خبر وتعليق تغييرات لا تسمن ولا تغني من جوع
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
أفاد يوم الخميس وزير التربية التونسي فتحي الجراي أنه تقرر تدريس مادة الفرنسية ابتداء من السنة الثانية أساسي وتدريس مادة الإنجليزية ابتداء من السنة الثالثة أساسي.
وقال وزير التربية أن هذا القرار سيبدأ العمل به انطلاقا من السنة الدراسية 2015-2016.
التعليق:
ها هي حكومة مهدي جمعة تتخذ قرارات بتعليم أبنائنا الفرنسية ابتداء من العام الثاني الدراسي والإنجليزية من العام الثالث رغم أنّ واقعهم المرير يلحّ بشدة على الاهتمام بمستواهم المتدني والمتعلق حتى بمستوى تمكنّهم من لغتهم الأصلية؛ لغة دينهم وحضارتهم والتي تعتبر جزءاً من هويتهم.
لقد بات معروفا عند القاصي والداني أنّ كثيرا من التلاميذ في الأقسام الأساسية باتوا يعانون الكثير من الصعوبات في القراءة والكتابة حتى بالعربية بل بات كثيرا ما يعترض المعلمين والمعلمات في الصفوف لمن لا يتقن حتى التهجئة والحروف الأبجدية حتىّ بعد سن السابعة والثامنة.
ويرجع ذلك بالأساس إلى تخلّي المدرسة عن بعض دورها التعليمي والتكويني في المناهج الجديدة؛ فبعد أن كان التلميذ في الماضي يذهب إلى الصف الأول لتتولى المعلّمة أو المعلّم تلقينه كل ما يمكنّه من القراءة والكتابة من تهجئة وحفظ حروف وغيرها بات الواجب على أطفالنا اليوم الحضور أول يوم لهم في المدرسة وهم يتقنون كل تلك الأمور بل ويحفظون الدروس الأولى على الأقل مما جعل شريحة من الأطفال يجدون أنفسهم في مأزق حين الذهاب إلى المدرسة خاصة أولئك المنتمون إلى عائلات غير قادرة على تدريس أبنائها إما بسبب الأميّة أو بسبب عدم امتلاك المال لوضعهم في السنوات التحضيرية في الروضات والمدارس الخاصة.
إنّ اللغة العربية هي جزء من الهويّة بل هي ركن أساس في حضارتنا الإسلامية وكان حريّا بالقائمين على السلطة الاهتمام بها بل التركيز عليها تركيزا يجعل التلاميذ يتقنونها إتقانا لأنها الأصل والأساس.
ولكن المشكل المطروح أنّ البرامج التعليمية والمناهج لا تخوّل التلاميذ من ذلك، أي من إتقان اللغة العربية جيدا؛ وذلك لضعف محتوى تلك البرامج والفساد الموجود فيها ورغم ذلك تزيد الحكومة الطين بلّة بفرض تعلم اللغات الأخرى في السنوات الأولى.
إنّ منظومة التعليم بأكملها تحتاج إلى مراجعة جذرية بحيث تبنى على غايات واضحة وتستند إلى مفاهيم صادقة تكون الدافع في وضع البرامج ومجرد التغييرات الشكلية هنا أو هناك لن يصلح هذه المنظومة.
إن الأصل في التعليم أن يكون من أجل إكساب المهارات وتكوين الطاقات في مختلف المجالات بل الأصل فيه أن يكون من أجل تهذيب الفرد وتكوين شخصيات صالحة وهذا يقتضي أن تبنى المناهج على أساس فكري متين يتناغم مع ما يعتقده الإنسان ويخوّل للدارس التمكن من المعارف والتخصصات وإتقانها بل والإبداع في كل المجالات؛ وهذا للأسف غير متوفر في مناهج اليوم والتي بات واقعها جلياّ فهي ما وضعت إلا لمحو الأميّة ورفعا للعتب.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أنس - تونس