الفعل وردَّة الفعل في معرفة الحقيقة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد انبرى العالم بمفكريه ومحلّليه وسياسيّيه إلى تسليط الضوء على فعل تنظيم الدولة، حكومات ومؤسسات وأنظمة وإعلاماً ومراكز بحوث، كلها لا تنظر إلّا إلى الفعل، فأخذوا يحلّلون ويمحّصون فيما يصدر عن تنظيم الدولة من تسجيلات وصور ويَخرجون بتقارير بين صحة التسجيلات وعدمها، ويقتلون المادة المسجلة بحثاً في دقائقها وكلّ يخرج بشيء يخدم وجهة نظره ويدعّم رأيه.
إن الناظر إلى تصرفات هؤلاء "المحلّلين" وأهدافهم يجدهم يَصرٍفون نظر المتلقي عن الحقيقة، فمن ينظر إلى الفعل من زاوية التحليل ووجهات النظر التي يبثها المحللون حتما سيبتعد عن زاوية الرؤية الصحيحة وبالتالي يخرج بمفهوم مغلوط أُريد له دون أن يشعر أنه خرج بهذا المفهوم المغلوط.
إن طريقة التفكير الصحيحة وزاوية النظر المعتبرة والنتيجة الصائبة لا بد أن تمر بثلاث مراحل: الأولى أن يكون عند الباحث عن الحقيقة معرفة ودراية بالواقع السياسي ومجريات الأمور. والثانية أن ينظر إلى الفعل من كل زواياه نظرة شمولية. والثالثة وهي الأهم أن ينظر إلى ردة الفعل على الفعل وفي مصلحة من كان الفعل نفسه.
فإذا فَصَلنا، في البحث للوصول إلى الحقيقة، النظرَ عن ردة الفعل وركّزنا فقط على الفعل، حينها لن نخرج إلا بما يلهي الناس ويصرفهم عن حقيقة الأمور في معظم الأحيان، وهذا الأسلوب يتبعه الإعلام ضمن سياسة الألهيات التي يلقيها إلى الناس لإبعادهم عن حقيقة ما يجري.
ليست نظرية مؤامرة، إنما نريد للمتلقي المسلم أن يُعمل عقله ولا ينساق وراء الإعلام والسياسيين والمحلّلين فيُدخِلُوه في أبواب الضلال. ولتوضيح المقصود نورد مثالين حيَّيْن من واقع تنظيم الدولة بين الفعل الذي يقومون به وبين ردَّة الفعل عليه ومن المستفيد:
• بعد قيام تنظيم الدولة بدخول الأراضي العراقية وصولاً إلى الموصل وغيرها من المناطق، ولم يقوموا برعاية الناس، بل كان الذبح والتنكيل والتضييق. وساد اللون الأحمر صورة المشهد، فانبرى كل "المحلّلين" إلى قراءة المواد المسجلة وانصرف التفكير بين قبول الناس في القرى والمدن وبين عدم قبولهم أو بين سخط الناس ورضاهم، ناهيك عما فعلوه ويفعلونه في سوريا.
والحقيقة أن هذا الفعل وهذه التصرفات من تنظيم الدولة كان لها ردَّة فعل أَعطت مبرراً لدول الكفر لإنشاء حلف صليبي واستحضاره إلى بلاد المسلمين، ودخول خمس دول عربية في ذلك الحلف الصليبي تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وبدأ الحلف بقتل أهلنا في العراق والشام.
إن تسليط الضوء هنا فقط إلى الفعل وتحليله لا تعطي صورة شمولية عن الحقيقة والهدف من الفعل "الذبح والتنكيل"، لكن بعد رؤية ردة الفعل "حلف صليبي في المنطقة" تتضح الصورة ويعرف الهدف من الفعل.
• مؤخراً تم نشر فيديو لقتل 21 قبطياً مصرياً على أيدي تنظيم الدولة في ليبيا، وقال المحللون الكثير في الأمر وبحثوا ومحّصوا وخرجوا بتصورات كثيرة، وما زالوا حتى اليوم يحللون ويخرجون بأفكار، ولم ينظر أحد من أولئك الممحّصين إلى ردَّة الفعل وخروج الطائرات المصرية لقصف مدنيين في ليبيا في عملية انتقام سريعة سيتبعها مخطط ومؤامرة أمريكية مصرية على المنطقة.
من ينظر من زاوية رؤية واحدة نحو موضوع ما، فإنه حتماً لن يرى إلا تلك الزاوية وحتماً لن يخرج بنظرة شمولية توصله إلى حقيقة الموضوع المراد بحثه. لكن من ينظر إلى كل زوايا الحدث ويربطه بما قبله وما بعده يصل إلى الحقيقة التي تقول أن الفعل له أهداف ومن أهمها تشويه صورة الإسلام السياسي.
لقد أصبحت الأحداث في وقتنا هذا مصنوعة صناعة، ولها أهداف ومقاصد، وأكثر ما يكون الفعل لاستحضار ردَّة فعل تكون هي الفعل الحقيقي وهي الحدث الذي يصبو إليه أصحاب النفوذ ومن يملكون خيوط اللعبة، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حاتم أبو عنان - فلسطين