الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الوقفة الأخيرة -وقفة محاسبة بين وداع عام واستقبال آخر

بسم الله الرحمن الرحيم

بما أننا دخلنا عاماً جديداً حسب التقويم الهجري وكذلك الميلادي فستكون وقفتنا هذه وقفة محاسبة مثلما يفعل
التجار والشركات مثلا حيث يقومون بجرد حساباتهم في نهاية العام ،،وفي نهاية العام وبداية غيره أدعو نفسي وإياكم إلى وقفة محاسبة،، إن وجدنا في أعمالنا خيرا، حمدنا الله تعالى وطلبنا منه المزيد من التوفيق إلى فعل الخير.وإن وجدنا غير ذلك تبنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعاهدناه على أن يكون عامنا الذي نستقبله خيرا من عامنا الذي ودعناه .
مستمعينا الكرام - عام من أعوام حياتنا انقضى ومضى، وهكذا الدنيا.. ما هي إلا أحلام نائم وخيال زائل. والعمر ليس ألعوبة بين يديك...بل هو فرصة، لأن تتقرب فيه إلى الله عز وجل وتتزود لآخرتك، نعم لقد مضى عام ، يحمل صحائف أعمالنا، وخُتمت أيامه وشهوره، فلا تفتح إلى يوم القيامة.
يا ترى هل حاسبنا أنفسنا، وندمنا على ما مضى وتبنا إلى الله؟! هل عاهدنا الله أن نكون في العام المقبل خيرا من العام المدبر؟! كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يقولون: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون، ومن لم يتفقد الزيادة في عمله فهو في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت خير له.
ليت الخلق إذ خلقوا عملوا لما خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا،.قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل!!
وقال أبو الدرداء: إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.
من عرف حق الوقت، فقد أدرك قيمة الحياة، وحينما ينقضي عام من حياتنا، ويدخل عام جديد، فإنه لا بد وقفة محاسبة طويلة. نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب،وقفة نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء،، وقفة ننهض فيها ونستدرك ما فات. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}. وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)). وكتب سيدنا عمر رضي الله عنه إلى بعض عماله في الأمصار: "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة ". وقال ميمون بن مهران: "لا يكون العبد تقيًّا، حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك".
وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة ". وقد أجمل ابن قيم الجوزي طريقة محاسبة النفس وكيفيتها فقال: ( جماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسب نفسه على المناهي فإن عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله(.

وتفَكَّروا في هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما لقي فيها من الشدائد والأهوال، وما بعد هجرته -صلى الله عليه وسلم- من الأمور العظام وقسوة الحياة وعداوة المشركين وكيد المنافقين، وما تحمله هو وأصحابه من المكاره.. حتى إن أحدهم لينحر ناقته ويضع فرش كرشها على كبده من الظمأ كما في غزوة تبوك، وحتى إن الرجل لَيعصب الحجر على بطنه من الجوع.. تَحمَّلوا ذلك لإقامة الدين فأقاموه أتم القيام، وأحسنوا إلى الخلق بهدايتهم إلى الدين ففازوا بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.. فماذا فعلنا نحن لإقامة الدين ؟! ماذا قدمنا لتقوم دولة الحق والإسلام والتي تحكم بشرع الله فقط ؟!!
ولنتذكر حديث رسولنا العظيم في حجة الوداع - هذا الحديث العظيم.. والذي كان يودع به العالم كما يودع به الناس ،ونحن اليوم قد ودعنا عاماً وناساً ,,لقد وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- قرب الكعبة قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ليؤسس لحقوق الإنسان وليرسي مبادئ العدالة وميزان الحق ويلغي كل أشكال الظلم والجور في العقيدة والسلوك والفكر والقيم والعبادة والمعاملات.. حرس الدماء وحرم الربا وأثبت حقوق النساء.. خطابٌ لم تسمع الدنيا بمثله ولا زال صداه يتردد عبر القرون وتتشبث بأذياله النظم والقوانين ولما تلحق به أو تجاريه.
انظروا إلى ما يسر لكم من أسباب طاعته وعبادته وما مهد لكم من العقبات وما بسط عليكم من النعم؛ فاستقيموا على مرضاته، وجاهدوا أنفسكم على لزوم الطاعات والبعد عن المحرمات.. ولا تنسوا تاج الفروض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بالحق .
وأنهي وقفتي هذه بهذا الدعاء ،، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل الطغاة والمفسدين ، اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسر أمورنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اجعل هذا العام فاتحة خير على المسلمين، اللهم أصلح فيه أحوالهم ، وأرغد عيشهم، وارفع بلاءهم،، واجمعهم على الكتاب والسنة يا رب العالمين. اللهم قيض لنا الخليفة العادل الذي يحكم بشرعك ويزيل الظلم وينشر العدل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام..
اللهم تقبل منا أعمالنا واجعلها في ميزان حسناتنا يوم لا ينفع مال ولا بنون ،،،

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع