السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أزمة شرق السودان بين المطالب الشرعية والأجندة الاستعمارية

 

منذ 17 أيلول/سبتمبر 2021م، يغلق "المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة"، وهو تنظيم قبلي، كل الموانئ على البحر الأحمر، والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان، احتجاجا على ما يقول إنه تهميش تنموي تعاني منه المناطق الشرقية، حيث أربك هذا الإغلاق حسابات الحكومة الانتقالية، جراء الأزمات المترتبة على انقطاع السلع الاستراتيجية كالسكر والقمح والوقود والأدوية، والتي تصل جميعها من موانئ البحر الأحمر إلى العاصمة الخرطوم، وبقية الولايات الأخرى. (الأناضول 2021/10/8م).

 

وقد أغلق مجلس البجا الخميس 2021/9/23م مطار بورتسودان الدولي، وبشأن مطار كسلا أفاد النور أنهم بصدد إغلاقه أيضا. (سودان تريبيون 2021/9/24م)، وبعد 19 يوما من الإغلاق بالشرق، حكومة السودان ستنقل الأدوية والأسمدة جوا إلى الخرطوم ويتعذر عليها نقل الوقود والقمح، وقد تراجع توريد القمح إلى المخابز داخل العاصمة، عقب تصريحات رسمية بأن احتياطي القمح يكفي عدة أيام فقط. ويتجاوز استهلاك السودان من القمح مليوني طن سنويا، فيما يتراوح إنتاج البلاد بين 12 إلى 17% من احتياجاته. (الجزيرة + الأناضول). وقال مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة عبد الله أوبشار، لسودان تريبيون: "نتجه الآن للعمل بجدول التصعيد بما في ذلك إغلاق المؤسسات الحكومية بينها الميناء الشمالي وإدارة الجمارك وإعلان العصيان الشمالي في مدن الشرق الثلاث".

 

وقد كوَّن مجلس الوزراء، الثلاثاء 2021/10/5م، لجنة برئاسة عبد الله حمدوك، للقاء المكون العسكري، وفي يوم الأربعاء 2021/10/6م انعقد اجتماع بين حمدوك والبرهان حول أزمة الشرق، لم يصل لنتائج واضحة. (العربية نت 2021/10/7م).

 

ولم تبد السلطات أي ردة فعل قوية تجاه إغلاق الطريق القومي الرابط بين الموانئ والعاصمة الخرطوم وسط توقعات بتكدس الشاحنات على امتداد الطريق الممتد لنحو 800 كلم حال استمر الإغلاق. وحتى الآن لم تتدخل سلطات الحكومة الاتحادية ولا حكومات ولايات الشرق؛ البحر الأحمر وكسلا والقضارف، في ظل تسريبات تتحدث عن رفض المكون العسكري التعامل مع إغلاق الطرق القومية باعتباره يأتي في سياق مطالب سياسية. (سودان تريبيون 17 أيلول/سبتمبر 2021م).

 

والواضح أن مجلس البجا في مطالبه يتماهى مع الجانب العسكري، حيث يطالب بحل الحكومة المدنية على أن يتولى الحكم في البلاد قادة الجيش، وقد حيى الناظر ترك خلال مخاطبته حشدا بمنطقة الفشقة بولاية القضارف الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية لحماية الثورة وقال إنهم لم يستجيبوا لمطالب "المتربصين" التي دعت تلك الأجهزة للتصدي لاعتصام الشرق.. وأضاف "الجيش خط أحمر وسنستمر في إغلاق الشرق من اوسيف حتى الخياري لم نجئ إلا للشراكة مع الولايات الأخرى في إزالة التهميش". (سودان تريبيون 2021/10/2م)، كما أعلن كباشي ضمان أمن الحراك الأهلي للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة وعدم التعرض له من أية جهة حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن القضايا العالقة. (سودان تريبيون 2021/9/26م).

 

اتفاق جوبا وصناعة الأزمات وتنفيذ أجندة الدول الاستعمارية: فقد ركز اتفاق جوبا في تشرين الأول/أكتوبر 2021م على أخطر فكرتين (الفدرالية، والحكم الذاتي) حيث قسمت مناطق السودان إلى 5 مسارات، هي: إقليم دارفور، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وشرقي السودان، وشمالي السودان، ووسط السودان. وعقد مجلس البجا مؤتمر سنكات في 30 أيلول/سبتمبر 2020، حيث أوصى بحكم إقليمي لشرق السودان بواسطة أبنائه إضافة إلى مشاركتهم في السلطة على جميع المستويات. (قال رئيس ما يعرف بنداء الشمال في السودان أبو القاسم برطم إن أنصاره أغلقوا الطريق الدولي مع مصر عند مدينة الدبة، لمدة 5 ساعات، كإنذار أولي.. وأشار إلى أن الإغلاق الكلي للطريق سيبدأ الثلاثاء، وسيشمل سد مروي، وأنه جاء بالتنسيق مع المجلس الأعلى لنظارات البجا وبعض الكيانات الأخرى.. وشدد برطم على أن على رأس مطالبهم: منح ولايتي الشمالية ونهر النيل الحكم الذاتي، وفقا للوثيقة الدستورية) (الجزيرة 2021/9/28م).

 

استغلال الصراعات القبلية في شرق السودان: فقد أوردت الجزيرة في 2020/8/13م: للمرة الخامسة خلال العام الحالي، تشتعل مواجهات قبلية بشرق السودان في استغلال للتنافس التاريخي بين العرقيات على غرار دارفور، وتزايد الأجندات الخارجية الطامعة في موانئ البحر الأحمر بحسب مسؤولين سودانيين. كما أشار الخبر إلى استدعاء الإمارات قيادات أهلية من شرق السودان لمقابلة محمد دحلان (سيئ الذكر)، رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة، مستشار ولي عهد أبو ظبي.

 

أزمة الشرق والتدخل الخارجي: أبان فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" أن اللقاء مع رئيس مجلس السيادة "أكد ضرورة معالجة قضية الشرق باعتبارها قضية وطنية يجب النظر إليها بعين الاعتبار". وقد دعت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، في بيان القادة السياسيين في شرق السودان قبول عرض حكومتهم لمعالجة مظالمهم من خلال حوار سياسي هادف.. وقالت إنها تدرك تحديات التنمية التي تواجه سكان شرق السودان وهي على استعداد لمواصلة العمل بالشراكة مع الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في السودان لمواجهة هذه التحديات.. وتابعت "مع الاعتراف بأن هذه قضية داخلية فإن الترويكا تحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم الكامل لجهود الحكومة السودانية لحل هذه المسألة وإنهاء الحصار المستمر". (سودان تريبيون 2021/10/8م).

 

صحيح أن لأهل الشرق مطالب مشروعة في توفير الرعاية والحياة الكريمة، إلا أن الصراع الاستعماري على المنطقة، تديره المخابرات العالمية، وله تأثير على الأحداث في شرق السودان، وسبب لإبقاء ما يسمى بمسار الشرق، خاصة مع مطالبة مجلس البجا بحق تقرير المصير، وهي الأداة نفسها التي استعملها المستعمر لتمزيق جنوب السودان وأشعل بها الفتن في دارفور.

 

لا بد أن يعي أهل السودان على خطورة تدخل سفارات الدول الاستعمارية التي تشتري الذمم، وتبث السموم القبلية والعنصرية، وليعلموا أن الأزمة الحقيقية هي أزمة حكم، سببها غياب الإسلام عن واقع الحياة، بعد أن هدمت دولته الخلافة، ولا حل إلا بإيقاف تدخل هذه السفارات في الشأن الداخلي، وقطع حبال الدول المستعمرة وعملائها، وقذف نظام حكمها الديمقراطي العلماني، والامتثال لأمر النبي ﷺ، واتباع سنة الخلفاء الراشدين بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي وحدها المخرج والخلاص، يقول النبي ﷺ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد جامع (أبو أيمن)

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع