- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ما علاقة مفاوضات الملف النووي الإيراني الأخيرة بالحرب في اليمن؟
للإجابة على هذا التساؤل لا بد أولاً من معرفة واقع السياسة الخارجية لإيران. إن دول العالم تنقسم من حيث سياستها الداخلية والخارجية إلى ثلاثة أقسام: 1- دولة مستقلة 2- دولة الفلك 3- دولة تابعة.
ودولة إيران هي من دول الفلك التي تسير في سياستها الخارجية في فلك أمريكا وتكاد تكون دولة تابعة، وبالتالي فإن السياسة الخارجية لإيران منسجمة كل الانسجام مع المصالح الأمريكية في المنطقة، وكذلك في الشرق الأوسط الكبير والبلاد الإسلامية، فمثلاً قامت طهران بمساعدة واشنطن في تحقيق الاستقرار للاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك، وفي الآونة الأخيرة دعمت الحوثيين في اليمن، وساعدت بشار أسد أمام طوفان الثورة عن طريق دعمه مباشرة وعبر حزبها في لبنان بضوء أخضر أمريكي.
وبالتالي، فجميع الأعمال السياسية في المنطقة التي قامت وما زالت تقوم بها إيران كلها واقعة بتوافق وانسجام مع المشاريع الأمريكية مثلها مثل مملكة آل سعود في عهد السفهاء سلمان وابنه التافه، ومثل دجال أنقرة أردوغان الذي يقدم لأمريكا خدمات العبد للسيد، قاتلهم الله جميعاً أنّى يؤفكون!
وبعد هذه المقدمة لمعرفة سياسة إيران الخارجية، نأتي لبيت قصيدنا وهو علاقة مفاوضات النووي الإيراني بالتصعيد الأخير في اليمن.
لقد بدأ إحياء الاتفاق النووي الإيراني في فينّا، في 3 كانون الأول/ديسمبر 2021م، وقبل إحيائه بأشهر تصاعد الغزل الإيراني السعودي في ضوء التقارب بينهما، حيث كشفت تقارير إعلامية في شهر نيسان/أبريل 2021م أن مسؤولين إيرانيين وسعوديين التقوا في بغداد في ذلك الشهر، وهو أول اجتماع رفيع المستوى لهم منذ أن قطعت الرياض العلاقات الدبلوماسية مع طهران في عام 2016. وعُقدت الجولة الثانية من المحادثات في أيار/مايو في بغداد أيضاً، وكما يبدو فإن السعودية تتطلع حقا إلى الحصول على تسلم ملف الحوثيين ولكن لا يتأتى لها ذلك إلا بتفاهم ودعم إيراني تحت ضوء أخضر أمريكي، وذلك لتسهيل اتفاق يمني من شأنه أن يسمح للسعودية بالخروج من مستنقع الحرب في اليمن الذي دخلته منذ سبع سنوات. ومن جانب آخر فإن المفاوضات الجارية بين السعودية وإيران من جهة، وبين إيران والقوى الدولية بشأن الاتفاق النووي الإيراني، إذ لا يمكن استبعاد مسار تلك المفاوضات في التأثير المباشر على الحرب في اليمن، حيث قال السفير السعودي في فينا عبد الله بن خالد بن سلطان يوم الأربعاء 2022/01/12م إنه أكد خلال اجتماع لسفراء دول مجلس التعاون الخليجي مع المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي على "الشواغل الأمنية" تجاه البرنامج النووي الإيراني، وأضاف عبر حسابه الرسمي على تويتر أنه أكد مع السفراء الخليجيين على القلق من "تدخلات إيران في المنطقة لزعزعة الأمن من خلال دعمها للمليشيات الإرهابية"، ومن المؤكد أنه يقصد بذلك الحوثيين، وخلال هذه الفترة وفي يوم الاثنين 10 كانون الثاني/يناير، أعلنت القوات الموالية لما تسمى بالحكومة اليمنية، أنها انتزعت السيطرة الكاملة على محافظة شبوة الغنية بموارد الطاقة من أيدي الحوثيين، وذلك في خضم معركة للسيطرة على شبوة وعلى محافظة مأرب المجاورة، والتي أصبحت محور الصراع ككل.
وقالت ألوية العمالقة المدعومة من الإمارات وتشكل جزءاً من التحالف بقيادة السعودية الذي يقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران، إنها استعادت السيطرة الكاملة على المحافظة بعد قتال على مدى 10 أيام وقد قابل الحوثيون هذه المعارك بالانسحاب من تلك المناطق.
وفي يوم الثلاثاء 11 كانون الثاني/يناير وصل العميد تركي المالكي المتحدث الرسمي باسم التحالف الذي تقوده السعودية إلى شبوة، معلناً "إطلاق عملية تحرير اليمن السعيد"، في إشارة على تغيير الموقف السعودي والتوجه مرة أخرى نحو السعي لحسم المعركة ظاهرياً، وعقد المالكي مؤتمراً صحفياً بحضور عوض ابن الوزير العولقي محافظ شبوة - المعين حديثاً والمقرب من الإمارات والمنتمي لحزب الهالك علي صالح - أعلن خلاله أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أطلق عملية "حرية اليمن السعيد" على كافة المحاور والجبهات، مضيفاً: "أن هذه العملية ليست عملية عسكرية بالمصطلح العسكري، أي الحرب، بل أن تنقل اليمن إلى النماء والازدهار"، مؤكداً أن الشعب اليمني يستحق الحياة ولديه الكثير من المقومات التي لم تستغل، بحسب موقع سكاي نيوز الإماراتي.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا أعلنت السعودية من طرفها تصعيداً عسكرياً هو الأول من نوعه منذ سنوات؟! أي منذ اتفاق ستوكهولم في 13 كانون الأول/ديسمبر 2018؟! فهل هذا الإعلان هو ناتج عن اللقاءات الأخيرة مع إيران أم ربما بالاتفاق معها؟ وهل إيران تقوم بتدويل القضية اليمنية وربطها بالملف النووي الإيراني؟
ورغم التقلبات في المواقف الدولية والأحداث العسكرية، يبدو أن الأسباب مجتمعة وتؤسِّس لمرحلة جديدة من الصراع.
ومن الجانب الإيراني إلى الآن، لا تزال هناك إشارات غامضة حول حقيقة الموقف الإيراني مما يحدث حاليا في اليمن، بل ولم تعين سفيرا خلفا لحسن إيرلو الذي تضاربت الأخبار حول مصرعه، فقبيل الإعلان عن إصابة إيرلو بفيروس كورونا - وفق الرواية الرسمية الإيرانية - جرى لقاء بين المبعوث السويدي إلى اليمن بيتر سامني وكبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشئون السياسية علي أصغر خاجي، وأعلن سامني عن ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار، وهو ما يشكل سابقة إيرانية للانخراط المباشر في هذا الملف، لكنها تعكس من جانب آخر، أن مقاربة تطور الموقف الإيراني على هذا النحو تهدف إلى توظيفها لملف الأزمة اليمنية في مباحثات فينا لإحياء خطة العمل الشامل (5+1) الخاصة ببرنامجها النووي، كبادرة من الجانب الإيراني للتعاطي مع المطالب الدولية بتغيير سياساتها الإقليمية. ويدعم هذا المؤشر من جانب آخر قبول الرياض بالوساطة العراقية - العمانية لإجلاء إيرلو من صنعاء جواً، قبل يومين من الإعلان عن وفاته.
إن كل هذه المؤشرات تعطي إشارات أنه من المحتمل أن هناك علاقة بين مفاوضات النووي الإيراني مع التصعيد الأخير في اليمن وأن السعودية ستتسلم ملف الحوثيين ومن لم يرض بذلك ستتم تصفيته، وهكذا هي القيادات الرخيصة تبيع نفسها وأتباعها بدنيا غيرها!
ولذلك لن يسعد أهل اليمن ويكون بحق اليمن السعيد إلا بنصرة دين الله وتطبيق الإسلام تطبيقا شاملاً في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فإلى العمل لها مع حزب التحرير لنيل هذا الشرف العظيم ندعوكم، لنوقف إجرام نظام آل سعود وسفهاء الإمارات ودجالي إيران وكل العملاء الذين جعلوا البلاد ساحة صراع اكتوى بناره الناس في اليمن، قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان المهاجري – ولاية اليمن