الخطاب الممنوع عن الثورات هذا ما يريد حزب التحرير تبليغه للأمة ويجهد الحكام في منعه: "انتظموا يا أتقياء ضباط مصر وتكتلوا وانصروا حزب التحرير؛ فأنتم حجر الزاوية في التغيير بعد وعي الأمة على الإسلام"
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر للدكتور حاكم المطيري بداية سنة 2015 كتابا عن حياة الشيخ محمد المفرح رحمه الله بعنوان "شهيد الهجرتين وفقيد الغربتين"، وقد جاء في الكتاب بالصفحة 252 و253 حين الحديث عن وقوف الشيخ محمد مع ثورة مصر ودوره في تنظيم مؤتمر (مصر الثورة ومستقبل الأمة):
(وقد طلب الأتراك من (مؤتمر الأمة) - من خلال حلقة الوصل بيننا وبينهم - الاطلاع على برنامج مؤتمر (مصر الثورة) ومن سيشارك فيه من القوى!
فقلنا لهم سيتم دعوة جميع الجماعات والأحزاب والهيئات الإسلامية في العالم العربي لمناقشة قضية مصر وما يجري فيها، فهي قضية الأمة كلها، وليست خاصة بمصر وحدها، وتداعياتها ستشكل خطرا على الثورة العربية كلها!
وقد قلنا لهم ستوجه الدعوة لجميع التيارات والجماعات من الإخوان المسلمين وحزب التحرير إلى الجهاديين والسلفيين... إلخ فهذه هي مكونات الأمة، ولن يستثنى أحد منهم، وسيكون للجميع كلمة في المؤتمر!
فأبدوا تحفظهم على أن تكون للجهاديين أو التحريريين كلمة في المؤتمر، مع موافقتهم على حضور من يمثلهما بشكل غير مباشر!
وقد تم الاتفاق النهائي على قائمة المشاركين في الكلمات في المؤتمر...) انتهى الاقتباس.
إنه بقدر ما يزداد حجم التعتيم الذي يتعرض له حزب التحرير فكرة وطريقة بقدر ما نطمئن أننا على الحق وتنشرح صدورنا لغذ السير في الطريق السياسي؛ طريق رسول الله ﷺ لتحقيق وعد الله وبشرى رسوله ﷺ؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بها وحدها يعز الإسلام وأهله.
منذ أن تأسس حزب التحرير وحكام الضرار في بلاد الإسلام وكلاء الاستعمار الغربي يحاربون كلمة الحق التي يصدع بها حزب التحرير، وقد تساووا كلهم في الصد عن سبيل الله قوميين ووطنيين وملكيين وعلمانيين ليبراليين، ولم تتخلف عنهم حكومات السودان المسماة إسلامية ولا حكومة الإسلام المعتدل في تركيا، وشهادة الدكتور حاكم المطيري في كتابه خير دليل أن كلمة الحق من حزب التحرير لا يراد لها أن تصل لأسماع الثورة في مصر وغيرها خوفا من أن تلامس قلوب رجالها ونسائها وتقنع عقولهم.
انطلقت الثورة في تونس وتنادت بأبيات أبي القاسم الشابي (إذا الشعب يوما أراد الحياة...) وكانت بداية إعلان كسر حاجز الخوف لدى الشعوب الإسلامية ومحاولة أخذ مصيرها بيدها لتتحرر من أنظمة الاستبداد، وقد أبدعت الثورة المصرية بعدها بأيام شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)؛ كلمات معدودات تجسد ما يعتمل في صدر الأمة من أحاسيس تجاه أنظمة الاستبداد التي تحكمها، ثم جاءت ثورة الشام بشعاراتها الإسلامية المتميزة (هي لله، هي لله) و(قائدنا للأبد سيدنا محمد) ورفعت راية رسول الله ﷺ معلنة لا إله إلا الله محمد رسول الله راية وغاية تتجسد بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وبينها ومعها كانت ثورتا ليبيا واليمن.
لقد أخذ حزب التحرير، وهو الحزب الذي يعمل في الأمة ومعها لتغيير واقعها بالإسلام؛ وذلك بوضع مبدأ الإسلام موضع التنفيذ بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، أخذ على نفسه منذ أن تأسس سنة 1953 أن يكون قواما على فكر المجتمع وحسّه. لهذا ما أن انطلقت الثورات حتى باركها وزكى قيام الأمة على من اغتصب سلطانها تسترده منها، لكنه حذر في الآن نفسه من أن هذه الثورات معرضة للاختطاف من شياطين الغرب الكافر وعملائه من بني جلدتنا ما لم تحصن هبتها القوية بالوعي السياسي الإسلامي وبالوعي على أحكام الإسلام وأنظمته، كي تقيم النظام الجديد على أساس عقيدة الإسلام متحررا من كل تبعية للغرب الكافر المستعمر وصافيا من كل شائبة فساد قد تعلق به من النظام البائد الساقط.
وقد كانت أولى المسيرات التي خرجت بتونس العاصمة بعد هروب بن علي لشباب حزب التحرير تنادي بإقامة الخلافة.
فمن الأيام الأولى للثورات، وهذا عمله منذ التأسيس، حدد حزب التحرير للأمة الغاية ورسم لها الخط المستقيم لتحقيقها. فتواصل مع الأمة أفرادا وجماعات ناصحا أمينا ومبينا:
1- أن العدالة والحرية والكرامة لا يمكن أن تتحقق إلا بدولة الخلافة التي تطبق الإسلام، فأحكام الإسلام عدل كلها وخير كلها، وما دونها الظلم ومعيشة الضنك قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا﴾ وقال أيضا: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾.
2- أن إسقاط النظام ليس فقط إسقاط شخص الحاكم وإنما:
أ- أن يسقط نظام الحكم الديمقراطي الرأسمالي العلماني ويقام نظام الخلافة نظام الحكم الإسلامي مكانه فتتحقق بذلك السيادة للشرع. وحذر من أن الدولة المدنية التفاف على الثورة وإجهاض لها.
ب- أن تستند الدولة لسلطان المسلمين لا لسلطان أمريكا أو أي دولة من دول الغرب الكافر الاستعماري، فتكون الدولة بحق ذات سيادة لا دولة وظيفية عميلة للغرب. فيكون سلطان الدولة إسلاميا خالصا نابعا من الأمة ويستند إليها، يبايع حاكمها باختيار المسلمين ورضاهم وليس عميلا للكافر لحماية مصالحه والعمل على تحقيقها ولو على حساب الأمة. فيتحقق بهذا أن السلطان للأمة. وحذر من أن استمداد العون من أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي للحصول على الكرسي والبقاء فيه هو خيانة لله ورسوله والمؤمنين.
ت- أن تبايع الأمة ذات السلطان من يقيم حكم الإسلام فيها ويحمل الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد، أي أن تبايع رجلا للخلافة استكمل الشروط الشرعية لتولي منصب الخلافة فتحيي بذلك سيرة الخلفاء الراشدين وتنهي عصر ملوك الجبر الفاسدين المفسدين، فيسقط بذلك الفساد ويتولى أمرها رجلٌ صالح مُصلح تعاقدت معه على الحكم بالإسلام. وحذر من أن الصلاح الفردي للحاكم أو كونه آتياً من حركة أو جماعة أو حزب إسلامي لا يشفع له من أن يحكم بغير الإسلام أي بالكفر.
3- أرشد الأمة إلى طريقة الإسلام للتغيير والتي يسير بحسبها الحزب؛ وهي عينها طريقة الرسول ﷺ التي بها أقام أول دولة إسلامية والتي من أحكامها أن استلام الحكم يكون عن طريق الأمة وأعمال طلب النصرة ممن يملك القوة لحماية الدعوة وإقامة الدولة؛ وهي الجيوش أساسا. فخاطب الجيوش بتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن دين أمتها وحرماتها وإلى الاصطفاف في صف الأمة، وفي الوقت نفسه حذر الأمة من استعداء الجيوش ومحاربتها وزكى ما نادت به الجموع بالتحرير (الشعب والجيش يد واحدة) فهو عين الحق، وهو ما يجب أن لا نغفل عنه، وكيف نغفل عنه وننكره وما قامت دولة الإسلام إلا بالأنصار؟ وما كان الأنصار إلا أهل قوة ونجدة بايعوا رسول الله ﷺ على حمايته فهاجر إليهم عليه الصلاة والسلام وأقام دولة الإسلام الأولى بالمدينة، وقد عرض نفسه قبل استجابة وفد المدينة له على القبائل يطلب النصرة منها.
لقد كانت الجيوش أداة حكام الجور في قمع الشعوب وتثبيت عروشهم وحماية مصالح الكفار وحراسة دولة يهود، وقد نجح الحكام في فصل الجيوش عن الأمة واستغلال أعمال الحركات المسلحة تجاه أفراد الجيش لتركيز حالة العداء بينهما. وإن حجر الزاوية في انعتاق الأمة وإقامة الخلافة بعد وعي الأمة على الإسلام هو إيجاد القوة التي تسند القيادة الواعية للأمة لتستلم الحكم أي أن تنصر ثلةٌ من المؤمنين الأقوياء من قادة وضباط الجيوش الأمةَ، بإعطائهم النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة. ودور أفراد الأمة وواجبهم هو أن يحرضوا أبناءهم في الجيوش ليقفوا في صف أمتهم ويحذروهم من غضب الله وسخطه ويمنعوهم من مشاركة الحكام في حربهم للإسلام خدمة لأسيادهم في بلاد الكفار.
فحزب التحرير يقول للثورة في مصر: خلاصك بالإسلام صافيا نقيا، وإياك ثم إياك أن ترضي براية عمية علمانية بستار الدولة المدنية، بل اجعلي رايتك واضحة؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتحدي العالمين بنظام الخلافة منهاجا ونظاما للحكم. ولا تأمني جانب الكفار المستعمرين واقطعي كل صلة بهم وانبذي كل من يتصل بهم كائنا من كان. ويدعو الثورة في مصر لتقول معه لأجناد مصر ولضباط مصر الأتقياء: لقد آن الأوان أن توقفوا أيدي العبث بمصيركم ودماء أمتكم، إنكم تحملون أرواحكم بأيديكم فلا تقدموها قرابين لأمريكا وخدمة لمصالحها بل تاجروا بها مع الله، لقد آن لكم أن تكسروا حاجز الخوف وتطلقوا ثورة جيوش الأمة كما أطلقت تونس ثورة الأمة. انتظموا يا أتقياء ضباط مصر وتكتلوا وانصروا حزب التحرير.
إننا في حزب التحرير نستبشر بأن الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قد أظل زمانها بإذن الله، وإننا على يقين من أن مخططات الكفار لإجهاض عودتها ستؤول بالفشل؛ فالدولة المدنية الديمقراطية دفنت بمصر، ورآها كل ذي بصر وبصيرة والخلافة الوهمية إلى زوال. لقد بشرنا رسول الله ﷺ أن بعد الحكم الجبري ستكون خلافة راشدة على منهاج النبوة يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض وستكون بإذن الله كذلك. وها هي أركان أنظمة الحكم الجبري تتهاوى ولن تؤول بإذن الله إلا إلى الخلافة الراشدة على منهاج النبوة خلافة الرحمة والعدل والخير والبركة.
وإننا نجدد الدعوة لأمتنا وللضباط الأتقياء بمصر وغيرها أن يكونوا من بناة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ومن العاملين لها وأن يقدموا أرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية لله، لا أن يهبوها لأمريكا وحلفها الصليبي.
هذا ما يصل حزب التحرير ليله بنهاره لتبليغه للأمة ولضباطها الأتقياء، وهذا ما شهد الدكتور حاكم المطيري في كتابه أن الحكام يجهدون في منعه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الله