عن أكثر من 280 جريمة "إرهابية ودينية متطرفة" في مرحلة الإعداد وتم القضاء على أكثر من 190 "مسلحاً" واعتقال أكثر من 470 عنصراً من "الجماعات الإرهابية والدينية المتطرفة" وتم حظر نشاط أكثر من 23000 من موارد الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك على الرغم من أن منظمة شنغهاي للتعاون لا تفسر على أنها كتلة عسكرية ولكن منذ عام 2003 تجري تدريبات لمكافحة الإرهاب تسمى "مهمة السلام" بين عسكريي الدول الأعضاء. فمن هذا يتبين أن الهدف الأساسي لمنظمة شنغهاي للتعاون هو محاربة النهضة الإسلامية تحت غطاء "الإرهاب" و"التطرف" على أراضي الدول الأعضاء في المنظمة وخاصة في آسيا الوسطى، من خلال توحيد القوى ضد هذه النهضة ومساعدة بعضها بعضا. لأنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أخاف روسيا والصين طموحُ المسلمين القوي في هذه المنطقة للإسلام وحتى محاولاتهم إقامة دولة إسلامية.

 

لا شك أن المستعمرين الكفار سيتحدون في محاربة الإسلام والمسلمين، ولكن كان هناك أيضاً هدف للحصول على مصالح أخرى من خلال منظمة شنغهاي للتعاون. فمثلا لا تنظر الصين إلى منظمة شنغهاي للتعاون كأداة لمحاربة النهضة الإسلامية فحسب بل تستخدمها أيضاً لتحقيق مصالحها الاقتصادية. هذا هو السبب في أنها زادت من تأثيرها على اقتصاد الدول الأعضاء وأثارت اهتمامها بإنشاء منطقة تجارة حرة. لأنه إذا تمت إزالة الحواجز التجارية بين دول منظمة شنغهاي للتعاون فسيتم إنشاء ظروف مواتية للغاية للسلع الصينية وستفتح أسواق مبيعات كبيرة. وفي الواقع حتى بدون ذلك زاد حجم التجارة بين دول منظمة شنغهاي للتعاون والصين 20 مرة على مدار 20 عاماً ووصل في عام 2020 إلى 245 مليار دولار أمريكي. بالإضافة إلى ذلك بحلول نهاية تموز/يوليو 2021 استثمرت الصين 70 مليار دولار في دول منظمة شنغهاي للتعاون وقدمت قرضاً قيمته 150 مليار دولار أمريكي من خلال مجلس رابطة المصارف التابعة لمنظمة شنغهاي للتعاون. وتلقت أوزبيكستان قرضاً بقيمة 2 مليار دولار من بنك إكسيم الصيني و2.2 مليار دولار من بنك التنمية الحكومي الصيني وآخرين. وفي القمة التالية التي عقدت في سمرقند يومي 15 و16 أيلول/سبتمبر أطلقت الصين أحد أكبر مشاريعها. وقد توصلت إلى توقيع وثيقة بشأن إنشاء خط سكة حديد بين الصين وقرغيزستان وأوزبيكستان كجزء من مشروع حزام واحد وطريق واحد.

 

وروسيا - على عكس الصين - تحاول الابتعاد عن تعزيز منظمة شنغهاي للتعاون في الاتجاه الاقتصادي؛ لأنها لا تستطيع منافسة الصين اقتصاديا. هذا هو السبب في أنها شكلت الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي (EurAses) بدون الصين وتجبر الدول الأعضاء في هذا الاتحاد على اللعب وفقاً لقواعد اللعبة التي وضعتها. وبهذا هي تحاول إيجاد البيئة التي تخلق ظروفاً مواتية لنفسها فقط بينما يعمل الآخرون على رفع اقتصادها. فيتضح من ذلك أن مصالح هاتين الدولتين الرئيسيتين في منظمة شنغهاي للتعاون تتعارض بعضها مع بعض باستثناء محاربة النهضة الإسلامية. فهم ليسوا أصدقاء ومصافحتهم وابتساماتهم لبعضهم بعضاً مزيفة.

 

  1. 2. معارضة الغرب من خلال منظمة شنغهاي للتعاون

الغرض الآخر من إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون هو ضمان عدم تمكن الغرب من التغلغل في آسيا الوسطى والحصول على موطئ قدم له؛ لأن آسيا الوسطى تعد مكانا مهما استراتيجياً للصين وخاصة لروسيا. وروسيا لن تقبل أبداً بتسليم هذه المنطقة إلى أمريكا كما أنها لن تقبل خسارة أوكرانيا. لذلك إذا تطلب الوضع فستحاول إبقاء آسيا الوسطى في براثنها حتى لو كان بالقوة أيضا كما هاجمت أوكرانيا. وبالنسبة للصين تعتبر آسيا الوسطى ممر عبور مهم لتنفيذ مشاريعها الكبرى، وإذا وقعت هذه المنطقة في براثن الولايات المتحدة فقد تجد نفسها في موقف صعب في الحرب الاقتصادية التي تدور الآن بين البلدين.

 

 وهكذا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تزامنت مصالح هاتين الدولتين (أي روسيا والصين) في المواجهة مع أمريكا التي أصبحت الدولة الأولى. وكلاهما جذب أولا دول آسيا الوسطى إلى منظمة شنغهاي للتعاون من أجل منع أمريكا من الحصول على موطئ قدم قوي لها في المنطقة. وعلى الرغم من أنهما قالتا وما تزالان تقولان إن هذه المنظمة لم تكن موجهة ضد أمريكا وحلف شمال الأطلسي إلا أنها كانت في الواقع العكس. فمثلا في عام 2005 لعبت منظمة شنغهاي للتعاون دوراً كبيراً في طرد الوحدة الأمريكية من قاعدة خان أباد في أوزبيكستان. والآن توسعت المنظمة وأصبحت الصين منافساً جاداً لأمريكا وقد حظيت القمة التي عقدت في سمرقند بتغطية واسعة من جهة المنشورات الأمريكية الكبرى. لقد أثاروا فيها بشكل أساسي مسألة ما إذا كان العالم ينتقل من نظام عالمي أحادي القطب إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، وتم تقديم منظمة شنغهاي للتعاون ككتلة قوية تهدد الهيمنة الأمريكية.

 

كما هو متوقع حاولت روسيا تحويل قمة سمرقند إلى ميدان برنامجها الدعائي ضد الغرب. ففي 24 آب/أغسطس ألقى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو الذي حضر اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون في طشقند، ألقى باللوم على أمريكا في الحرب في أوكرانيا وتدمير الهيكل الأمني ​​الحالي في جنوب شرق آسيا. والتقى بوتين بالرئيس الصيني شي جين بينغ في اليوم الأول من قمة منظمة شنغهاي للتعاون. وكان هذا أول اجتماع بين الزعيمين منذ أن شنت روسيا غزواً واسع النطاق على أوكرانيا.

 

وقد أقر بوتين في ذلك الاجتماع علناً بأن لدى الصين "أسئلة ومخاوف" بشأن النزاع الأوكراني وقال: "نحن نقدر الموقف المتحفظ لأصدقائنا الصينيين بشأن الأزمة الأوكرانية ونتفهم أسئلتكم ومخاوفكم بشأن هذا. وفي اجتماع اليوم بالطبع سأشرح بالتفصيل موقفنا من هذه المسألة على الرغم من أننا تحدثنا عن هذا من قبل". كما فشل بوتين في جعل شي جين بينغ يوقع صفقة بشأن خط أنابيب الغاز Power of Siberia-2 في القمة. وقد قال بوتين الأسبوع الماضي إنه تم الاتفاق على جميع تفاصيل هذه الصفقة. وكان هذا أحد الاتجاهات الرئيسية لسياسة الطاقة الروسية تجاه الصين. وفي خطاب عام تحدث الرئيس الصيني عن "مسؤولية قوة عظمى لتحقيق الاستقرار في عالم مضطرب" وكان مفهوما أنه كان انتقادا مبطنا. من هذا يتضح أن الصين تتصرف بضبط النفس والحذر؛ لأن السياسة الخارجية للصين تقوم على المصالح. والصين لديها أكبر حجم تداول تجاري مع أمريكا ولن تتخلى عنه لأجل روسيا. بالإضافة إلى ذلك فإنها حذرة للغاية لأن أمريكا ستخلق لها مشكلة كبيرة في قضية تايوان وبعد ذلك سيكون مصيرها أيضاً كمصير روسيا. كما امتنعت روسيا عن الإدلاء بتصريحات ساخنة في القمة؛ لأنها تعلم أن حل المشكلة الأوكرانية بيد أمريكا. وفيما يتعلق بقضايا أخرى غير أوكرانيا لا تزال روسيا مضطرة إلى التعاون مع أمريكا. وبشكل عام أوشكت روسيا أن لا تحقق أهدافها من القمة. فإن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بغض النظر عما إذا كانت مراقبة أو دولاً شريكة، جميعها تتحد فقط في الحرب على النهضة الإسلامية، بينما مصالحها الأخرى غالباً ما تتعارض بعضها مع بعض.

 

أما الدول القائمة في البلاد الإسلامية والتي هي أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون والتي تشارك في قممها فهي تشارك في مثل هذه المنظمات بسبب غبائها وجهلها الذي لا يرى ما وراء أنوفها! ولو كان لديها أدنى حد من العقل السليم فإنها ستقطع جميع العلاقات مع الدول الإرهابية الشريرة مثل روسيا والصين. وعندئذ ستفهم أن الإسلام والمسلمين قوة حقيقية يمكن الاعتماد عليها ولتوكلت على الله القوي العزيز ولاستخدمت بحكمة الفرص الداخلية وقاومت هذه الدول الاستعمارية. وعندئذ لم تكن لترضيهم ولجعلت رضا الله فوق إرضائهم. ولكنها أعرضت عن تذكير الله هذا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

 

إنه أمر مخالف للإسلام وغير إنساني إقامة علاقات "تعاون" و"صداقة" مع دولة مثيرة للاشمئزاز مثل الصين والتي تستفيد من بيع الأعضاء الداخلية لإخواننا الإيغور وتجبر النساء المسلمات على الزواج من مشركين نجسين وفي الوقت نفسه تحبسهم في منازلهم وتجوّعهم وتقتلهم!! إنها جريمة وخيانة عظمى إقامة "شراكة متكافئة" مع دولة إرهابية مثل روسيا التي تسجن المسلمين الأبرياء لسنوات طويلة بشكل لا يصدق بتهم باطلة وتلقي أطناناً من القنابل على المسلمين السوريين. والعضوية في المنظمات التي هي تحت نفوذ الكفار مثل منظمة شنغهاي للتعاون التي أنشؤوها هو حرام. قال الله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.

 

بالإضافة إلى ذلك يتم إنفاق مليارات الأموال على عقد مؤتمرات القمة وغيرها من التدابير لصالح الكفار. فمثلا استعدت حكومة أوزبيكستان لعقد قمة في سمرقند منذ فترة طويلة، ووفقاً للمعلومات الرسمية تم إنفاق 55 مليون دولار أمريكي! من غير المقبول إطلاقا تبديد أموال الأمة بإنفاقها على الأمور المحرمة، بل كان الواجب أن تنفق هذه الأموال فقط في الأمور التي تسمح بها الشريعة.

 

والخلاصة هي أن على مسلمي بلادنا وآسيا الوسطى أن يكفوا عن غض الطرف عن جرائم هؤلاء الحكام الخونة الرويبضات، وأن يكفوا عن الأمل في أن يأتي منهم خير ما؛ لأنه ليس لديهم همّ سوى البقاء على عروشهم لفترة أطول وإرضاء روسيا والصين والقوى الاستعمارية الأخرى في الغرب. إن العزة والكرامة يكونان فقط بالإسلام وبتطبيق نظام الإسلام في كافة مجالات الحياة. ففي الفترة التي تم فيها تطبيق نظام الإسلام خاطب ملوك وأباطرة بلاد الكفر الخليفة بـ"خادمكم المخلص". وفي تلك الأيام فتح الكفار أفواههم بدهشة كبيرة عندما رأوا تقنيات جديدة اخترعها المسلمون. وكانوا يحلمون بالذهاب للدراسة في الدولة الإسلامية حيث توجد أرقى المؤسسات التعليمية في العالم. وفكروا 70 مرة قبل التعامل مع الخلافة. نعم هكذا كان تاريخكم عظيما للغاية. ولإعادة هذا التاريخ اقبلوا مشروع الخلافة الذي يحمله حزب التحرير واعملوا بجد لتطبيقه، مرضاة لله.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إسلام أبو خليل

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع