الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ورشة التماسك (الاجتماعي) ودس السم في الدسم

 

في يوم الأربعاء 27 شباط/فبراير 2019م، عقدت ورشة حول التماسك (الاجتماعي) دعا خلالها ممثل المجلس الأعلى للإرشاد والتوجيه، الفاتح مختار، إلى أهمية خلق بيئة خالية من الازدراء والتقليل من الآخر، من أجل مجتمع معافى وتحقيق "لا إكراه في الدين"، وأن لكل شخص حرية الاعتقاد والتبشير لدينه. من جانبه أشار الأمين العام لمجلس التعايش الديني، فاروق البشرى، بأن الورشة تجمع بين أئمة المساجد وأساقفة الكنائس، للخروج بمنهج عملي لتقوية النسيج (الاجتماعي)، وأن التعايش الديني موجود وحقيقة معاشة بين كافة الأديان بالسودان. وتابع "المطلوب هو تجفيف منابع الخلاف وإعادة صياغة المجتمعات والحث على القيم الإيجابية". (شبكة الشروق 2019/2/27م)

 

حوار الأديان أو التعايش الديني السلمي يرجع تاريخه إلى العام 1932م حيث بعثت فرنسا ممثلين عنها لمفاوضة رجال الأزهر في فكرة توحيد الأديان، وتلا ذلك العديد من المؤتمرات منها مؤتمر الخرطوم لحوار الأديان في العام 1994م وغيره من المؤتمرات، والتي هي في حقيقتها مؤامرات تحوكها الدول الغربية وينفذها حكام المسلمين، الذين لا يهمهم أمر الدين، لأنهم زهدوا في الحكم به، فباعوه واشتروا به ثمناً قليلاً إرضاء للغرب الرأسمالي.

 

دائما ما يروج للحريات الدينية، والتعايش السلمي والديني في بلاد المسلمين، وعادة ما يتم الركوب على الآليات الأممية، والمعاهدات الدولية، التي صاغها حفنة من الأشخاص وفق الهوى والميول الليبرالية في دول الغرب وصادقت عليها دويلات العالم الإسلامي رغبا ورهبا، فأصبحت هذه المعاهدات والمواثيق في حقيقتها من أجل تدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الضعيفة، تحصيناً لمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، باسم الحريات الدينية والتعايش السلمي.

 

ويؤكد في هذا الصدد الناقد السياسي الأمريكي البارز "نعوم تشومسكي" أن الغزو الأمريكي للعراق خلق انقسامات طائفية كبيرة، تولى تنزيلها على الأرض الحاكم المدني الأمريكي "بول بريمر" باقتدار كبير، وذلك من خلال فصله للطوائف والإثنيات، ثم بأيدي مخابرات الغرب ظهرت (داعش) كأيديولوجية مساعدة لتركيز هذا الفصل، تستحل القتل على الهوية الدينية، والتهجير القسري للأقليات الدينية أو العرقية، والذبح على الأساس الطائفي، واختفى التعايش السلمي بين مكونات المجتمع في البلاد الإسلامية الذي بناه الإسلام عبر قرون.

 

والمدقق في الأفكار التي طرحت في الورشة بحضور علماء مسلمين وقساوسة، هي فكرة التعايش السلمي، وقبول الآخر، وتجفيف منابع الخلاف، وإعادة صياغة المجتمعات، والحث على القيم الإيجابية... هذه الأفكار كلها تصب في إيجاد جوامع مشتركة بين الأديان! وهي عينها ما ورد في الميثاق المشترك لحقوق الإنسان، وحقيقة هذا الميثاق أنه يدعم كل دولة تنتهك حقوق الإنسان إذا كان ذلك في سبيل المصالح الأمريكية خاصة، والمصالح الغربية عامة، ويفرك أذن الدولة التي تبدي بعض الاعتراض على سياسة التركيع الأمريكية، وإزالة مفهوم العدو في ثقافات الشعوب من أجل إحلال السلام والتعايش بين أصحاب الديانات، ولا يقصد بذلك مفهوم غير حكم الجهاد في الإسلام، لتبقى الأمة الإسلامية تحت القدم الأمريكية، تجاهد في سبيل منع صرخة الألم، وتحولها إلى ابتهال لـ(الإله الأمريكي)، بدوام نعمته على المسلمين، فما يفعله بنا هو تطهير لذنوبنا وآثامنا، حتى تتهذب نفوسنا، وترتقي لتستحق الالتحاق بخدمة الرجل الأبيض!! هذه هي حقيقة كل فعاليات تعايش الأديان، وهذه هي حقيقة من يشارك فيها من مشايخ ودعاة من المسلمين، سواء شارك بحسن نية أو بسوئها.

 

وتؤسس هذه الحوارات للبحث عن الحقيقة، باعتبارها نسبية، وأنه لا يجوز للمسلمين أن يحتكروا الحقيقة، بل يجب أن تشاركهم كل الأديان، واللادينيون، ويجب إخضاع كل الحقائق للديمقراطية، فإن وافقت عليها الأغلبية كانت أقرب للحقيقة، وإن رفضتها الديمقراطية كانت باطلة! فالجهاد، وهو أبرز حكم يُبحث عادة في هذه الفعاليات، هو حقيقة إسلامية، لكن يجب إخضاعها للديمقراطية الغربية، فإن وافق الغرب عليها كانت حقيقة، وإن رفضها الغرب كانت (إرهاباً) يجب محاربته، وهذا ما يتم تنفيذه بالفعل. إن أهم توصيات هذه الفعاليات للتعايش السلمي المزعوم، هو إيجاد معانٍ جديدة لكلمات الكفر، والإلحاد، والشرك، والإيمان، والإسلام، والاعتدال، والتطرف، والأصولية، بحيث لا تكون هذه الكلمات عامل تفرقة بين أصحاب الديانات، فلا نصف يهود والنصارى بأنهم كفار، بل نصفهم بأنهم مؤمنون، لأن وصفهم بالكفر هو عامل تفرقة بينهم وبين المسلمين!

 

إن فكرة التعايش بين الأديان، أو الحوار بينها، هي فكرة خبيثة ودخيلة، ولا أصل لها في ديننا الحنيف، هذه الفكرة أهم وسائلها التضليل الفكري، والسياسي، والإعلامي، ودائماً ما يلجأ الغرب إلى الجهات الرسمية في بلاد المسلمين، بعقد المؤتمرات، والندوات، وورش العمل، وتشكيل فرق العمل المشتركة، لأن الغرب يعلم أن المسلمين بعامة، تتجذر فيهم قيم الإسلام وعقيدته، ولو لم يكن الحكام خاضعين للغرب لما قبل أحد بهذا الحوار المسخ، الذي يبدل نسخة جديدة حسب هوى الرأسمالية بدين الحق الإسلام.

 

تدعو فكرة التعايش بين الأديان إلى إيجاد قواسم مشتركة بين الأديان، فهي تدعو إلى إيجاد دين جديد، ملفق، يعتنقه المسلمون بدلاً عن الإسلام، وقد أكدت على ذلك أحداث كثيرة، منها أن أمريكا وعملاءها قاموا بطبع كتاب خليط من القرآن والإنجيل والتوراة، ويوزع منه في الكويت على طلاب المدارس الخاصة، والهدف الأساس هو صبغ العالم بالحضارة الرأسمالية، لمحو الثقافة الإسلامية، وزعزعة ثقة المسلمين بمصادر الثقافة وأساسها، وتجريد الإسلام مما يميزه عن غيره من الأديان وهو نظام الحكم.

 

وأخطر أهداف فكرة التعايش السلمي، هي صياغة المسلم صياغة جديدة بحيث يصبح:

 

لا يرى غضاضة في ترك الواجب وفعل الحرام...

 

إفساد الذوق الإسلامي لديه...

 

قتل الحمية للإسلام في نفسه...

 

لا يبغض الكفر ولا الكفار...

 

لا يأمر بمعروف، ولا ينهي عن منكر...

 

إزالة المناعة الثقافية في الأمة الإسلامية...

 

والمحافظة على مصالح الغرب في بلاد المسلمين...

 

وأهم أبجديات التعايش الديني اعتبار التعليم الديني جزءاً من الدراسات الإنسانية، التي تهدف إلى تكوين شخصية منفتحة على الثقافات الأخرى، وهذا ما سعت إليه بريطانيا عندما أشرفت على وضع مناهج التربية الإسلامية في المدارس، ومناهج الشريعة في الجامعات، ويتم ذلك بالطبع بعيداً عن تعليم فاعلية العقيدة الإسلامية، وحرارة التقيد بالحكم الشرعي.

 

وأوجد التعايش السلمي، وحوار الأديان عبر مؤتمراته وورشه، مفاهيم موحدة للعدل، والسلام، والمرأة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، وأخلاق العمل، والتعددية، والحرية، والسلام العالمي، والتعايش السلمي، والانفتاح الحضاري، والمجتمع المدني،... وكل واحدة من هذه الألفاظ هي من رحم الحضارة الغربية ولا علاقة للإسلام بها، ونتج عن ذلك تمييع بعض أحكام الإسلام وعدم التمييز بين الدخيل والأصيل، بين الكفر والإيمان، فصار الربا مباحاً، والاستشهاد انتحاراً!!

 

كل ذلك محاولة لإقناع المسلمين بأن الحضارة الغربية هي الحضارة الإنسانية والعقلانية، والحضارة الناجحة! أما الإسلام فهو تقليد واستبداد وتراث، وهو دين غير حضاري، لأنه يمجد سيادة الدين والرق وتعدد الزوجات.

 

النبي r هو أول من قام بالتطبيق العملي لما نص عليه القرآن الكريم من أحكام التعامل مع غير المسلمين، وكانت بداية التطبيق تلك منذ قدومه r مهاجرا إلى المدينة المنورة، فعمل على إبرام وثيقة / معاهدة بين المسلمين وطوائف المدينة، تؤسس لأسس حكم بشريعة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، واشتملت الوثيقة على سبع وأربعين قاعدة في تنظيم علاقة المسلمين بغيرهم، فهذه الوثيقة التاريخية شاهدة على أن الدولة الإسلامية كنظام حكم، هي من يتعامل فعليا مع أهل الذمة بأحكام شرعية، وهي فقط القادرة على رعاية شؤون أهل الذمة، بما يضمن لهم حياة سعيدة مستقرة آمنة، وهذا ما يشهد به التاريخ وعلى مدى قرون طويلة.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة/ غادة عبد الجبار – أم أواب

 

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 06 آذار/مارس 2019م 19:39 تعليق

    بارك الله فيكم وفي جهودكم ونفع بكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع