- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الاحتجاجات في الجزائر
انطلقت من تونس وامتدت لتشمل ليبيا ومصر وسوريا واليمن، ثورة ضد الظلم والاستبداد، ثورة فاجأت القوى الاستعمارية المهيمنة على بلاد المسلمين، لكن تلك القوى سرعان ما تمكنت من استيعاب ما حصل في تلك الدول واستطاعت أن توظف ذلك الحراك لفائدتها وخدمة أجنداتها بالاستعانة بوكلائها في البلاد الإسلامية، ولكي تتقي حدوث ثورات أخرى تؤدي إلى حدوث تغيير جذري عمدت إلى تخويف الأمة الإسلامية بأن مصيرها الوحيد هو الدمار والرعب. وهذا ما آلت إليه الثورة في دول الربيع العربي.
وهذه الأيام تشهد الجزائر تحركات واحتجاجات من نوع خاص، فرغم تجارب الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والسودان ورغم الإخفاق والفشل والقتل والترويع والترهيب، ورغم التشريد والتجويع، ورغم الإعدام والاعتقال والاعتداء على الأعراض والحرمات، ورغم الديكتاتوريات التي عادت تبطش أكثر من قبل، ورغم الاقتصاد المنهار والجريمة المتفشية والقضاء الفاسد وخراب الصحة والتعليم ومصالح الناس التي ضاعت وحقوقهم التي أهدرت، ورغم الحرق والموت غرقا، ورغم الإحباط؛ إلا أن الأمة لا تهاب كل هذا البطش وما زالت تتمرد على حكامها وأنظمتهم الفاسدة، رغم خروج الكثير من المطبلين للأنظمة العلمانية الفاسدة ينشرون بين الناس الضعف والهوان، ويلومونهم على الخروج الحكام والحال المأسوية.
إن ثورة الجزائر أعادت الأمل لهذه الأمة وأربكت الغرب وأسقطت كل مؤامراته رغم كل ما شهده أهلنا في الجزائر من قهر واضطهاد في التسعينات.كذلك كانوا شاهدين على ما حصل لجيرانهم (ليبيا، تونس، تونس، مصر) وتآمر أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والأمم المتحدة ودول الخليج وتركيا وإيران ولكنها لم تقنط وأبت أن يكون مصيرها كمصير قبلها.
الواقع السياسي في الجزائر وارتباطها بتونس:
إن الأحداث الحالية تمثل فرصة مهمة لأمريكا لعلها تجد موطئ قدم لها في الجزائر أو تشارك بنصيب مهم في الهيمنة، والمعلوم أن الجزائر يهيمن عليها الإنجليز بمشاركة فرنسا. ولكي تضع أمريكا قدما كان لا بد لها من منصة ثابتة تنطلق منها، تتجسس وتجمع المعلومات ينطلق منها جنودها أو طلائعها ونذكر منها:
- فرضت على تونس المشاركة في مراقبة الحدود الدولية، ثم إدراج تونس كعضو غير حليف في الناتو ليسهل لأمريكا فتح مكاتب تحت غطاء حلف الناتو.
- أقر الباجي القايد السبسي بأن طائرات أمريكية دون طيار أقلعت من مطار بنزرت العسكري لتقوم بعمليات تجسس.
- الجنود المارينز شاركوا القوات التونسية في عمليات عسكرية على الحدود الجزائرية التونسية في شباط/فبراير 2017 وقع التعتيم عليها.
هكذا يتبين أن موطئ القدم الأمريكي في تونس المقصود به مراقبة الجزائر عن كثب وأن التدريبات بمشاركة جنود من تونس على أرض تونس تبقي ذريعة التدخل جاهزة؛ الحرب على (الإرهاب).
واقع الاحتجاجات:
إن الاحتجاجات الحاصلة هي نتيجة طبيعية بسبب تفاقم الظلم وفساد السلطة والنظام والقائمين عليه ونهبهم للأموال العامة وترك الناس يعانون الفقر، فقد ساءت أوضاعهم المعيشية وتفاقمت مشاكلهم في مختلف المجالات واستبد بوتفليقة في حكمه حتى قام وغير الدستور سنة 2008 وأزال شرط تحديد ولايتين للرئيس مما مكنه أن يتولى السلطة أربع مرات على التوالي ويبحث عن ولاية خامسة رغم تدهور حالته الصحية بعدما أصيب بجلطة دماغية عام 2013.
رغم ذلك أعلن في أوال شهر آذار/مارس الماضي تقديم أوراق ترشحه رسميا... فانفجر الناس غاضبين وتصاعدت الاحتجاجات من مختلف القطاعات وبشكل سلمي. وللالتفاف على مطالب الشعب أعلن بوتفليقة التالي:
- لا محل لعهدة خامسة.
- إجراء انتخابات مبكرة.
- إجراء تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة في أقرب الآجال.
- تشكيل "ندوة وطنية" تقر بالعديد من الإصلاحات.
لكن الناس أوعى من أن ينخدعوا بهذه القرارات وقد اتضح هذا الوعي خاصة في الشعارات التي رفعوها مطالبين بإقامة دولة الإسلام.
موقف الجيش:
من المعروف أن الجيش هو الذي يحكم سيطرته على البلد، وقد استطاع بوتفليقة أن يبعد القادة السابقين الموالين لفرنسا ويجلب له موالين، ولهذا يظهر أن قادة الجيش والأمن أصبحوا موالين لخط بوتفليقة الإنجليزي.
الصراع الدولي على الجزائر وموقف الدول الاستعمارية من هذه الاحتجاجات:
أمريكا: يظهر موقف أمريكا أنه ليس مع بوتفليقة وأنها تعمل على استغلال الاحتجاجات لتتسلل من خلالها لبسط نفوذها في الجزائر.
فرنسا: تتدخل بطريقة ميسورة لا تستفز السلطة ولا تريد أن تظهر كأنها مع الجانب الأمريكي ضد بوتفليقة فهي كجزء من أوروبا عند الضرورة إن لم تستطع أن تحل محل بريطانيا فهي تفضل استمرار النفوذ البريطاني على النفوذ الأمريكي في الجزائر.
بريطانيا: تجاهل بريطانيا لما يحدث في الجزائر، فلم يصدر عنها أي تصريح رسمي.
إن نجاح الثورة لا يكون بتغيير بوتفليقة أو غيره فهو كغيره من حكام البلاد الإسلامية مجرد دمية متحركة، فالغرب قادر على صنع دمى أخرى. فالثوار في الجزائر مطالبون بالصمود والثبات أمام كل المؤمرات التي تحاك لهم.
إن الحقيقة الخالدة والثابتة هي أن الإسلام هو المبدأ القادم بإذن الله، والأنظمة الفاسدة ستنهار وتتفكك، وما الصعوبات والتمحيص الذي تعيشه الأمة الإسلامية إلا دليل على قرب بزوغ فجر النصر والتمكين بإذن الله.
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينب بن رحومة