الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مساواة النوع وتمكين المرأة... المسار نحو التفكك والضياع

 

شاركت منى عبد الله حرم رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، في اجتماع الدورة رقم (24) للجمعية العامة للسيدات الأول. والجدير بالذكر أن الجمعية العامة لمنظمة السيدات الأول تنعقد تحت شعار: (مساواة النوع وتمكين المرأة: المسار نحو أفريقيا التي نصبو إليها). (الانتباهه أونلاين 10 شباط/فبراير 2020م).

 

يتبادر إلى ذهن الكثيرين أن هذه الجمعيات تعمل بدأب لمصلحة المرأة، عبر تبنيها سياسات مساواة النوع، وتمكين المرأة، ويركزون على ما ستجنيه المرأة من هذه السياسات التي أهمها حصول النساء على الحقوق السياسية، والاقتصادية، والتعليمية، والقضائية نفسها، تماماً مثل الرجال، لكنهم لا يعلمون حقيقة النتائج الكارثية على المجتمع، والتي ظهر أثرها الماحق على الغرب صاحب هذه الدعوات! فقد تخطى الأمر مجرد حصول النساء على حقوقهن في الاقتصاد والتعليم، إلى مطالبات أخرى منها مساواة الحقوق والأدوار والواجبات للرجال والنساء في الزواج، وفي الحياة، والمجتمع بصفة عامة! وأصبحت هذه الجوانب المهمة لضبط المجتمع وتماسكه خاضعة لمفاهيم المساواة بين الجنسين! وأي اختلاف بين الجنسين في أي دور من الأدوار يوصم بأنه تمييز وظلم وقمع ضد المرأة! ويقال على سبيل المثال إن الرجال والنساء يجب أن يتشاركوا دور المعيل للمرأة، وكذلك الواجبات المنزلية وتربية الأطفال، لدرجة المطالبة بإجازة أبوة للزوج لرعاية الأبناء كما تفعل المرأة، مدعين أن هذا يمثل قمة "العدالة بين الجنسين".

 

ووفقاً لهذه الأفكار تصبح الأحكام الشرعية التي تنظم علاقة الزوجين من ناحية الحقوق والواجبات، التي فصلها رب العالمين، تصبح في مهب الريح؛ فأحكام الولاية والقوامة وطاعة المرأة لزوجها، ودورها الأساس، بوصفها ربة بيت ومربية للأطفال، وتعدد الزوجات، وأحكام الطلاق، وأحكام الميراث، وجميع حقوق الزوج على زوجه؛ من رعاية شؤونه وغيرها، تصبح هذه الأحكام تمييزاً ضد المرأة!

 

وللترويج لتمكين المرأة ومساواتها مع الرجل لم تقدَّم لنا بوصفنا مسلمين على حقيقتها، بل غُلفت بشعارات براقة ينخدع بها البسطاء والعوام من الناس بدون تفكير، مثل "تمكين المرأة" و"حقوق المرأة" و"العدل بين الجنسين" لإغراء النساء لتبنيها والنضال من أجل نيلها، ولاحتضانها وإجبار الدويلات الهزيلة هذه لتكريسها في دساتيرها، وقوانينها، عبر التوقيع على اتفاقيات حقوق الإنسان، وخاصة اتفاقية سيداو التي تجعل المرأة ليست ندا للرجل فحسب، بل تفوقه في كثير من الحقوق، ولكن السؤال البديهي هو، لأجل ماذا نمحو كل ماضينا وتراثنا وأحكام ديننا الحنيف، ونبدل ونغير فيها حتى يتواءم مع سياسات تمكين المرأة ومساواتها بالرجل؟ وهل هذه السياسات هي المنقذة للمرأة في الغرب؟ وهل حققت لها هناء العيش؟ وهل كانت وسيلة للمرأة لضمان الاحترام، والسعادة، والزواج المستقر، والأطفال الأكثر سعادة، فضلاً عن تحقيق التقدم للمجتمعات؟

 

كتبت دايل أوليري، وهي صحفية ومحاضرة أمريكية، وواحدة من معارضي الفلسفة النسوية، في كتابها "الأجندة النوعية: إعادة تعريف المساواة"، (ادعى مناصرو النسوية تعزيز تقدم المرأة، لكن النسوية قد بدت لي أنها فكرة مشوهة للغاية حول ما يعنيه أن تكوني امرأة، وفكرة أكثر بعداً عما يسمى تقدماً)!

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر يعاني الغرب من أزمات تعصف بكيان المرأة، منها انخفاض في معدلات الزواج، وفجوة في أعداد المواليد، وزيادة العلاقات خارج نطاق الزواج، والفوضى والصراع في مؤسسة الزوجية، والأرقام مخيفة عن ضحايا العنف، والضغط على النساء للعمل، ما أدى إلى إهمال حقوق الأطفال، وأصبحت الأمومة دون قيمة.

 

العقلاء من الغرب يشهدون أن مفاهيم التمكين والمساواة هي التي دمرت المرأة، وهي الخطر الذي يتهدد مؤسسة الزواج والأمومة ووحدة المرأة، وتسببت في بؤس لا يوصف للنساء والأطفال والرجال على حد سواء، فضلاً عن توليد مجموعة كبيرة من المشاكل للمجتمعات، والسبب في ذلك هو أن هذه المفاهيم تفسد المجتمع وتشجع النساء على تحديد حقوقهن وواجباتهن بأنفسهن، بغض النظر عما هو الأفضل، وبالتالي فإن كلاً من الرجل والمرأة يوضع لهما الحبل على الغارب ليحدد كلٌ ما تمليه عليه ميوله. وترجيح كفة المرأة لمناصرتها في تنظيم الحياة، ما أدى إلى الارتباك والخلاف في الحياة الزوجية، واختلاط الحابل بالنابل في المسؤولية الأبوية، مما تسبب في إهمال حقوق الأطفال ورفاههم، وخفض قيمة الأمومة، وفقدان المرأة القدرة على تحقيق دورها الحيوي كأم وربة للبيت...

 

رغم معرفة من عاش في الغرب بكل ذلك، ومنهم حكامنا الجدد، لكنهم يسيرون بخطا حثيثة لفرض مفاهيم وأفكار الغرب عن المرأة، هذه السياسات الاستعمارية بفعل الأنظمة العلمانية، كرست هذه النظرة الشاذة والرؤية غير الموفقة في دساتيرها وقوانينها، وقد تبنت حكومة الفترة الانتقالية المعاهدات والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بواسطة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي دعا وزير العدل نصر الدين عبد الباري، بضرورة تصديق السودان على كافة الاتفاقيات الدولية، ومن بينها اتفاقية "سيداو" (للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة).

 

وتُلاحظ الحملة المكثفة للدعاية والإعلان لأفكار تمكين المرأة في كل وسائل الإعلام، وكان آخرها وقفة للمطالبة بالإمضاء على اتفاقية العهر سيداو. كما سمحت هذه الحكومات العلمانية للحركات النسائية القائمة على حقوق المرأة بالعمل بحرية داخل مجتمعاتها وهن يحملن فكرهن المستلب حتى في المساجد، يقمن بعقد ندوات للتبصير بحقوق المرأة، ونشر هذه الأفكار الفاسدة بين النساء.

 

قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلَا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً﴾، لقد نص الإسلام على بعض الاختلافات الواضحة في الأدوار والواجبات والحقوق للرجال والنساء داخل المجتمع. قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾. وقال رسول الله e: »كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمرأة رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ...». علاوة على ذلك، فإن المرأة المسلمة لا تقيّم نجاحها من خلال مقارنة نفسها مع الرجل وحقوقه ومسؤولياته، ولكنها تستند إلى الطريقة التي ينظر إليها بها خالقها وبارؤها وفقاً لأدائها لواجباتها التي فرضها عليها الله سبحانه وتعالى. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّواْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلَىٰ بَعضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكتَسَبنَ وَسـَٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيماً﴾.

 

إن هذه الدويلات الكرتونية مرهونة القرار، ولا تمثل إلا نفسها، وبوصفنا مسلمات، نعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ننظر لهذه اللقاءات والأعمال التي تتعلق بتمكين المرأة ومساواتها بالرجل، على أنها غثاء لا بد سيزول قريباً بزوال عملاء الغرب عن سدة الحكم، لذلك فلا بد من كشف مؤامراتهم، وسياسات التبعية، وتبصير الأمة وتوعيتها بقضاياها المصيرية، والتي أولها إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستطبق الإسلام الذي ينفي كل خبث.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة غادة عبد الجبار (أم أواب) – الخرطوم

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع