الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  عاصفة الحزم والشرعية  

بسم الله الرحمن الرحيم


قامت يوم الخميس الموافق ل 2015/3/26 عشر دول عربية بقيادة السعودية بحملة عسكرية على اليمن تحت اسم عاصفة الحزم، ودفعت هذه الدول بطائراتها وسفنها لتدك المدن اليمنية لا تراعي حرمة دماء المسلمين، بدعوى الحفاظ على الشرعية اليمنية والأمن القومي العربي. فما هي الشرعية؟ وما هو الأمن القومي العربي؟


الشرعية عند المسلمين هي عقد مرضاة واختيار بين الأمة الإسلامية وحاكمها (الخليفة أو الإمام) الذي يختاره المسلمون من بينهم، رجلا مسلما بالغا عاقلا عدلا حرا كفؤا، ليحكمهم بالإسلام فيرعى شئونهم وينظم حياتهم بالشريعة الإسلامية، ويلتزموا هم بطاعته ما أطاع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم؛ بالتزامه حصريا بتطبيق الشريعة الإسلامية عليهم وعلى من يعيش بينهم من غير المسلمين، برعايته لهم الرعاية الحقيقية بإشباع الحاجات الأساسية لكل منهم، وتحقيق العدل والإنصاف بينهم، ويحمي ديار الإسلام، فيعد الجيوش القادرة والمعدة لذلك، وينشر الإسلام في المعمورة ما استطاع لذلك سبيلا باتخاذ كل الوسائل والسبل والطرق الشرعية التي تؤدي لنشر الإسلام.


فهل يملك أحد من حكام تحالف عاصفة الحزم هذه الشرعية؟! والمفترض أنهم مسلمون ويزعم بعضهم أنهم يطبقون الإسلام وهم في حقيقة الأمر يحاربون الإسلام، لأنه لا يقرهم على ما هم عليه.


وشرعية أسيادهم حكام دول الغرب الكافر تقوم على الاختيار والرضا من شعوبهم دون تزييف انتخابات أو إكراه من مخابرات، ويحكمونهم بشرائعهم وبما يعتقدون بصحته من أفكار ونظم، حتى هذه الشرعية لا يملكها حكام بلاد المسلمين حيث الانتخابات النزيهة تطيح بهم، والحكم بالإسلام يقصيهم عن كرسي الحكم.


فقد قفز آباء هؤلاء الحكام على سدة الحكم في بلاد المسلمين مكافأة لهم من الكفار على خذلانهم للمسلمين وانحيازهم لمعسكر الكفار، وقد أعانوه على إسقاط وإلغاء دولة الخلافة في لحظة ضعف وغفلة من المسلمين، فورث أبناؤهم حكما صنع على عين الكفار فباتوا حربا على الإسلام والمسلمين، فلا تسل سيوفهم إلا على المسلمين، ولا تشك حرابهم إلا أجساد المسلمين. ومن الشواهد على ذلك ما جرى ويجري اليوم في فلسطين وسائر بلاد المسلمين. فكان تمكين اليهود من فلسطين ثمنا لتلك العروش سواء أكانت ممالك أم إمارات أم جمهوريات ثورية عربية اشتراكية، لقد خرجت هذه الدول هي ودولة اليهود من رحمٍ فاجرٍ واحد، فلا تجد دولة عربية واحدة ترى أن كيان يهود كيان غير شرعي يجب إزالته وخلعه من فلسطين، وأنه لا بد من محاسبة اليهود على جرائمهم التي طالت البشر والشجر والحجر، بل ومحاسبة من جاء بهم إلى فلسطين، وكلما اشتدت جرائم اليهود وحشية بأهل فلسطين وتصاعدت وتيرتها، قابلها حكام العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية بالتنازل تلو التنازل، فقد تنازلت المنظمة ليهود عن فلسطين المحتلة عام 48 وطالبت بفلسطين المحتلة عام 67 ثم تنازلت لتطالب بأغلب أراضي 67 وبدأت بالتنازل عن حق العوده تلميحا ثم تصريحا، وكانت مبادرة (السعودية) أشد رد على جرائم اليهود!! وهي إقرار بكيان يهود وتضييع لفلسطين، إن جرائم اليهود في أهل غزة يندى لها الجبين وتكاد لا توصف، هدم البيوت على رؤس قاطنيها، قتل النساء والأطفال والشيوخ، قتل المدنيين واستهداف المدارس، مراكز إيواء مَن هُدم بيته أو من أخرج منه ولا يتعذر أحد، حكام بلاد المسلمين قبل حكام دول الغرب يتفهمون القتل تحت ذريعة حق الدفاع عن النفس، فيجيزوا لليهود ما لا يجيزونه لأهل غزه، حق الدفاع عن النفس والحق الطبيعي في الحياة، وحتى رفع الحصار عن أهل غزه لا يعمل له مجلس الأمن ولا رأس الكفر أمريكا، بل تراهم يقرونه وتتبعهم الدول العربية. وما يجري في سوريا يحير العقول، القتلى بمئات الآلاف، وبراميل الموت تُلقى صباحا مساءً على رؤوس الناس، أين الرحمة عند حلفاء عاصفة الحزم وهم أنفسهم حلفاء أوباما على الإرهاب، طائراتهم تقصف المسلمين بحجة الإرهاب وطائرات بشار الأسد لا تبقي ولا تذر، إما أن يبقى الناس عبيدا في إقطاعيته، وإلا سوف تدمر الدنيا فوق رؤوسهم. أمريكا أوجدت الفتنة الطائفية في العراق وقننتها بدستور شؤم حتى عمت بلاد المسلمين، ثم يعود أوباما ومعه تحالف شؤم ليقتل المسلمين وينفخ في فتنةٍ الشيطان لا يتخيلها، ليشغل المسلمين بأنفسهم ويهدر دماءهم وأموالهم، إن عاصفة الحزم هي تحالف أوباما ويتخذ القائمين بها وكلاء عنه ليحققوا أهدافه بدون عناء ولا دماء منه ولا مال، كأن بلاد المسلمين أصبحت إقطاعيات لمن يعمل عند الغرب الكافر فلا يترك كرسي الحكم إلا إلى القبر. من يصدق أن السيسي يريد خيرا لأهل اليمن وهو الذي يقتل أهله ويؤيد بشار الأسد مصاص دماء أهل سوريا، ويغلق على أهل غزة معبر رفح ويلصق قضاؤه بهم تهمة الإرهاب لأنهم يقاومون يهود، ويهجر أهل رفح المصرية حفاظا على أمن يهود، ويتبجح أنه يتصل يوميا بنتنياهو قاتل أطفال ونساء وشيوخ غزه، وينظّر بالأمن القومي العربي، ويجعل أهل غزة خطرا على أمن مصر وليس اليهود فهم أحباؤه. إن من لا ينصر أهل فلسطين ومن لا ينصر أهل سوريا فيخلصهم مما هم فيه من قتل وتشريد وحرق للشجر والحجر لا ينصر أهل اليمن، إنما يقتل المسلمين ويخرب بلادهم ويزرع الفتنة بينهم لصالح الكفار وحفظا لمصالحهم ومنعا للمسلمين من استئناف الحياة الإسلامية.


ثم ما هو الأمن القومي العربي؟ إن الحكام في بلاد المسلمين يعتبرون أن الأمن القومي هو الحفاظ على الحاكم وعائلته وزمرته وبطانة السوء، والشعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، والعدو لم يحقق أهدافه بإسقاط الزعيم أو الحزب الحاكم، والأرض التي احتلت تهون عند إصبع الزعيم.


حين احتل الكفار بلاد المسلمين صنع هياكل دول وجعل السيادة والسلطة بيده، أي تنفيذ الأحكام والتشريع والقضاء، ووضع دستورا وقوانين شكلية يغيرها كلما رأى حاجة لتمكين سلطانه، وحين خرج جعل مكانه أعوانه ومريديه، فكانت الدول السلطوية الغاشمة المستبدة التي يستحي المستعمر من نسبتها له.


الأصل أن تكون الدولة قائمة على أساس عقيدة الناس التي تحكمهم، فالدولة هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تنبثق عن عقيدة الأمة الإسلامية، والتي أصبحت مسلمات، وتمثل الفكر الإسلامي عن الحياة وتحدد نظرة المسلمين إلى المصلحة، فلا يستطيع السلطان أي الحاكم أن يحكم بهواه أو هوى غيره، ولا يستطيع أن يشرع أو يضع قانونا من عنده، فهو ملزم بتطبيق الشريعة الإسلامية على الناس، وبما انبثق منها من أنظمة وأحكام وأفكار، فهو منفذ للأحكام وراعٍ لتحقيق مصالح الناس كما حددت الشريعة، وله ولمن فقه في علوم الدين أن يفهم النص ويجتهد إذا كان أهلا لذلك، والسياسي هو الذي يحكم ويلتزم بالشرع في تنفيذ أحكامه، والفقيه لا يحكم بصفته فقيهاً إلا إذا كان سياسيا، فتكون السيادة للشرع والسلطان للأمة تختار حاكمها والشرع هو الذي ينفذ ويطبق على الجميع حاكما ومحكوما. فيكون الأمن والأمان أن تحكم بلاد المسلمين بالإسلام وتكون حمايتها ذاتية من المسلمين إعدادا وعتادا ورجالا، ولا هيمنة لكافر على بلاد المسلمين ولا سلطان لغير المسلمين فيها.


إن هذه التحالفات تقرأ ضمن ما يقال أنها استراتيجية إدارة أوباما التي مفادها "أن الولايات المتحدة سوف تستخدم القوة للدفاع عن مصالحها الأساسية" "ولكنها سوف تحشد الآخرين لمواجهة التحديات الأوسع للنظام الدولي" فتقوم الولايات المتحدة بحشد العرب مع الصليبيين لمحاربة المسلمين في سوريا والعراق، وتدفع عملاءها في مصر وسوريا لسلخ جلد المسلمين وهتك أعراضهم ليبقى نفوذها وسلطانها في مصر وسوريا على سبيل المثال، وتشترك بتحالف عاصفة الحزم لتسوغ قتل المسلمين لبعضهم وتحقق الأهداف التالية:


- هذه التحالفات توجه المسلمين إلى صراع داخلي طائفي بين (السنة والشيعة)


- وموجهة لإجهاض أي توجه إسلامي لا يرتبط بالكفار وعملائهم من أبناء المسلمين


- ولسان حالها يدعو إلى التصالح مع اليهود واعتبار الشيعة هم العدو اللدود


- ترك عامة المسلمين لمصير قاتم أمام تغول الحكام الظلمة ليلتجئوا إلى الكفار الأمريكان وغيرهم


- تحير عامة المسلمين بين إفراط بعض المسلمين وتفريط آخرين بفهم الأحكام الشرعية


أخيرا: على المسلمين تخويف من يشترك بقتل المسلمين ومن ينتهك أعراضهم من أفراد الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية التي لا تعد ولا تحصى، وتخويفهم بأنفسهم وتحذيرهم أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن المسؤولية في الإسلام مسؤولية شخصية، وأن من يبيع آخرته بدنيا غيره فهو خاسر، وأنه كما تدين تدان ولن يفلت أحد اقترف إثماً بحق أخيه المسلم من عقاب الله، وكذلك يخوف الإعلاميون والقضاة و(علماء الدين) الذين يفتون ويزينون للحكام قتل المسلمين واضطهادهم وأخذ أموالهم ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة - أبو موسى

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع