- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
اتحاد لعلماء المسلمين لاستئناف الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة
ألا من تكتل للعلماء للمطالبة بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟ ألا من تجمع لعلماء المسلمين ليجسد ويعزز وحدة الأمة بعدما فرقتها حدود الاستعمار التي خطها سايكس الإنجليزي وبيكو الفرنسي؟ ألا من اتحاد لعلماء المسلمين لرفض تعدد المرجعيات السياسية لأمة الإسلام؟ ألا من اتحاد لعلماء المسلمين لمقاومة القوميات والوطنيات والمذهبية التي مزقت أمتنا وسفكت دماءها وزرعت البغضاء بين أبنائها؟ ألا من اتحاد لعلماء المسلمين للدعوة بجد إلى دولة واحدة وخليفة واحد ودستور واحد وأمة واحدة ورب واحد ودين واحد ونبي واحد؟ أم ستبقى أمتنا ممزقة في أكثر من 56 دولة يحكمها حكام عملاء للغرب، وحدود استعمارية ونعرات عصبية وجاهلية؟ ألا من تكتل لعلماء المسلمين لاستئناف الحكم بما أنزل الله من جديد؟ أم سنبقى في حكم الكفر وأحكام الغرب وقوانينه؟!
أيها العلماء الأفاضل: إن الخلافة عز ومنعة وسؤدد ورفعة، كيف لا والخلافة معناها الوحدة لا الشرذمة، والقوة لا الضعف، والاستقلال بالقرار لا التبعية والانقياد لدول الغرب وأعوانه، والولاء للإسلام ولعقيدته وشرعه لا للنعرات والقوميات والوطنيات والمذاهب، وأخيرا الخلافة معناها الازدهار والتطور والارتقاء لا التخلف والتراجع والفساد والفقر والعوز واستجداء البنوك الدولية والمؤسسات الاستعمارية. نعم كل هذا هو معنى وجود الخلافة وعكس ذلك تماما يكون بغيابها. فالخلافة هي تلك الدولة التي يحكم بها بشرع الله وتحمى بجيش المسلمين وتحمل الإسلام للعالم وتنشره في ربوع الدنيا، وهي النظام السياسي الذي ارتضاه الله عز وجل لأمة الإسلام ولحفظ دينه ولتحكيم شرعه وحماية الأمة في هذه الدنيا. عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ»، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم».
أيها العلماء الأفاضل: لم يعرف التاريخ نظاما سياسيا عمل به المسلمون إلا الخلافة، إلا في وقت الشرذمة وتعدد الكيانات، أما حالة الأصل فهي الوحدة في ظل نظام سياسي وتحت حكم خليفة واحد وتحت دستور واحد وجيش واحد، يحمي بيضة الإسلام. ومما هو معروف أن قواعد الحكم الأربع في الإسلام هي:
1. السيادة للشرع لا للشعب
2. السلطان للأمة
3. نصب خليفة واحد فرض على المسلمين
4. للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين
هذه من البدهيات السياسية والأحكام التي نشأت عليها أمة الإسلام واستمرت في تطبيقها والحرص عليها حتى هدمت دولتها سنة 1924م. فهذه القواعد الأربع كانت الضمان لبقاء هذا الدين مطبقا وبقاء وحدته السياسية وعدم تشرذم أمته في وطنيات وقوميات، وعدم خضوعها لحكم الكفر وسلطان الكفار، وحتى تكون مستقلة في اختيار حكامها والحفاظ على سلطانها.
إن غياب الخلافة يعني وجود أكثر من خمسين دولة وحدود وحكام رويبضات، ودويلات ركيكة هزيلة مقيتة، وحالة اقتصادية متردية، وفساد مستشر ومنظم، وخضوع وخنوع لأمم الكفر، واحتلال لبلاد المسلمين وقبلتهم، وأكل الربا وضياع للأيتام، وتغيير لدين الله، ونظام تعليمي وثقافي فاسد، ونظام صحي متردٍّ. وما حالنا اليوم إلا خير دليل على المعنى الحقيقي والدقيق لغياب الخلافة من حياة المسلمين.
أيها العلماء الأفاضل: لقد دمرت حواضر الإسلام في العشرين سنة الماضية؛ دمرت العراق والشام واليمن وليبيا وغيرها، ومن قبلهم احتلت فلسطين ودمرت الصومال وأفغانستان، وذبح أهلنا في البوسنة... كل هذا حدث ولا يزال بسبب غياب الخلافة.
أيها العلماء الأفاضل في بلاد المسلمين: لماذا لا يتشكل اتحاد منكم يكون هدفه وعمله الأساس الدعوة لاستعادة واستئناف الحياة الإسلامية من جديد بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟ علماء من الشام والعراق وبلاد الحجاز والمغرب وباكستان وأفريقيا وآسيا يؤسسون اتحادا عمله وهمّه وشغله الوحيد مقاومة الشرذمة والحدود والوطنيات والقوميات والمذهبية وتعدد الحكام، ويدعو الأمة إلى العودة لنظام حكمها وخلافتها ودولتها؟
أيها العلماء الأفاضل: إن لكم في حزب التحرير لأسوة حسنة في هذا المضمار، فهو يدعو ويعمل ليلا ونهارا في الأمة لإقامة الخلافة الراشدة، وقد عرف عنه الاستقامة في الدعوة وعدم الركون للظالمين مهما استفحل بطشهم به، ولقد عرف بثباته على أحكام الإسلام وعدم تغييرها أو تبديلها، فاستنيروا بثقافته فوالله إن فيها الخير الكثير، والعلم الصافي المنير، وهي ثقافة تيسر العمل، فقد نقّحت وصححت مع مرور الوقت منذ نشأة الحزب إلى يومنا هذا. فلا تقصروا في قراءتها وبحثها وكونوا نزيهين في التعاطي معها لعل الله يرشدكم ويعينكم في حملكم هذا وفي تحقيق هذا الفرض العظيم الذي هو تاج الفروض؛ إعادة الخلافة الراشدة للوجود من جديد.
أيها العلماء الأفاضل، يا ورثة الأنبياء: ليست دعوة لحمل السلاح في وجه جيوشنا وسفك دماء المسلمين اليوم، وإنما هي دعوة للعصيان بالكلمة والسياسة والفكر للأنظمة السياسية التي نشأت بعد هدم دولة الخلافة عام 1924م، وهي دعوة للرجوع إلى حكم الإسلام ووحدة الأمة وتحكيم شرعها. هذا هو المقصود؛ التغيير الفكري والسياسي وإقناع الأمة بالرجوع لدينها ووحدتها ودولتها وشرعها في دولة واحدة، وإقناع أبنائها في الجيوش أن الولاء لله لا للحكام الخونة العملاء، وأن الطاعة تكون للخليفة لا لحكام السوء والهوان، وإقناعهم بأن عدوهم هو أمريكا ودول الغرب ويهود، لا شعوبهم وأمتهم.
أيها العلماء الأفاضل، يا ورثة الأنبياء: إن اتحادكم هذا هو لإقامة تاج الفروض وعز الإسلام ورضا الله في الدارين، إنه البر بعينه، وإنه الخير برمته، فالله الله في دينكم، الله الله في أمتكم، الله الله في خلافتكم! أيها العلماء الأفاضل: لقد اتحد بعض العلماء لتحليل الربا في الغرب، ولتحرير المسلمين في الغرب من دينهم بفتاوى باطلة تدس السم بالدسم، ولقد تعاونوا على الإثم والعدوان، أفلا يكون فيكم اتحاد لعلماء المسلمين لعودة دين الله في الأرض في دولة واحدة وخليفة واحد ودستور واحد؟! قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح