الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
أم وزوجة وربة بيت ضريبة لعبودية الإنجاب!  هكذا أفسدت العلمانية على المرأة حياتها!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أم وزوجة وربة بيت ضريبة لعبودية الإنجاب!

هكذا أفسدت العلمانية على المرأة حياتها!

 

 

ما معنى أن تكون المرأة أما وزوجة وربة بيت بمنظور عقيدة تتنكر لكل قيمة إنسانية أو أخلاقية أو روحية لأنها تعتبر أن النفعية هي مقياس الأعمال وهي الوازن والموزون؟؟ وبأن قيمة الإنسان تُقاس بإنتاجيته داخل المجتمع وبمستوى دخله المادي؟! بالتالي، فإن "ربة البيت" هي خارج حساب الأفراد المنتجين، لأن القاعدة التي تُقيّم اعتبار الأفراد هي "دعه يعمل دعه يمُرّ" أما الأم وربة البيت فهي خارج السياق الدولي الجديد، لأنها لا تُمارس عملا بمقابل، ولأنها ربطت نفسها بالزوج والأولاد والأسرة حسب ما جاء في وثيقة بيكين!

 

فأنْ تُقدم المرأة عملا بدون مقابل ولا أجر، تشقى فيه وتتعب وتُضحّي فيه بوقتها وصحّتها وجهدها دون أن تُحقّق ربحا ماديا يُعتبر غباءً وتخلّفا إن كان برضاها، أو اضطهادا وتعديا على حقوقها إن كانت مُجبَرة عليه!

 

من هنا كان تصنيف المرأة الأم والزوجة وربة البيت إما ظالمة لنفسها أو مظلومة، إما أنها اختارت بإرادتها أن تعيش دورا تقليديا قاصرا، وأن تنأى بنفسها عن المشاركة في بناء مجتمعها وتطويره وإثبات ذاتها وبناء استقلاليتها، وأن ترمي مسؤولية إنفاقها ورعايتها على الرجل، فتكون عالةً في أسرتها ونواةً عاطلة. هذا التصنيف يوقع المرأة في فخّ اختياراتها، ويُعرّضها للمحاسبة والمساءلة إن هي اشتكت أو طالبت بأي حق لها، فالقانون لا يحمي المُغفلين والمُفرّطين في أنفسهم! وقبل ذلك يُعرّضها للازدراء والاحتقار حتى من بنات جنسها! وقد يتخلّى عنها زوجها لأنه يؤمن بأن الحياة الزوجية شراكة في الأدوار والمسؤوليات، وليست تفرّدا بوظيفة دون أخرى، فلن يكون هو في كل مرة المنفق والمعيل، لأنها ستكون هي المستفيدة والمُستغلة!!

 

أما التصنيف الثاني فهو يحظى بالتعاطف والمساندة، لأن المرأة هنا لم تختَر أن تضع نفسها في هذه الخانة، لكن الزواج والأسرة والأطفال شرٌّ لا بُدّ منهم، وهذا هو المصير الأسود الذي يتربّص بالنساء الفاشلات ممّن لم يُحققن إنجازا أكاديميا! فتتلقف المرأة هذه الدعاوى التي تصوّرها في دور الضحيّة، وأن وظيفتها في الحياة أكرم من أن تختصر بين جدران البيت؛ ما بين تنظيف وطبخ وتربية لأولادها، وأن عملها داخل بيتها منقصة في حقها وإقلال من شأنها، حتى صار السؤال الذي يبعث فيها الارتباك والضيق هو "ما هو عملكِ"؟؟ وغالبا ما تكون الإجابة بحسرة وخجل "للأسف أنا جالسة في البيت"!!

 

أما المرأة النموذج التي تحظى بالتقدير والاحترام والترقيات والسفر ودور المثالية، فهي التي تعمل لتثبت ذاتها وتتحدّى حتى حدود الفطرة ولا ترضى أن تكون عاطلة أو مُهمّشة وتحصر دورها في آلة الإنجاب، وخدمة البيت، وهي التي تُزاحم الرجال وتنافسهم في أعمال مُجهدة أحيانا، وفي وظائف شاقة، لتتجاوز الأدوار التقليدية التي أعدّت لها، وتحطّم حاجز الاعتماد على الرجل، وهذه المرأة قد تتزوّج وتنجب، لكنها لا تلتزم بالصورة النمطية عن الأم والزوجة ومربية الأبناء، وإنما تضاعف جهدها وطاقتها على حساب نفسها وأسرتها وأطفالها، حتى لا تُفرّط في وسام الشرف الذي استلمته من الحكومات والجمعيات النسوية والوسائل الإعلامية، بأنها المرأة الحديدية القادرة على مجابهة التحديات!!.. ويبقى السؤال مطروحا: مَن وضع لها هذه التحديات والشروط التي لا تمنحها كامل إنسانيتها إلا بإنهاك نفسها والتقصير في وظائفها الفطرية بدعوى إثبات الذات؟؟ وهل كانت الغاية من هذا تحقيق مصلحة المرأة أم مصلحة الفرد الرأسمالي الجشع؟؟

 

لقد تزامنت كلّ هذه الدعاوى مع التطورات الصناعية في الدول الغربية، والتي ارتأت حاجة المرأة للمشاركة في العمل خارج المنزل مع الرجال بدافع زيادة الإنتاج، وبما أن الأيدي العاملة يجب أن تكون رخيصة فإن النساء هن الخيار الأمثل لذلك، بل إن الفجوة في الأجور والرواتب بقيت بشكل ملحوظ حتى اليوم بين الرجال والنساء، الذين يشغلون الوظائف نفسها لصالح الرجال، رغم الدعاوى للمساواة، ومزاعم إلغاء الفروقات والتمييز بين الرجال والنساء! وهذه هي العلمانية في أقبح صورها وأقذر صفقاتها، لتستغلّ المرأة على حساب أمومتها وأسرتها وبيئتها الطبيعية بالمتاجرة ببعض الدعاوى الزائفة لتُصدّقها المرأة!!

 

لقد انتهكت العلمانية فطرة المرأة وعبثت بحياتها، يوم استهترت بدور الأمومة وجعلته محصورا فقط في الإنجاب، حتى أصبح دور الأم موكولا للحاضنات والخادمات ودور رعاية الأطفال وليس حكرا فقط على الأم نفسها، حتى فكرة الأم المُنجبة استغنت عنها وعوّضتها بالأم البديلة التي تُؤجّر رحمها لتحظى الأم الأصلية بفرصة العمل وإثبات ذاتها والمحافظة على رشاقتها وجسمها!! هذا الرابط الوحيد المتبقي بين الأم وجنينها والحبل السري صار له بديلٌ بمقابل مادي تُوفّره الأنظمة الرأسمالية في الغرب بصفة رسمية وقانونية، لتمسح فطرة المرأة بالكامل، وتتعدّى على أبسط حقوقها وهي أن تكون أما تحمل ابنا في أحشائها!! حتى وصل الأمر بغُلاة النسوية إلى إلقاء اللوم على كاهل البنية البيولوجية للمرأة، فقد أشارت سيمون دو بوفوار في كتاب عبودية الإنجاب "إن الإنجاب يحُدّ من حرية المرأة وهو في الواقع عبودية يجب محاربتها وأنّ لُبّ اضطهاد المرأة يتمثل في دورها كحامل ومُرضع ومربية"!

 

وقد سعى الغرب إلى إضعاف مناعة المجتمع المسلم من خلال نشر لفظة تحرير المرأة، ليُوحي بأنها عبد يجب تحريره وأنها تتخبط وتحتاج من ينقذها، ولن يتصدى لذلك التحرير إلا دعاته!! فكانت الهجمة شرسة على مفهوم "الأم والزوجة وربة البيت" حتى صارت كلمة الزوجة وصفاً للحالة المدنية بعيدا عن معناها العميق والمتجذّر في تصوّرات المرأة المسلمة عن الزوج وعلاقتها به ومفهوم الطاعة وحسن المعاشرة والتبعّل والاحترام والمودّة والرحمة. هذه المفاهيم المتأصلة التي نصت عليها النصوص الشرعية أصبحت تُقدّم بأسلوب مُبتذل على الفضائيات، يُقابَل بالتهكم والازدراء، أو من خلال بعض الدعاة والدروس الدينية في الشاشات والإذعات فتبالغ في الوصف حتى يُصوّر لنا أن الزوجة الصالحة كائن أسطوري وليست بشرا سويّاً!

 

وقد لعبت الأفلام والمسلسلات والقصص والروايات في خلق صورة جديدة للمرأة المسلمة عن الزواج، بأنه ارتباط مشروط، يقوم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الحريات، وحق التمرّد، وتبادل الأدوار الأسرية، والاستقلال المادي، وغيرها من المفاهيم الفاسدة التي انحرفت عن الفهم الشرعي للزواج والزوج، وحوّلته إلى حلبة صراع في منافسة مُفتَعلة، يجب أن تثبت فيها المرأة جدارتها وسيادتها وإلا فسينتهي بها المطاف لزوجة تنتظر زوجها في المساء ليأتي لها بالدقيق فتخبزه!!

 

وقد عزّزت الحكومات في بلادنا الإسلامية، مثل هذه المفاهيم المضلّلة بسنّ قوانين هجينة عن الفهم الشرعي، بإملاءات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات المتنفذة التي تعقد المؤتمرات والندوات لتخرُج بمقررات مفادها أن المرأة المسلمة مُضطَهدة في بيتها تحت ولاية زوجها وأنه يجب إلغاء العادات والتقاليد والأعراف التي تُعزز هذه العقلية التقليدية، وقد اعتبرت اتفاقية سيداو أن أشكال التمييز ضدّ المرأة تبدأ من حصر وظيفتها في الأمومة والزواج ورعاية الأبناء، وعليه كانت البنود التي وقعت عليها أغلب الدول العربية من باب رفع أشكال العنف بتجريم الزواج المبكر وحق الإجهاض والطلاق... وآخرها في تونس حق زواج المسلمة من الكافر!!

 

أما وضعية ربة البيت فهي تحظى بالكثير من التهميش والاحتقار، ويظهر ذلك حتى في بطاقات الهوية الرسمية في كثير من البلدان حيث إن المهنة "عاطلة عن العمل"، وقد وصل الأمر بنعتها "لا شيء" في بعض البلدان التي تزعم أنها رائدة حقوق المرأة!! وللأسف فقد صارت وظيفة ربة البيت الأكثر إجحافا واستخفافا في بلادنا الإسلامية، وصار العمل حقا مُلزما لها وليس استجابة لحاجة المرأة للعمل أو لحاجة المجتمع لعملها، فضلا عن مدى مناسبة العمل لطبيعة المرأة. والمأساة الأخزى والأفظع أن يُصبح العمل ضغطا اقتصاديا يستنزف طاقة المرأة ويستغلّ الأوضاع المادية المتردّية فيحرمها من عيش وظيفتها الطبيعية كأم ترعى أبناءها وزوجة تهتمّ بزوجها وربة بيت ترعى بيتها دون التفكير في ضرورة تأمين لقمة العيش وضمان العيش الكريم الذي عجز الزوج عن توفيره، أو بالأحرى عجزت الدولة عن توفيره!!

 

فكانت النتائج كارثية؛ صار الإهمال الأسري متفشيا داخل عوائل كثيرة، وصارت المشاكل الزوجية مستشرية نظرا لكثرة الأعباء والضغوطات المادية والنفسية التي تحيط بالأزواج، وارتفعت نسب الانحراف في صفوف الأطفال نظرا لغياب ولاة أمورهم عن المتابعة والمراقبة، وتفككت أسر كثيرة وزادت معدلات الطلاق وارتفعت نسب العنوسة والعزوف عن الزواج، وانفرط العقد!!

 

ولأن مؤسسة الأسرة سلسلة من الحلقات المترابطة، بُنيانها مرصوص بأحكام الله ومحميّ بشريعته سبحانه، أدرك الغرب أهمية دور المرأة في هذه المؤسسة فاستهدفها كأم وكزوجة وكربة بيت في محاولة لاستنساخ صورة عن المرأة الغربية بنسخة مضطربة جدا!

 

لكن لا يمكن إنكار أن قائمة الأولويات لدى الكثيرات من المسلمات قد انقلبت، فلم يعُد دور الأم والزوجة وربة البيت هو الرسالة الأولى لهنّ، وغاب عظم الدور وارتباطه بعظم الأجر الذي تناله من الله إن هي أحسنت واتقت وكانت راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها.

 

ولقد ضمن الإسلام للمرأة حياة مطمئنة مستقرّة تعيشها بوصفها إنسان ابتداء، وراعى خصوصياتها الفطرية ونظّمها لها بشكل يتوافق مع بيئتها وطبيعتها. يبقى أن تطبيق هذه التشريعات الربانية هي مسؤولية شرعية تلتزم بها المرأة وتنفذها الدولة وتخلق المناخات الملائمة لها من باب حسن التطبيق وضمانه.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

 

 

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 08 تشرين الأول/أكتوبر 2018م 13:44 تعليق

    #أنقذوا_الأسرة
    #SaveTheFamily

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع