الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الإعلام: واقعه، وما يجب أن يكون عليه!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإعلام: واقعه، وما يجب أن يكون عليه!!!

 

 

من خلال متابعة التطورات السياسية والميدانية على الساحات المحلية والإقليمية والدولية فإن المتابع لأخبار القنوات الفضائية والبث الإذاعي، وحتى المواقع الإخبارية والتواصل (الاجتماعي) على الشبكة العنكبوتية، يجد نفسه في حيرة من أمره؛ وذلك مما يلاقي من صعوبة الحصول على المعلومة الصحيحة التي تمكنه من البناء عليها كوصف للواقع بحيادية مجردة، أي نقل الواقع كما هو وليس من وجهة نظر الناقل لوصف هذا الواقع سواءٌ أكان هذا الواقع سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو غيره ليتسنى للمتابع تحليل هذا الواقع وفهمه وإعطاء وجهة نظره الخاصة حوله.

 

مع أن هناك فرقاً شاسعاً بين وصف الواقع كواقع وبين وجهة نظر الشخص عن هذا الواقع، فالواقع له وصف واحد لدى جميع الناس بغض النظر عن ناقله فهو عام، أما وجهة النظر عن هذا الواقع فلا شك أنها تختلف من شخص لآخر ومن جماعة لأخرى ومن مبدأ لآخر، وذلك حسب عقيدة المبدأ أو الجماعة أو الأشخاص وما انبثق عن هذه العقيدة من مفاهيم وما تولد عنها من سلوك.

 

إن ثقافة أي مجتمع من المجتمعات أو أية أمة من الأمم لا بد أن تكون خاصةً بهذا المجتمع أو بهذه الأمة لأن الثقافة انبثقت عن مبدأ أساسه عقيدة خاصة به لا سواه، وكما أن المبدأ عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام، وكذلك المجتمع يتكون من أفراد وأفكار ومشاعر وأنظمة فلا بد أن تكون أفكار ومشاعر وأنظمة هذا المجتمع من عقيدة المبدأ الذي آمن به أفراده، بل ولا بد من حمل أفراد هذا المجتمع لهذه الأفكار والمشاعر في عقلياتهم ونفسياتهم وكذلك تطبيق أنظمة هذا المبدأ عليهم، ومن البديهي أنه لا يمكن تطبيق أنظمة هذا المبدأ إلا من خلال جهاز تنفيذي وهو الدولة، ولا بد لهذه الدولة من سلطان على الناس ولكن هذا السلطان ليس مطلقًا وإنما خاضع لأحكام وأنظمة المبدأ وتحت رقابة جهة المحاسبة، فالذي مكنه من هذا السلطان هي الأمة بإنابتها إياه ليطبق عليها أحكام وأنظمة المبدأ، ولن تكون لهذه الأحكام والأنظمة القوة الرادعة للحاكم قبل المحكوم إلا إذا كانت لها السيادة؛ فقوتها من سيادتها وضمان بقائها راجع لقناعة الناس وتمسكهم بها وفاعليتها في سلامة تطبيقها.

 

والأصل في المبدأ أن يأتي بحلول ناجعة لمشاكل الواقع الذي يعيشه الناس، لكن هذه الحلول تتبع نوع المشكلة وهي على نوعين:

 

النوع الأول: مشاكل تختص بعلاجها عقيدة مبدأ الأمة المؤمنة به، والنوع الثاني: مشاكل تختص بعلاجها الخبرة والمعرفة، فالنوع الأول لا بد من علاجه بعقيدة مبدأ الأمة المؤمنة به وينفذ عن طريق سلطانها النائب عنها المختار برضاها وقناعتها ومن ضمن دائرة عقيدة المبدأ لكي لا تتعدد المعالجات فيحصل الاختلاف والتنازع، وأما النوع الثاني فيكون علاجه من أهل الخبرة والاختصاص بشرط أن لا تناقض هذه الحلول عقيدة مبدأ هذه الأمة، وهنا تظهر أهمية سلطان الأمة النائب عنها في حسم الأمور وحسن الرعاية وصيانة المجتمع من الانحطاط والتفكك.

 

لقد أصبح الإعلام اليوم أكثر أهميةً عن ذي قبل وذلك يرجع إلى تعدد وسائله وأساليبه وانتشاره فقد جعل العالم كله كقرية صغيرة سواء لخدمة الأفراد أو الدول، ومن ثم أصبح الاعتماد على الإعلام بشكل أكبر في نقل الأحداث وتبادل المعلومات والمراسلات وكلما تقدمت التقنية العلمية كان إنجاز الأعمال بشكل أسرع وأدق ووصول المعلومات للمتابعين لها بسهولة ويسر هذا في الجانب الخدمي، كما أن للإعلام أهمية في الجانب الفكري والسياسي والمتمثل في تكوين الرأي العام عند الناس؛ لذا يقتضي منا نحن المسلمين أن نعي على حقيقة الإعلام أو ما يسمى بالسلطة الرابعة ودورها في صناعة الخبر وصياغته، ومن ثم تقديمه للناس بصورة تخدم مصالح المتحكمين في الإعلام. والأصل في الإعلام نقل صورة صادقة عن الحدث وإلا كان تضليلًا وكذبًا. والتضليل الإعلامي هو بث الأفكار والمعلومات المضللة والخاطئة لرسم صورة مخالفة للواقع عند الناس.

 

إن الغرب لا يمل في صراعه مع الإسلام، وقد أبدع في استخدام الوسائل والأساليب التي تمكنه من حسم هذا الصراع لصالحه، فاستحدث أسلوبًا جديدًا لحرف اهتمام وتفكير الأمة لخدمة مصالحه وأنفق عليه المليارات، وكان الدور المنوط بهذا الإعلام هو إبعاد الأمة عن التفكير المنتج الذي يؤدي إلى التغيير الحقيقي بالإضافة إلى تكوين رأي عام مشوه عن الإسلام ونظامه عند عامة الناس.

 

إن خطر التضليل إذا لم ينتبه له فإنه يحدث شرخًا بين الأمة ومبدئها، ويحول بين الشعوب الأخرى واهتدائها إلى دين الحق كما هو حاصل هذه الأيام.

 

إن الأصل الذي يجب أن يكون عليه الإعلام في دولة الإسلام هو أن يتولى وضع السياسة الإعلامية للدولة لخدمة مصلحة الإسلام والمسلمين، وتنفيذها؛ في الداخل لبناء مجتمع إسلامي قوي متماسك، ينفي خبثه وينصع طيبه، وفي الخارج لعرض الإسلام في السلم والحرب عرضًا يبين عظمة الإسلام وعدله وقوة جنده، ويبين فساد النظام الوضعي وظلمه وهزال جنده، وهذا ما سيكون عليه الحال عند قيام دولة الخلافة على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله تعالى.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله القاضي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع