فرنسا على موعد مع بلاط الشهداء الثانية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بدأت العلاقة بين المسلمين وبين فرنسا في العهد الأموي حيث فتح المسلمون جنوب فرنسا، ووصلوا حتى سويسرا، ولولا هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء لكانت فرنسا وما بعدها بلادًا إسلامية، ولكن قدر الله وما شاء فعل. إذًا لقد كانت معركة بلاط الشهداء سنة 114 هجرية، لحظة تاريخية، ونقطة محورية في عقلية الحكام الفرنسيين آنذاك، ولا زالت فرنسا تعتبر نفسها من أوقف الفتح الإسلامي لأوروبا، وترى أن لها فضلاً ودورًا بل قيادة الشعوب الأوروبية للقضاء على دولة الإسلام، كيف لا وهي صاحبة النصر في معركة بلاط الشهداء؟
ولتأكيد هذه الحقيقة بنظرة فاحصة على تاريخ الحملات الصليبية نرى الدور الفرنسي الكبير والفعال والخطير في كل الحملات، ففي الحملة الصليبية الأولى لا زلنا نذكر بطرس الناسك أحد أهم الشخصيات المحورية في تاريخ الحملة الصليبية الأولى.
وقد كان للراهب الفرنسي (سان برنار) دور فعال في الحملة الصليبية الثانية على الشام والتي عقد بابا روما (يوجين الثالث) مجمعًا كنسيًا في مدينة فيزولاي بمقاطعة آفالوت الفرنسية حيث أرسل البابا لملك فرنسا لويس السابع مبعوثه الخاص فطرح الملك نفسه على قدمي المبعوث راجيًا منه تسلم صليب الحرب.
ولن ننسى كذلك دور فرنسا في معركة حطين حيث كان ملك مملكة بيت المقدس فرنسيا، وكذلك كان رينالد دي شاتيون صاحب حصن الكرك المعروف بأرناط، وهذا القذر (أرناط) معروف في تاريخنا بكثرة جرائمه حيث حاول التعرض لمقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسعيه للإغارة على مكة والمدينة، ومن كثرة جرائمه نذر صلاح الدين الأيوبي أن يقتله بنفسه وقد فعل.
ولا ننسى دور لوزينيان وأسرته بعد أن أطلق صلاح الدين سراحه، عاد ونكث بعهده محاربًا للمسلمين من خلال حكمه لقبرص، ودور الملك الفرنسي فيليب أغسطس أحد أعمدة الحرب الصليبية الثالثة على بلاد الشام، ودور كل من فولك خوري أسقف بلدة نويلي غرب باريس في الحملة الصليبية الرابعة، أما الحملة الخامسة فقد كانت على مصر وقد كان للمبشرين الفرنسيين أكبر الأثر في التحريض عليها. هذه نظرة تاريخية تؤكد ما ذهبنا إليه أن فرنسا تعتبر نفسها أحد أعمدة الحرب الصليبية.
أما إن تكلمنا عن فرنسا في التاريخ الحديث فنعلم أن نابليون هو أول من أعطى فلسطين لليهود، واعتبر أن يهود هم أصحاب الأرض الشرعيون. أما جرائم فرنسا أثناء الاستعمار فحدث ولا حرج؛ سواء في المغرب العربي أم في الشام أم في أفريقيا، فقد اقترفت فرنسا من الجرائم ما لا يخطر على بال أحد، وليس هذا غريبًا. ألم ترتبط المقصلة بالثورة الفرنسية؟ ويعترف الكونت ديريسون في حكاية مطاردة الإنسان: اقترفنا جرائم يذوب لوحشيتها الصخر؟! أما دورها حاليا في أفريقيا الوسطى فحدث ولا حرج!!
إن تاريخ فرنسا مع المسلمين قد كتبه الفرنسيون بالدماء، ونتيجة حقد صليبي لا يتصوره إنسان فهي تدعي أنها زعيمة المسيحية الكاثوليكية (الباباوية) ولن أستطيع بمقال أن أكتب عن جرائم فرنسا.
ولكننا نقول لفرنسا: أنت تعلمين أن أمة الإسلام لن تموت بالرغم من كل ما فعلتِ، فإنها لا زالت حية بل بدأت تطالب بالعودة لهويتها وحضارتها وثقافتها، ورفعت لواء وراية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرغم كل التضحيات والآلام فإنها ستنهض وتستيقظ أكثر فأكثر، ونحن وأنتم على موعد آخر في معركة بلاط الشهداء الثانية بجيش يقوده خليفة المسلمين ويعطي الراية لكل ما نالته يد القدر منكم، ليحكم فيكم وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّـهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّـهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان (أبو البراء) - الأردن