العراق من أين يبدأ وإلى أين يتجه (نظرة على أحداث العراق من 2003 وإلى الآن)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أحداث 11 أيلول وضعت أمريكا بقيادة بوش العراقَ ضمن قائمة الدول المسماة محور الشر، ثم قامت بشن حرب واحتلاله في 9 نيسان 2003 بحجة وجود أسلحة الدمار الشامل التي لم تجد أمريكا أثرا لها بعد الاحتلال.
قامت أمريكا بتعيين (جي غارنر) حاكماً للعراق ثم تبعه (بول برايمر) الذي أنشأ مجلساً للحكم ضم أشخاصاً من مختلف الاتجاهات السياسية ممن رضي أن يعمل مع الكافر المحتل، منهم أصحاب اتجاه إسلامي مثل حزب الدعوة، والمجلس الإسلامي الأعلى، والحزب الإسلامي (الإخوان المسلمون)، ومنهم العلمانيون مثل حركة الوفاق الوطني والشيوعيون وآخرون مستقلون، ثم وضع (برايمر) قانون الحكم الانتقالي ومشروع الدستور، وأقيمت انتخابات جاءت بـ(إياد علاوي) رئيساً للوزراء وتوالت الانتخابات والحكومات التي كانت تخضع للكافر المحتل.
توقعت أمريكا بعد دخولها للعراق أنها ستقابل بالورود كما صورها لهم العملاء من أمثال أحمد الجلبي، وبدلاً من رمي الورود على الجنود الأمريكان تم رميهم بالرصاص والمتفجرات وفي مناطق مختلفة من البلاد، فمارست أمريكا ضدهم وسائل قتل يندى لها الجبين واستخدمت مادة الفسفور الأبيض في مدينة الفلوجة وتم قصفها بشراسة حتى تم احتلالها وبقيت محاصرة لحد هذا اليوم.
وقامت أمريكا باعتقال عدد كبير من الناس بحجج مختلفة امتلأت بهم سجون أبوغريب والمطار الدولي وبوكا في البصرة وغيرها، وشمل الاعتقال المسؤولين السابقين والعلماء والمفكرين، وتم قتل عدد كبير منهم بواسطة قتلة مأجورين مما اضطر الكثيرين منهم إلى ترك البلاد والسفر خارجه.
وقامت أمريكا بحملة لتصفية النفوذ الإنجليزي وذلك بضرب مراكزهم مثل إلغاء الجيش والمؤسسات الأمنية وقتل الكثير من زعماء العشائر.
وبعد توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا قامت أمريكا بسحب الجزء الأكبر من قواتها، وبقي في البلاد عدد من الجنود بحجة التدريب والاستشارة يتمركزون في عدد من القواعد العسكرية وفي سفارة أمريكا التي أصبحت أكبر سفارة لأمريكا في العالم.
ولعدم تمكن أمريكا من السيطرة على البلاد بعد الاحتلال ولوجود معارضة قوية جداً، فإنها قامت بإثارة الفتنة الطائفية التي اشتعلت بتفجير المرقدين العسكريين في سامراء عام 2005 وجرت صراعات طائفية وقتل وتهجير في وسط وجنوب البلاد، واستمرت لغاية عام 2007.
وحرصت أمريكا على إبقاء الفتنة رغم انتهاء الصراع الكبير، ما بين 2005 و2007.
وفي فترة حكم نوري المالكي التي استمرت ثماني سنوات، من 2006 ولغاية 2014، فإن وضع البلاد بقي في حالة توتر وصراعات، وشهدت الفترة فساداً مالياً وإدارياً لم يشهده العراق منذ تأسيسه عام 1921 إثر اتفاقية سايكس-بيكو ولحد الآن، حيث تمت سرقة أموال الدولة من الواردات النفطية والتي قدرت بحوالي 800 مليار دولار خلال أحد عشر عاماً، ودمرت البنى التحتية وأنهار الاقتصاد وهربت الكفاءات العلمية خوفاً من القتل وتحول الجيش الذي أنشئ بعد الاحتلال إلى ما يشبه العصابات المسلحة التي تعتقل وتقتل وتدمر البيوت وتهجر الناس وبدون حساب وأصبحت العصابات الإجرامية تجوب الشوارع بلا خوف، تمارس القتل والسرقة والخطف دون رادع.
وفي حزيران 2014 دخل تنظيم الدولة إلى العراق وقام باحتلال الموصل في أربعة أيام دون قتال يذكر مع الجيش الذي انسحب وترك أسلحته التي استولى عليها التنظيم، علماً أن عدد الذين دخلوا الموصل من التنظيم لا يتجاوز الألف مقاتل مع بنادقهم وأن الجيش الذي كان في الموصل بحدود 6 فرق عسكرية حسب المراجع الرسمية. ثم بعد الموصل تحركوا جنوباً واحتلوا مدينة بيجي التي يوجد فيها أكبر مصفى للنفط في العراق، ثم مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، علماً أنهم يحتلون أيضاً معظم محافظة الأنبار غرب العراق، وكذلك دخلوا في عدة مدن من محافظة ديالى شرق العراق.
واعترف المسؤولون العراقيون بأنهم لا يستطيعون إخراج التنظيم من العراق إلا بمساعدة دولية، وأنشأت أمريكا تحالفاً دولياً ضم 60 دولة عربية وأجنبية لمحاربة التنظيم، وصرح مسؤولون أمريكان أن عملية تحرير الموصل (ثاني أكبر مدينة عراقية) قد يستغرق ثلاث سنوات، وأن أمريكا ليست مستعدة لإرسال قوات برية وإنما تتدخل بالطائرات التي تقصف أهدافاً محددة.
إن الناظر لما يجري في العراق يجد أن البلد قد تم تدميره وإفراغه من كل مقومات الدولة، وأصبح يحكم من قبل أحزاب هي أقرب ما تكون إلى عصابات لا تفكر إلا بالسرقة وحماية مصالحها على حساب الناس.
وأن أمريكا مستفيدة من هذا الوضع لأن جميع السياسين الذين يحكمون البلد أو مرشحين لحكمها يخضعون لها، وهي تقوم باستغلال الكثير من موارد العراق بدون حساب، مثل استخراج النفط لحسابها بعيداً عن الدولة. وأهم شيء تحاول فعله أمريكا هو ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحريات في البلاد وإبعاد التفكير على أساس الإسلام وإبعاد المسلمين عن دينهم.
أما وجود تنظيم الدولة فيبدو أنه مرتبط بأوضاع سوريا، ولذلك فإن أمريكا غير مهتمة بإخراجه وتركت الحكومة العراقية في صراع غير مُجدٍ مع التنظيم، أي مجرد عمليات يقتل فيها المسلمون من الجانبين.
يبدو أن هذا الوضع سيبقى على حاله فترة من الزمن، ورغم استياء الناس وعدم تقبلهم لما يجري إلا أنهم لا يملكون من الأمر شيئا بسبب بطش السلطة من جهة والتنظيم من جهة أخرى.
والناس محبطة وتتطلع إلى الخلاص، ولا خلاص لها إلا بالحكم بما أنزل الله في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.
﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علاء الحارث - بغداد