خبر وتعليق - الرعاية الأمريكية لأية مفاوضات تزيدها تعقيداً وتشتتاً
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأصل في المفاوضات أية مفاوضات في الدنيا أنها مجرد وسيلة للوصول إلى غاية من الغايات. أما المفاوضات الفلسطينية اليهودية بالرعاية الأمريكية فلها مفاهيم أخرى وغالبا ما تتحول المفاوضات نفسها إلى غاية بحد ذاتها إضافة إلى ما ترمي إليه من غايات غالبا ما يدخلها الغموض ويحيط بها التعقيد.
ولنأخذ مثالين على المفاوضات التي تجري برعاية أمريكية في المنطقة العربية وهي المفاوضات الفلسطينية اليهودية والمفاوضات السودانية الشمالية الجنوبية.
ففي الحالة الأولى فإن تدخل أمريكا في المفاوضات منذ مؤتمر مدريد في العام 1991م وحتى الآن حوّلها إلى عملية مستمرة لا تتوقف إلا لفترات استراحة تعتبر بالنسبة للمفاوض كاستراحة المحارب فالمفهوم الأمريكي لهذه المفاوضات الفلسطينية والعربية مع اليهود يقضي بتحويلها إلى هدف يُسعى لذاته فتارة تكون الوفود متداخلة كما حصل في مؤتمر مدريد، وتارة تكون منفصلة ومباشرة، وتارة تكون عن طريق طرف ثالث كتركيا، وأخرى تكون غير مباشرة، وأخيرا تكون مباشرة بأسلوب جديد، وبمعنى آخر فهي عملية طويلة وشاقة ومضنية بمقدورها إشغال الوقت بامتياز وهي في الوقت نفسه فيها الكثير من التعقيد والتمييع بحيث لا تدع للمتفاوضين فرصة للتهرب من التزاماتها.
فأمريكا في الوقت الذي تضغط فيه على الطرف الضعيف للعودة إلى المفاوضات المذلة تجدها تفتح قنوات سرية من المفاوضات مع الطرف القوي وتجلب لها دعما من أطراف أخرى تابعة لها كالسعودية التي أعلن مجلسها الوزاري عن ترحيبه بقبول المنظمة ببيان اللجنة الرباعية وبالدعوة الأمريكية.
وفي حالة السودان مثلا تجد أن أمريكا ممثلة بمبعوث الرئيس الأمريكي الخاص فيها سكوت غريش لا يترك صغيرة ولا كبيرة من الشؤون السودانية إلا ويبدي برأيه فيها فهو لا يكتفي ببحث ملفات ترسيم الحدود وتقسيم الموارد النفطية والمائية.
والمساعدة في إعادة 1.5مليون سوداني جنوبي إلى الجنوب للمشاركة في الاستفتاء على انفصال الجنوب لضمان تحقيق الانفصال، فأمريكا لا تكتفي بعمل سكوت غريش هذا وإنما ترفد أيضا بمبعوث آخر وهو برنيستون ليمان الذي عزز مهمات غريش الخبيثة وزاد عليها. كما استخدمت أمريكا عنصرا خارجيا لتقوية الجانب الانفصالي وذلك من خلال منح المتمردين في الجنوب أو ما يسمى بالجيش الشعبي لتحرير السودان إحدى عشرة طائرة هجومية متقدمة سيتم إدخالها الخدمة قبل موعد الاستفتاء.
هذه إذا هي أساليب أمريكا القذرة في رعايتها للمفوضات فهي لا تدع مجالا إلا وتستغله في عملية التفاوض لصالحها أولا من خلال بسط النفوذ ولصالح أعداء الأمة ثانيا من خلال منحهم المزيد من عناصر القوة بينما يبقى أصحاب الحق في حالة من التشتت والتيه والخسران.
أبو حمزة الخطواني
3-9-2010