- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تتعدد المبادرات ولا حل للمشكلات إلا بإقامة الخلافة
منذ أن تم توقيع الوثيقة الدستورية في السودان بين العسكر والمدنيين، عقب سقوط نظام البشير، والبلاد تسير نحو الهاوية بوتيرة متسارعة، إن لم تكن قد سقطت بالفعل، فلم ترسُ سفينة الحكم المعطوبة إلى بر الأمان كما كان يحلم بها كثير من الموهومين والمبهورين بالتغيير الديمقراطي الشكلي الذي تم باستبدال أوجه الحكام؛ البشير وزمرته استبدل بهم البرهان وحمدوك وبقية مصارعي الفترة الانتقالية، مع مرور الوقت وفقدانهم لبرنامج واضح للحكم قادر على معالجة المشكلات. في ظل هذه الأوضاع ومحاولات الأطراف للسيطرة والتفرد بالحكم، برزت ظاهرة المبادرات السياسية وهي عبارة عن مسكنات خبيثة تصرف الناس عن العلاج الحقيقي والجذري لأزمة الحكم في السودان.
وقد بدأت هذه المبادرات في 2020/4/3 والتي أطلقها رئيس الوزراء المستقيل حمدوك وسماها (القومة للسودان للبناء والتعمير) للتبرع الجماعي ودعا رجال أعمال وعامة السودانيين لإنقاذ الاقتصاد، وقد جمع خلال ساعات مليارات الجنيهات، لكنها لم تعالج القضية الاقتصادية، حيث كان القصد من المبادرة سياسيا بربط الشارع برئيس الوزراء حمدوك.
وبعد التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني وتشرذم الحاضنة السياسية للحكومة وخلافات الأحزاب، أطلق حمدوك في مؤتمر صحفي مبادرة أخرى في حزيران/يونيو 2021 (لتحصين المسار الديمقراطي) وشملت المبادرة توحيد الكتلة الانتقالية، وإصلاح القطاع العسكري والأمني، وتوحيد الجيش، والسياسة الخارجية، والالتزام بتنفيذ السلام الشامل، ومعالجة قضية العدالة بما يضمن عدم الإفلات من العقاب، والتوافق على برنامج اقتصادي عبر حوار شامل، وتفكيك دولة (الإخوان) السابقة لصالح دولة الوطن وتكوين المجلس التشريعي خلال شهر.
ونسبة لتدخل الأمم المتحدة ورئيس بعثتها فولكر في كل كبيرة وصغيرة في شأن البلاد لم تفوت الفرصة بل فرضت البعثة نفسها بقوة في المشهد السياسي وأطلقت يونيتامس في بيان صحفي بتاريخ 2022/1/12 مبادرتها التي قيل إنها ستعمل مع الأطراف السودانية لتطوير عملية شاملة تؤدي إلى توافق حول انتقال ديمقراطي مدني، وحددت يونيتامس سبعة مسارات للمبادرة لحل الأزمة السودانية، وعللت البعثة تدخلها بناء على طلب السودان وهي ضمن دورها في المساعي بموجب قرار مجلس الأمن 2579 لعام 2021 وذكر البيان أن العملية التي أطلقتها ستبدأ بمشاورات أولية مع أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومة والجهات السياسية الفاعلة وشركاء السلام والحركات المسلحة، والمجتمع المدني، ولجان المقاومة والمجموعات النسائية والشباب.
وأيضا مبادرة البرهان في 2022/2/14 التي شملت أربعة محاور لحل الأزمة في السودان (حوار شامل، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية لقيادة الفترة الانتقالية، وإجراء تعديلات في الوثيقة الدستورية، وقيام انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية).
وتتناقل الأوساط السياسية عن مبادرة سيتم إطلاقها تؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية من شأنها تعزيز سيطرة الجيش، ويتضمن الاتفاق بحسب مصادر اطلعت عليها رويترز، على الخطوات التي سيتخذها الجيش مثل تعيين حكومة تكنوقراط، وبرلمان للحكم حتى الانتخابات وترشيح هيئات قضائية.
ويأتي السؤال الأهم هل حلت أو ستحل المبادرات المشكلة؟
إن هذه المبادرات وغيرها لن تحل مشكلة السودان بل تزيدها تعقيداً وذلك لأنها تخرج من مشكاة واحدة وهي النظام الديمقراطي المتهالك، وشر البلية هو ما ابتلينا به من حكام رهنوا البلاد للدول الأجنبية؛ أمريكا وأوروبا، وروسيا في الطريق، وصار الصراع بينها تكسير عظام ينفذ عبر مرتزقة السياسة ومتسوليها ويعمل كل طرف لإزاحة الطرف الآخر للاستفراد الكامل بالحكم والسيطرة، فقامت أمريكا عبر العسكر بترتيب الأوراق من جديد بانقلاب 25 تشرين أول/أكتوبر 2021م.
هذا الوضع المتأزم والمعوج طريق الخروج منه واحد لا أكثر، وهو أن يسلم الجيش السلطة لرجل مخلص لأمته، يبايع على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ويعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة بدل المناداة بالنظام الديمقراطي، ذلك لأن الخلافة نظام للحكم وهو نظام كامل شامل للحياة الإنسانية كلها وكثيرة هي الآيات في القرآن الكريم التي تأمر المسلمين بالحكم بالإسلام، قال الله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ والآيات التي تتحدث عن التشريع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعاملات مستفيضة، وقد طبقها الرسول ﷺ وخلفاؤه الراشدون من بعده ومن جاء بعدهم، فسادوا بها العالم زهاء ثلاثة عشر قرنا من الزمان، وحزب التحرير الذي يعمل للخلافة مترسما خطا النبي الكريم ﷺ في إقامة الدولة، قد أعد مشروع دستور من 191 مادة تعالج قضايا الحكم والسياسة والاقتصاد وغيرها، فعلى قوى الثورة في السودان من لجان المقاومة والمدنيين، والأحزاب السياسية، وجميع أهل السوادن احتضان مشروع الخلافة والعمل مع حزب التحرير، فالخلافة هي الخلاص، ليس لأهل السودان فحسب بل لكل المظلومين والمكتوين بنار الرأسمالية الظالمة في العالم، فهل من مجيب، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد السلام إسحاق
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان