الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الكلمة الخامسة في مؤتمر "المرأة والشريعة: للتمييز بين الحق والباطل" رؤية عن حياة النساء في ظل الشريعة الإسلامية (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخواتي العزيزات:


إن المآسي والمصاعب التي تعاني منها النساء في ظل النظام الديمقراطي الرأسمالي وغيره من أنظمة البشر لن تنتهي إلا بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. لا يمكن لمسلسل الإهانات الذي تتعرض له النساء في البلدان الإسلامية من فقر وتعذيب واستغلال وحرمان من الحقوق السياسية والقانونية والتعليمية أن يتوقف إلا بتطبيق نظام الخلافة الإسلامية.


نعم أخواتي، إن دولة الخلافة ومن خلال تطبيق الأحكام الإسلامية المنبثقة عن الشريعة والتي تشمل السياسة والاقتصاد والقضاء والتعليم وغيرها من الأحكام تفرض على الدولة والمجتمع صيانة وضمان حقوق المرأة التي أوجبها الله لها من عيش كريم، وأمان ورفاه. إن التطبيق الجزئي للإسلام أو الحكم بأي مبدأ آخر من صنع البشر، كما رأينا خلال التسعين عاماً التي مضت منذ هدمت دولة الإسلام، لم ولن تجلب للمرأة إلا الآمال الكاذبة والوعود المنكوثة. إن قوانين وسياسات أنظمة دولة الخلافة على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله، مُسَطَّرة مُوثقة في كتاب مقدمة الدستور الذي أصدره حزب التحرير. في خطابي لكُنَّ اليوم أريد أن أقدم لمحة قصيرة وعميقة عن كيفية معالجة دولة الخلافة لثلاث مشاكل معروفة ومنتشرة تعاني منها النساء اليوم:

 


1- القضاء على الفقر وتحقيق السعادة:


لقد فرض الله سبحانه وتعالى على الدولة تأمين الحاجات الأساسية للإنسان بغض النظر عن كونه رجلا أو امرأة، مسلما كان أم كافرا، بالإضافة لذلك تعمل الدولة على توفير ازدهار اقتصادي يُمَكِّن الناس من تحسين أوضاعهم الاقتصادية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْتُرُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ غَلِيظٌ، وَجِلْفٌ مِنَ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ».


وهذا حاصل في دولة الخلافة من خلال تطبيق قوانين وسياسات المبدأ الاقتصادي الإسلامي الفريد والمتميز والذي يضمن التوزيع الفعال والعادل للثروات وتداولها. ويشمل أيضا أحكام تحريم الربا وكنز المال وتجمعه في أيدي القلة من الناس. هذا التحريم يحرر المال في المجتمع ويحفز الأفراد على الإنفاق والاستثمار في الأعمال عوضا عن ادخارها، وبالتالي خلق فرص عمل باستمرار. بالإضافة لذلك فإن الدولة ستوقف فورا أعباء فوائد القروض الربوية للمؤسسات المالية الدولية، وتستثمر هذه المليارات للقضاء على الفقر في المجتمع ورفع شأن التعليم والصحة وغيرها من الخدمات. كما وتحرم الدولة أيضا خصخصة الثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والماء وتجعلها ملكا للجميع لقوله صلى الله عليه وسلم: «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار». لذا تقوم الدولة بالاستثمار في مشاريع تطويرية لاستخراج الثروات الطبيعية من أراضينا؛ لأن العمل لا يوفر فقط فرص عمل جديدة للعديد من الناس في القطاع العام، ولكن أيضا بيع هذه الثروات في الأسواق العالمية، سوف يوفر الدخل اللازم للإنفاق على الخدمات في المجتمع وستعمل الدولة أيضا على إيجاد بنية مناسبة للأعمال. على سبيل المثال، ستلغي النظام الضريبي الذي يشكل عبئا ثقيلا على كاهل الأفراد والأعمال وهذا من شأنه أن يخفف الضغوطات الموجودة حاليا عن الناس، وتشجيعهم على الإنفاق والاستثمار. وتقوم الدولة إلى جانب ما ذكرنا بتقديم المساعدات التقنية والأدوات الزراعية والأراضي وحتى رأس المال للذين لا يملكونه، والخبرات اللازمة وغيرها من الوسائل التي تُمكِّن الأفراد من العيش الكريم، وحتى بناء مشاريعهم الخاصة.


والدليل على هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رجلا درهمين وقال له «كل بأحدهما واشتر بالآخر فأسا واعمل به».


هذه السياسة الاقتصادية الإسلامية تخلق فرص عمل كثيرة وتمكن الرجال من توفير المال الكافي للإنفاق على عائلاتهم وبالتالي القضاء على الفقر عند النساء. كما يجب على الدولة أن تضمن عملا لكل من يحمل التابعية فيها حتى يستطيع القيام بواجبه من الإنفاق على من تجب عليه رعايتهم. المادة 153 من كتاب مقدمة الدستور لحزب التحرير تنص على (أن الدولة مكلفة بضمان عمل لكل من يحمل التابعية).


وبالإضافة لهذا فإنه يحق للمرأة التي لا ينفق عليها زوجها أو أقاربها من الذكور أن تلجأ للقضاء لتحصيل حقها منهم. وعلى الدولة أن تنفق عليها إذا لم يكن هناك من ينفق عليها. لقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك كلاً فإلينا».


فبالتالي يضمن القانون الإسلامي الأمن المادي للمرأة وعدم تركها عرضة للصعوبات الاقتصادية هي وأطفالها. بالإضافة لذلك، فإن دولة الخلافة هي القادرة على جمع الزكاة بشكل صحيح وإدارة مال الصدقات وتوزيعها على مصارفها الشرعية. يقول الاقتصادي حبيب أحمد، الخبير في القانون الإسلامي في معهد الشرق الأوسط للدراسات الإسلامية التابع لجامعة دورهام "لو جمعت الزكاة بشكل كامل من البلدان الإسلامية فإن عدد الفقراء سوف يقل بمقدار الثلث إلى النصف". أما بالنسبة للخدمات الأخرى مثل التعليم والصحة فإن على الدولة تأمينها لكل رعاياها، ذكرا كان أو أنثى ودون مقابل. وعلى الدولة أيضا توفير التعليم الأساسي والثانوي للبنين والبنات وتبذل كل ما في وسعها لتأمين التعليم العالي لهم حسب استطاعتها. لذا على الدولة إيجاد مدارس وكليات وجامعات كافية في جميع الولايات وتسعى إلى محو الأمية وتشجيع المرأة على تلقي الدراسات العليا وأخذ دورها في مختلف المجالات، بما فيها الفقه الإسلامي والطب والهندسة والعلوم واللغات. ويتم الإنفاق على كل هذه المصاريف من ملكية الدولة التي تقطعها نتيجة إدارتها للملكية العامة والثروات فكما نعلم جميعا فإن البلدان الإسلامية، بما فيه إندونيسيا، غنية جدا. على سبيل المثال فإن قيمة حقلين للغاز وهما حقل تارغو ومهالام الإندونيسيان، هي 4000 ترليون روبيه إندونيسية (ما يقارب 320 مليون دولار) بينما بلغت الميزانية الإندونيسية لعام 2014، 1816 ترليون روبيه، 75% منها كانت من عائدات الضرائب. فإذا كانت هذه قيمة حقلين من الغاز، فكم تبلغ قيمة 37 حقل غاز ونفط في إندونيسيا؟ بالإضافة إلى ثروات الغابات والبحار؟ يكفي هذا وزيادة لضمان عيش كريم لكل امرأة في إندونيسيا. ومثله يمكن أن يقال عن جميع البلدان الإسلامية التي حباها الله سبحانه وتعالى بثروات هائلة والتي بوحدتها في دولة الخلافة سوف تقضي على الفقر عند النساء في المنطقة كاملة.


وعلى ضوء ما ذكر فإنه لا يوجد أي مبرر لأن تضطر أية امرأة للاستجداء في الطرقات أو الصراع من أجل لقمة العيش أو العمل الشاق المهين في مصانع إندونيسيا أو بنغلادش أو باكستان أو حتى الهجرة إلى خارج البلاد مع ما يصاحبه من ذل وهوان وخطر على حياتها. مع هذا وبوجود بيئة اقتصادية صالحة تستطيع النساء العمل في وظائف محترمة إذا أردن ذلك. فعلى سبيل المثال يمكنهن أن يصبحن طبيبات أو محاضرات أو صحفيات أو مهندسات أو مديرات شركات أو موظفات حكوميات أو قاضيات وممارسة كل النشاطات الاقتصادية الجائزة شرعا أو إقامة مشاريع اقتصادية، واستثمار الأموال، ، مثلهن مثل الرجال.

 


2- حماية المرأة من العنف:


إن حماية شرف المرأة وأمانها يشكل حجر الزاوية في سياسة الدولة كما أوجبه الإسلام. تنص المادة 112 من كتاب مقدمة الدستور لحزب التحرير "المرأة عرض يجب أن يصان". وتقوم الدولة بتوظيف أجهزتها السياسية والتعليمية والإعلامية بشكل واسع لتكريس فكرة احترام المرأة في المجتمع. كل هذا حسب أوامر الشرع الحنيف الذي أوجب على الرجل المعاملة الحسنة للمرأة قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما أكرمهنّ إلا كريم وما أهانهنّ إلا لئيم».


إن نظام التعليم في الإسلام الذي يبني الشخصية الإسلامية بالإضافة إلى تقوى الله تعالى في المجتمع سوف ينمي العقلية الواعية على مفهوم المحاسبة والاحترام في سلوك معاملة الرجل للمرأة. وتحرِّم الدولة كل شكل من أشكال العنف ضد المرأة أو استغلالها أو الحط من قيمتها. وسوف تعمل الدولة على تغيير كل السلوك الثقافي الذي يحط من شأن المرأة أو يسلبها حقوقها الإسلامية، وستقوم الدولة أيضا بالقضاء على ظلمها من العادات والتقاليد مثل الزواج القسري وجرائم الشرف.


وسوف تمنع الدولة تدفق كل الأفكار أو الصور أو الكتب والمجلات أو الموسيقى إلى المجتمع، والتي ترخص من قيمة المرأة وتروج للشهوات والمتع، وتفاقم العنف والاضطهاد ضد المرأة.


وبالإضافة لهذا فإن النظام الاجتماعي في الإسلام الذي ينظم اجتماع المرأة بالرجل يقدم الإطار الذي تصان به كرامة المرأة بشكل عملي؛ بداية عن طريق المحافظة على طهارة العلاقة بين الجنسين ما يؤدي إلى إنشاء تعاون صحي ومنتج بين الرجال والنساء في كافة مجالات الحياة. وأيضا كل هذا يساعد على المحافظة على جو شديد الاحترام للمرأة مما يؤدي إلى التقليل من العنف وغيره من الجرائم ضدها. وأخيرا فإن نظام الخلافة يعاقب وبشدة على كل الجرائم ضد النساء، بما فيها العنف والاغتصاب. هذه القوانين تشمل الجلد للقاذف والقتل على بعض الجرائم التي يُتعدى فيها على كرامة المرأة.

 


3- ضمان الحقوق السياسية للمرأة:


سوف تعيد دولة الإسلام الحقوق السياسية للمرأة والتي سلبتها منها الأنظمة الوضعية الدكتاتورية والديمقراطية. وسوف تتمتع المرأة في ظل دولة الخلافة بالحقوق والواجبات السياسية نفسها التي يتمتع بها الرجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَىِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا». توفر الدولة وسائل متعددة للمرأة لرفع شكواها ضد الدولة وتحاسب الحاكم وتعبر عن آرائها السياسية. والمادة 20 من كتاب مقدمة الدستور "إن محاسبة الحكام هو حق للرعية وفرض كفاية عليهم". لذا يمكن للنساء أن ينخرطن في الأحزاب السياسية وطرح وجهات نظرهن عبر الإعلام المستقل، أو تأسيس وسائل إعلام دون طلب ترخيص. وسوف يكون لهن الحق في الترشح لمجلس الشورى الذي يحاسب الحكام في جميع شؤون الدولة. إن التاريخ الإسلامي حافل بأروع الأمثلة التي تدل على أن آراء المرأة السياسية لها من التقدير ما لها. نذكر على سبيل المثال لا الحصر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجمع الرجال للشورى وكان أيضا يطلب رأي امرأة تدعى الشفاء لفطنتها وبصيرتها، وغالبا ما كان يأخذ برأيها. بالإضافة لهذا فإن دولة الخلافة تعطي المرأة حقها الشرعي في انتخاب الخليفة وممثلي مجلس الشورى وأيضا رفع شكواها على الحكام، إلى قاضي المظالم الذي ينظر في قضايا الظلم الواقع على الرعية من قبل الحكام. وهذا يتيح المجال للمرأة بأن تحاسب الحاكم دون خوف.

 


في الختام


أخواتي العزيزات... على ضوء ما ذكر، فإنه مما لا شك فيه بأن تطبيق الإسلام تطبيقاً شاملاً من قبل دولة الخلافة سيحقق مستقبلا مشرقا لحياة النساء. هذه الدولة التي استطاعت تاريخيا أن تعطي الناس جميعا بمن فيهم النساء الأمن والازدهار. إن احترام المرأة وصون عرضها وكرامتها إنما هي حقوق أوجبها الله لهن من فوق سبع سماوات؛ فلذلك يجب ألا نبتغي حلولا لمشاكلنا إلا من الإسلام. فهلمّوا بنا نلفت انتباهنا وآمالنا وجهودنا نحو العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لأنها الدولة الوحيدة القادرة على إحداث التغيير الصحيح وتحقيق الكرامة والإنصاف للمرأة في العالم الإسلامي.


يقول الله سبحانه: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 123-124]

 

عفة آينور رحمة
الناطقة الرسمية لحزب التحرير في إندونيسيا - القسم النسائي

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع