- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق حدود الله: الزواجر أقوى من نشر الجيوش!!
أعلنت الشرطة السودانية نشر 3 آلاف من عناصرها لتأمين العاصمة السودانية، وذلك ضمن حملة استباقية لمنع الجريمة. تأتي هذه الحملة التي أطلقتها عقب تزايد التفلتات الأمنية ومن قبلُ كونت قوة مشتركة.
فقد ذكرت صحيفة التغيير الصادرة يوم 2021/6/25م أن "عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، أصدر قبل أسبوع من الآن، قراراً أثار جدلاً واسعاً، بتشكيل قوة مشتركة تضم أفراداً من قواته إلى جانب الجيش، الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، بالإضافة إلى الشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات. وأوضح القرار أن هذه القوة تهدف إلى حسم الانفلات الأمني في العاصمة والولايات وفرض هيبة الدولة".
تأتي هذه الإجراءات بعد وقوع حوادث عنف وفوضى في الاحتجاجات التي شهدتها الخرطوم ضد قرار الحكومة الانتقالية بتحرير أسعار الوقود والتي بدأت منذ 2021/6/3م، وأثناء ذلك عقد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، اجتماعاً طارئاً مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، ضم عدداً من الوزراء، لمناقشة الأوضاع الأمنية والتداعيات الاقتصادية لقرار زيادة أسعار المحروقات، وفي الوقت الذي تواجه فيه قوات الشرطة بانتقادات حادة لغيابها وتقصيرها في مسؤوليتها عن حماية الناس خلال الأحداث التي عمت الخرطوم قال حاكم ولاية الخرطوم، أيمن نمر في بيان صحفي، "شهدت الولاية خلال الأيام الماضية حالات عنف متعددة من العصابات والمجموعات المتفلتة على المواطنين وممتلكاتهم والممتلكات العامة، مستغلين توجه الحكومة الانتقالية لحماية الحق في التعبير وعدم التعرض للمظاهرات السلمية عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة" (صحيفة الشرق الأوسط 2021/6/12م).
إن الجيوش لا تقضي على الجريمة، إنما الذي يقضي عليها ويمنعها هو وجود دافع عقدي وعقاب مادي رادع، وهذا ما نطقت به آيات رب العالمين، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. ولذلك عندما طبقت حدود الله في دولة الخلافة قلت الجريمة، وهذا ما نقله الجنرال الفرنسي كومنت دي أيام الخلافة العثمانية حيث قال: "لا يمكن مصادفة بعض الحوادث بين الأتراك كقطع الطريق، ويظهر الأتراك صدقاً نتيجة العقيدة الوجدانية من ناحية ونتيجة الخوف من العقاب من ناحية أخرى لدرجة أنهم يجعلون الإنسان يدهش لهذا الصدق رضي أم أبى".
وهذا ما لا يوجد إلا في الإسلام ودولته. أما في الغرب فنجد أن فكرة الحريات زادت معدل الجريمة عندهم حيث قال باحثون في الأمم المتحدة إن "نحو 464 ألف شخص في جميع أنحاء العالم وقعوا ضحايا لجرائم القتل في عام 2017م وحده"، أي ما يعادل أكثر من خمسة أضعاف عدد القتلى في الصراعات المسلحة خلال الفترة نفسها.
ويقول فيدوتوف "إن عمليات القتل التي يرتكبها شركاء حميمون نادراً ما تأتي عفوية أو بشكل عشوائي" مشيرا أيضا إلى أن "هذه الظاهرة غالباً ما يقل الإبلاغ عنها ويتم تجاهلها في كثير من الأحيان".
ومن دوافع ومسببات المشكلة، انتشار الأسلحة النارية والمخدرات والخمور والبطالة وعدم الاستقرار السياسي.
وعلى صعيد آخر كشف تقرير للشرطة الأوروبية "يوروبول" أن الجريمة المنظمة تمثل تهديداً لم يسبق له مثيل للاتحاد الأوروبي. وتناول التقرير تحليلاً مفصلاً للأخطار الداهمة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي وسط استشراء وباء كوفيد-19، حيث نشطت الحركات الإجرامية وبخاصة ما يتعلق منها بحوادث الاحتيال عبر الإنترنت. ووفقاً للتقرير فإن ما يقرب من 40٪ من الشبكات الإجرامية مرتبطة بالمخدرات ما يجعلها "أهم نشاط إجرامي في أوروبا". ويضاف إلى ذلك ظروف الوباء التي أوجدت أرضية مواتية وخصبة لـ"تسهيل عمليات الإجرام".
وفي هذا الصدد قالت كاثرين دي بول مديرة يوروبول إنه "سرعان ما قام المجرمون بتكييف عملياتهم غير القانونية وطريقة عملهم وأساليب خطابهم مع ظروف الوباء والإجراءات المصاحبة له" على حد تعبيرها. وأضافت دي بول أن هيئات يوروبول تمكنت من تعزيز موقعها لتحذير مواطني دول الاتحاد من عمليات الاحتيال التي تواجههم والتي تم رصدها، من خلال عمل استخباراتي منسق.
وتوضح الشرطة الأوروبية أنه "يوجد في أوروبا ما معدله مليون عملية سطو سنوياً"، من جانبها قالت إيلفا جوهانسون، المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية "إن التقرير يظهر بوضوح أن الجريمة المنظمة هي تهديد حقيقي لمجتمعاتنا". وتمكنت الشرطة في فرنسا وهولندا خلال عام 2020م من اختراق شبكة "إنكروتشات"، وهي شبكة مشفرة تستخدمها عصابات إجرامية عبر العالم لتنسيق نشاطاتها المشتركة، ما مكّنهما من الاطّلاع على ملايين الرسائل المتبادلة" مضيفة أن "الجماعات التي تقف وراء الجريمة المنظمة محترفة وقابلة للتكيف بدرجة عالية كما هو موضح أثناء جائحة كوفيد-19" محذرة من أنه "يجب أن ندعم سلطات إنفاذ القانون لمتابعة المسار الرقمي للمجرمين وتعقب جرائمهم".
كما قالت وكالة إنفاذ القانون الأوروبية إنها "تشعر بـ"القلق" إزاء العنف المتزايد باستمرار للمجرمين الذين يلجأون أيضاً إلى الفساد من خلال نشاطات تشمل الهياكل المعقدة لغسل مبالغ ضخمة من الأموال". وأشارت جوهانسون إلى أنه "في عام واحد، حصل المجرمون على ما يقرب من 140 مليار يورو داخل دول الاتحاد الأوروبي" موضحة أن الرقم المشار إليه "يمثل 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي، وهو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول الأعضاء".
وتشمل الجريمة المنظمة والخطيرة مجموعة متنوعة من الظواهر الإجرامية التي تتراوح من تجارة المخدرات غير المشروعة إلى جرائم مثل تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والجرائم الاقتصادية والمالية وغيرها.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت "يوروبول" أن جائحة كوفيد-19 ساهمت في زيادة الجرائم الإلكترونية في أنحاء أوروبا وخصوصاً لجهة المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت. وأوضحت أن "المجرمين استغلوا الجائحة سريعاً لاستهداف الأشخاص الأكثر عرضة" في مناخ دفع فيه الحجر المستخدمين للجوء إلى الإنترنت "على مستوى لم يسبق له مثيل".
بناء على هذه التقارير ندرك أن الجيوش وقوتها وكثرة الشُرَط في تلك الدول الكبرى لم تستطع أن توقف الجرائم أو تقلل من تطورها وانتشارها، وإنما الذي يمنع وقوعها أو يقلل منها هو السلطان الداخلي الناتج من الدافع العقدي (التقوى)، والعامل الثاني هو سلطان الدولة وقوانينها الرادعة المنبثقة عن أساس صحيح (حدود الله). وهذا ما لا يوجد إلا في مبدأ الإسلام الذي به يصلح حال العالم. ولذلك نجد قلة الجرائم وانعدامها أحياناً في ظل دولة الإسلام منذ أن أسسها النبي ﷺ إلى أن هدمها الكافر المستعمر وذلك بشهادة الأعداء.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم مشرف
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان