خبر وتعليق نظام التجارة الحرة الذي تنتهجه منظمة (آسيان) سرطان في جسد أمة الإسلام في جنوب شرق آسيا (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
تواجه بلدان إسلامية في جنوب شرق آسيا كإندونيسيا وماليزيا تطبيق خطة المجموعة الاقتصادية للآسيان (AEC) في 31 كانون الأول 2015 كشكل من أشكال التكامل الاقتصادي الإقليمي في المنطقة. ومن خلال هذا التكامل الإقليمي، ستتحول الآسيان إلى قاعدة سوق وإنتاج واحدة ومن ثمَّ تُصبح مصدر تدفق حر للسلع والخدمات والاستثمار والعمل ورأس المال. القادة في إندونيسيا وماليزيا متحمسون ويعدون أنفسهم للترحيب بتطبيق خطة AEC بل ويبنون آمالا كبيرة عليه. لقد عُزِّز اتفاق الآسيان والذي يقضي بأن تكون منظمة للسوق الحرة عبر مفهوم عام للمنظمة مرتبط بشعارها المعتمد: رؤية واحدة، هوية واحدة، مجتمع واحد.
وهكذا فقط أصبحت المجموعة الاقتصادية للآسيان (AEC) واحدة من الركائز التي قامت على أساسها منظمة الآسيان إلى جانب المجموعة السياسية الأمنية للآسيان (APSC) والمجموعة الثقافية الاجتماعية للآسيان(ASCC).
التعليق:
إنه لمن الحماقة والتضليل أن يظن قادة إندونيسيا وماليزيا بالمجموعة الاقتصادية لآسيان خيرا فضلا عن أن تحقق لبلادهم مكاسب اقتصادية، هذا إن صدقت الوعود وطُبقت المخططات على الأرض أصلا. ويؤكد سلوكهم هذا ضعف دورهم كقادة ورجال دولة، كيف لا وهم لا يألون جهدا في تسهيل أمور التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي في البلاد على حساب توفير احتياجات شعوبهم ورفاهيتها. فعوضا عن المساهمة في رفعة شعوبهم نراهم يُقرون حرية الاستثمار ويشجعون الهيمنة الأجنبية على الأسواق المحلية ما كرس الإمبريالية في البلاد وعرض النشاط الاقتصادي لعامة الناس للخطر. لقد ثبت ومنذ فترة طويلة بأن سياسة التجارة الحرة هي أداة بيد دول الغرب الإمبريالية تنتهجها ضد بلاد الإسلام، فكما في هذا الاقتباس والذي أشار فيه هنري كلاي أحد رجال الدولة في أمريكا إلى ضرورة تطوير قدرات الولايات المتحدة الدفاعية نقلا عن أحد الساسة البريطانيين "تعرف الدول، كما نعرف نحن، بأن ما أردناه من وراء "التجارة الحرة" لم يكن لا أكثر ولا أقل (وبما لدينا من امتيازات) من أن نحتكر الأسواق جميعها ونسخرها لإنتاجنا، وبالمقابل منعهم جميعا من أن يصبحوا في أي وقت من الأوقات دولا قادرة على التصنيع" وهذا يعني بأن حجم السوق المحتمل والاستثمار الاقتصادي في جنوب شرق آسيا سيتم استغلاله من قبل الدول الاقتصادية العملاقة، وذلك بقيام الأخيرة بتصدير أزماتها المالية التي تعاني منها إلى تلك البلاد؛ فإن دولاً كالولايات المتحدة والصين تحتاجان سوقا حقيقية لمنتجاتهما.
أما الجانب الثاني الذي يجب أن نقف عنده فهو آثار هذه السياسة المدمرة على المدى البعيد. فليس الفقر واستغلال الثروات فقط ما ستعاني منه البلاد، بل سيكون لهذا النظام السرطاني تأثير كبير في هدم القيم الإسلامية والأسر المسلمة. فهذا النظام معجب حقا بالعلمانية والنماء الاقتصادي القائم على أساس النظرة لبلاد المسلمين على أنها ليست أكثر من محرك اقتصادي ذي أيد عاملة رخيصة. وفي الوقت ذاته نجده نظاما متجاهلا تماما لقضايا الدين والأخلاق والكرامة وإيجاد الانسجام بين مكونات المجتمع المختلفة. دعونا نتعلم مما يعانيه أصحاب هذه الأنظمة في بلادهم، صحيح أنهم يعيشون تقدما اقتصاديا لكن ذلك كله هو على حساب حضارتهم. فغالبا ما يصاحب التطور السريع أزمات اجتماعية وانهيار للأسر وانتشار للجرائم وتزايد للعنف ضد النساء والأطفال مع ارتفاع في معدلات الانتحار هذا غير الانخفاض الذي يطرأ على معدلات الولادة والتي يكون سببها عادة مشاركة أعداد كبيرة من النساء في سوق العمل.
إن الأعراض ذاتها ستعاني منها البلاد الإسلامية في جنوب شرق آسيا إن ليس عاجلا فآجلا، إذا ما استمر قادتهم باتباع الغرب وطبقوا اتفاقية التجارة الحرة في بلادهم والتي هي جزء من النظام الإمبريالي فضلا عن كونها سرطاناً يتغلغل بل ويفتك بجسد الأمة. يا حكام المسلمين تذكروا قول الله تعالى:
﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّـهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: 35]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير