تجاذب القوى في قرغيزستان بين القوى الاستعمارية (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في التاسع من شباط/فبراير 2015م أعلن على الصفحة الرسمية لرئيس قرغيزستان رسالة أنه اعتبارًا من 2015/2/9م يعتبر الرئيس القرغيزي ألماز بك أتمباييف في إجازة عمل قصيرة.
وفي اليوم نفسه بدأت حملة اضطهاد ضد الإسلام والمسلمين. فقد قامت الوحدة العاشرة من قوات وزارة الداخلية بمشاركة غيرها من القوات في محافظة أوش بحملة مداهمات واعتقالات وتفتيش للبيوت. وقد تم تفتيش منزل إمام مسجد السرخسي في مدينة كاراسو راشد محمد كمالف من مواليد عام 1978م الذي تم اعتقاله واتهامه بإرسال المسلمين لسوريا للقتال، وانتمائه لحزب التحرير ووُجهت التهمة له حسب المادة 299 "إثارة النعرات والعداوة على أساس ديني وقومي وقطري"، والمادة 299-1 "عمل تنظيمي يؤدي إلى إثارة النعرات والعداوة على أساس ديني وقومي وقطري".
وقامت القوات الحكومية كذلك بعمليات دهم وتفتيش في بيوت 11 مواطنًا في منطقة كاراسويسكوفا وتتراوح أعمارهم ما بين 33-49 عامًا، وتمت كذلك عمليات مداهمة في كلٍ من أوزغينسكي، نوكاتسكي، أرافانسكي. وفي إيسيسكولسكي تم اعتقال أعضاء من حزب التحرير، طلعت بيك 44 عامًا، وألماز بيك 43 عامًا، وعقيل بيك 45 عامًا، ونظير 38 عامًا، واعتقل آخر في كاراكول وتمت مصادرة كتب ونشرات وكراسات شروح وأقراص مدمجة. وفي محافظة جلال أباد تم تقديم قضية للمحكمة المحلية ضد قناة ج.ت.ر. التي اتهمت بالإرهاب نتيجةً لبثها فلمًا من إنتاج حزب التحرير.
وقبل هذه الأحداث، في 2015/1/21م قدمت المدعية العامة عايدة سلانفا استقالتها وذلك بعد اتهام زوجها باكيتا عبد الجبارف بقضايا فساد واحتيال ورشوة وسوء استغلال منصبه، وفي 2015/2/11م قالت عايدة أمام الصحافة "أنا لم أستقل بل أُجبرت على الاستقالة، لممارسة ضغوطات عليها ولم يحمها الرئيس، بل لم يستطع حمايتها، مع أنه صرح قبل رأس السنة، أن سلانفا لن تترك عملها، ولن تذهب، وأنا أقف بجانب مثل هؤلاء، لأنهم يستحقون أن يكونوا الرئيس".
الخبير الألماني في شئون آسيا الوسطى ميخائيل لاويش يقول إن ما جرى مع عايدة سلانفا وزوجها له علاقة بالملاحقات القانونية التي تقوم بها عايدة ضد مجموعة الرئيس السابق باكييف المتصلة بالفساد والاختلاسات وتبييض الأموال والتي يحاولون تهريبها إلى أوروبا، وواضح أن رجالات الدولة في بشكيك مع طيّ الملف وإغلاق التحقيق في هذه القضية.
فواقع الدولة في قرغيزستان يبين أن قوى عدة تتحكم فيها، لأنه لا يمكن لمثل هكذا حملة ضد المسلمين أن تحدث في غياب الرئيس، وكذلك استقالة المدعي العام مع ثناء الرئيس على أدائها في الوقت نفسه.
إن أحد السياسيين المؤثرين في الدولة يعتبر عمور بيك تيكبايف من مواليد عام 1958م، من جلال أباد، عضو برلمان جقوركو كينيشا لأربع مرات ورئيس حزب أتا-ميكين، وهو مستشار حكومي من الطراز الأول، وأثناء حكم الرئيس أتامباييف يعتبر تأثيره الأقوى في الدولة، ويعتبر مستشار الرئيس الأول في السياسة والقانون والكل يعترف بتيكبايف وقدراته على التوظيف في قطاعات الدولة.
والذي يؤكد صحة ما ذهبنا إليه، هو أن قرار استقالة سلانفا وإعادة هيكلة الدستور تُركت له. وقد استطاع إدخال حزبه إلى البرلمان بتجاوزه نسبة الخمسة بالمئة، في الانتخابات البرلمانية في خريف 2010م حيث دخل حزب أتاجورت - 8.69 بالمئة، أرنميس - 7.64 بالمئة، الجمهورية -7.04 بالمئة، حزب قرغيزستان الاشتراكي الديمقراطي - 8.13 بالمئة، والحزب الاشتراكي أتا-ميكين - 5.71 بالمئة من الأصوات.
قرغيزستان تقع في موقع استراتيجي وجيوسياسي مهم بالنسبة للمنطقة، فهي محط نظر المستعمرين وخاصة أمريكا. حتى إن الصراع الروسي الأمريكي عليها مفتوح وصريح، مما ينذر بثورة قريبة تؤدي لإزالة رئيس واستبدال آخر به، أما النظام والفساد فيبقى على حاله، وهكذا يقع مسلمو قرغيزستان ضحية الصراع الجيوسياسي بين الدول الكبرى.
ومما يساعد المستعمرين هو أن معظم المسلمين بعيدون عن السياسة بل لا يعتبرونها فرضًا. والبعض الآخر منهم يشتغل في السياسة ويقع فريسة للمستعمرين وينفذ أجندتهم ويقع في فخاخهم تحت شعارات مثل الديمقراطية وحرية الرأي. وبما أن المسلمين يعيشون في ظل العلمانية فإنهم لا يرون حلًا إلا من خلالها، وهم يمارسون السياسة بعيدًا عن دينهم الإسلام باستخدام قوانين المستعمر من مثل الخديعة، وشراء الذمم والرعب، بل يقدمون على عقد الصفقات مع الأعداء.
إن حل هذه المشاكل إنما هو بالرجوع إلى الإسلام وأحكامه ورفض المشاركة في سياسة المستعمرين روسيا وأمريكا قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا﴾.
إن الإسلام هو نظام لحياة الإنسان والمجتمع والدولة، وجزء لا يتجزأ منه هو السياسة، فيجب على المسلمين التقيد بأحكام الإسلام عند ممارستها. قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
إن سياسة المستعمرين مبنية على المرتزقة، ولن تأتي بخير لأي شعب أو أمة، والمسلمون لن تُحل مشاكلهم طالما أهملوا أحكام الله، ولن نفلح ما دمنا نعصي الله، قال تعالى، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير