- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلة الوعي
أردوغان عميل لأمريكا وخائن للإسلام والمسلمين وعلماني من الطراز الأول!
بقلم: سعيد عدنان - اليمن
لقد أكرم الله الأمة الإسلامية بنعمة الإسلام، وهي النعمة التي لا تضارعها نعمة أخرى. فالإسلام هو الهدى والنور الذي يضيء لها الطريق الموصل إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وهو المنهاج القويم، وهو الصراط المستقيم، وهو النظام الصحيح الذي يعالج كل مشاكل الحياة معالجة جذرية دقيقة.
لقد بيَّن الله الحلال وأمر باتِّباعه، وبيَّن الحرام وأمر باجتنابه، وجعل الحلال والحرام هما مقياس الأعمال في الإسلام، فالحلال يُعمل به والحرام يُترك، وجعل الحكم على الأشياء والأقوال والأعمال بناءً على هذا المقياس.
فالحكم على الأشخاص هو من خلال أقوالهم وأعمالهم: هل تسير حسب مقياس الأعمال في الإسلام (الحلال والحرام) أم تسير حسب مقياس آخر كمقياس النفعية الرأسمالي أو غيره، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين الانقياد لجميع أحكام الشرع بكامل الرضا وبدون قيد أو شرط، قال الله تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا ٦٥) [النساء: 65].
واتِّباع الشرع يعني الالتزام بجميع الأحكام الشرعية بدون انتقاء لبعضها وترك لبعضٍ حسب الهوى، قال الله تعالى (أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ) [البقرة: 85]. كما حرَّم الله سبحانه على المسلم أن يخالف عمله قوله الصحيح المستند إلى الدليل الشرعي كأن يقول أحد حكام المسلمين إن تحرير فلسطين واجب وهذا صحيح، ثم لا يحرك الجيش لتحريرها، قال الله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٣) [الصف: 2-3].
لقد اتقن الغرب صناعة الأصنام التي تطاع من دون الله وجعل لكل مرحلة أصنامها. فعندما كانت الأمة منحطَّة في التفكير وتعصف بها القومية صنعوا صنمها عبد الناصر فكان بطل القومية وصنم العرب الذي يطاع من دون الله. وعندما ارتقت الأمة الإسلامية في تفكيرها ووُجد من أبنائها من يرسم لها الطريق الصحيح الذي أرتضاه الله لعباده ويبيِّن لها كيف تعود خير أمة أخرجت للناس، كما كانت من قبل في دولة واحدة جامعة للمسلمين خلافة راشدة على منهاج النبوة، صنعت لها أمريكا صنماً آخر يناسب الوضع الذي وصلت إليه الأمة في سلَّم تفكيرها ألا وهو أردوغان، فقد صنعته على عين بصيرة بعلمانية جذَّابة تختلف عن علمانية الكماليين. فعلمانية الكماليين تجاهر الإسلام بالعداء الشديد المكشوف، وتلغي مظاهر الدين في جميع مناحي الحياة حتى في السلوك الفردي، فهي ترادف الاشتراكية في نظرتها للدين وتخالفها في القوانين والتشريعات. أما علمانية أردوغان فهي تعترف بالدين في السلوك الفردي، فلا تمانع الفرد أن يصلي أو يصوم أو يقرأ القرآن ويعلمه لغيره؛ ولذلك نجد أردوغان يقوم ببعض السلوكيات كفرد مسلم، فيظهر وهو يصلي في المسجد مع المسلمين، ويحجِّب زوجته، ويرفع المصحف لدغدغة مشاعر المؤيِّدين له وليرفع رصيده الشعبي، ويُظهر الغضب على اليهود بسبب مجازرهم في فلسطين، وهذا مسموح في علمانيته ما دام لم يحرِّك جنديّاً واحداً من جيشه لقتال يهود، وما دام لم يلغِ أي اتفافية معهم، سواءً أكانت تجارية أم عسكرية أم أمنية. أما في أنظمة الحياة في الدولة والمجتمع فعلمانية أردوغان تلغي جميع مظاهر الدين فيها، ولا تسمح بحكم شرعي واحد فيها، وهي في هذه الدائرة كعلمانية الكماليين سواء بسواء. والعلمانية هي فصل الدين عن الدولة، أي إن جميع القوانين السارية في حياة الناس التي تحكم بها الدولة هي قوانين وضعية من صنع البشر ما أنزل الله بها من سلطان، أي إنها قوانين كفر لا تمتُّ للإسلام بصلة. ولقد أفرط المؤيِّدون لأردوغان بوصفهم له بالقائد الإسلامي وإضفاء الإسلامية على حزبه ودولته. وفي هذه السطور سنبيِّن أن أردوغان رجل العلمانية الأول في تركيا يحكم بالعلمانيه ويحارب الإسلام ويقاتل المسلمين إلى جانب الكفار في أفغانستان والشام وليبيا وغيرها من بلاد المسلمين.
نشأة أردوغان
ولد رجب طيب أردوغان في حي قاسم باشا في إسطنبول في عام 1954م، والتحق بمدرسة الأئمة والخطباء الدينية، ولازم نجم الدين أربكان، وتقلَّب في العديد من المناصب قبل أن يصبح عمدة إسطنبول. كان الكماليُّون هم الذين يحكمون تركيا منذ أن هدمت الخلافة إلى أن وصل نجم الدين أربكان إلى منصب رئاسة الوزراء؛ ولكنه لم يستمرَّ طويلاً، فقد انقلب الجيش الذي كان بيد الكماليِّين عليه. وكان الداعم الأساسي للكماليِّين هم الإنجليز. فلما وصل أردوغان إلى منصب رئاسة الوزراء بمساندة أمريكا له، ومن قبله أوزال، استطاعت هذه الأخيرة أن توجد القلاقل والتفجيرات في تركيا، وكان الجيش ما زال بيد الكماليين، فأجبرتهم على القبول بوحدات لمكافحة الإرهاب تمتلك أسلحة فتَّاكة تكون بيد أوزال ثم أردوغان، فقبلوا بذلك وهم كارهون، فكانت هذه هي الخطوة الأولى التي اتَّكأ عليها أردوغان، ثم ضاعفت أمريكا هذه القوة كلما قامت بسلسلة من التفجيرات، ولم تمضِ سنوات حتى أصبحت قوات الأمن وهي بيد أردوغان توازي قوات الجيش أو تجعله غير قادر على الانقلاب عليه كما كان ينقلب على الحكام الذين سبقوه كأربكان وغيره، ثم بدأ أردوغان بإحالة كبار الضباط الكماليِّين إلى التقاعد حسب قانون المجلس العسكري التركي الأعلى للجيش، ويضع مكانهم من هم موالون له أو من الكماليين الذين يكنُّون لأردوغان بعض المودة. ومعلوم أن بريطانيا وعملاءها في أي بلد لايتجرؤون أن يقفوا في وجه أمريكا وعملائها علانية وإنما من تحت الطاولة، وهذا هو سبب الانقلاب الفاشل الذي قام به كبار الضباط الكماليِّين في تركيا عام 2016م قبل شهر من اجتماع المجلس العسكري التركي الأعلى للجيش لإحالتهم للتقاعد، فقد اعتبروه ضربة كبيرة لهم من أمريكا وعميلها أردوغان بطريقة قانونية فقاموا بهذا الانقلاب الفاشل، فانقلب السحر على الساحر فكان ذلك مبرراً لأردوغان لملاحقتهم وتصفية الجيش منهم.
أكذوبة (تركيا أردوغان الإسلامية) و(حزب العدالة والتنمية الإسلامي)
بعد أن وجدت أمريكا أن الناس في تركيا ينفرون من الكماليِّين وعلمانيتهم الفجَّة المعادية للإسلام بشكل علني سافر، وأن الصحوة الإسلامية تتصاعد يوماً بعد يوم وحسب سياسة الاحتواء التي تستخدمها أمريكا في بلاد المسلمين، فقد أوعزت لأردوغان أن يرتدي ثوب الإسلام ويظهر بعض المشاعر الإسلامية ريثما يصل إلى الحكم. وبالفعل فقد كان لذلك الأثر الأكبر في التفاف الناس حوله، واعتباره طوق النجاة من العلمانية ورجالها الكماليين حتى وصفه بعض المؤيدين له بالسلطان عبد الحميد، بل بالغ بعضهم في مدحه بأنه يسير على خطا الخليفة عمر بن الخطاب t.
يقول أردوغان في مهاجمته لعلمانية الكماليين عام 1994م: «إن العقيدة العلمانية التي يقوم عليها النظام التركي لا بد من إلغائها؛ لأن الإسلام والعلمنة لا يمكن أن يتعايشا معاً»، معتبراً أنه لو اعتمدت تركيا نظاماً إسلاميّاً يعترف بجميع المواطنين بصفتهم مسلمين لما كانت واجهت المشكلة الكردية في جنوب شرق البلاد. كما انتقد الدستور التركي للكماليين وقال: «إنه كُتب بيد سكِّيرين» ولكن لم تمضِ إلا فترة وجيزة فإذا به يظهر حقيقته العلمانيه وينزع ثوب الإسلام الذي لبسه زوراً وبهتاناً ليقول بشكل واضح وصريح إنه يرى «العلمانية بمثابة ضمانة للديمقراطية» وكأن الديمقراطية ليست منهاجاً وضعيّاً يناقض الإسلام في الأسس والتفاصيل. فالديمقراطية تجعل المشرع هو الإنسان والله سبحانه وتعالى يقول (أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ)[الأعراف: 54] والأمر هو التشريع، فالمشرع هو الله وحده والناس عبيد له ويجب أن يسيروا على شريعته. كما اعتمد أردوغان المغالطة في الترويج لعلمانيته مشدِّداً على تشويه العلمانية بإساءة تفسيرها وإظهارها وكأنها تتعارض مع الدين. فبعد أن كانت تتعارض مع الإسلام ولا يمكن أن تتعايش معه حسب رأيه الأول فإنها لا تتعارض معه حسب رأيه الثاني، وهذان رأيان متعارضان، يمثل الأول شخصية وهمية تحاول أن تتقمص شخصية القائد الإسلامي، ويمثل الثاني حقيقة أردوغان وأنه علماني يروِّج لعلمانيته بالكذب والمكر والخداع، ثم لم يلبث إلا قليلاً حتى نفى الإسلامية عن حزبه فقال: «البعض يسمُّوننا حزباً إسلاميّاً، والبعض الآخر يراه إسلاميّاً معتدلاً؛ ولكننا لا هذا ولا ذاك، نحن حزب محافظ ديمقراطي ولسنا حزباً دينيّاً، وعلى الجميع أن يعرف ذلك» لكن الغريب أن كثيراً من المؤيدين له لا زالوا مصرِّين على وصفه بالقائد الإسلامي، ووصف حزب العدالة والتنمية بالحزب الإسلامي في تركيا، وأن تركيا أردوغان أصبحت إسلامية بعد أن كانت علمانية، فيا للعجب!!!.
المؤيِّدون لأردوغان وشهادة الزور
يصرُّ كثير من المؤيدين لأردوغان على وصف أردوغان بالقائد الإسلامي، وبأن تركيا دولة إسلامية، وأن حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي، وهذا تضليل للمسلمين حتى لا يعرف الناس المشروع الإسلامي الحقيقي ألا وهو الخلافة، ولا يعرفوا حزب التحرير الذي يعمل لإقامتها. وهي أيضاً شهادة زور، وقد حرَّم الإسلام ذلك وشدَّد في حرمته، قال الله تعالى: (وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ) [الحج: 30] وقال الله تعالى: (مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨) وقال الله تعالى: (وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامٗا ٧٢) [الفرقان: 72].
أردوغان علماني من الطراز الأول:
إن أردوغان ليس علمانيّاً فحسب، بل هو علمانيٌّ من الطراز الأول، وهو رجل العلمانية الأول في تركيا، وسوف نذكر بعض الأدلة القاطعة على ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
تفاخر أردوغان بالعلمانية ونفي الإسلام عن حزبه ودولته:
يتفاخر أردوغان بأنه علماني، وأن حزب العدالة والتنمية هو حامي العلمانية في تركيا، وله تصريحات كثيرة يؤكِّد فيها على علمانيته وعلمانية حزبه ودولته بشكل قاطع لا يقبل النقاش، نذكر منها على سبيل المثال فقط ما صرَّح به في 2009/12/12م لجريدة السفير اللبنانية بقوله: «إن حزب العدالة ليس حزباً إسلاميّاً، ويرفض وصف سياسة حكومته الخارجية بالعثمانية الجديدة، ويرفض اعتبار تعاطفه مع غزة بأنه من منطلق إسلامي». فهو في هذا التصريح ينفي الإسلام عن حزب العدالة والتنمية. ويقول أيضاً في مدح العلمانية: «إنه يرى العلمانية بمثابة ضمانة للديمقراطية» ومعلوم أن الديمقراطية منهاج كفر يحرم أخذها أو تطبيقها أو الدعوة إليها، فهي تتناقض مع الإسلام في الأساس الذي قامت عليه، وفي النظم والقوانين التي جاءت بها.
أردوغان يحكم المسلمين في تركيا بالعلمانية
إن الدولة التركية تحكم بالعلمانية منذ سقوط الخلافة حتى اليوم، أي خلال مئة عام، فدستورها علماني لا يمتُّ للإسلام بصلة، فجميع مؤسَّساتها تسيِّر شؤونها القوانين الوضعية، وهي قوانين كفر ليست من الإسلام مطلقاً. وتركيا دولة قطرية تحافظ على الحدود الاستعمارية التي رسمها سايكس - بيكو. فتركيا ليست دولة إسلامية؛ لأن الدولة الإسلامية هي دولة واحدة لجميع المسلمين لا تفصل بين ولاياتها حدود، وحدودها مع الكفار غير ثابتة؛ لأنها في حالة جهاد وتوسُّع مستمر؛ إذ عملها الأصلي هو حمل رسالة الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد. وأبرز صفة للدولة الإسلامية أنها تحكم المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية، ولا تحكم بأي قانون وضعي مطلقاً، فنظام حكمها هو الخلافة، وهي ليست نظاماً جمهوريّاً علمانيّاً، وليست نظاماً ملكيّاً. والخلافة العثمانية كانت خلافة لجميع المسلمين وليست للأتراك وحدهم كدولة أردوغان القطرية العلمانية، وكانت مصر والشام والعراق والحجاز واليمن وغيرها ولايات من ولايات الخلافة العثمانية لا تفصل بينها حدود، ونجد أن أردوغان يؤكد علمانية تركيا وينفي عنها الصفة الإسلامية وذلك برفضه الشديد أن تُسمَّى دولته مجرد تسمية بالدولة العثمانية الجديدة ليؤكد علمانيته بشكل قطعي. وهو بهذا يؤكد رفضه عن أن تكون مثلها، أو امتداداً لها.
خدمة أردوغان للعلمانية خارج تركيا
إن أردوغان الذي يؤمن بالعلمانية ويحكم بها في تركيا يسعى خارج تركيا للترويج لها والحفاظ عليها والتضحية في سبيلها فقد سعى بعد ثورات الربيع العربي لإقناع الحكام الجدد بالسير على النموذج التركي العلماني كما فعل ذلك في كلٍّ من مصر وتونس وليبيا.
أما الحفاظ على العلمانية خارج تركيا فقد قام بتنفيذ المخطط الأمريكي في سوريا المتمثل بحرف الثورة السورية عن مسارها. فبعد أن سيطر الثوار على أكثر من 70% من أراضي سوريا، وكانوا قد يمَّموا وجوههم نحو إقامة الخلافة، وكانوا على وشك إسقاط النظام وعلمانيته إلى غير رجعة، وكانت إيران والنظام السوري وروسيا قد عجزوا عن كسر إرادة أهل الشام رغم حروبهم الوحشية عليهم، ورغم المجازر والمحارق والإبادة الجماعية باتِّباع سياسة الأرض المحروقة وكذلك المحاصرة الطويلة... قام أردوغان بتوجيه من أمريكا بالحفاظ على بقاء النظام السوري وحماية العلمانية في الشام من السقوط وذلك بالمكر والخداع، فقد أعلن أردوغان أنه مع الثورة السورية ضد نظام الطاغية، فلما وثق به بعض الثوار جرَّهم إلى التفاوضات والتنازلات، وقام بصناعة معارك وهمية لسحب المقاتلين إليها من المناطق التي عجز النظام عن أخذها من الثوار. فمدينة حلب التي تمَّ حصارها من النظام لأكثر من ستة أشهر، والتي استطاع الثوار كسر ذلك الحصار وهزيمة النظام فيها وقلب موازين القوى فيها، اخترع لهم أردوغان معركة درع الفرات في عام 2016م في مدينة الباب لسحب المقاتلين من حلب إليها، فلما أصبحت المدينة فارغة من المقاتلين تمكَّن النظام بمساندة إيران وروسيا من إسقاطها وارتكاب أبشع الجرائم فيها. وفي عام 2018م عمل أردوغان نفس المسرحية فقام باختراع عملية غصن الزيتون وسحب 25 ألفاً من المقاتلين إلى منطقة عفرين فسقطت الغوطة الشرقية بيد النظام. وفي عام 2019م اخترع أردوغان عملية نبع السلام وسحب المقاتلين إلى شمال سوريا لقتال الأكراد فسقطت تلك المناطق بيد النظام السوري وتم إعادتها إلى بنيته، وقد كانت مع الثوار منذ ثماني سنوات ولم يستطع النظام إعادتها إلى حضنه إلا بحيلة أردوغان الذي طعن بها الثورة في الخاصرة وأعاد كثير من المناطق التي كانت مع الثوار إلى بنية النظام المجرم. وفي عام 2020م استطاع بنفس المكر والخداع أن يمكن للنظام من أخذ مدينة سراقب من محافظة إدلب التي كانت آخر معاقل الثورة ليتبيَّن لكل من كان له عقل أن أردوغان شريك للطاغية في قتل أهل الشام بل هو أكثر إجراماً من بشار، فهو الذي أنقذ الطاغية من السقوط وحافظ على العلمانية من السقوط .
سقوط أكذوبة التدرُّج
لقد راهن المؤيِّدون لأردوغان على إسلامية دولته وأنه يسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية؛ ولكن عن طريق التدرُّج، فإذا أصبح الجيش بيده فإنه سوف يلغي النظام العلماني الكمالي ويعلن الدولة الإسلامية ويطبق أحكام الإسلام... فسقط رهانهم وخسروا؛ فها هو أردوغان يملك السلطة كلها وبيده الجيش والأمن منذ سنوات، والناس في تركيا يتوقون للحكم بالإسلام والسير على أحكامه، فلماذا لا يقوم أردوغان بإلغاء النظام العلماني ويعلن دولة الإسلام ويطبِّق أحكامه في كل شؤون الحياة، وستؤيده الأمة الإسلامية كلها!! لماذا لم يحقق أمنية المؤيدين له الذين ينتظرون لحظة إلغاء العلمانية وإقامة حكم الإسلام بفارغ الصبر؟ إن الذي يمنع أردوغان من الحكم بالإسلام هو أمران اثنان:
الأول: إيمان أردوغان العميق بالعلمانية وقناعته التامة بها، فهي منهاجه التي يسير عليها في الحياة، والتي يحكم الناس في تركيا بقوانينها بقناعة تامة وبنفس راضية مطمئنة بصحة ما يعمل؛ ولذلك فهو يرفض رفضاً قاطعاً تسمية دولته بالإسلامية، وقد قال ذلك بكل صراحة. فإذا كان يرفض مجرد تسمية دولته بالإسلامية فهل يعقل أن يحكم بالإسلام، وهو منهاج يخالف عقيدته العلمانية وأحكامها الوضعية؟.
الثاني: عمالة أردوغان لأمريكا وتنفيذه لكل مخططاتها داخل تركيا وخارجها، ومن ذلك تطبيق العلمانية والترويج لها والحفاظ عليها والتضحية في سبيلها، وحراسة مصالح أمريكا والفزع إليها وقت الخطر، وذلك هو ما ينفذه أردوغان حرفيّاً.
ورغم أن التدرج فكرة خيالية لا يمكن أن تتحقق؛ لأنه لا يوجد إلا أحد أمرين، إما تطبيق حكم الإسلام أو حكم غيره. فاذا كانت نسبة الربا 14% ثم تناقصت بعد فترة زمنية إلى 8%، ثم تناقصت إلى2%، فكل هذه النسب ربا، وهي حكم كفر يناقض حكم الإسلام، وهو حرمة الربا نهائيّاً، سواء أكانت النسبة قليلة أم كثيرة. والحكم بالإسلام هو الحكم بجميع أحكامه دفعة واحدة.
قتال أردوغان إلى جانب الكفار للحفاظ على العلمانية في الأرض ومنع عودة حكم الإسلام فيها
لقد انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في فترة حكم الكماليِّين، ولا زالت مستمرة إلى اليوم في ذلك الحلف المشؤوم الذي قتل آلاف المسلمين في أفغانستان وغيرها، وقد تسلمت تركيا رئاسة حلف الناتو مرتين، إحداهما في فترة حكم أردوغان. فهو شريك للكفار المستعمرين في قتل عشرات الآلاف من المسلمين. ومعلوم شرعاً أن هدم الكعبة رغم مكانتها الكبيرة في نفوس المسلمين حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم مسلم واحد، فكيف بمن يقتل ويشارك في قتل عشرات الآلاف من المسلمين وليس لهم من ذنب إلا أنهم قالوا ربنا الله ونبيُّنا محمد ومنهاجُنا الإسلام؟!.
كما حوَّل أردوغان تركيا التي كانت مركز الخلافة العثمانية لقرون من الزمن إلى ولاية أمريكية وقاعدة عسكرية تحتوي على الأسلحة الفتَّاكة والمتطورة ومنها الرؤوس النووية، فقاعدة إنجرليك فيها 90 رأساً نوويّاً لأمريكا، والكفار يستخدمون الصواريخ والطائرات ومختلف الأسلحة الفتَّاكة في حربهم على الإسلام والمسلمين. فكم من الطائرات والصواريخ قتلت المسلمين في أفغانستان والعراق وكذلك في الشام الذين ثاروا ضد الطاغية بشار ورفضوا العلمانية ويمَّموا وجوههم نحو إقامة الخلافة؟! وكم من الصواريخ الفتَّاكة والطائرات الروسية المتطوِّرة اخترقت أجواء تركيا لتقتل المسلمين في الشام وتدمر بيوتهم ومساكنهم ومدارسهم ومساجدهم في حرب إبادة وحشية تتبع سياسة الأرض المحروقة، وهو دليل قاطع على الحقد الدفين في قلوبهم على الإسلام والخلافة والمسلمين؟!. إن أردوغان شريك لروسيا المجرمة في كل قطرة زكية سالت من دماء المسلمين في الشام والله تعالى يقول (وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا ٩٣) [النساء: 93]. وهذه الصفات الذميمة المذكورة في الآية، وهي دخول النار والخلود فيها واستحقاق غضب الله ولعنته وعذابه العظيم لمن يقتل مؤمناً واحداً، فكيف بمن يقتل آلاف المؤمنين أو يشارك في قتلهم؟!. هذا وقد توجَّه أردوغان قبل سنوات بقواته إلى ليبيا، ومرَّت من جوار كيان يهود الغاصب لفلسطين منذ أكثر من 70 عاماً، والذي قتل من أهل فلسطين عشرات الآلاف، ولم يحرِّك أردوغان جنديّاً واحداً لقتالهم، بل ذهبت تلك القوات إلى ليبيا لتقاتل فيها المسلمين تنفيذاً للمخطط الأمريكي الذي يهدف إلى إزاحة نفوذ بريطانيا ليحلَّ محله نفوذها عن طريق حفتر أو غيره، وهي حرب عبثية تسفَك فيها دماء المسلمين من الطرفين إرضاء للكفار المستعمرين، وأردوغان شريك للكفار في قتل المسلمين فيها.
خيانة أردوغان لقضية فلسطين وأهلها
أردوغان كغيره من الحكام، لم يعمل من أجل فلسطين شيئاً إلا الكلام فقط، خاصة أثناء حملاته الانتخابية؛ فقد خان فلسطين وأهلها، ولم يحرك جنديّاً واحداً لقتال اليهود وتحرير فلسطين من دنسهم، بل إنه لم يقتصَّ للتسعة الأتراك الذين قتلهم اليهود على متن سفينة الحرية في 2010م، في المسرحية المكشوفة التي كان يهدف من ورائها إلى رفع رصيده الانتخابي، ولا زال التسعة الجنود الأترك الذين لقوا حتفهم في ذمته، بل إن علاقة أردوغان بكيان يهود علاقة وديَّة وحميمة، وهو يقيم معهم علاقات تجارية وعسكرية وأمنية، وقد توسَّعت العلاقات الثلاث في عهد أردوغان بشكل أكبر من ذي قبل. وتركيا كانت أول دولة من الدول العلمانية التي تحكم المسلمين تعترف بكيان يهود في عام 1948م، ولا زال الاعتراف قائماً إلى يومنا هذا. وسفارة كيان يهود في تركيا دليل قاطع على العلاقة الحميمة المتميِّزة بين أردوغان وأصدقائه زعماء اليهود الغاصبين للأرض المباركة فلسطين، بل إن أردوغان خدم كيان يهود بشكل أفضل من الحكام الذين سبقوه في حكم تركيا. فعندما اندلعت الحرائق في كيان يهود عام 2016م، وعجزت الكثير من الدول عن إطفائها ومنها الإمارات، وكاد اليهود أن يهلكوا جزاءً لما اقترفت أيديهم الآثمة في حق فلسطين وأهلها؛ فإذا بصديقهم الحميم أردوغان يسارع إلى إنقاذهم، وقد نجح في ذلك ليستمر مسلسل قتل أهل فلسطين وهدم منازلهم وتجريف مزارعهم، وبهذا يعدُّ أردوغان شريكاً في جرائم اليهود في فلسطين من بعد إنقاذهم من الحرائق في عام 2016م. والعجيب أن أردوغان لم يبادر إلى إنقاذ المناطق التي أحرقها النظام السوري في حماة، وكذلك المناطق التي أحرقتها روسيا المجرمة، بل قال لن نسمح بحماة ثانية، فكانت ثانية وثالثة ورابعة. ولم يعمل أردوغان شيئاً. ورغم جرائم روسيا الوحشية في الشام إلا أن أردوغان لا زال يقيم العلاقات الحميمة مع الروس المجرمين، وفي مقدمتهم عدو الله بوتين.
إقامة مراكز الدعارة وشواطئ العراة
أما مراكز الدعارة التي تفسد المسلمين في تركيا فهي من قَبل حكم أردوغان؛ إلا أنها زادت وتوسَّعت في عهده، وقد عبَّرت إحدى النساء التي تملك أحد مراكز الدعارة بعد فوز أردوغان بمنصب رئيس الجمهورية مبتهجة بفوزه قائلة إنها رشحت أردوغان بسبب زيادة (البزنس) أي المال في مركزها خلال فترة حكمه!! وقد أشارت بعض التقارير إلى أن مراكز الدعارة في تركيا قد أصبحت من المراكز الكبيرة في جمع الأموال في العالم، فلا غرابة أن ينمو الاقتصاد التركي بشكل لافت للنظر في السنوات الأخيرة.
وأما شواطئ العراة على بحر إيجة فقد قصَّ أردوغان شريط الافتتاح في عام 2009م، ورغم أن هذا أمر مستغرب أن توجد مثل هذه الشواطئ في بلاد محمد الفاتح والسلطان عبد الحميد، إلا أن هذه المعلومة صحيحة 100% فلما أثارت ضجة في تركيا قام أردوعان بإنشاء شواطئ العفاف.
والخلاصة: إن أردوغان عميل لأمريكا، وصديق لروسيا وكيان يهود، وخائن للإسلام والمسلمين، وعلماني من الطراز الأول، بل هو رجل العلمانية الأول في تركيا، وإن أعماله تعدُّ في نظر الإسلام جرائم تغضب الله رب العالمين، خالق الكون والإنسان والحياة، وخالق كل شيء من العدم. فعلى الأمة أن تدرك ذلك قبل فوات الأوان، وقبل أن لا ينفع الندم، وأن تعمل مع حزب التحرير لإسقاط جميع الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين بما فيها نظام أردوغان، وأن ترصَّ صفوفها خلف ربان سفينة التغيير الحقيقي العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة، والعمل مع حزب التحرير بقيادته لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ فهي سبيل الخلاص للمسلمين، والطريق إلى عزتهم ونهضتهم، قال تعالى: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥).