الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

واقع التعليم بين الماضي والحاضر والمستقبل عند المسلمين

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(1)


كان التعليم في مصر منذ الفتح الإسلامي لا يعرف إلا التعليم القائم على أساس العقيدة الإسلامية، حتى مجيء الحملة الفرنسية ومداهمتها مصر وتغييرها مجرى الحياة وخاصة البيئة التعليمية، فقد كان التعليم يعتمد على الكتاتيب القرآنية. وكان المسجد هو المؤسَّسة التعليمية الأولى؛ كمسجد عمرو بن العاص الذي كان منارة لنشر الإسلام، ومقاومة الفكر الروماني المسيطر على أهل مصرَ في تلك الأيام.


أصبح مسجد عمرو بن العاص مركز إشعاع للحركات العلمية والأدبية في مصر بصفة رسمية، فكان المسجد يقوم بمهمة الجامعة في دراسة الفقه بطريقة منظمة في زوايا خاصة في المسجد على اختلاف المذاهب، لكل زاوية شيخ يجري عليه الرزق يدرس لطلبة العلم علم الفقه. ولما أنشأ الفاطميون الأزهر لخدمة فكرهم الشيعي، رسخوا حكمهم من خلال مسجدي عمرو بن العاص والأزهر لتدريس الفقه الشيعي. وكان نظام التعليم في الأزهر يقوم على أن هناك أستاذا للمادة يشرف على مجموعة من الطلاب، وكانوا يحرصون على ملازمة أستاذهم حتى الممات، وكل همهم أن يصلوا إلى رتبته العلمية. وكان الطلاب يحصلون على إجازات علمية في مادتهم التي يدرسونها، ثم يقومون هم بالتدريس بدلا من الشيخ أو معه.


بانتهاء العَصْر الفاطمي في مصر حلت الدولة الأيوبية محل الدولة الفاطمية، فأزال الأيوبيون من مصر جميع ما يتعلق بالتعليم الشيعي، فأزالوا الفقه الشيعي وأحلوا الفقه السني مكانه، ودرس الأيوبيون المذاهب الأربعة، فأنشأ صلاح الدين المدرسة الناصرية لتدريس الفقه الشافعي، والمدرسة القمحية لتدريس الفقه المالكي، والمدرسة الصلاحية وغيرها من المدارس التي تقوم على الأوقاف لتدريس المذاهب السنية. ثم حذا العلماء حذو صلاح الدين في بناء المدارس، حتى بلغ عدد المدارس 26 مدرسة، أشهرها المدرسة الكاملية التي بناها الملك الكامل.


ثم كثرت المدارس بعد ذلك، غير أنّ المسجد الأزهر ظل هو المنارة العلمية الأولى، والجامعة الأم التي ينبثق منها العلم. ثم جاء عصر المماليك ولم يتغير التعليم عما كان عليه أيام الأيوبيين، ولكنهم جددوا وطوروا ما كان عليه الأمر في عصر الأيوبيين؛ لذا يُعدّ عصر المماليك عصر الذروة كما يقال؛ ففيه بلغت الدولة الإسلامية أزهى عصور التقدم، وحفلت مصر في تلك الحقبة الطويلة بجمهرة كبيرة من العلماء والكتاب؛ من أمثال: ابن حجر العسقلاني، والقلقشندي، والمقريزي، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم مما أسهم في ازدهار الحياة العلمية.


وفي العصر العثماني كان العثمانيون يظنون أن مصر هي المركز العلمي القادر على تثقيف الجيش الفاتح، ولكنهم فوجئوا بانحطاط التعليم في مصر بعامة والأزهر بخاصة؛ والذي أفل نجمه في عهدهم، لذا حاول العثمانيون تطوير التعليم، وانصب الاهتمام فيه على العلوم الإسلامية واللغة العربية. ولذلك كان الطلاب يحفظون القرآن الكريم والمتون العلمية، ويتعلمون القراءة والكتابة، وقواعد النحو، وحفظ المتون العلمية، ويذكر الجبرتي في هذا بعض الكتب التي كانت تُدَرَّس في ذلك العصر من مثل: الأشموني، وابن عقيل، والأزهرية، وشذور الذهب، وكتب التوحيد مثل الجوهرة، وكتب المنطق والاستعارات والمعاني والبيان، وكتب التفسير المتعددة. وكان الاهتمام في هذا الوقت منصبا على الشروحات والمتون، فخرجت لنا كتب كثيرة لشروحات المتون، ثم شرح الشرح، ثم شرح شرح الشرح، وكانت النتيجة أن تطرق الإبهام إلى المعاني الأصلية، واضطربت المباحث، واختلفت التراكيب وتعقدت العبارات، واختفى مراد المصنف.


أما إذا أتينا لمناهج التعليم في مصر أيام الاحتلال الفرنسي، فإننا نجدها قد اضمحلت بشدة وذلك عندما بدأت العقيدة تهتز في النفوس، وفي ظل الهزائم المتعددة أمام الفرنسيين والتي أدت في النهاية إلى الاحتلال، اهتز المسلمون اهتزازا شديدا لما رأوا من قوة السلاح، وتفوق الغرب العلمي على المسلمين، ممّا جعلهم ينظرون إلى هؤلاء على أنهم أهل القوة والحضارة، فانبهر بهم قوم وأقبلوا على كل ما هو غربي، ظنا منهم أنَّ هذا هو الحق!!.


حرص الاستعمار على القول بأن الحملة الفرنسية كانت هي الخير والبركة، لأنها أيقظت المسلمين من سباتهم، وأطلعتهم على العلوم الحديثة، والنهضة العلمية الكبيرة، وسار الفرنسيون يبثون في مصر أن المسلمين لا يعرفون من العلوم الدنيوية شيئا، سواء الرياضة أو الكيمياء، حتى إن الشيخ الإنبابي شيخ الأزهر في ذلك الوقت سُئِلَ: هل يجوز تعليم المسلمين العلوم الرياضية كالحساب والهندسة والهيئة والطبيعيات؟ فأجاب: "يجوز ذلك مع بيان النفع من تعلمها"، وكأن مثل هذه العلوم لم يكن للمسلمين عهد بها!.


تحويل التعليم الأزهري إلى مدني:


كان محمد علي خدعة كبيرة على المسلمين كما كان مصطفى كمال بعده! فما كاد يصل إلى الحكم حتى نصب نفسه حاكما مستبدا، وبدأ في التخطيط لتعليم جديد بعيد عن روح الإسلام، فأخذ يرسم لنفسه الخطط لاكتساب أكبر قدر من البلاد لتكون تحت يده للخروج من تحت عباءة الخلافة الإسلامية. وبدأ ينفذ أحلامه وجعل سير التعليم يأخذ منحى غربيا مخالفا لكل القيم الإسلامية، وليس الأمر كذلك فحسب بل إنه عزل التعليم الديني بالكلية عن الحياة، وجرده من كل مقومات الحياة، حتى إنه ألغى الأوقاف الإسلامية على مدارس الأزهر، وكان لذلك أثره الكبير في قطع مواد الأزهر، والتضييق على الأساتذة.


كان التعليم الذي أنشأه محمد علي في مصر تعليمًا أساسه الجيش، فالمدارس الحربية لتخريجه، ومدرسة الطب لتطبيبه، والهندسة لتصميماته، والمدارس الصناعية لإمداداته، والبعثات لسد حاجاته، حتى البعثات العلمية الأوروبية التي أرسلها كانت بإدارة عسكرية. أما الأزهر والمساجد والتعليم الديني فقد أبقاه بدون أوقاف، مما أدى إلى قلة الراغبين فيه، حتى إنه بعد قليل من السنوات انفصل التعليم الديني تمامًا، وأصبح خاليا من العناصر الدنيوية، وقطع عنه كل الموارد، وكأنه منعزل عن مصر تمامًا.


وأخذ الفكر الغربي في عهد محمد علي يعرف طريقه إلى مناهج التعليم المدنية التي يشرف عليها الفرنسيون، فتأثر التعليم في مصر تأثرا كبيرا بهم حتى وصل إلى لوائح التعليم، وديوان المدارس والخطط المدرسية؛ وكل ذلك كان مترجما من اللغة الفرنسية إلى العربية بدقة كبيرة، وكانت اللجان التعليمية مكونة من الفرنسيين ومن المصريين الذين تعلموا في فرنسا، بل إن هيئات التدريس كانت فرنسية بشكل كامل.


لم يكن محمد علي يعمل من تلقاء نفسه بل إنه كان محاطا بخبراء فرنسيين يساعدونه على تسيير الأمور في البلاد، ويخضعون مناهج التعليم لأهدافهم الصليبية الاستعمارية في القضاء على الوازع العقدي في نفوس المسلمين. ومضى محمد علي يدخل التقنية الحديثة الأوروبية على المدارس المصرية بعيدا عن التعليم الديني الأزهري، فقام بترجمة الكتب الفرنسية إلى العربية، وحذف المترجمون كل ما يمس العقيدة الإسلامية إذ جردوها من كل روح، وعملوا على إبعاد الطلاب عن كل ما له صلة بالدين، والشرع، والعقيدة، وبلا شك أضر ذلك بمصر أشد الضرر وبالأمة الإسلامية جمعاء.


ثم جاء الاحتلال الإنكليزي لمصر ليزيد الطين بلة في مجال التعليم، فقد وضع برنامجا تعليميا كان من أهم نتائجه ما يلي:


أ- إهمال التعليم وجعله بمصروفات باهظة بعد أن كان بالمجان.


ب- سيطرة مستشار التعليم الإنجليزي دنلوب على التعليم والذي عمل على قتل روح الابتكار.


ج- اقتصر هدف التعليم على تخريج موظفين للدولة.


د- ارتفاع نسبة الأمية في مصر حيث وصلت إلى 92% بين البنين و97% بين البنات.


لقد استطاع دنلوب أن يرسم سياسة تعليم على وفق الهوى الغربي النصراني، فكان أن وُضعت مناهج تقطع الصلة بين الأمة الإسلامية ودينها التليد، فتم تشويه التاريخ الإسلامي، وأهملت دراسة الدين إلا في أضيق الحدود، وتم إعادة تعريف الإسلام على أنه الدين الذي أتى لهدم عبادة الأصنام التي عُظمت في الجاهلية، ولتحريم وأد البنات وشرب الخمر ولعب الميسر وغارات السلب والنهب.. وفقط، وقد انتهى دوره بقضائه على هذه الأشياء.


وقد اعتمد دنلوب في سياسته لتطوير التعليم وتغريبه: على سياسة المثل الإنجليزي المشهور «بطيء لكنه أكيد المفعول»، وسدد ضربات قاتلة إلى التعليم الأزهري، الذي كان عصب التعليم المصري في ذلك الوقت، ويعود خبث خطة دنلوب إلى تركه للأزهر على ما هو عليه من الحالة المتردية، ودعم المدارس المدنية غير الدينية - التي لا تعلِّم الدين ولا تضعه في خطتها إلا نُتفًا قليلة، وأسند الوظائف العليا والمناصب الرفيعة والمكانة الاجتماعية للمتخرجين من هذه المدارس، ففي الوقت الذي لا يجد فيه خريج المدارس والمعاهد الأزهرية - الذي انتظم في سلك الدراسة عشرين سنة أو أكثر - وظيفة إلا بشق الأنفس، وإن وجدها فهي براتب زهيد لا يكفيه طعامًا وشرابًا فقط هو وأسرته، في الوقت نفسه: يُعيَّن خريج تلك المدارس المدنية في الدواوين والوزارات الحكومية بعد أربع سنوات فقط من الدراسة، ويتحصل على راتب يمثل ثروة ضخمة يحيا بها حياة كريمة في العاصمة القاهرة، ويتزوج ويبقى لديه فائض يشتري به الأملاك والأطيان. في الوقت الذي لا يعيش فيه خريج الأزهر إلا كفافًا، أو عالة، يسأل الناس أعطوه أو حرموه.


ولا شك أن هذا الوضع المتردي لخريجي الأزهر! كان كفيلاً بعزوف الناس عنه، وعن التعليم الديني بشكل عام إلى مثل تلك المدارس المدنية التي تكفل لصاحبها تلك المكانة المرموقة بين أبناء المجتمع، الذي صار ينظر إلى الثروة والمكانة على أنها كل شيء.


ومن أبرز أعمال دنلوب في دفع عجلة التغريب بمصر:


أنه عمل على محاربة اللغة العربية والإسلام والأزهر، ومن ذلك: اضطهاده لمعلمي اللغة العربية من الأزهريين، وبإزاء ذلك: نشر لواء اللغة الإنجليزية وأهلها؛ للسيطرة الكاملة على كل شؤون التعليم، وبذلك أمكنه القضاء على نفوذ اللغة العربية. ولقد مضى في ذلك إلى حد أنّه جعل تعليم سائر العلوم كالرياضيات والتاريخ والكيمياء والجغرافيا والرسم باللغة الإنجليزية، وضيّق على اللغة العربية تضييقًا كبيرًا. وشرع في نزع اعتقاد الشباب المسلم في القرآن، وكان مذهبه كما كان يقول: "متى توارى القرآن ومدينة مكة من بلاد العرب: يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة".


كان دنلوب يسافر كل صيف إلى بريطانيا، ثم يعود في أول العام الدراسي بعدد كبير من المعلمين الإنجليز حملة الشهادات الأهلية، وكانت أبرز كتابات هؤلاء المدرسين تبث الكراهية للغة العربية، وتحطيم آمال الأمة العربية وتغريب التلاميذ واتهام تاريخ العرب والمسلمين وإثارة الشكوك حوله، واتهام الحضارة الإسلامية بالاتهامات المختلفة، لخلق شعور عام بكراهية هذه الأمجاد والنفور منها والسخرية بها.


كما شجع دنلوب انتشار المدارس الأجنبية وفق غايات سياسية تسير في نفس الاتجاه التغريبي الاستعماري، وهمَّ بتحطيم كيان الأمة وإفساد معنوياتها. وعلى الرغم من إقصاء "دنلوب" وتعيين سعد زغلول وزيرًا للمعارف تحت ضغط الرأي العام على اللورد "كرومر"، ظلت السلطة الفعلية في يد "دنلوب"؛ حيث كانت تعتمد من قِبل الوزارة تلك الخطط التي يدبرها مع نظار المدارس، وكبار الموظفين بعد الاتصال به شخصيًا وتلقي أوامره وتعليماته قبل أن يكتبوا تقاريرهم الرسمية، وهو ما حدا بـ"إدوارد لامبير" ناظر مدرسة الحقوق أن يقول في تقريره: "إنّ الموظف القابض على الإدارة الحقيقية لوزارة المعارف هو دوجلاس دنلوب". وقد أبطل "دنلوب" عددًا من الكتب المقررة لأنّها تتحدث عن القيم العربية الإسلامية؛ حيث كانت غير موافقة لهدفه من الوجهتين الدينية والسياسية؛ وذلك بإيرادها قواعد الإسلام وأركانه، مصحوبة بالحكم والآيات والأحاديث التي تحث على حب الوطن والتعاون وإصلاح ذات البين.

 

(2)


ثم جاء بعد ذلك عهد عبد الناصر ليستمر في تخريب العملية التعليمية في مصر ويسير على خُطا أسلافه التدميرية للجيل المسلم الذي بدأ يلقَّن أفكار الاشتراكية العفنة، والعلمانية في أبشع صورها، وتلقى الأزهر أولى الضربات في عهد "عبد الناصر"، عندما قرر مصادرة الأوقاف الخاصة به، في مخالفة للشرع والأعراف والقانون. وكانت الأوقاف، سُنة حسنة يقوم بها المقتدرون من أهل الخير، لتكفل بريعها العديد من أنشطة الحياة والبشر الفقراء، وهي أن يوقف أحدهم مساحة أرض زراعية ينفق ريعها على الفقراء المعدمين. وغيره يوقفها مثلا لرعاية المساجد ودور العبادة، ومنها ما هو موقوف للطيور في السماء، وكانت تنثر لهم الحبوب والغلال على أسطح المساجد وفوق الجبال الصخرية. قال الدكتور حسن الشافعي، رئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر، ورئيس مجمع اللغة العربية، إن "عبد الناصر"، صادر معظم أوقاف الأزهر من الأراضي الزراعية ووزعها على الفلاحين، على الرغم من كون ذلك مخالفاً للشرع والدين، ويضيع على المؤسسة الأزهرية أوقافاً تقدر بمليارات الجنيهات.


وتزامن اقتطاع أموال الأزهر، مع قيام نظام عبد الناصر، بتقليم أظافره ووضع مشايخه وعلمائه ورموزه في قبضة أمنية تمنعهم من قول الحق والجهر به، الأمر الذي سار عليه خَلَفُهُ أنور السادات، إذ استمرت إدارة الأزهر أمنيًا من داخل جهاز مباحث أمن الدولة، واختيار شيخه بناء على تقارير أمنية صادرة لرئاسة الجمهورية، فضلًا عن استمرار استقطاع أوقافه وأمواله.


وفي عهد عبد الناصر تم إضافة مادة «التربية القومية» ضمن المواد الدراسية، تلك المادة التي فرضت على كل المراحل التعليمية من أجل غرس حب عبد الناصر في قلوب الأجيال الجديدة، وأظهرت إنجازات عبد الناصر في القضاء على النظام الملكي الفاسد من خلال الثورة وإنشاء المصانع والسد العالي والإصلاح الزراعي وتمجيد دوره في محاربة الاستعمار ومؤازرة الثورات العربية الأخرى كالثورة الجزائرية وإنجازات أخرى وجعلت من كل شيء إنجازا أشبه بالإعجاز بصرف النظر عن النتائج كمساعدته للثورة اليمنية على سبيل المثال لا الحصر وركزت بشدة على تغييره لوجه مصر وسعيه لتوحيد الأمة العربية.


وأيضا وضع النظام الناصري كتابا اسمه «الميثاق» ليتم تدريسه في المرحلة الثانوية وأشهر من أعد هذا الكتاب هما (أحمد كمال أبو المجد ومحمد حسنين هيكل) وكان يتضمن نفس الأشياء التي تضمنتها مادة التربية القومية بالإضافة إلى أنها تشير أن عبد الناصر حقق العدالة الاجتماعية وحرية الرأي والتعبير التي كانت كذبة يفضحها الواقع فلم يتحقق منها شيء على أرض الواقع في ظل القمع والاعتقالات التي تمت في عهده.


بعد كامب ديفيد وبين عامي 1979 و1981 تغيرت مناهج التربية والتاريخ والقراءة فحذفت كل النصوص التي تتعلق بالحروب بيننا وبين كيان يهود، ثم عندما تسلم فتحي سرور وزارة التربية والتعليم قام بقفزة واسعة في تصفية المناهج وفقاً للمطالب الصهيونية والأمريكية، وكانت المرة الأولى منذ تمصير التعليم التي يشرف فيها على تغيير المناهج لجان أجنبية ضمن مراكز التطوير ويشارك في وضعها أسماء أجنبية.


في 1981/8/25 زار رئيس وزراء كيان يهود "بيغن" القاهرة وكان من بين ما تباحث فيه مع السادات صدق الرغبة المصرية في التطبيع، وقد طمأنه السادات بتأكيد الرغبة في ذلك، وانتهزها بيغن فقال للسادات: كيف تريد أن أصدّق أن هناك نية عندك للتطبيع وطلاب مصر ما زالوا يقرؤون الآية التي تقول (لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم)؟ مما استدعى طلب السادات من وزير التعليم المصري أن يحذف مثل هذه الآيات من المناهج المصرية والتي تتحدث عن عداوة بني إسرائيل للإسلام!


بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 دعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بصوت مسموع إلى تعديل مناهج التعليم في جميع البلاد الإسلامية؛ لتجنب الآيات القرآنية والأحاديث التي تحض على الجهاد، وتجنب ذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة باليهود؛ اتساقًا مع دعوى إشاعة ثقافة السلام بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر ودولة يهود. وقد آتت الضغوط الأمريكية على الأزهر أكلها منذ سنوات عدة، لتنفيذ عدد من التعديلات في المناهج الدراسية بالتعليم قبل الجامعي تصبّ في خانة الهوى الأمريكي والصهيوني منها:


1. حذف مادة الفقه المذهبي من المرحلة الإعدادية، والاستعاضة عنها بمقالات صحفية لبعض موظفي الأزهر تحت عنوان: الفقه الميسر.


2. إلغاء أبواب الجهاد من المرحلة الإعدادية.


3. إضافة مادة الحديث والتفسير في الصف الثالث الإعدادي إلى مادة المطالعة والنصوص منذ العام الماضي.


4. حذف 12 جزءا من القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية منذ عامين، مع إلغاء السنة الرابعة بالثانوية.


5. إضافة اللغة الفرنسية لمنهج الصف الثالث الثانوي مع اللغة الإنجليزية دون تحديد ساعات دراسية لها، بما يعني أنها وضعت لمزاحمة المواد الشرعية التي تم تهميشها بالفعل.


6. اختزال مادة التفسير للصف الأول الثانوي إلى الآيات الثمانية الأولى فقط من سورة الكهف.


7. تصفية مادة الدين تماماً من معاني العبودية وإبقاؤها في ثوب التعاليم الأخلاقية والإرشادات التي تسير على الطريقة الفلسفية في الأخلاق، كما هو الحال تماماً في الخطاب النصراني.


8. زيادة جرعة الإفساد في مناهج اللغات، من خلال تضمين الكتب عبارات ماجنة، وإشاعة حياة الرقص والاختلاط والموسيقى والغناء، وقد احتوت المناهج الحديثة على عدد من المغنين، والشعراء والقصاصين الذين ألبسوا ثوب العالمية، وقدموا للطلبة نماذج تحتذى للنجاح في الحياة العملية.


وفي التعليم العام قاموا بما يلي على سبيل المثال:


1. تقرير اللغة الإنجليزية من السنة الأولى الابتدائية، أي أن الطالب سيتعلم مبادئ اللغتين معاً، كما أن هناك توجهاً لتعميم سياسة المدارس التجريبية (اللغات التابعة للوزارة) في تدريس شطر المواد أو غالبها باللغة الإنجليزية.


2. السعي إلى إلغاء مادة الدين (التربية الإسلامية للمسلمين، والتربية المسيحية للنصارى) وتقرير مادة الأخلاق والتي تختلط فيها نصوص الكتاب والسنة، بعبارات التوراة والإنجيل، وأقوال الفلاسفة.


نماذج من السياسات التعليمية المتخبطة:


وحتى نظهر قدر التخبط نعرض فقط لنموذجين مما يتم باسم التطوير الذي يعاني منه الطلبة وأولياؤهم أشد معاناة، وتعاني من ورائه الأمة كلها:


1. الأول خاص بالشهادة الابتدائية: فمنذ أكثر من عقدين ألغي الصف السادس من المرحلة الابتدائية، وحمّل عقل الطالب فاتورة هذا التقليص الذي تم باسم تخفيف الأعباء عن ميزانية التعليم وتتبع خُطا الدول المتقدمة! وإذا بنا نفاجَأ بعد أربع سنوات فقط بإعلان يقول: إن التجربة قد أخفقت؛ لأنها أرهقت ذهن الطالب دون أن تؤدي إلى تقوية مستواه. وعاد الحديث عن مزايا السنوات الست من جديد وشق طريقه للتطبيق بعد ذلك بسنوات أربع أخرى.


2. والثاني خاص بالشهادة الثانوية: ما زال نظام الثانوية يشهد تجريباً في شكل الشهادة وطريقة الامتحانات منذ حوالي ثماني سنين، وفي كل عام تتراجع الوزارة عن بعض قراراتها السابقة، مما يصيب أولياء الأمور بحالة من الدهشة حين يتحول مستقبل أبنائهم إلى حقل تجارب لقرارات لم تأخذ حقها من التفكير ودراسة الآثار المستقبلية قبل اعتمادها.

 

(3)


إن ما يجب أن تقوم عليه فلسفة التعليم في ظل دولة الخلافة المرتقبة هو إيجاد الشخصية الإسلامية المتكاملة، وبناء مفاهيم الفرد عن خالقه وعن الكون والإنسان والحياة في ضوء القيم الإسلامية العليا التي تجعله مهيأ لعبادة الله تعالى وتنفيذ شرعه في ضوء الكتاب والسنة. كما تقوم على التنشئة الإسلامية السليمة التى تؤدي إلى إيجاد جيل من أبناء الأمة يدرك رسالته في الحياة إدراكا واعيا مستنيرا، بحيث يدرك علاقته بخالقه وبنفسه وغيره من الناس حقوقا وواجبات.


إن رسالة العملية التعليمية تقوم على بناء الشخصية الإسلامية، وتوفير كل ما يلزم الأمة من معارف ومهارات وعلوم وتكنولوجيا تواكب العصر لتعود بالخير على الأمة والعالم أجمع في كل مناحي الحياة من خلال دولة الإسلام المنشودة، دولة الخلافة التي بشر بها خير الأنام. إنها ليست عملاً تلقينيًا للمعلومات بل هي عملية تتضمن نواحي كثيرة ومتعددة؛ تشمل كيفية إعداد الموقف التعليمي المناسب للمتعلمين بكل المعايير التربوية، فالتدريس يعني تلك الإجراءات التي يقوم بها المعلم مع تلاميذه لإنجاز مهام معينة وتحقيق أهداف محددة. فالتعليم لا بد أن يحدث تغييرا في سلوك المتعلمين نحو الأهداف والفعاليات الموضوعة، لذا لا بد أن تكون عملية تربوية هادفة تأخذ في اعتبارها كل العوامل المكونة للموقف التعليمي بحيث يتعاون من خلالها المعلم والطالب لتحقيق الأهداف التربوية.


فالتربية عملية ملازمة للإنسان وهي مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي محكومة بالهدي الإلهي والسنة المطهرة، لذلك لا يقبل الإسلام أن يتلقى المسلم تصوراته وأفكاره من غير مصادرها الأصلية، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون للتربية والمدرسة المفهوم المتميز الواسع النابع من منظور الإسلام في تربية الإنسان لما خلق له وإعداده للدنيا والآخرة فهو خليفة الله في الأرض.


إن المدرسة ركيزة أساسية في صناعة ودعم تشكيل الشخصية للفرد الذي كونته الأسرة ودفعت به إلى ميدان التعليم في مصنع منتج متميز. إنها المؤسسة التربوية الأولى التي تعرض على الطالب سلوكا معينا يناسب وظيفتها ودورها في المجتمع، والمتعلم يذهب إليها من منطلق احترامه لها ولدورها الذي تؤديه في التربية والتعليم والتوجيه فلا بد أن يترك الأثر الأكبر على المجتمع والأمة، والمدرسة برسالتها التربوية عملية ملازمة للإنسان.


لقد هدفت المدرسة منذ بداياتها منطلقة من المسجد إلى البناء المدرسي الخاص بها، إلى أن يكون الفرد المسلم أنموذجا للدين الذي يدين به ويدعو له ونمطا حيا متحركا للفكر الإسلامي الذي يملأ قلبه وعقله ويصدقه سلوكه في الحياة مع نفسه ومع الآخرين. لقد هدفت المدرسة الإسلامية إلى الجمع بين متطلبات الحياة من علم وتكنولوجيا ومعارف متنوعة وتنمية روح الولاء للشريعة الإسلامية والبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة، وكذلك استقامة الأعمال والتصرفات بحسبها وتكوين الفكر الإسلامي المنهجي لدى الأفراد ليصدروا عن تصور إسلامي موحد فيما يتعلق بالكون والإنسان والحياة وما يتفرع عنها من تفصيلات. فهي تعمل على تأهيل الإنسان المستخلَف في الأرض للقيام بدوره بكل الأبعاد من خلال منظومة المفاهيم والقيم المؤثرة في السلوك في إطار بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة (عقلية ونفسية) عن طريق غرس الثقافة الإسلامية وفي كل المراحل دون توقف في عقول الطلبة.


لقد سعت المدرسة الإسلامية ومنذ البداية وعملا بآيات القرآن الكريم على تشجيع وتنمية روح البحث والتفكير العمليين وتقوية القدرة على المشاهدة والتأمل والتبصر بآيات الله في الكون وما فيه وإدراك حكمة الله في خلقه لتمكين الفرد من الاضطلاع بدوره الفعال وكذلك بيان الانسجام التام بين العلم والدين في شريعة الإسلام، فإن الإسلام دين ودنيا والفكر الإسلامي يفي بمتطلبات الحياة البشرية في أرقى صورها في كل عصر.


إن غاية التعليم في دولة الإسلام هي فهم الإسلام فهما صحيحا متكاملا وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة من أجل بناء وتطوير الدولة اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وعلميا وسياسيا و... وتهيئة الفرد ليكون عنصرا نافعا في بناء مجتمعه ويأتي ذلك من خلال:-


1. غرس عقيدة الإسلام والمعارف والمهارات المفيدة والاتجاهات والقيم المرغوبة لدى الطلبة ليشبّوا عليها فاهمين لدورهم في الحياة واعين على عقيدتهم مدافعين عنها وعاملين في ضوئها لخير الدارين.


2. توفير الكوادر البشرية اللازمة لتحقيق تلك الغاية ودفعها من نجاح إلى نجاح.


3. الحرص على مصلحة الفرد والجماعة معا؛ فهو يبتغي مصلحة الفرد من خلال تعليمه تعليما كافيا مفيدا لذاته، كما يبتغي مصلحة الجماعة بالإفادة مما يتعلمه الأفراد.


4. غرس الثقافة الإسلامية لدى الطلبة والتي هي عبارة عن المعارف التي كانت العقيدة الإسلامية سببا في بحثها كعلم التوحيد أم كانت مبنية على العقيدة الإسلامية كالفقه والتفسير والحديث، أم كان يقتضيها فهم ما ينبثق عن العقيدة من أحكام مثل المعارف التي يوجبها الاجتهاد في الإسلام كعلوم اللغة ومصطلح الحديث وأصول الفقه وتاريخ الأمة الذي هو جزء من ثقافتها لما فيه من أخبار عن حضارتها ورجالها وقادتها وعلمائها وثقافة الأمة هي الصانع لشخصيات أفرادها فهي المؤثرة في سلوكهم والمحولة له إلى السلوك المرغوب.


من كل ما سبق يمكننا تحديد مجموعة من الأهداف للعملية التعليمية في ظل دولة الإسلام نجملها بالآتي:


1. إعادة الثقة بأحكام الإسلام وإعادة تثقيف الأمة بالثقافة الإسلامية التي تضمن بقاءها في مقدمة الأمم فثقافة الأمة هي العمود الفقري لوجودها.


2. غرس ثقافة الإسلام في أبنائها ومنع أي ثقافة دخيلة من الوصول إليهم.

 

3. إن استمرار عملية التعليم في المراحل المختلفة هو الطريق الوحيد لحفظ ثقافة الأمة في صدور أبنائها لأنها تمثل الرسالة الإلهية الخاتمة.


4. وضع علاج ناجع لمحاصرة أبناء الأمة الذين سممت أفكارهم من حملهم للثقافة الغربية مقتنعين بها أو مقلدين لها منبهرين بزخرفها المادي.


5. إن من أهم الأهداف للعملية التعليمية هو الحفاظ على عقيدة الأمة في النفوس لكي لا تقع في البدع والخرافات والشرك.


6. إن وضع المناهج يجب أن يكون من أجل صناعة الشخصيات الإسلامية والتي يجب أن تكون ضمن خطة منهجية منظمة.


7. إيجاد الكيان السياسي القوي ماديا وعقائديا بالعلم والإيمان بالصناعة والتكنولوجيا مواكبة لكل مستجدات العصر التقني.


لقد نجحت الخلافة الإسلامية في جعل الأمة الإسلامية تقتعد ذروة سنام المجد وتقود البشرية جمعاء، فكانت الأولى في كل المجالات، خرجت مدارسها العلماء والساسة والقادة في شتى الميادين وأرست قواعد مجتمع إسلامي يشار له بالبنان، فكانت تخرج رجال دولة وقادة معركة ورجال فقه وعلم ونقلت العالم من دياجير الظلام إلى نور الإسلام، عم بها العدل والرخاء والتكافل وانتشر الخير في كل مكان وصلوه، نعم أهلها بسعادة الدارين، عرفوا الله حق المعرفة فعبدوه حق العبادة، لقد أخذوا من علم الدنيا ما يلزمهم ليكونوا في الصدارة فتفوقوا وازدهرت مدنيتهم عبر العصور كازدهار حضارتهم.


لقد رعت الدولة الإسلامية المؤسسة التعليمية منذ البداية فوزن المسلمون مداد العلماء بالذهب، وأخذوا علم الدنيا من كل مكان دون حواجز، كان التعليم حقا للجميع بالمجان، لقد ركزت الدولة الإسلامية على أسلمة المعرفة وصبغها بالصبغة الإسلامية المميزة فطورت العلوم وترجمت الكتب والمراجع طبقا للتصور الإسلامي فكان الإسلام عقيدة ونظام حياة هو المحور الذي يدور الجميع حوله فهو بوصلتهم لسعادة الدارين.


لقد كانت اللغة العربية هي وعاء كل علم يترجم إليها ما يؤتى من غيرها من الأمم. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لغة العلم هي لغة الدولة القوية التي تفرض لغتها؛ فالقوي يفرض لغته وعملته ووجهة نظره في الحياة على الضعفاء كما نلاحظ اليوم من تبعية دويلاتنا للغير. وكما كان في الأمس يوم كان لنا دولة وتبعية الغير لنا.

والسؤال الذي يفرض نفسه؛ هل يمكن للمؤسسة التعليمية أن تغير هذا الواقع فتساعد في إعادة الأمور إلى نصابها الذي نأمله جميعا؟
والجواب عن ذلك، إذا توفر النظام السياسي بالقائد الرباني المخلص، وبالقرار السياسي الصحيح النابع من مبدأ الأمة وعقيدتها نتمكن من إحداث التغيير وإبراز دور المؤسسة التعليمية في ذلك، وهنالك مجموعة من الشواهد إسلاميا وعالميا.


الشاهد الأول/ كان العرب في جاهلية وشقاء وبؤس، فبدأ المنهاج الرباني في التغيير بأول كلمة نزلت على رسولنا الكريم بقوله تعالى ﴿اقرأ...﴾ في سورة العلق إيذانا للرسول صلى الله عليه وسلم للشروع في تغيير المفاهيم عند الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة الواحد القهار وانطلق الصحابة مشاعل نور وهدى للبشرية جمعاء يخرجون العباد من الظلمات إلى النور امتثالا لقول الرسول الكريم «بلغوا عني ولو آية» وقول الله سبحانه وتعالى ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا...﴾


والشاهد الثاني/ من الغرب الكافر المستعمر (أمريكا):-


عندما تفوق الروس عليها في غزو الفضاء وأطلقوا أول مركبة مأهولة بقيادة العالم يوري جاجارين عام 1961م في 12 نيسان فما كان من الأمريكان إلا أن اجتمع الساسة أصحاب القرار وعلى أعلى المستويات لمواجهة هذا التفوق الروسي لما له من دلالة، فكان القرار تغيير مناهج التعليم ورصد الأموال للبحث العلمي والتكنولوجي الّذي مكنهم من السبق عام 1969م زمن نيكسون حيث نزل أول رائد فضاء على سطح القمر في المركبة أبولو وهو نيل آرمسترنج وزملاؤه وكان لهذا النزول دلالة كبيرة في المفاهيم السياسية الدولية.


من كل ما تقدم يمكننا التأكيد على أهمية التعليم في البناء الناتج عن قرار سياسي حكيم، وخاصّة من دولة مبدئية ترعى شؤون الرعية، إنها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القادمة قريبا بعون الله.

 

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع