- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
شرق السودان نار أذكى شرارتها المقتاتون على موائد سفارات الأعداء
لا يختلف حال الناس في شرق السودان، عن حال الناس في أصقاع السودان الأخرى، بل في كل السودان إلا بمقدار دركات السوء على كافة الصعد، فالفقر والجوع والمرض والعجز، وانعدام الأمن والصحة والتعليم، والبؤس والشقاء، وانسداد الأفق، وانعدام الأمل، كل ذلك إنما هو الخطوط العريضة لحال الناس على تفاوت.
ومنذ حوالي 120 سنة، عندما وضع الجيش الإنجليزي بقيادة كتشنر يده على البلاد، بدأ بتطبيق النظام الرأسمالي العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة، ثم خلف من بعدهم خلف ساروا على النظام الرأسمالي نفسه، فحافظوا على مصالح الغرب، وضيعوا مصالح البلاد والعباد، وأقصد بذلك حلفاء الشيطان المقتاتين على موائد سفارات العدو، من العسكريين والمتمردين، والسياسيين غير المبدئيين، وزعماء العشائر والنظار، وغيرهم من القيادات، والإعلاميين المأجورين.
كان يكفي حلفاء الشيطان هؤلاء أن يستمروا في تطبيق النظام الرأسمالي، ليبقوا الناس في الجحيم، غير أنهم، وبتوجيه من أسيادهم؛ الشركاء المتشاكسين والمتصارعين فيما بينهم، والحاقدين على الإسلام والمسلمين أضافوا إلى الجحيم جحيماً آخر، ألا وهو إيقاظ الفتنة النائمة؛ بإثارة القبليات، ليسقط شرق السودان بعد الجنوب والغرب في محرقة القبلية البغيضة، فاندلعت الصراعات القبلية في ولايات القضارف، وكسلا، والبحر الأحمر، ثم كان الاصطفاف والاستقطاب القبلي أساس العمل السياسي من باب "وداوني بالتي هي الداء"، فكان رفض والي كسلا على أساس القبيلة، والذي لم يستطع تولي منصبه؛ لأن الحكومة أعفته استجابة للرافضين.
ثم ارتفعت الأصوات برفض قسمة السلطة والثروة على أساس اتفاقية جوبا 2020/10/03م، ثم كانت حرب المؤتمرات والحشود، فكان مؤتمر سنكات الذي عقده المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة تحت لافتة: "مؤتمر السلام والتنمية والعدالة"، تحت شعار "تثبيت الحقوق التاريخية"، والذي عقد في الفترة ما بين 27-2020/09/29 وسلمت توصياته إلى نائب رئيس مجلس السيادة دقلو، وكانت أبرز التوصيات:
- إلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا.
- إعادة ترسيم الحدود بين القبائل.
- ترسيم الحدود الجغرافية لإقليم البجا.
- إقالة والي كسلا.
وفي يوم السبت 2020/12/12م عقد الفريق المؤيد لمسار الشرق باتفاقية جوبا، عقد بمنطقة تواييت بمحلية تلكوك بولاية كسلا مؤتمراً كانت توصياته دعماً لمسار الشرق.
وفي 2021/05/30م، ولدى مخاطبته احتفال الذكر والذاكرين بغابة تمنتاي بهداليا بولاية كسلا، دعا رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، والعموديات المستقلة الناظر (ترك)، دعا القوات المسلحة لإدارة البلاد، وأمهل الحكومة فرصة أخيرة لإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا.
كل هذه التطورات في شرق السودان، والحكومة مكتوفة الأيدي، إلى أن كان الإغلاق الكامل لشرق السودان؛ الطرق، والموانئ، والمطارات وغيرها منذ 2021/9/17، وهذا بلا شك خطوة بالغة الخطورة سوف يترتب عليها خنق الحكومة، وسيدفع الناس ثمنها غالياً.
ثم تصاعدت الأحداث بعد ثمانية أيام من الإغلاق، حيث أعلن الأمين السياسي للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة سيد علي أبو آمنة قائلاً: "إغلاق الشرق سيزداد حدة كلما زاد تجاهل الحكومة لمطالبهم، وأنهم سيشرعون في المطالبة بتقرير المصير"، ولإنهاء التصعيد قال: "إذا أرادت الخرطوم أن تنهي التصعيد في الشرق فعليها حل هذه الحكومة الحزبية الفاشلة، والإتيان بحكومة تكنوقراط، ومجلس سيادي يمثل الأقاليم السودانية التاريخية المعروفة، وأن تعلن إلغاء مسار الشرق، أو كل المسارات الوهمية الثلاثة للشرق والشمال والوسط" (صحيفة التيار 2021/09/25م).
كنت أقرأ عما يسمى بحروب الجيل الرابع، والتي يسميها البعض بحروب الجيل الخامس، والتي عرفت في مقالة بعنوان "الجيل الخامس من الحروب والتفكيك الساخن" بأنها: "حرب يتم فيها احتلال عقلك لا احتلال أرضك، وبعد أن يتم الاحتلال ستتكفل أنت بالباقي.. ستجد نفسك في ميدان معركة لا تعرف فيها خصمك الحقيقي، إنها حرب ستطلق فيها النار في كل اتجاه إلا في اتجاه عدوك الحقيقي، هي حرب يدمر فيها المرء كل شيء يحبه وفي النهاية يجد أنه كان يحارب بالوكالة لصالح رجل جالس في مكان آخر".
هذا هو واقع حلفاء الشيطان من السياسيين المرتبطين بالسفارات، والقيادات العسكرية غير المخلصة، وقيادات التمرد، وزعماء العشائر المسترزقين، فهؤلاء جميعهم تم احتلال عقولهم، لذلك خرجوا يدمرون كل شيء في الحياة، ليمكنوا العدو من كل مفاصل الحياة!! وقد استخدموا في ذلك سلاحاً واحداً ثلاثي الأبعاد، ألا وهو فصل الدين عن الحياة، وذلك بالآتي:
1/ تطبيق النظام الرأسمالي.
2/ علاج مشكلات البلاد على أساس النظام الرأسمالي.
3/ التمييز بين رعايا الدولة.
وتفصيل ذلك كما يلي:
أولاً: تطبيق النظام الرأسمالي:
ما هي ثمرة 120 سنة في ظل النظام الرأسمالي؛ أي تشريعات البشر؟
- · حكام وأوساط سياسية مرتبطة بالعدو يتصارعون لصالح أسيادهم.
- · الظلم المستفحل، والعيش في حياة ملؤها التعاسة.
- · انعدام الأمن.
- · انقسام الناس على أساس الجهة والعرق والقبيلة.
- · انفصال جنوب السودان، والحبل على الغارب لبقية أقاليم السودان.
وفي كلمة واحدة إنه الإحباط الذي يؤدي إلى هجرة الشباب الكثيفة، وتعايش بقية الناس مع الظلم والمظالم.
ثانياً: علاج المشاكل بتسويات على أساس الحل الوسط وفصل الدين عن الحياة
فما الذي نتج عن ذلك:
- أن السلطة والثروة لأكابر المجرمين المرتبطين بالسفارات، الوالغين في دماء الناس الذين كانوا سببا في التهجير والنزوح، وانتهاك الحرمات.
- أن التمرد كفعل مادي عسكري أو سلمي هو الأداة الفعالة لحيازة نصيب في السلطة أو الثروة، وبذلك دفعوا مرتزقة السياسة للتمرد.
- الخطاب العنصري، وبث خطاب الكراهية، وإثارة الشحناء والبغضاء بين الناس؛ وذلك لأن هؤلاء السياسيين تسلقوا إلى قمة السلطة على حساب حرمات أهلهم، لذلك فإن خطابهم عنصري، جهوي مملوء بالكراهية، كل ذلك سهّل على العدو مخططات التمزيق.
ثالثاً: التمييز بين رعايا الدولة:
وهذا هو جوهر كل الاتفاقيات منذ أديس أبابا في العام 1972م، مرورا بنيفاشا 2005م، واتفاقية جوبا 2020؛ يسمونه تضليلاً "تمييزا إيجابيا" وهو في جوهره فكرة تدميرية توغر صدور البسطاء من الناس، وتجلب الدمار للبلاد.
إن القيادات المصنوعة للناس هم أس الداء ورأس البلاء، سواء أكانوا مدنيين أم عسكريين، وسواء أدار البلاد مجلس وزراء مدني أم مجلس عسكري، طالما أن عقولهم يحتلها العدو فإنهم لن يجلبوا خيراً، بل يسيرون في اتجاه يفاقم الأزمات، ويمزق البلاد، ويمكن العدو من نهب ثراواتها، بعد أن يغلّوا أيادي أهلها عن ثرواتهم وبلادهم!!
يا أهل الشرق: إن الحل يكمن في العقيدة التي في صدوركم، ففيها نظام كامل للحياة من لدن حكيم خبير، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، وإن تطبيقه لكائن في القريب العاجل في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فكونوا لها عاملين.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ حاتم جعفر (أبو أواب) – ولاية السودان