ثورة الأمة بين الأمل ومطرقة الغرب وعملائه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا جرى ويجري، وما هي مآلات اﻷحداث، وما هو واجب الأمة؟
سؤال كبير وعام، وللإجابة عليه لا بد من ترتيب الأحداث بشكل موضوعي:
أولًا: لا بد أن ندرك أن ما يجري منذ بداية العام 2011م كان بداية للتأريخ السياسي والفكري في العالم عمومًا، والعالم العربي والإسلامي خصوصًا، وذلك لأن الصراع قد انتقل نقلةً نوعيةً إلى الأمام بمقدار لم يخطر على بال الغرب ولا على بال عملائه، وذلك عندما ثار الناس على ظلم الأنظمة العميلة للغرب، فعمد الغرب إلى استخدام جميع أسلحته، وأنزل لساحة المعركة جميع جنوده، وأخرج من جحوره جميع كهنته وسحرته، وعندما اشتد وطيس معركة الأمة مع الغرب الكافر وعملائه، ومالت كفة الأمة بالنصر، فما كان من الغرب إلا أن استخدم سلاحه السري الخطير، ألا وهو (اﻹسلام السياسي) فأوصل من أوصل إلى الحكم بطريقة مريبة ليشوه فكرة الحكم في أذهان المسلمين.
ولذلك كان كل ما جرى، وما سيجري بعد هذه الأحداث لا يعدو كونه فعلاً وردات فعل لجميع الأطراف الفاعلة في هذا الصراع الدموي. وعليه فإن الغرب وعبر عملائه سيمعن في التقتيل والتشريد والمبالغة في التضييق على المسلمين من خلال محاولة إخضاعهم لأنظمة الكفر وإرجاعهم لما قبل المربع الأول، عبيدًا يستعبدهم صغار الناس وفساقهم. «... وينطق فيهم الرويبضة»
ثانيًا: ولذلك كان حقيقة ما يجري يتمثل بالصراع السياسي والعسكري الذي يقوده الغرب الكافر للسيطرة على بلاد المسلمين ومحاولة إخضاعهم ونهب خيراتهم، وكذلك للحيلولة دون عودتهم كأمة واحدة يحكمون بنظام الخلافة اﻹسلامية الراشدة على منهاج النبوة، وكان من أهم أدوات الغرب في هذا الصراع الدموي، عملاؤهم من حكام العرب والمسلمين الذين أقروا ومكنوا لنفوذ الكافر، وأقروا قوانينه ودساتيره الغربية لتجذير أفكاره وقيمه، وبالتالي يسهل عليهم قيادة الأمة لما فيه مصلحة الأسياد.
وأما مآلات ما يجري: فهو ما جرى ويجري وسيستمر بإذن الله تعالى، وما سطرته الأمة من بطولات تصل لدرجة الابتعاث - نحن قوم ابتعثنا الله...، وسيسجلها التاريخ.
إن ما قامت به الأمة في تونس وليبيا واليمن ومصر وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين من ثورات ضد الظلم والطغيان والفساد، كان عملًا يتجاوز مكر الغرب وعملائه، إلى إرادة الأمة وحيويتها.
نعم، إن الأمة لم تتحرك على أساس اﻹسلام، فلم يكن اﻹسلام هو المحرك والدافع لحركتها وثورتها، ولكن اﻹسلام لم يغب عن اﻷذهان، وخاصةً في ثورة الأمة في الشام، فقد أصبح للإسلام الصولة والجولة، مما أدى لقيام تنظيمات مسلحة تدعي قيام خلافة مزعومة.
نعم، إن الغرب وعملاءه يمتلكون أدوات القتل والتخريب والتدمير، ولكنهم لم ولن يستطيعوا أن يزيلوا أو يزيفوا الوعي الفكري والسياسي الذي اختلط بكل قطرة دم أراقها الغرب وعملاؤه. إن ما وقر في عقل وقلب ولحم وعصب ووتر ودم كل مسلم ومسلمة ليجذر لعقيدة المسلمين في النفوس، كما يجذر ويؤكد قول الله تعالى واصفًا حال الكفار وأذنابهم، بقوله تعالى: ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 8]
نعم، لقد فقد الغرب صوابه واتزانه بإدخال الإسلام السياسي في لعبته القذرة، وها هو يحاول اليوم أن يستعمل الطائفية المجرمة لتأخير المحتوم.
وأما نصيحتنا للأمة وكيف تتصرف في هذه المرحلة: فإن تصرف الأمة يجب أن يكون بما أوجبه الله تعالى عليها، وذلك بالعمل الجاد وبالالتفاف والتفاعل واحتضان العاملين ﻻستئناف الحياة اﻹسلامية.
نعم إن حزب التحرير يقدّم نفسه قائدًا للأمة، فقد عمل الحزب لتحويل الرأي العام في العالم العربي الذي كان يسير باتجاه القومية العربية والقومية التركية وغيرها من القوميات التعيسة، إلى الولاء للإسلام وعقيدته.
وعمل على ضرب الأفكار السائدة في المجتمع من رأسمالية أو اشتراكية إلى أفكار اﻹسلإم وعقيدته.
وعمل على كشف خطط الكافر المستعمر وعملائه، فبين للناس وجوب إقامتهم لنظام الحكم على أساس اﻹسلام وعقيدته.
ولذلك كان من الواجب على الأمة جماعات وأفراداً العمل الجاد لتوحيد الصفوف على أساس هدف واحد، وفكرة واحدة، العمل ﻹعادة سلطان المسلمين المغصوب ممن اغتصبه وإعادة الحق لأهله، بإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إبراهيم حجات