الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مبادرة نداء أهل السودان الوطنية

 

أطلقت مبادرة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية، تهدف لخلق أكبر كتلة داعمة للحوار والوفاق الوطني ليكون رأيها هو الغالب ويمثل الحاضنة المجتمعية التي تدعم الوفاق والحوار، كما ترمي لترجمة هذا الوفاق عمليا بإنجاز اتفاق حد أدنى حول إدارة المرحلة الانتقالية.

 

وجدت مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني مباركة صريحة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الذي قال: "نحن نؤيد كل مسعى يريد صاحبه أن يجمع أهل السودان وسيجد منا الدعم والسند لحين الخروج بالبلاد لبر الأمان"، مؤكدا أن السلطة الحاكمة لن تستطيع فعل شيء بمفردها، وتحدّث البرهان أمام حشد من المصلين بمنطقة ود أبو صالح شرق الخرطوم، قائلا: "قبلنا بمبادرة رجل الدين المعروف الخليفة الشيخ الطيب الشيخ الجد ود بدر"، للخروج من الأزمة الحالية كونه من الشخصيات صاحبة الثقة والاحترام (الجزيرة نت 2022/07/31).

 

رغم أن المبادرة من رجل هو أبرز رجال الطرق الصوفية، لكنها لم تقدم الإسلام كحل لمشاكل أهل السودان، بل تم حسب المعلن في المؤتمر الصحفي إقصاء الإسلام عن الحياة واستبدال رابطة الوطن به، فهل جهل المجتمعون على مبادرة الشيخ الوطنية أن مبدأ الإسلام العظيم قد حكم ببطلان الروابط القبلية والوطنية، وجعل الأساس للحقوق والواجبات هو العقيدة الإسلامية، وجعل الرابطة بين المسلمين هي رابطة الأخوة الإسلامية، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾؟! أم أنها مبادرة لا تختلف عن سابقاتها، غرضها تدجين المسلمين في بوتقة نظم وقوانين ومفاهيم غير إسلامية تسلخهم عن دينهم إلى نيران العصبية الوطنية المنتنة؟!

 

فقد دأبت دول الغرب المستعمر على الترويج في أوساط المسلمين، وخاصة النخبة المثقفة منهم، لمقولات ومفاهيم الفكر السياسي الغربي القائم على مفهوم الدولة الوطنية، القائمة على النظم الوضعية، لأن في ذلك منفعة عظيمة لهم؛ وهي إبعاد مشروع الإسلام العظيم، وإحلال رابطة الوطن التي لا تملك حلولا لمشاكل الناس إلا ما تنتجه المنظومة العلمانية الرأسمالية من تشريعات تفصل الدين عن الحياة، وتجبر الناس على الخضوع لها في ما يسمى منظومة الأمم المتحدة، التي نشرت الاستعمار والظلم والحروب لمصلحة الغرب الرأسمالي.

 

إن الدعوات الوطنية هي دعوات مستوردة، وفدت إلى بلاد المسلمين من الغرب. والباحث عن مفهوم الوطنية لا يجد له تاريخا ولا تأصيلا في الفكر الإسلامي ولا في تاريخ المسلمين. فالمواطنة بمفهومها المعاصر تعني المساواة بين الناس في حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية، وهي حقوق قد أصبحت في العالم الديمقراطي حقوقاً دستورية، بمعنى أن قانون الدولة الأساسي أو دستورها يضمنها ويحميها. وهذا المفهوم المعاصر للمواطنة مفهوم علماني نشأ تاريخيا في أوروبا في معارضة مفهوم الدولة النصرانية للمواطنة.

 

وفي سبيل تقوية السلطة الوطنية في بلاد المسلمين وجعلها محور ولاء الفرد، عمدت السلطات إلى صياغة ثقافة وطنية تقوم على بعث الأمجاد الوطنية المستمدة من التاريخ الثقافي والفكري والسياسي للوطن الذي أنشئ على أنقاض دولة الخلافة، كما عمدت إلى صناعة رموز وطنية بدءاً من العلم الوطني والنشيد الوطني، إلى نصب تماثيل لشخصيات بارزة في ميادين الفكر والسياسة، وغير ذلك وهم في الحقيقة أدوات للغرب الكافر يستخدمهم للسيطرة على البلاد الإسلامية باسم الوطنية.

 

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام بعد أن أكرمنا بنعمة الإيمان بالخالق سبحانه، والعقيدة الإسلامية قد انبثقت عنها أحكام ومفاهيم ونظم تنظّم علاقة الفرد مع نفسه ومع خالقه ومع غيره من البشر، كما تنظم حركة المجتمع الإسلامي في كيانه المجتمعي وعلاقاته في داخله كما في علاقاته مع الأمم والشعوب في الخارج، فالله سبحانه وتعالى فرض على المسلمين جميعا، حكاماً ومحكومين، أفراداً وجماعات، الاحتكام إلى شرع الله في كل صغيرة وكبيرة، وفي هذا يقول الحق سبحانه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً﴾، ويقول: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾، ويقول: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾.

 

إذن فعلى المسلم الرجوع إلى الشرع الذي نزل به الوحي على رسول الله محمد بن عبد الله ﷺ، ولا يصح ولا يُقبل الاحتكام إلى أهواء البشر وعقولهم القاصرة العاجزة مطلقا، ناهيك عن مفاهيم الغرب الرأسمالية النتنة.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع