وداوني بالتي كانت هي الداءُ! دعوة حسن الدغيم للاستعانة بعملاء الاستعمار ونهجه المسموم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
دعا السيد حسن الدغيم في مقاله المعنون "حتى لا تغرق السفينة" [1]، دعا حركة أحرار الشام إلى تبني ميثاق مجلس قيادة الثورة ودعم المجلس بقوة وتقوية العمل على إنجاحه كمشروع مصيري، كما دعا الحركة إلى "...السعي الجاد مع المجلس لبناء تحالف إقليمي صلب ومتماسك يساعد في انتصار الثورة وإراحة الشعب وإسقاط النظام وكف عادية الشرور الدولية عن طريق العلاقات المتماسكة مع شركاء الإقليم والأخذ بكل الأسباب الممكنة والوقائية لحماية الثورة من التصنيفات والتهم الملصقة المؤدية للاستهداف الخارجي وتجنب شره". وحذر الحركة "ممن يحاول إبعادكم عن المشروع الواقعي والجهاد المحدود الممكن ضمن حدود الوطن السوري وتشتيت أهدافكم في الدخول بصراعات إقليمية تهدر فيها الطاقات وتضيع فيها الحقائق...".
فالسيد الدغيم يدعو إلى الجهاد المحدود ضمن حدود الوطن السوري الذي صنعه الاستعمار الفرنسي، والذي اعتمد علمه مجلس قيادة الثورة المذكور في ميثاقه...
ويدعو الدغيم إلى الاستعانة بتحالف إقليمي يضم دول الجوار والتي يحرص كل نظام فيها على محاربة الإسلام والمسلمين والحيلولة دون عودة دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة التي أوجبها رب العالمين على المسلمين جميعا. ولعل أصدق ما يعبر عن دعوة الدغيم هذه هو القول: وداوني بالتي كانت هي الداءُ!
يا سبحان الله! يريدنا الدغيم أن نستجير برمضاء قوى الاستعمار من شرور نار صنيعتهم بشار، فمن الذي حمى نظام بشار وأبيه غير أمريكا؟ ومن الذي فكك أمتنا وجزأها غير فرنسا وبريطانيا؟ ومن الذي يتواطأ على قتل أمتنا وأهلنا في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق غير الدول الإقليمية التي يدعونا للاستنجاد بها؟
لعل السيد الدغيم لم يسمع بعدوان يهود على غزة!! أو أنه لم ير ماذا صنعت أمريكا بثورة مصر!! ألم تسلط على شعب مصر عميلها السيسي ليذيقهم أصناف البلاء ويسومهم سوء العذاب؟ أوَلم يسمع بالحرب الضروس التي أشعلت سعارها أوروبا وأمريكا في ليبيا للاستئثار بثرواتها؟ أم إنه لا يسمع قرقعة السلاح في اليمن السعيد الذي يحوله الغرب عبر أدواته المحلية إلى جحيم؟!
ثم بعد هذا كله يدعونا إلى الاستعانة بالدول الإقليمية؟!
على حساب ماذا؟؟ على حساب الإعراض عن منهج الله... فالمسلمون أمة واحدة، ولكنهم في نظر الاستعمار الصليبي بضعة وستون دويلة وبضعة وستون شعبا (؟؟)
فالسيد الدغيم يدعونا إلى الاعتصام بحبل الاستعمار الغربي والتمسك بـ"المشروع الواقعي والجهاد المحدود الممكن ضمن حدود الوطن السوري"، فهو الجهاد الممكن... أي الذي تسمح به عواصم الاستعمار، وهي الحريصة على إبقاء قبضتها وهيمنتها على بلاد المسلمين والحيلولة دون عودة الإسلام بعد أن بذلت جهودا مضنية في هدم دولة الخلافة سنة 1924م.
فما الذي يختلف في دعوة الدغيم عن دعوات قادة الصليبيين من كاميرون وبلير إلى بوش وأوباما إلى هولاند وميتران إلى بوتين ومدفيديف؟ وكلهم قد كشفوا عن مكنونات أنفسهم الاستعمارية بالتصريح جهارا نهارا بأنهم لن يسمحوا بتطبيق الشريعة... إن من المسلَّم به أن الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا لا يريد فلاحا لهذه الثورة المباركة، بل هو يخطط لتدميرها والقضاء عليها، مستعينا بأدواته الإقليمية.
فعلى المسلمين القبول بالرقص ضمن (السيرك) الاستعماري ضمن "حدود الوطن" الذي صنعه الاستعمار، ثم يدعونا السيد الدغيم إلى الالتحاق بركب مجلس الثورة، وتبني ميثاقه الداعي إلى تبني عَلَم الاستغلال (وليس الاستقلال) الفرنسي، والإعراض عن رفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله التي فيها عزنا وكرامتنا ومرضاة ربنا في الدارين... فالاعتصام بحبل الله، عند السيد الدغيم، هو مشروع غير واقعي، فالواقع الاستعماري يسمح لنا أن نبقى عبيدًا ضمن المنظومة الاستعمارية، فمتى قَبِلنا بسمّ أمريكا المسمى بالحل السياسي، فعندها نغنم السمن والعسل بزعمهم الفاسد، ونحصل على دريهمات معدودة، ومناصب فخرية على شاكلة الوزارة والجمهورية، والدولة المدنية التي يباركها الغرب الاستعماري في الوقت نفسه الذي تفتح سجونها السرية للبطش بأبناء الإسلام المجاهدين (راجع تقرير التعذيب الصادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي والذي لا يشكل أكثر من رأس جبل جليد المكر الاستعماري الغربي)...
أما نحن في حزب التحرير...
فندعو إخواننا في حركة أحرار الشام، كما ندعو جميع الثوار الصادقين، أن يعتصموا بحبل الله، ويعضوا على شريعة ربهم بالنواجذ، ويحذروا مكر أمريكا وأذنابها من الدول الإقليمية وتابعيهم من رسل السوء (بعمائم ولحى أو بدونها) الذين يروجون لسموم المكر الغربي...
إن ثورةً ربُها الله القوي العزيز وقائدُها محمد صلى الله عليه وسلم، وأهلُ الشام رجالُها، ومن ورائهم أمة الإسلام التي تتوق لأن تعود خير أمة أخرجت للناس لمنصورة بإذن الله رغم أنف الحاقدين والمخذلين والمرجفين؛ ولكن لا بد دون ذلك من بذل وعطاء وتضحيات... لا بد دون ذلك من وعي كامل على ما يحاك ضدنا من مؤامرات... لا بد دون ذلك من نبذ كل ناعقٍ خبيث ممن يحاولون تسويق سم الحل الأمريكي المسمى بالدولة المدنية. لا بد دون ذلك من يقين أن خلاصنا بأيدينا لا بأيدي أعدائنا... لا بد من الالتفاف حول مشروع سياسي إسلامي واعٍ ومخلص يقدمه لهم رائد لا يكذب أهله.. لا بد من فهم صحيح لقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
فندعوهم إلى تبني ميثاق الخلافة ليكون مشروعهم ومشروع الأمة الجامع، والعمل على إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فنكون بذلك قد صنعنا مستقبلنا بأيدينا بعيدا عن مكر الغرب ومؤامراته، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
فالصبرَ الصبرَ، والثباتَ الثباتَ يا أهل الشام.. فنصرُ الله آتٍ آتٍ بإذن الله،
قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
[1] (انظر ورقة حزب التحرير السياسية الثانية لأهل الشام المؤمنين المرابطين: معاً لإسقاط طاغية الشام وإقامة حكم الإسلام «خلافة على منهاج النبوة»)