الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مصر تتلظى بنار الرأسمالية وزبانيتها من الحكام

 

 

ذكرت جريدة الشروق الخميس 2022/5/5م، أن عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، آمال عبد الحميد، تقدمت بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي؛ بشأن تأثير قرار رفع سعر الربا الأمريكي على الأسواق الناشئة بما فيها مصر، وقالت عبد الحميد، في طلب الإحاطة الذي تقدمت به، إن هناك تساؤلات تدور في ذهن المواطن المصري ومخاوف من موجة تضخم أخرى، وموجة غلاء جديدة في أسعار السلع والمواد الغذائية بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" برفع سعر الربا بمقدار نصف نقطة مئوية لمكافحة التضخم المتزايد، في أكبر رفع له منذ عام 2000، موضحة أن قرار الفيدرالي الأمريكي سيكون له تبعات على الدول النامية والاقتصاديات الناشئة بما فيها مصر، وتابعت: القرار من شأنه أن يضع المزيد من الضغوط على الدول ذات المديونية الكبيرة، وتصبح تسدد الدولار بقيمة أعلى، وقد يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار ومن ثم رفع قيمته أمام الجنيه، وهو ما سيؤثر بطبيعته على سعر الصرف، وهو ما سينعكس على زيادة الأسعار في مصر وزيادة معدلات التضخم، فضلاً عن نزوح الأموال الساخنة، وأكدت أن هذا القرار لن يكون الأخير، حيث من المتوقع أن ترتفع نسبة الربا خلال العام الجاري مرتين لتصل إلى 2%، وخلال عام 2023 من المتوقع أن ترتفع 3 مرات، وأضافت أنه يتعين على الحكومة أن تحتاط جيداً لمواجهة تداعيات ذلك، ومجابهة الآثار السلبية له وتقليل فاتورة الواردات، والالتزام بالتقشف الحكومي، وإعداد تصور مستقبلي حال اتجاه أمريكا إلى رفع الربا للمرة الثالثة خلال الشهور القليلة المقبلة، مشددة على أنه لا يزال التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري مطمئناً.

 

البنك المركزي الأمريكي قرر رفع سعر الربا على الدولار بنسبة 0.5%، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2000، هذا القرار من شأنه كما يتوقع خبراء ومحللون، خروج استثمارات الأجانب من أسواق الدين المحلية لصالح سندات الخزانة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، كما سيخفض قيمة عملات الأسواق الناشئة، توقعت منى مصطفى، مدير التداول بشركة العربية أون لاين، أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الربا من 1% إلى 1.5% خلال الاجتماع المقبل وذلك بعد قرار الفيدرالي الأمريكي اليوم برفعه 0.5٪، وأضافت، أنه من المتوقع أيضا، أن يشهد سوق أدوات الدين المصرية تخارج كبير للأجانب، وذلك لأن السوق الأمريكي سيوفر لهم عائدا جيدا خاليا من المخاطرة ما يضغط على مصادر العملة الأجنبية محليا، ويقلل من قيمة الجنيه ما يرفع أسعار السلع، ونشهد زيادة أخرى في معدلات التضخم، وقال محمود عطا، مدير الاستثمار بشركة يونيفرسال لتداول الأوراق المالية، سترفع البنوك المركزية بمنطقة الخليج أسعار الربا وكذلك في مصر ومعظم الأسواق الناشئة، وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التموين، إن قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الربا يعني مزيدا من الضغوط على الدول المدينة التي ستكون مضطرة إلى سداد أصل وعوائد الديون بعملة الدولار أغلى نسبيا، وذلك وفقا لمنشور على صفحته على فيسبوك. وأضاف نافع، أن "ارتفاع تكلفة الحصول على الدولار يعني من ناحية أخرى تأثر الواردات وزيادة عجز موازين التجارة مع ارتفاع فاتورة الاستيراد خاصة إذا كانت مرونة الطلب على الواردات منخفضة"، مضيفا أن "عجز موازين التجارة تعني أيضا عملات وطنية أضعف أمام الدولار".

 

فقدت البورصة المصرية نحو 4 مليارات دولار من قيمتها السوقية خلال الربع الأول من العام 2022، بدفع من موجة مبيعات مستمرة من المستثمرين الأجانب منذ بداية العام. (عربي 21، 2022/4/27).

 

تشهد استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية - الأموال الساخنة - تراجعاً خلال الفترة الماضية، مع خروجها من الأسواق الناشئة التي من بينها مصر تجاه أمريكا، وأيضا وسط اضطرابات الأسواق على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، ومن المنتظر أن تظهر أرقام استثمارات الأجانب في أذون الخزانة خروجا كبيرا لهذه الاستثمارات التي تعتبر ضرورية للاقتصاد المصري في المرحلة الحالية، من أجل الحفاظ على توفر العملة الصعبة في البلاد، ودعم الجنيه، خاصة مع تراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية، وكشفت بيانات البنك المركزي الأخيرة عن انخفاض استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بالعملة المحلية خلال شهر شباط/فبراير الماضي بنحو 1.15 مليار دولار مقارنة بنهاية شهر كانون الثاني/يناير، لتسجل 20.046 مليار دولار (نحو 315.9 مليار جنيه) بنهاية شباط/فبراير الماضي.

 

هذه الاستثمارات أو ما تسمى الأموال الساخنة كانت تشكل نوعا من الدعم والغطاء للجنيه المصري ما جعله يستقر نسبيا في الأعوام القليلة الماضية، ومع زيادة الفيدرالي نسبة الربا وما ترتب من فقدان هذه الأموال سابقا ومستقبلا، رفع البنك المركزي المصري قيمة الربا وخفض قيمة الجنيه المصري، ويتوقع أن يكرر العملية مع زيادة الربا الحالية والمتوقعة مستقبلا من جانب أمريكا لمواجهة أزماتها الاقتصادية، ما ينبئ بأزمة مالية كبيرة تعاني منها مصر وستظل مستمرة طالما بقي الارتباط بين الجنية المصري والدولار وطالما بقيت التبعية لأمريكا والغرب هي حال النظام المصري.

 

إن أزمة مصر الحقيقية ليست في زيادة أمريكا لسعر الربا ولا في هذه الأموال من حيث دخولها مصر أو خروجها منها، إن ما يعرّض مصر لهذه الأزمات ويجعلها في مهب أي عاصفة اقتصادية مهما كانت صغيرة بل ويجعلها من أكثر الدول تأثرا بالأزمات العالمية هو تطبيق النظام الرأسمالي فيها وبشكله البشع كاملا في شقه الاقتصادي وتبعيتها لسياسات أمريكا والخضوع الكامل لقرارات صندوق النقد الدولي الكارثية، وكبلوى كبرى من بلايا الرأسمالية غياب الغطاء الذهبي للجنيه المصري.

 

إن مصر تملك من الموارد والثروات والخيرات ما يجعلها تستغني عن كل تلك الأموال والاستثمارات كاملة ودفعة واحدة بل وحتى تستغني عن قروض الصندوق الدولي ومساعدات الغرب المذلة، فما تمتلكه مصر من موارد يكفي واحد منها فقط ليقوم باقتصاد دولة كاملة، فمصر تمتلك الذهب والغاز والنفط، ولديها مساحات هائلة صالحة للزراعة، ومسطحات كبيرة للصيد وغيره، بخلاف الموقع المتميز كطريق تجاري دولي تعبر من خلاله قناة السويس أهم ممر تجاري عالمي، كل هذا دون أي استفادة من النظام الذي يلجأ لأسوأ الحلول وهو الاقتراض الذي يكبل البلاد واقتصادها ويرهن مقدراتها للغرب كما هو حاصل الآن.

 

في النهاية ما تحتاجه مصر ليس رفع سعر الربا الذي سيعود بالضرر على الناس ولا تخفيض قيمة الجنيه الذي لم تعد له قيمة أصلا. فالجنيه الذي صار بلا قيمة كان يساوي 7 جرامات من الذهب ويزيد ثمنه على 5 دولارات عندما كان له غطاء ذهبي وكانت مصر تمتلك أعلى غطاء نقدي من الذهب في العالم وتحديداً منذ عام 1926 وحتى أوائل الخمسينات أي حتى بدأت ثورة يوليو وتحوّل مصر للنفوذ الأمريكي، فرغم فساد أسرة محمد علي عملاء بريطانيا غير أنهم لم يكونوا بتوحش عساكر أمريكا ولا بجشع أمريكا نفسها.

 

ما تحتاجه مصر هو غطاء ذهبي حقيقي لعملتها أو أن تحول التعامل للذهب والفضة وهي تملك القدرة الفعلية على ذلك بما تملكه حقيقة من ذهب حيث قالت شركة سنتامين للتعدين، إن مراجعة لمنجم السكري، المنجم الوحيد لإنتاج الذهب بشكل تجاري في مصر، أظهرت أكبر نمو للاحتياطي في عشر سنوات، وقالت سنتامين، المدرجة في بورصة لندن، إن زيادة الاحتياطي بأكثر من مليون أوقية في منجم السكري تدعم خططها لإنتاج 500 ألف أوقية من الذهب سنويا في السنوات العشر المقبلة، وأنتجت الشركة 452320 أوقية من الذهب في 2020م، وأوردت الشركة توقعاتها لثلاث سنوات، وتوقعت إنتاج ما بين 450 ألفا و500 ألف أوقية في 2024 بإنفاق استثماري مقدر بنحو 165 مليون دولار. (بوابة الأهرام 2021/12/8م).

 

هذا منجم السكري فقط بين نحو 270 موقعاً للذهب تحتضنها مصر، منها 120 موقعاً ومنجماً تم استخراج الذهب منها قديماً، ومن بينها منجم السكري الأكبر والأشهر في مصر (الحدث 2022/1/13م).

 

معنى ذلك أن مصر لا ينقصها الذهب الذي يمكن أن تجعله عملة حقيقية لها قيمة ذاتية أو على الأقل يمكن أن تجعل منه غطاء لعملتها يمكنها من الصمود أمام عواصف الأزمات المالية العالمية، إلا أن هذا مستحيل الحدوث في ظل الرأسمالية التي تحكم مصر وتبعية النظام وخضوعه الكامل لأمريكا، الأمر الذي تعدى مستوى الانبطاح وفاق كل درجات الخنوع حتى صارت البلاد كلها مرهونة لإرادة أمريكا، بينما تملك من الثروات والخيرات ما يغنيها عن أمريكا والعالم أجمع ولا يبقى بين سكانها فقير واحد بل ويؤهلها لأن تكون دولة عظمى إن لم تكن الدولة الأولى، هذا فقط بحدود سايكس بيكو الضيقة وبعيدا عن باقي الأمة وثرواتها المنهوبة أيضا.

 

ما تحتاجه مصر حتى تستفيد حقا مما تملكه من ذهب وثروات أخرى هائلة هو نظام لا يخضع للغرب ولا يتعامل مع صندوقه الدولي ولا ينفذ قراراته وسياساته، نظام يؤدي حقوق الناس ويرعاهم على الوجه الصحيح، قطعا لن يكون النظام الرأسمالي الذي هو سبب كل الأزمات مهما غيروا من مسمياته لخداع أهل مصر البسطاء، فالبديل الحقيقي والوحيد تملكه الأمة حقا وقد حكم مصر والأمة لقرون خلت وأوجد نهضة عظيمة تشهد لها قرون من الزمان وما زالت آثارها قائمة في بلدان شتى من العالم؛ من الأندلس (إسبانيا) وحتى بخارى وسمرقند مرورا بالقاهرة وإسطنبول ودمشق وبغداد، بلاد كلها حكمت يوما بالإسلام الذي أوجد نهضة حقيقية وكفل للناس جميعا حقوقهم بغض النظر عن الدين واللون والعرق والطائفة، بدولته التي طبقت الإسلام وحملته للعالم، وهو نفسه السبيل الوحيد للنهوض بمصر والأمة؛ استئناف الحياة الإسلامية من خلال خلافة راشدة على منهاج النبوة تعيد سيرة الصحب الكرام وعدلهم.

 

هذا النظام فقط هو الذي يستطيع الحفاظ على ثروات مصر، ويستطيع أن يحسن إنتاجها واستثمارها، ورعاية الناس من خلالها، ويضمن توزيعها على الناس بشكل عادل يحقق لهم الكفاية ويوفر لهم سبيل إشباع حاجاتهم وجوعاتهم بشكل حقيقي كامل وآمن، بمعنى أن هذا النظام هو النظام الحقيقي الوحيد القادر والمؤهل للنهوض بمصر والأمة نهضة حقيقية، بخلاف أنه هو النظام الوحيد الذي ينسجم مع عقيدة أهل مصر وفطرتهم ويلائم بيئتهم.

 

إذا كانت الرأسمالية التي تحكم مصر هي أصل الداء وسبب كل بلاء فإن تطبيق الإسلام في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو العلاج الحقيقي الناجع لكل أزمات مصر العاصفة ولا علاج غيره مهما جربتم، ومهما حاولتم ستظل الأزمة وستزيد طالما بقيتم بعيدا عن تطبيق الإسلام.

 

وإننا في حزب التحرير نضع بين أيديكم مشروع الإسلام كاملا وجاهزا للتطبيق فورا لا ينقصه إلا نصرة صادقة من المخلصين في جيش الكنانة تغار على حرمات الله التي تنتهك تحت سمع وبصر النظام وتغضب لفعاله وسياساته التي تعصف بمصر وأهلها، غضبة تقتلعه من جذوره وتقيم الخلافة على منهاج النبوة. نسأل الله أن يعجل بها وأن تكون مصر حاضرتها اللهم آمين.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع