السودان... أزمة الحكم وأفق الحل المبدئي
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أن احتل الإنجليز السودان فدخلوا الخرطوم وأم درمان العاصمة في 1898م ثم كردفان في 1900م فدارفور في 1916م؛ وحتى الآن وأحكام الكفر تطبق على البلاد!، فجعلوا الحكم يقوم على أساس فصل الدين عن الدولة، وجعلوا التشريع قوانين مستمدة من التشريع البريطاني وشيء من الفرنسي، ولم يتركوا أي أثر للإسلام لا في التشريع ولا في السلطة، ولما نلنا الاستقلال المزعوم؛ وخرج الإنجليز من السودان، وتسلم السلطة أبناؤنا كان الطبيعي بل الواجب أن تُزال أحكام الكفر وتشريعات الكافر المستعمر، ولكن الذي حصل أن الحكام ساروا على نفس الحكم الذي كان يسير عليه الإنجليز!، فجعلوا عقيدة فصل الدين عن الدولة أساس الحكم واستمروا في تطبيق القوانين التي خّلفها الإنجليز، وأخذوا بعض القوانين الأخرى، أي استمرت أحكام الكفر ولكن بدلاً من أن يطبقها الإنجليز بأنفسهم - وهذا طبيعي- صار يطبقها المسلمون بالنيابة عن الكافر المستعمر، وهذه بحق أم العجائب!...
لقد تخبط حكام السودان ومعهم فئة قليلة من المنضبعين بثقافة المستعمر ممن يسمون (المثقفين) في دوامة خيارات الحكم التي فرختها لهم حيةُ الاستعمار، فراحوا يتخبطون يمنة ويسرة ما بين نظام حكم جمهوري رئاسي وآخر برلماني بأوجه فيدرالية وكونفيدرالية، غير مفرقين بين حقيقة نظام الوحدة ونظام الاتحاد، فهم يتخبطون ويسيرون كمن يتخبطه الشيطان من المس!...
ومما ركز ذلك التخبط وجعله لا ينفك عن تفكير الحكام؛ أن الإنجليز لم يخرجوا من السودان إلا بعد أن بذروا بذرة انفصال الجنوب بل وسقوا البذرة حتى اشتد عودها، فما أن سلم الإنجليز السلطة للحكام الجدد حتى وجدوا أنفسهم مشغولين بقضية كبرى جعلتهم لا ينفكون عن طلب العون والمساعدة من المستعمر، فوقعوا بين يديه المتلطختين بدماء مجاهدي السودان هلكى، يحسبهم الجاهل شهداء نزال وهم في حقيقتهم صرعى غفلة واستحمار!... نعم، انشغل الحكام المتعاقبون على حكم السودان بقضية الجنوب، وليتهم انشغلوا بحلها حلاً إسلامياً طاهراً، بل انشغلوا في تأجيجها وإذكاء نيرانها يحسب أمثلهم طريقة أنه يعالج فيها وهو في حقيقته ينفذ للمستعمر كل أهدافه بجدارة!... نعم، صارت قضية الجنوب هي (بيضة القَـبَّانُ) التي يضبط من خلالها المستعمر الإنجليزي القديم والأمريكي الجديد نفوذه في السودان، فعبر قضية الجنوب يغير شكل الحكم كما يريد له المستعمر وينفذ له الحكام قراراته كاملة، فبدل أن ينشغل الحكام في معالجة أزمة الحكم ويضعوا رؤية مستنيرة تجيب على السؤال المصيري: (كيف يحكم السودان؟)، راحوا ينفذون خطط المستعمر في رؤيته القاضية بفصل الجنوب، وفي كل فصل من فصول الجريمة تتغير الرؤية لكيفية حكم السودان، أي أصبحت قضية الجنوب هي بيضة القبان التي على أساسها تتناغم معزوفة الشيطان؛ الكافر المستعمر في تمزيقها للبلاد، وإحكام سيطرتها على الأمة عبر العملاء والأتباع والحواشي والأزلام...
في 25 مايو 1969م بدأ حكم (النميري) وهو فصل من أخطر فصول أزمة الحكم في السودان... ففي ظل حكمه تفاقمت مشكلة الجنوب وازدادت تعقيداً، وساهم في تعقيدها إهمال الجنوب وعدم تنميته من قِبَل جميع الحكام المتعاقبين على السلطة، وساهم في تعقيدها أيضاً إقرارهم جميعاً بضرورة إعطاء أهل الجنوب وضعاً خاصاً، وكان هذا هو الفخ الذي أدى لقبولهم فيما بعد بفكرة (حق تقرير المصير)، وهي أخطر فكرة تحمل في أحشائها تمزيق أي كيان لمزق بل عشرات المزق، فيقول الناس يوماً كان ها هنا سودان!...
إن المستعمر الجديد على الساحة الدولية (أمريكا) عندما أوعز لـ(نميري) بتوقيع اتفاقية أديس أبابا مع متمردي الجنوب في يوم 1972/03/27م؛ قد أعطى المسرحية منعطفاً إجرامياً جديداً. فبعد أن كانوا في حالة المتمردين الخارجين على الدولة جعل منهم نِدّاً؛ على قدم المساواة مع الدولة، واعترف بهم ككيان سياسي. فأعطاهم بموجب الاتفاقية حُكْماً ذاتياً للأقاليم الثلاثة مجتمعة مع بعضها: الاستوائية وبحر الغزال وأعالي النيل؛ يرأسها رئيس يُعيَّن بعد توصية من المجلس المحلي للولايات، ويقوم هذا الرئيس بتعيين مجلس للوزراء مسئولاً عن إدارة هذا الكيان الوليد. كما وأقر لهم بموجب الاتفاقية جعل اللغة الإنجليزية لغة رئيسية لإدارات الدولة. وغيرها من التنازلات التي زادت في تعميق الفجوة بين الشمال والجنوب... وبدأ فصل جديد من فصول المسرحية تبادلت الحكومات المتعاقبة على الحكم؛ الأدوار في تنفيذ سيناريوهاته.
فحكومة المهدي أجرت الحوار على أساس الحكم الذاتي أو الإقليمي، وحكومة النميري نفذت الحكم الإقليمي وعيَّنت مجلساً أعلى لإدارة الحكم في الجنوب، وحكومة الإنقاذ بقيادة (البشير) نفذت الحكم الفدرالي وعرضت فكرة حق تقرير المصير لأهل الجنوب وتبنتها بقوة، وأحزاب المعارضة تبنتها في (مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية)، وهكذا تم الاتفاق بإقرار الجميع لمبدأ (حق تقرير المصير)، وهكذا انفصل الجنوب وجر على البلاد الويلات على كافة الأصعدة وما زالت ويلات انفصاله ماثلة للعيان... وها هو دارفور يسير على نفس الطريق للتفتيت، ففكرة الحكم واحدة وإقرار الجميع بفكرة الفيدرالية وحق المناطق في الانفصال طواعية متفق عليه بين الساسة!...
وهكذا أصبحت بلادنا مسرحاً لتنفيذ سيناريوهات المستعمر القديم والجديد، فالحكام وكثير من ساسة المعارضة متفقون على احتضان أفكار مدمرة لوحدة الأمة، وينفذون للغرب الكافر المستعمر ما يريد بل وأكثر مما يريد... وهكذا يتأرجح السودان بين كفي عفريت: كفٍّ أول يدير سيناريوهاته الكافر المستعمر؛ يهدف لتمزيق ما تبقى من السودان عبر أفكارِ حكمٍ تحمل في طياتها تفتيت المفتت أصلاً، وكف ثانٍ لحكام وساسة يتخبطهم شيطان الاستعمار من المس، فلا عقل لهم وبالتالي لا فلسفة حكم واضحة، هلكى متهالكين صرعى استحمار (المستخرب) لهم، ساء الجميع وساء ما يعملون!
فكان الفراغ السياسي القاتل:
يقول السياسي الفذ ورجل الدولة؛ العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة (أمير حزب التحرير): "إن الفراغ السياسي الواقع في بلادنا هو الذي يجعل هذه البلاد عرضة لأن يغزوها الكفار المستعمرون عبر الأضاليل والمؤامرات دون أن يخشوا بأساً ولا قهراً، فالفراغ السياسي يقتل المنطقة التي يستوطنها، وليس الفراغ السياسي هو عدم وجود أنظمة حكم في بلاد المسلمين فحسب، بل الأعمق أثراً والأشد خطراً هو الفراغ السياسي الناتج عن عدم حكم هذه الأمة بنظام منبثق عن عقيدتها ما يسبب انفصالاً في كينونتها، فيضطرب أمرها وتصبح أرضا مهيأة للقلاقل وللضعف والهوان، وتلك ثغرة بل ثغرات، فسَهُل على المستعمرين أن يغزوها ومن ثم يحكمها الطغاة... إنه منذ القضاء على الخلافة قبل نحو قرن، والفراغ السياسي يحيط بالبلاد والعباد، فقد عمد الكفار المستعمرون والمضبوعون بثقافتهم إلى المقاومة الشديدة بالسلاح والمؤامرات لأية محاولة من المسلمين لإعادة حكم الإسلام، ومن ثم عمدوا لإقامة أنظمة حكم بألوان علمانية، رأسمالية أو اشتراكية، دكتاتورية أو ديمقراطية، وأحياناً أنظمة مختلطة دون لون! وهكذا انتشر في بلاد المسلمين الظلم والجور والقمع، واستأسد سَقَطُ المتاع من الحُكام على الأمة، و"استنعموا" أمام أمريكا والغرب الكافر المستعمر...".
واليوم بعد أن عانى السودان ما عانى من أزمة الحكم بسبب إقامة السلطان على عقيدة غير العقيدة الإسلامية التي تعتنقها الأمة، أي بسبب إقامة الحكم على عقيدة فصل الدين عن الدولة، التي تعتبرها الأمة عقيدة كفر، فقد آن الأوان لأن نزيل عقيدة فصل الدين عن الدولة وأن نلغي قوانين الكفر وأن نضع مكانها عقيدة الإسلام وأحكام الشرع الحنيف.
والأمة كلها لا تريد أن تظل حدود الله معطلة، فحرمات الله لا تصان إلا بحدود الله، والأمة كلها لا تريد أن تفصل المحاكم لأنواع ودرجات، فالقضاء واحد هو القضاء الشرعي بأحكام الشرع الحنيف، ولا تريد بقاء أي قانون من قوانين الكفر، فلا قانون إلا ما كان من أوامر الله ونواهيه وما عدا ذلك لا يعتبر قانوناً لنا ولا تحل لنا طاعته، فلا قانون إلا أحكام الإسلام لذلك فإن من لهم قوة ومنعة القادرين على التغيير مطالبون بإرجاع السلطان للأمة والحكم لدين الأمة بالإسلام، وذلك بجعل الأمة تنتخب خليفة فتبايعه على الكتاب والسنة... فتلغى قوانين الكفر كلها دفعة واحدة بلا تدرج، والنظر في أحكام الشرع لتنزيل الأحكام على الوقائع الجارية، وتطبيق دستور دولة الخلافة الذي تبناه حزب التحرير من 191 مادة مما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الأفكار والأحكام الشرعية...
إن الإنجليز حين احتلوا بلادنا واستولوا عليها طبقوا علينا أحكام الكفر جبراً بقوة السلاح... ولكننا اليوم ونحن نتصرف بإرادتنا ولنا السيادة على بلادنا، فأي عذر لنا في بقاء عقيدة الكفر أساساً للحكم وبإبقاء قوانين الكفر تتحكم في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، أما آن الأوان لتطهير البلاد من رجس أحكام الكفر كما طُهرت من قبل بإخراج الإنجليز المستعمرين؟.
إن الحكام الذين تسلموا الحكم من الإنجليز، كان عليهم أن يزيلوا أحكام الكفر فور تسلمهم الحكم ولكنهم لم يفعلوا!، لأنهم من عملاء الكافر المستعمر يتولون الحكم نيابة عنه... أما اليوم وبعد أن عانت الأمة ما عانت من أزمات الحكم، ونير أفكار الغرب الكافر المستعمر فقد آن الآوان لكنس الأنظمة الوضعية، وإقامة دولة الخلافة الراشدة.
إن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة، وهو معلوم غير مجهول، إن دولة الخلافة الراشدة تقضي على الفراغ الاستراتيجي عبر جملة أمور؛ أهمها:
1/ (السيادة للشرع) أي أن دولة الخلافة تطبق الإسلام فقط ولا شيء سواه... ونظام الخلافة يناقض النظام الجمهوري جملة وتفصيلاً، فليس الشعب مشرعاً بل المشرع هو الله سبحانه، وليس الحكم في يد الرئيس ووزرائه كما هو الحال في النظام الجمهوري الرئاسي، أو في يد مجلس وزراء كما النظام الجمهوري البرلماني، بل إن الخلافة تشريعها كله من عند الله سبحانه يؤخذ من مصادر التشريع بقوة الدليل، ولا دخل لآراء البشر إطلاقاً.
2/ (السلطان للأمة) أي أن السلطان في أساسه مستمد من الأمة، فالأمة تبايع بكامل إرادتها خليفة راشداً تتوفر فيه شروط الأهلية لتولي الحكم كما بينها الإسلام العظيم، وهذه ضمانة قوية تجعل الحكم مستقراً راسخاً، فإن قوة الخليفة والخلافة تكمن في سندها السياسي الحقيقي؛ أي الأمة العظيمة، وهذا نقيض كل الأنظمة الديكتاتورية ذات الوجه الديمقراطي المزيف في بلاد المسلمين.
3/ نظام الخلافة ليس نظاما اتحاديا تنفصل أقاليمه بالاستقلال الذاتي، وبالتالي فلا محل فيه لفكرة (حق تقرير المصير)، بل إن مصير الشعوب قد حدده الله رب العالمين خالق البشر أجمعين، وفرض على المسلمين أن يكون مصيرهم في ظل نظام وحدة وليس اتحاد؛ وشتان ما بين النظامين!، وأن تكون تلك الوحدة في ظل دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة. ولا توجد في الخلافة أنواع للحكومات ومستويات، بل لا توجد فيها حكومات، فالدولة والحكومة شيء واحد، هو الخليفة والمعاونون.
4/ يعين الخليفة بنفسه الولاة، بشرط الكفاءة والكفاية فيما يسند إليهم، وليس للبعد القبلي أو الجهوي البغيض أي دور في تعيين الولاة!، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخير ولاته من أهل الصلاح وأولي العلم المعروفين بالتقوى، فيُشرِبون قلوب الرعية بالإيمان ومهابة الدولة. ويجب أن يتحرى الخليفة عنهم ويكون شديد المراقبة، فيعزل لشبهة ولو لم يقطع بها دليل، لكي لا يفسدوا فيُفسدوا الناس... ولله در الفاروق عمر عندما وضع معالم سياسته الراشدة في اختيار الولاة قائلاً: "أريد رجلاً إذا كان في القوم وليس أميراً عليهم بدا وكأنه أميرهم، وإذا كان فيهم وهو عليهم أميراً بدا وكأنه واحد منهم، أُريد والياً لا يميز نفسه على الناس في ملبس ولا في مطعم ولا في مسكن، يقيم فيهم الصلاة ويقسم بينهم بالحق ويحكم فيهم بالعدل ولا يغلق بابه دون حوائجهم"، ولله در عمير بن سعد والي حمص في عهد الفاروق عمر رضى الله عنه، فقد رسم واجبات الحاكم المسلم في كلمات طالما كان يصدع بها في حشود المسلمين من فوق المنبر وها هي ذي: "ألا إن للإسلام حائطًا منيعًا وبابًا وثيقًا، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق فإذا نقض الحائط وحطم الباب استفتح الإسلام، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ولكن قضاءً بالحق وأخذاً بالعدل".
5/ أجهزة دولة الخلافة تختلف عن الأجهزة الحالية في الحكم، فأجهزة الحكم والإدارة في دولة الخلافة مأخوذة من الأجهزة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وهي: (الخليفة - ا لمعاونون - وزراء التنفيذ - الولاة - أمير الجهاد - الأمن الداخلي - الخارجية - الصناعة - القضاء - مصالح الناس - بيت المال - الإعلام - مجلس الأمة).
6/ مالية جميع الأقاليم والولايات مالية واحدة، توضع في ميزانية واحدة، فينفق على كل ولاية بحسب حاجتها بغض النظر عن وارداتها، فرعاية شؤون الرعية من أوجب واجبات الحاكم.
7/ جهاز (مصالح الناس) يقوم بخدمة الرعية بأكمل وجه، فلا تأخير وتناقض وتداخل صلاحيات كما هو الحال في الوزارات في ظل الأنظمة الجمهورية، التي يجزأ الحكم فيها ويوزع على الوزارات ويجمعها مجلس وزراء بيده الحكم الجماعي، بل إن الحكم في الخلافة للخليفة فهو المبايع من قبل الأمة برضا واختيار، فيرعى شؤون الرعية عبر جهاز خدماتي متميز (مصالح الناس) يتابعه الخليفة بنفسه، فلا تداخل صلاحيات وتأخير مصالح الناس بحجة أن الميزانية نفدت والمالية لم تعطنا نصيبنا بعد، بل ميزانية الدولة واحدة وينفق على مصالح الناس بشكل عملي حاسم.
8/ أمير الجهاد وقواته المسلحة (الجيش) هو صمام الأمان، وهو حامي حمى البلدان، ووظيفته إضافة للجهاد في سبيل الله، هو ضمان أن تبقى الدولة موحدة لا قلاقل فيها ولا يسمح بوجود حركات انفصالية أبداً، ويوجب إعلان القتال فوراً لحفظ نظام الوحدة، والقضاء على نظام الاتحاد. فهو يد يبطش بها الكفر والكافرين، ومصدر أمان لكل الأمة بل ومصدر افتخار.
9/ لا حصانة للخليفة أو أي والٍ أو عامل في الدولة، فالخلافة ليست نظاماً ديكتاتورياً يستأسد فيه الحكام على الشعوب، بل يقف الخليفة وحكامه مقابل أي فرد من أفراد الرعية مسلماً أو غير مسلم في حضرة القضاء الشرعي، فينصف المظلوم ويعاقب الظالم.
10/ محكمة المظالم يدٌ من حديد يُبطش بها الطغاة والظالمين، وضمانة حقيقية لعدم استبداد الخليفة وديكتاتورية الولاة، يقول الله سبحانه في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا"، والنظر في المظالم كما قال أبو يعلى الفراء: "هو قود المتظلمين إلى التناصف بالرهبة، وزجر المتنازعين عن التجاحد بالهيبة"، فولاية المظالم تحتاج إلى سطوة الحماة، وتثبت القضاة، حتى يُزجرَ من تسولُ له نفسه من الولاة من ظلمِ الرعية، ويُرهب كل من يفكر أن يتعدى على الحقوق العامة؛ بل إن لها صلاحية عزل الخليفة نفسه!، ولذلك يكون لمحكمة المظالم دار تتناسب وعظمة هذا المنصب في الإسلام، الذي يحافظ على شكل الحكم فيمنع جعله حكماً عضوضا ديكتاتورياً ظالماً، وشعار هذه المحكمة قول العدل سبحانه: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
وختاماً: تلك عشر كاملة تدلل على أن الخلافة الراشدة هي القادرُ الوحيد على ملء الفراغ الاستراتيجي في السودان وبامتياز!، وما هذه النقاط العشر إلا غيض من فيض ما أعده حزب التحرير لمعالجة أزمة الحكم، ومَن غيرُ حزب التحرير قادرٌ على علاج أزمة الحكم وملء الفراغ الاستراتيجي عبر دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة دولة الإسلام المسلمين؟.
﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد هاشم