راية العُقاب عَلمٌ على إسلامية الثورة في بلاد الشام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لأن راية العُقاب عَلمٌ على إسلامية الثورة في بلاد الشام، تلك الثورة التي ظلت عصيةً على الكسر والتدجين من قبل الغرب الكافر وأدواته في بلادنا، كان من الطبيعي أن تتعرض تلك الراية ومن يحملها من أفراد الأمة عامةً وشباب حزب التحرير خاصةً لهجوم شديد من قبل الكثيرين من دعاة العلمانية والدولة المدنية الذين ارتضوا أن يكونوا أدواتٍ في يد الغرب وأعداء الثورة في بلاد الشام الأبية. لقد حاول دعاة العلمانية طمس الصورة الإسلامية للثورة مما دفعهم لإطلاق حملة أسموها "ارفع علم ثورتك"، مما أدى إلى تأزم الوضع وتوتر الأجواء على الأرض في الداخل السوري خصوصًا في حلب، ومما يؤسف له أن يتأثر بعض أبناء المسلمين بتلك الدعاية الخبيثة فيرددوا ما يقوله هؤلاء دون وعي وإدراك، ليعلوا من شأن ما يسميه هؤلاء بعلم الاستقلال، وما هو سوى علم صدر بقرارات الكافر المستعمر إمعانًا في تجزئة وتقطيع أوصال الأمة الإسلامية الواحدة.
لقد أسقط في أيدي الغرب وأذنابه في بلادنا عندما رأوا راية العقاب ترفرف خفاقةً في سماء الثورة في بلاد الشام، حتى توارى بجانبها ما أسموه زورًا وبهتانًا بعلم الثورة، وما هذه الهجمة الشرسة على راية العقاب والاستبسال في محاولة نفخ الروح في علم الاستعمار ليجعلوا منه رمزًا للثورة، إلا محاولة لعلمنة الثورة لتمهيد الطريق لدخول الائتلاف الذي تحاول أمريكا أن تقدمه كبديل لنظام بشار الذي بدأ يترنح ليسقط عما قريب بإذن الله، وإن الهجمة الشرسة على شباب الحزب واعتقال شابين من قبل ما يسمى بدار القضاء الشرعي والتحقيق معهما، ما هي إلا محاولة ساقطة لتجريم رفع راية العقاب في ربوع الشام ليكون البديل عنها علماً يذكرنا بأننا صرنا مزقًا، وأننا يجب أن نقدس تلك الحدود التي صنعها الاستعمار وألا نرفع راية التوحيد التي ستكون بإذن الله راية دولة الإسلام الواحدة التي ستجمع المسلمين وتقضي على تشرذمهم.
وكانت هيئة الشام الإسلامية قد أصدرت ما اعتبرته فتوى شرعيةً بهذا الخصوص، ترد فيه على من يرى عدم جواز رفع علم الاستقلال، فقالت أن "المعنى الشرعي لكلمة الراية التي يقاتل تحتها المسلم، هي النية والغاية التي يقاتل لأجلها". وأضافت "لم يرد عن رسول الله أنه حمل راية كُتب عليها أي عبارة كما يعتقد البعض، وأن علم الثورة الذي توافق عليه السوريون وصار رمزًا لثورتهم ليس فيه ما يخالف الشرع، ولا يحق لأي فصيل أن يفرض رايته على فصيل آخر"، فهل يمكن أن يعتبر مثل هذا الكلام المرسل فتوى شرعية؟!، فهي مجرد عبارات جوفاء لا معنى لها، فلا دليل عليها من كتاب ولا من سنة، بل إن الأدلة الشرعية تنسفها من جذورها وتذرها قاعًا صفصفًا، وهاكم البيان:
أولًا: هذه مجموعة من الأحاديث تثبت أنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم راية سوداء ولواء أبيض:
1- أخرج النسائي في سننه الكبرى، والترمذي عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ». وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: «كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضَ».
2- أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي في سننه الكبرى عن يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم مَا هي؟ فَقَالَ: «كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ».
3- أخرج الترمذي وابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ، وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ». وأخرج البغوي في شرح السنة، عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: «كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضَ، وَكَانَتْ رَايَتُهُ سَوْدَاءَ...».
ثانيًا: كان الخلفاء الراشدون يستعملون راية العقاب واللواء، والدليل على ذلك ما يلي:
1- أخرج النسائي في سننه الكبرى، والترمذي عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ». وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: «كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضَ».
2- أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي في سننه الكبرى عن يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا هي؟ فَقَالَ: «كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ».
3- أخرج الترمذي وابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ، وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ».
4- أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ تُسَمَّى الْعُقَابَ».
ويكفي هذا دليلًا بأن يكون الخلفاء الراشدون قد اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بالراية واللواء، فهم كانوا لا يتركون أمرًا أعلنه الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم إلا ويفعلونه.
ثالثًا: بالنسبة لتعدد ألوان الرايات:
القول بأنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم رايات بألوان أخرى كالأصفر والأحمر أو أن بعض القبائل كانت تتخذ رايةً بلون خاص بها في الحروب للتمايز فهذا جائز فيمكن أن يتخذ جيش الشام في الحرب رايةً بلون آخر مع الراية السوداء، وجيش مصر راية بلون آخر مع الراية السوداء... وهذا من المباحات وقد ورد عند الطبراني في الكبير عن مَزِيدَةَ الْعَبْدِيَّ، يَقُولُ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَدَ رَايَاتِ الْأَنْصَارِ فَجَعَلَهُنَّ صُفَرًا»، وكذلك ورد عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني عَنْ كُرْزِ بْنِ سَامَةَ قَالَ: «...وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَدَ رَايَةَ بَنِي سُلَيْمٍ حَمْرَاءَ»، فهذا من المباحات، والجيوش اليوم تتخذ كتائبها شارات تميزها غير علم الدولة الرسمي، ولكن هذا القصد ليس موجودًا فيما يسمونه علم الثورة فليس هو لتمييز الفصائل والألوية في بلاد الشام، بل إنه من الرايات العُمّيّة العصبية والانضواء والقتال تحتها حرام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قاتل تحت راية عُمِّيَّةٍ يغضب لعصبة أو يدعو إلى عُصبةٍ، أو ينصر عصبة فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِليّة»، بل الواجب هو رفع راية ولواء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رابعًا: أما الكتابة عليها، فقد أخرج الطبراني في الأوسط قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: ثنا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: ثنا أَبُو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ».
وأخيرًا نقول إن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مكتوبًا فيها بالأبيض (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بدلها المسلمون اليوم للأسف بكثير من الرايات التي ما أنزل بها من سلطان ولا معنًى لها غير معنى التفرقة، والشرذمة تحت شعار الوطنيات، والقوميات، والمذهبيات وغيرها...، والتي هي من الأمور المحرمة في الإسلام، فبعد أن هدم المستعمر دولة الإسلام فرق بلاد المسلمين وأقام فيها كيانات عديدة، جعل لكل كيان ولكل شعب رايةً يفتخر بها، ويعتز بها، منذ ذلك الحين لم تر الأمة طعمًا للعزة والكرامة في ظل هذه الرايات، لكن عندما كان المسلمون يحملون راية رسول الله صلى الله عليه وسلم راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وصلوا الصين شرقًا ووصلوا حدود فرنسا غربًا. وقد صدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله". وأخيرًا نقول: نعم لراية رسول الله.. لا لأعلام الاستعمار... وعما قريب ستعود العزة للأمة الإسلامية في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة التي سترفرف عليها راية العقاب خفاقةً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد - رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر