الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

التعاون العسكري مع الغرب تراجيديا بفكرتها وأدواتها ولا تخدم إلا الاستعمار

 

أكد الفريق أول ركن دكتور كمال عبد المعروف الماحي رئيس الأركان المشتركة على أهمية واستراتيجية العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحرص السودان على تطبيعها وتطويرها في الاتجاه الذي يخدم المصالح المشتركة بين البلدين في إطار القيم الإنسانية والتعاون البناء والاحترام المتبادل وبالقدر الذي يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، مشيرا إلى تطلعات السودان أن يفضي الحوار بين البلدين إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. جاء ذلك لدى استقباله بمكتبه المقدم شين كوركوران الملحق العسكري الأمريكي الجديد الخرطوم. 25/3/2019م (سونا).

 

تعتني الأمم العظيمة، خصوصاً الأمم المبدئية منها، بقوتها العسكرية اهتماما فائقا إلى جانب اهتمامها بمبدئها، لأن الجيوش تعمل على حماية وانتشار وهيمنة المبدأ المتبنى وتعمل على توظيف قوة الدولة العسكرية لتحقيق ذلك عبر عقيدة عسكرية، منبثقة عن عقيدة الأمة، فكانت العقيدة العسكرية الإسلامية المبنية على لا إله إلا الله محمد رسول الله، تفسر سر الفتوح الإسلامية العظيمة من الصين شرقاً، إلى فرنسا غرباً، ومن سيبيريا شمالاً، إلى المحيط جنوباً، ذلك لأن شعار المسلمين يومئذ كان ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ [التوبة: 52]؛ النصر أو الشهادة.

 

هكذا كانت جيوش المسلمين في الماضي، فسادوا وقادوا الدنيا، ولكن في أيامنا هذه تغير حال جيوش المسلمين بالتعاون والتنسيق مع الغرب الكافر، فأصبحوا وأمسوا يصافحون عدو الأمة الذي يفتك بها ليل نهار وكأن أمر الأمة لا يعنيهم، يشاهدون تلك الانتهاكات للمقدسات والأعراض على شاشات التلفزيون، كأنهم يشاهدون فلما وثائقيا أو فلم إثارة! وهم يحتفون ويصافحون الأيدي الآثمة التي تنتهك الحرمات، ولا تحرك تلك المشاهد شعرة واحدة فيهم، فماذا حدث؟! منذ هجمات أيلول/سبتمبر 2001 في أمريكا وبروز ما يسمى مكافحة (الإرهاب)، باعتبارها عنصراً مركزياً محدّداً في العلاقات مع الشركاء الأمنيين الغربيين، ومقدّمي التكنولوجيا والمساعدة العسكرية التي ما زادت جيوش المسلمين إلا خبالاً.

 

ولا تخفي أمريكا أن تكامل عناصر القوة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ضروري لتحقيق مصالحها، بما في ذلك النظام والسلم الدوليين ومكافحة ما يسمى (بالإرهاب)، وهي تستخدم جيوش المسلمين من خلال قيادتها السياسية والعسكرية، كقوات ضاربة ومرتزقة لتنفيذ مشاريعها الاستعمارية وخصوصا في البلاد الإسلامية، وقد حدث ذلك في حربي الخليج الأولى والثانية، وحرب اليمن، واستخدام فزاعة الغرب (إيران) لتهديد دول الخليج، وتم تغيير عقيدة الجيوش في بلاد المسلمين لتتسق مع الأدوار التي رسمتها أمريكا لحفظ مصالحها، وتجلى ذلك في صورة تكتيكات قتالية جديدة وأشكال تنظيمية مطبوخة بيد أمريكا نفسها، تسيطر عليها الطريقة الحديثة الغربية البراغماتية في التفكير، وهي أحط طرق التفكير البشري، حيث قتلت قدرة عقل الجندى المسلم على الحكم على الواقع واتخاذ المواقف الصحيحة والحازمة فرأينا المسلم يقتل المسلم بسلاح الغرب، بعد إحلال النعرات الوطنية والقومية عقيدة عسكرية لجيوش المسلمين، مما جعل حكام المسلمين وجيوشهم لا يحركون ساكنا للذود عن حرمات المسلمين ومقدساتهم، في فلسطين والشام وكشمير وبورما وغيرها.

 

يذكرنا هذا التخبط العسكري لجيوش المسلمين بمقولة (فاسكو دا غاما) بعد اكتشاف طريق بحري للهند عبر رأس الرجاء الصالح، قال قولته المشهورة: (الآن طوقنا المسلمين ولم يبق إلا أن نشد الخيط)، تنطق كلماته بهذا الحقد الدفين ولا غرابة، لأن المسلم المستنير لا يستغرب هذا الموقف منهم لأن ربه أخبره في القرآن الكريم بحالهم، قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾. حتى فكرة المنفعة والمصلحة التي هي مقياس الغرب، لم تعد كافيةً لتفسير هذا التكالب على المسلمين، لدرجة التلذذ بتعذيبهم وقتلهم بكل أنواع الأسلحة التي سموها محرمة وهم لا يستخدمونها إلا في بلاد المسلمين، وما نشهده يومياً من مجازر ترتكب في حق المسلمين بأيديهم وبأيدي عملائهم فاق كل التصورات سببه الارتهان للغرب الكافر.

 

إن الإسلام بأحكامه جعل بحوافزه المادية والمعنوية الجندي المسلم، مطيعاً لا يعصي الله، صابراً لا يتخاذل، شجاعاً لا يجبن، مقداماً لا يتردد، مُقبلاً لا يفر، ثابتاً لا يتزعزع، مجاهداً لا يتخلف، مؤمناً بمثل عُليا، مضحياً من أجلها بالمال والروح، يخوض حرباً عادلة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولتكون كلمة الله هي العليا، مدافعاً عن الأرض والعِرض، وانتشار الدعوة وصيانتها، وعن المسلمين في دار الإسلام لا يخاف الموت ولا يخشى الفقر، ولا يهاب قوة في الأرض، يسالم ولا يستسلم، ولا تضعف عزيمته الأراجيف والإشاعات، ولا يستكين للاستعمار الفكري، ويقاوم الغزو الحضاري الذي يناقض دينه، ولا يقنط أبداً ولا ييأس من رحمة الله، يقظ أشد اليقظة، حذر أعظم ما يكون الحذر، يتأهب لعدوِّه ويُعِدّ العدة للقائه، ولا يستهين به، في السلم والحرب، كل هذه التوجيهات العسكرية فقدتها جيوش المسلمين، بعد تبني العقائد المفخخة التي حملها الغرب لهم عبر التعاون العسكري وتقديم المساعدات العسكرية.

 

وليعلم جنرالات التعاون الأمني أن الأمة تراقب عن كثب من يستعيد الأرض المقدسة والحقوق المغتصبة، ويدافعون عن العقيدة والأرض والعِرض، عبر الجهاد الحقيقي بعقيدة عسكرية إسلامية؛ وهي العقيدة الوحيدة التي تأمر بالجهاد، وتنهى عن تركه، وتعلم أسسه ومبادئه، وتخرج المجاهدين الصادقين، تترجم على الواقع العسكري الجهاد بالمال، الجهاد بالنفس، عقاب المتخلف، الطاعة، الصبر، الشجاعة، الشهادة، والشهيد، الثبات، الحرب العادلة، العهود والمواثيق، الأسرى، الغنائم والفيء والجزية، مصاولة الحرب النفسية، الحذر واليقظة، الإعداد الحربي، وغيرها من الدراسات الحيوية المهمة التي فقدتها جيوش المسلمين. وهذا الجهاد غير وارد في العقيدتين العسكريتين الشرقية والغربية، بل تقف هاتان العقيدتان المستوردتان منه موقف الرفض، والعداء، والعود الأحمد إلى هذه العقيدة، هو طريق النصر والعزة والمجد وإلاّ فكيف ننتصر بدونها!!

 

إن مثل هذه اللقاءات توضح لكل ذي عقل أننا ما زلنا مستعمَرين للغرب، وأن طموحات الغرب الاستعمارية في البلاد الإسلامية يحققها تحت دعوى (الإرهاب) ومكافحته، وتحت ذريعة السلم والأمن العالميين، ينصب الغرب الرأسمالي نفسه وصيّاً على المسلمين، فيجعل من نفسه مصدر الأمن وهو على العكس مصدر الرعب والخراب والدمار، ببعثاته العسكرية، وأحلافه الصليبية في حربه ضد الأمة، فيجتمع الكفار على محاربة المسلمين بعون من أبناء المسلمين، الذين تماهوا مع الكفار واندمجوا معهم متناسيين إسلامهم وشعوبهم لا يتذكرون إلا ما يرضي الغرب، فسموا ذلك الاستعمار (المصالح المشتركة في إطار القيم الإنسانية والتعاون البناء والاحترام المتبادل وبالقدر الذي يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين)! فأي تعاون وأي احترام وأي أمن وسلم يعنون في واقع أمة تحول أطفالها ونساؤها إلى أشلاء متفحمة في الباغوز واليمن، وكل حروبهم المصطنعة في بلاد المسلمين؟!! لا بارك الله تعاونكم العسكري، ولا أدامه.

 

كل ذلك مرده إلى غياب سلطان الإسلام الذي جعل الغرب وأعوانه يتباكون على القيم الإنسانية والتعاون البناء والاحترام المتبادل! وهم يعلمون أن التسامح في تاريخ الغرب لا مكان له، والإنسانية التي يدعونها، تكذبها عنصريتهم على طول الزمن، أما اليوم فحادثة مسجدي نيوزيلندا التي تنم عن أن القاتل ليس فرداً، إنما هو حضارة الغرب التي تنمي الشعور بالعنصرية وتصف الإسلام ونبيه e بأبشع الصفات، تحت ذريعة حرية الرأي.

 

وأخيرا نوجه نداءً للضباط المخلصين في جيوش المسلمين، أن يحذروا من أن يكونوا سهماً في كنانة المخبول ترامب أو كتيبة في جيش (بلاك ووتر وريموند ديفيس) لملاحقة إخوان العقيدة والإسلام، واعلموا أن ذلك هو ما يراد لكم، فالانزلاق نحو الهاوية يبدأ بزلّة بسيطة، فتداركوا أمركم، وخذوا على أيدي قادتكم وحاسبوهم، ولتسلموا القيادة لمن يستحقها من المخلصين، وأعطوا النصرة لحزب التحرير من أجل إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لتكونوا خير جند في القرن الواحد والعشرين، أنصار الله، ولنعم فوزكم يومئذ.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة/ غادة عبد الجبار (أم أواب) – الخرطوم

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع