خبر وتعليق موجة انتحار في تونس لدى الشباب والأطفال
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
تمّ بعد ظهر يوم الأحد 2014/12/28 العثور على جثة فتاة تبلغ من العمر 17 سنة مشنوقة بشجرة زيتون في ولاية القيروان.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا الخبر الفاجعة قد سبقته أخبار أخرى جعلت الحديث يزداد بين الناس عن تفشي ظاهرة الانتحار لدى الشباب والأطفال في تونس.
التعليق:
خلال الشهر ونصف الماضية تعددت حالات الانتحار في صفوف الأطفال والشباب في تونس على غرار حادثة انتحار فتاة عمرها عشر سنوات بالقيروان؛ وحادثة انتحار شيراز ذات الاثني عشر ربيعا ثم انتحار طفلة عمرها تسع سنوات في بنزرت؛ بعدها بيوم فقط طفل ذو ثماني سنوات بقابس؛ أيضا جدت حادثة مماثلة بتطاوين لولد عمره أربعة عشر عاما والآن فتاة القيروان ذات السبعة عشر ربيعا.
حوادث أليمة جدّ محزنة وغيرها كثير تدق نواقيس الخطر وتجعلنا نثير سؤالا من الذي يغتال في أطفالنا وشبابنا الرغبة في الحياة؟ ومن ذا الذي يلهمهم أفكار الانتحار التعيسة؟ وكيف نوقف هذا النزيف الدامي؟؟
رغم تواتر الحوادث الفاجعة يصدمنا رد فعل الحكومة في هذا الشأن فكأننّا بعمياء صمّاء بكماء تشرف على رعاية شؤوننا ولا تلقي بالا لحال رجال ونساء الغد فلذات أكبادنا!!
وإنّ الأوجب من الواجب عليها بعث خليّة أزمة وبحث هذه الظاهرة والأسباب التي أدت إليها واتخاذ كل التدابير اللازمة للقضاء عليها.
إن الباحث في ظاهرة الانتحار ليدرك أنّ السبب الرئيسي لإقدام الأطفال والشباب بل والكبار على هذا الفعل الشنيع هو غياب مفاهيم صادقة عن الحياة لديهم لا تتولى اليوم لا الأسرة ولا البرامج التعليمية أو الإعلامية زرعها فيهم؛ فالوالدان إن كانا موجودين؛ فمنهمكان بتحصيل اللقمة التي سيضعانها في فم طفلهما وتفكيرهما منصب عليها؛ والدولة تستورد فتات مناهج تحدث الاضطراب في متعلميها لتناقض مضامينها وهي لا تتضمن ما يبني شخصيات متزنة تعي للحياة كنهها وتسير في دربها مطمئنة.
ولا ننسى طبعا دور إعلام يتاجر بكل قضية ويبث سموما هدّامة تشيع كل ما هو فاسد وكارثي ومن يتفرج على برامج مثل "عندي ما نقلك" والمسلسلات وغيرها يعي حجم خطر ما يبّث وآثاره السلبية.
هذا بالإضافة طبعا إلى الضنك والكرب الذي ضاقت النفوس به نتيجة العيش في ظل النظام العلماني الكالح الذي يتعامل مع الناس كأرقام لا يشغل باله رعاية شؤونهم جميعا بما يتوافق مع الفطرة والناحية الروحية التي فيهم؛ فتضيق الدنيا بما رحبت على أصحاب الشخصيات الهشة وتكثر آلامهم ومعاناتهم وتصير الحياة عندهم بطعم العلقم أو أشد مرارة وقصة الطفلة شيراز التي قررت الانتحار بسبب عدم تحملها للوضعية المزرية في المبيت الذي تقطن به من سوء معاملة وعفن المأكولات وغيرها مع قلة يد عائلتها خير مثال على ذلك.
إذن فالقضاء على ظاهرة الانتحار يستوجب زرع مفاهيم صادقة صحيحة عن الحياة لدى الجميع ولا أصدق ولا أصح من مفاهيم الإسلام التي تجعل متبنيها يدرك أن هذه الحياة فترة اختبار تليها حياة دائمة في جنات تجري تحتها الأنهار أو في جنّهم وبئس القرار، وأن الإنسان ملزم باتباع أوامر الله ونواهيه في هذه الحياة الدنيا.
وزرع هذه المفاهيم تتحمل العائلة مسؤوليته حين القيام بدورها التربوي، وتتحمل مسؤوليته أيضا الدولة التي يجب عليها وضع مناهج تربوية وتعليميّة تهدف بالأساس في الأعوام الأولى إلى تكوين شخصيات إسلامية تتوق للتميز في الدنيا ورضوان الله في الآخرة.
أيضا يجب على الدولة أن تشرف على الإعلام وتمنع البرامج التي تبث السموم والفساد، وطبعا أوجب الواجبات عليها أن ترعى شؤون الناس وتوفر لهم الحياة الكريمة بأنظمة تتوافق مع فطرة الإنسان، ولكننا اليوم نرى كم بات واضحا وضوح الشمس عجز الأنظمة العلمانية عن ذلك.
فمتى تقرّ أعيننا بنظام منبثق من مفاهيمنا الإسلامية الصادقة فيهنأ بالنا على مستقبل فلذات أكبادنا؟؟
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أنس - تونس