- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
التقايض السياسي غير المعلن بين أمريكا وبريطانيا في اليمن
يؤكد عبثية الحرب الدائرة فيها وأن الضحية هم المسلمون
لا جرم أن الأمة الإسلامية تعيش ظروفاً استثنائية منذ أن هدمت خلافتها. وهي فترة سوء مظلمة كالحة السواد تزيد عن قرن من الزمن، وتختلف هذه الفترة عن فترات الضعف التي مرت بها الأمة في جميع عصورها، ومن مظاهر هذه الفترة الصراع الإنجلو-أمريكي الذي لا يكاد يتوقف في أي مكان من بلاد المسلمين والذي يعصف بهم بشكل شبه دائم، سالت عن طريقه أنهار من الدماء الزكية وسلبت من خلاله إرادة الأمة وصودر قرارها وحُكمت بغير شريعة ربها.
والصراع الإنجلو-أمريكي في اليمن هو حلقة من حلقات ذلك الصراع في المنطقة كلها وقد خلف هذا الصراع في اليمن الفقر والبطالة والأمراض الفتاكة القاتلة وسالت دماء عشرات الآلاف من أهل اليمن وفقد الكثير منهم أعمالهم وأصبحوا تحت وطأة حرب فرضها الكافر المستعمر عليهم عبر عملائه. والصراع في اليمن يشتد أحيانا عندما يظن أحد الطرفين أنه أصبح قادرا على حسم الصراع ثم يصبح ذلك الظن سرابا ويهدأ ذلك الصراع أحيانا أخرى ويجنح الطرفان للتفاوض بإدارة أمريكية وبريطانية لتلك المفاوضات عندما يصعب استمرار الحرب بينهما ويحتاج الطرفان إلى استراحة محارب.
وفي الآونة الأخيرة للحرب التي امتدت لسبع سنين عجاف اشتدت المعارك في مأرب والساحل والبيضاء وشبوة. فقد تقدم الحوثيون في محافظة مأرب حتى أصبحوا على مشارف مدينة مأرب كما سيطروا على ما تبقى من محافظة البيضاء بعد حرب دامت فيها أكثر من ست سنوات ثم تقدموا صوب محافظة شبوة وسيطروا على بعض مديرياتها. ثم إخلاء طارق صالح بعض المناطق في الحديدة حسب اتفاق السويد ثم اشتعلت الحرب في الساحل بين طارق صالح المدعوم من الإمارات وأسيادها الإنجليز، وبين الحوثيين المدعومين من أمريكا عبر إيران، ثم استولى طارق صالح على بعض مديريات شبوة التي كانت مع الحوثيين الذين تقهقروا منها شيئا فشيئا حتى أصبحت محافظة شبوة مع طارق صالح وتم تعيين محافظ جديد لها، ثم تقدم أتباع طارق إلى حريب من محافظة مأرب، وتزامن ذلك مع استيلاء الحوثيين على سفينة روابي الإماراتية في ميناء الحديدة ثم تأجج الصراع بينهما وتبادل الطرفان التراشق الصاروخي، فقد بدأ الحوثيون بضرب مصافي نفط في الإمارات فردت الإمارات بضربات موجعة ومتفرقة في مطار صنعاء ومدرسة الحرس ومناطق أخرى متفرقة راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى، ولم يسلم من ذلك حتى السجون فقد راح ضحية سجن صعدة مئات القتلى بعد أن قضوا سنوات في غياهب ذلك السجن التابع للحوثيين.
والمدقق في الأحداث الجارية يجد أن هناك تقايضاً سياسياً بين أمريكا وبريطانيا الممسكتين بالنفوذ في اليمن عبر عملائهم. فالإمارات تركت سفينتها في ميناء الحديدة للحوثيين مقابل خروجهم من شبوة من خلال حرب وهمية لتكون شبوة لطارق صالح التابع للإمارات ولتغطية ذلك العمل الإجرامي وتضليل الناس سياسيا قام الطرفين بعمل أكثر إجراما من الأول وهو تبادل الضربات الصاروخية بين الطرفين والتي راح ضحية ذلك مئات القتلى والجرحى، وتم شحن الأجواء بالرعب لصرف الناس عن معرفة التقايض السياسي الذي يؤكد عبثية هذه الحرب الظالمة التي راح ضحيتها كثير من الأبرياء الذين ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.
والتقايض السياسي إما أن يكون معلناً يسلط الإعلام الضوء عليه ويجمع كل المبررات التي تثبت صحته، وإما أن يكون التقايض السياسي غير معلن من أجل المحافظة على ماء وجوه العملاء كما هو حاصل في اليمن. إن الصراع الإنجلو-أمريكي في اليمن رغم مآسيه الكثيرة والمتنوعة والتي لا تتوقف إلا أنه كشف لأهل اليمن الوجه القبيح للعملاء وأسيادهم الكفار المستعمرين أمريكا وبريطانيا.
إن ضحية الصراع دائما هم المسلمون فهم من يدفعون ثمن ذلك الصراع المشئوم جبرا عنهم وهم الخاسر الوحيد في ذلك الصراع، فقد خسروا شريعة ربهم فحكموا بغير ما أنزل الله فكانت نتيجة ذلك حياة البؤس والضنك والشقاء والتعاسة والحروب المفروضة عليهم من أعداء الأمة كما خسروا خيرة أبنائهم وأموالهم وثرواتهم. إن المخرج الوحيد من هذا الوضع الكارثي والمزري ومن الضنك الذي يعيشون فيه هو أن يتخلى أهل اليمن عن أطراف الصراع لإسقاطهم جميعا فلا يجدون لهم سنداً داخلياً يحافظ على بقائهم وعندها لا ينفعهم السند الخارجي مهما كانت قوته، فلم يستقر النفوذ الغربي للكافر المستعمر في بلاد المسلمين إلا عندما وجد أدوات من الداخل تنشر ثقافته وتحكم بقوانينه الوضعية الرأسمالية الجاهلية وتنفذ مخططاته وتحرس مصالحه وتجيش الأتباع لتنفيذ ذلك بالتضليل الفكري والسياسي.
إن أقصر الطرق للوصول للعزة والنهضة والكرامة هو رص الصفوف خلف قيادة حزب التحرير الذي يسعى بتفانٍ وإخلاص لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تقيم نظام الإسلام في حياة الأمة وتطبق أحكامه في جميع شؤون الحياة ليسعد المسلمون في الدنيا والآخرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد عدنان – ولاية اليمن