- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تظاهرات 19 ديسمبر حلقة من حلقات الصراع الأنجلو أمريكي على البلاد
بدأت عبارة 19 ديسمبر بالظهور على الساحة السياسية السودانية سنة 1955 عندما أعلن إسماعيل الأزهري انفصال السودان عن مصر من داخل البرلمان السوداني، بناء على فكرة حق تقرير المصير في هذا البلد الذي هو جزء من بلاد المسلمين رغم أن الحزب الاتحادي بزعامه الأزهري نال أكثرية مقاعد البرلمان لأنه نادى بفكرة الاتحاد مع مصر. فلماذا طالب بالانفصال وحق تقرير المصير؟!
إن الأحداث في السودان لا تنفصل عن الأحداث في مصر منذ دخول الاستعمار، فقد كان للعدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 مساهمة كبيرة في تحديد مستقبل التوازن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت الحرب حاسمة في أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية وظهور أمريكا على الساحة الدولية عبر الانقلابات العسكرية. فأحست بريطانيا بذهاب مصر والسودان من نفوذها فكان إعلان الاستقلال من داخل البرلمان في السودان للمحافظة على السودان بعد أن ذهبت مصر لأمريكا، ثم كان العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وكيان يهود المسخ.
واستمراراً لمسلسل حلقات الصراع الدولي في السودان كانت 19 ديسمبر 2018 هي بداية حراك أهل السودان ثم انتقل إلى ميدان الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، عندها انكشف ستار الصراع بحضور سفراء الدول الاستعمارية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، والقائم بالأعمال الأمريكي...) إلى ساحة الاعتصام، بل والجلوس مع المعتصمين والقوى السياسية والقادة العسكريين، فكانت الشراكة بين العسكر والمدنيين عبر الوثيقة الدستورية التي هندسها الاتحاد الأفريقي المعروفة تبعيته للخط الأمريكي.
وبلغ الصراع أشده بكسر العظم يوم 2021/10/25 بانقلاب البرهان على الوثيقة الدستورية والحكومة الانتقالية، هذا الانقلاب الذي اعتبره (تصحيح مسار). ثم كانت أحداث 19 ديسمبر 2021 الأخيرة بدخول الثوار باحة القصر الجمهوري والمطالبة بحكومة مدنية كاملة وعودة العسكر للثكنات. وبعد وصول الثوار إلى القصر الجمهوري تم قمعهم وتفريقهم بالغاز المسيل للدموع وغيرها من وسائل القمع، ثم ماذا بعد هذا؟ فهل ينتظر أهل السودان 19 ديسمبر أخرى؟ أم يتم تنفيذ الاتفاق الذي أبرم الشهر الماضي بين حمدوك والبرهان، والذي باركته كل من أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات في يوم 2021/12/16؟
إن تاريخ أمتنا لم يبدأ بـ19 ديسمبر 1955، ولا غيرها من العبارات التي يستخدمها السياسيون للتضليل، وإنما بدأ تاريخها بهجرة الرسول ﷺ، لأن أهل السودان هم جزء من أمة عظيمة لها تاريخها المجيد، هي أمة الإسلام. وها قد اتضح أن 19 ديسمبر هو حلقة من حلقات الاستعمار والصراع على النفوذ في السودان، فلا اعتبار لهذا التاريخ في حياتنا، ويجب الفكاك من هذه التبعية بالرجوع إلى عقيدتنا الإسلامية التي نظمت كل شؤون حياتنا وحددت نظاماً للحكم لا هو عسكري ولا مدني، وإنما خلافة على منهاج النبوة.
عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ»، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم مشرف
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان