الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

حرب أوكرانيا كشفت عن فشل حكام المسلمين في توفير الغذاء لشعوبهم

 

قديما قيل (إن من لا يملك قوته لا يملك قراره). لقد كشفت تقارير صادمة تؤكد مدى اعتماد دول منطقة الشرق الأوسط؛ مصر واليمن ولبنان والسودان، وشمال أفريقيا؛ تونس والجزائر والمغرب، على القمح الروسي والأوكراني، تقول صحيفة اليوم السابع في صفحتها الإلكترونية، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن قيمة وارادت مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال 11 شهراً من عام 2021، مقابل 2.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 16.2%. وبلغت واردات مصر من القمح 6.1 مليون طنا خلال 11 شهراً من عام 2021، مقابل 11.8 مليون طن خلال الفترة نفسها من عام 2020، بنسبة انخفاض 48.4%.

 

تصدرت روسيا قائمة أعلى عشر دول استوردت مصر منها القمح، خلال 11 شهراً من عام 2021، حيث سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار، بكمية بلغت 4.2 مليون طن، بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح. وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية، بقيمة 649.7 مليون دولار، بكمية 651.4 ألف طن، بنسبة بلغت 10.7%. ثم رومانيا بقيمة 407.7 مليون دولار، بكمية بلغت 387.2 ألف طن، بنسبة 6.2%، والقائمة أطول من ذلك.

 

أما السودان فيعتمد على القمح الروسي والأوكراني بنسبة 60% (المصدر الجزيرة) الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار الخبز، إلى 40-50 جنيهاً للرغيف الواحد بناء على سياسة صندوق النقد الدولي، القائمة على تعويم العملة، وتخفيض قيمتها، ورفع الدعم عن السلع والخدمات.

 

تونس تعيش أزمة خبز حادة، لاعتمادها على القمح الأوكراني فهي تستورد كذلك ما يقارب 60% من القمح. واليمن يستورد كل قمحه ويأتي ثلثه من روسيا وأوكرانيا. ولبنان الواقعة تحت قبضة الأزمة الاقتصادية، مع ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي يستورد نصف قمحه من أوكرانيا.

 

فأين أرض مصر الزراعية؟ حيث أكد العلماء أن مصر، فيها ما يقارب ما بين 164 إلى 200 مليون فدان صالحة للزراعة، وفق صحيفة روز اليوسف، وأن المستغل منها فعليا 10.3 مليون فدان. جاءت هذه المعلومات حيث أقيم ملتقى علماء مصر في الداخل والخارج، في محافظة القاهرة بالمنطقة الغربية يوم الثلاثاء 29 نيسان/أبريل 2014.

 

وفي العراق أعلن الجهاز المركزي للإحصاء أن الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، أكثر من 23 مليون دونم، وقال جهاز الإحصاء التابع للزراعة، إن المساحة المستغلة بلغت 11.4 مليون دونم، يعني أن نصف الأراضي الزراعية، غير مستغلة، مع وجود أكثر من 147 ألف مزارع في البلاد، في الوقت الذي تتنوع فيه مصادر المياه المستخدمة في الري، من السقي الناجم من نهري دجلة والفرات، والمياه الجوفية، فضلا عن مياه الأمطار. (السومرية).

 

أما في المغرب وفقاً لصحيفة السفير العربي في صفحتها الإلكترونية، تقول إن المغرب بلد فلاحي بامتياز إذ يزخر بحوالي 8.7 مليون هكتار كمساحات صالحة للزراعة، وتعد المساحة المزروعة 16% وهي تستغل من طرف 902 ألف شخص، أي ما يعادل 1.7 هكتاراً لكل شخص، علما بأن الهكتار يساوي 10000 متر مربع أي ما يعادل 2.471 فدانا، فالفدان يساوى 4.200 متر مربع، وتقول التقارير إن المغرب يمكن أن يؤمن الغذاء لتونس والجزائر وليبيا.

 

أما السودان فتبلغ مساحات الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة 84 مليون هكتار. أي ثلث المساحة الكلية للسودان، المستغل منها حوالي 21% تقريبا. وتقدر المساحة الصالحة للزراعة في المناطق التي تتراوح أمطارها بين 400 و800 ملم سنويا، بحوالي 25 مليون هكتار، يستثمر منها حوالي 15 مليون هكتار، منها 9 ملايين هكتار زراعة آلية، و2 مليون هكتار من الأراضي لزراعة المحاصيل في المنطقة المروية، وتتركز مواقع الزراعة المطرية التقليدية على نطاق واسع في غرب وجنوب ووسط السودان. ويستخدم حوالي 120 مليون هكتار كمراع طبيعية، وتستخدم حوالي 64 مليون هكتار كغابات، ويوجد تداخل بين أراضي الغابات، والمراعي. (بوابة الاقتصاد السودان).

 

لعل سياسة الهيمنة الغربية على بلاد المسلمين جعلتها تحت رحمة الغرب، يستفيد منها مالاً ومواد خام، ورهنا للإرادة السياسية، لتظل بلاد المسلمين مسلوبة الإرادة، لا تستطيع أن تنعتق من الغرب وسياسته، في ظل هؤلاء الحكام الذين لا يرقبون في الأمة إلا ولا ذمة، الذين يعرفون خطورة الارتماء لسياسات حكومات الغرب الفاسدة، القائمة على أساس المبدأ الرأسمالي، الماصة لدماء الشعوب، لكن أحرص ما عند هؤلاء الحكام هو حماية عروشهم وبطانتهم على حساب أمن ومستقبل الأمة الإسلامية وتدمير عقيدتها.

 

فهؤلاء الحكام يأخذون الضرائب الباهظة من الناس، ويحولون الملكية العامة إلى خاصة، ويعطونها لأمهات الشركات الغربية الربوية. ويكنزون المال الحرام ويعطلون الأراضي الزراعية، وما زال القانون الإنجليزي لأحكام الأراضي يعمل في السودان منذ عام 1925 إلى يومنا هذا، فالاقتصاد الرأسمالي ينتعش في بلاد المسلمين على حساب حياة الأمة الإسلامية، فأصبح اقتصاد بلاد المسلمين هشاً لأنه قائم على أساس الفكر الغربي، ولا يعتمد على مقومات بلاد المسلمين مبدأ وعلما وإمكانياته العظيمة عُطلت، وأخرى نقلت خاما للغرب المستعمر.

 

إن ما يقوم به حكام المسلمين من رهن الأمن الغذائي لصالح بلاد الغرب الكافر، جريمة مكتملة الأركان يعاقب عليها القانون. ثم إن تغيير نمط غذاء أهل بلاد المسلمين ليعتمد على القمح المستورد بأسلوب ممنهج عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، عبر تمويل مشاريع فاشلة لزيادة الدين الربوي وتعطيل الإنتاج، لتتحول بلاد المسلمين إلى أضخم سوق لمنتجات الغرب الكافر، دون الاستفادة من الموارد الضخمة البكر، الموزعة هنا وهناك، وإدخال بلاد المسلمين في حالة من الجوع والمسغبة والفقر المدقع، وتردي الخدمات، وإضعاف مستوى دخل الفرد، وعدم تطوير ما عند المسلمين من موارد، وعدم رفع قدراتهم البشرية، وتركهم يعيشون هكذا كأنهم في عصور غابرة، لا ترتقي لمستوى حياة الإنسان الذي كرمه الله تعالى... كل هذه الأمور الأصل أن تشحذ همم المسلمين ليعرفوا أن الذي صيرهم إلى هذا المستوى هم هؤلاء الحكام الرويبضات وأدواتهم.

 

هؤلاء الحكام تغابوا وتعاموا عن حقيقة الصراع المبدئي ضد أمتهم ومقدرات بلادهم العظيمة، إن الجريمة أكبر، والهول أعظم من تعطيل حياة الناس، وارتهان حياة الأمة الإسلامية لدول الغرب الكافر التي لا تعرف الرحمة ولا حقوق الآخرين.

 

إن جرائم حكام المسلمين، لم يسبق لها مثيل، فمنذ أن أقام رسول الله ﷺ الدولة الإسلامية لم تمر بالأمة مصائب وفتن في دينها وأمنها الغذائي، بل تقصد هؤلاء الحكام إذلال الأمة الإسلامية وإهانتها في كل ناحية من نواحي الحياة.

 

فمقولة (من لا يملك قوته لا يملك قراره) مرتبطة برعاية شؤون الأمة، وأمر توفير الغذاء من أوجب واجبات الحاكم العادل، ولا يتم ذلك إلا بوجود دولة مبدئية على أساس الإسلام العظيم؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي لا ترهن إرادة الأمة وإمكانياتها للدول المعادية، بل تستقل من أول يوم بقرارها، وتوقف كل أشكال التبعية والارتهان، بل وتعمل على أن تفهم الأمة دورها، وحقيقة الصراع بين الحق والباطل.

 

آن للأمة أن تعي على عظمة مبدئها الذي يحتوي على الأفكار المنتجة، وأن تتنبه لمقدراتها العظيمة، من أرض زراعية، ومياه وثروة حيوانية، وموقع استراتيجي، وغيرها من الامتيازات. وآن لها أن تعمل جاهدة مع العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية، لتقتلع هؤلاء الحكام الرويبضات، الذين عطلوا حياتها تماما، وأذاقوها التعاسة من كل جانب، وأوقفوا دورها العظيم في نشر الخير بين الأمم.

 

نعم إن دولة الخلافة الجامعة للأمة الإسلامية، التي توحدها في ترابها الغني، يقول خليفتها للسحابة، اذهبي أين ما حللت، فسوف يأتيني خراجك، كناية عن مدى الاستفادة من الأراضي الزراعية، وتطبيق أحكامها. وقد اقترب زمان هذا الخليفة ليؤمن لنا غذاءنا، وتتحول الأمة لأمة عظيمة، بمبدأ الإسلام العظيم، لتؤمن الغذاء للآخرين، دون مساومة الشعوب، كما يفعل الغرب الآن مع الشعوب، تجويعا وارتهانا لإرادة دولها.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الشيخ محمد السماني - ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع