الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

كتيب التقرب إلى الله ح13 والأخيرة الثقة بوعد الله

بسم الله الرحمن الرحيم


ورد في سورة الأحزاب بيان لموقفين مختلفين:


موقف للمؤمنين أظهرته هذه الآية الكريمة: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) الأحزاب (22).


وموقف للمنافقين فضحته هذه الآية الكريمة: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) الأحزاب (12) المؤمنون يصدقون الله ورسوله، والمنافقون يكذبون الله ورسوله، لذا فقد تحدد موقف المؤمنين وهو موقف متميز بالثقة المطلقة بوعد الله، وهو موقف لا يتزعزع ولا يضطرب وإلا كان هناك شك في الإيمان.


والذي يتابع آيات القرآن الكريم يجدها قد أكدت على أن وعد الله آت لا ريب فيه، وأن النصر حليف المؤمنين، وأن مع العسر يسرا، وأن الله غالب على أمره وأن الله مظهر الإسلام على الدين كله ولو كره الكافرون، لنستمع إلى هذه الآيات:


(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) الروم (60).


(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ) البقرة (214).


(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) غافر (51).


(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ الله فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) الأنفال (36).


وقد وعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالنصر والفرج في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة فمن ذلك قوله لخباب حين جاءه شاكيا من العذاب الشديد: "والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون".


وروى مسلم في صحيحه حديث: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله"، وروي أيضا: "ستفتح مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا"، وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام عن فتح القسطنطينية مخبرا بذلك قبل ثمانية قرون ونصف: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش".


هذه وعود من الله ورسوله، فماذا كان مصيرها!؟ لقد تحقق وعد الله ورسوله، فقامت دولة الإسلام وهزمت قريش وظهر الإسلام وانمحى الشرك من أرض الجزيرة، وتقوض بنيان اليهود وغاب ملك فارس والروم عن الوجود وفتحت القسطنطينية، وخفقت راية العقاب فوق أكثر بقاع الأرض، وكانت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم مدة ثلاثة عشر قرنا وأصبحت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.


واليوم ــ وبإذن الله ــ ستقوم دولة الإسلام من جديد فقد أخبر الرسول الكريم بذلك حين قال: "إن أول دينكم نبوة ورحمة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون ملكا عضوضا، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، تعمل في الناس بسنة النبيّ، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنها سكان السماء وسكان الأرض، فلا تبقي السماء من قطرها إلا أنزلته، ولا تبقي الأرض من خيراتها ونباتها إلا أخرجته".


وسينتصر المسلمون على اليهود ثانية ويظهرون عليهم فقد وعد الرسول الكريم بذلك حيث قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود".


وستفتح روما كما فتحت القسطنطينية قبلها، فقد وعد الرسول الكريم بذلك، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نكتب، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أي المدينتين تفتح أولا، القسطنطينية أو رومة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مدينة هرقل تفتح أولا".


وحملة الدعوة على يقين بذلك كله، لأن هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، والأمر يتطلب منا العمل الدائم والنظرة إلى المستقبل بأمل باسم، ولا يجوز لنا أن نتصور أنه يجب تحقيق الوعود على أيدينا، فإن تحقق شيء من ذلك على أيدي الرعيل الأول فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وإلا فيجب الاستمرار في الدعوة وهي فرض وتركها إثم كبير، والقنوط من رحمة الله ضلال، واليأس من روح الله من عمل القوم الكافرين، ونحن نرى الكفار على كفرهم يصبرون على تحقيق ما يريدون ولا يقعدون عن العمل وصولا لغايتهم وأهدافهم، فقد صبر اليهود خمسين عاما حتى أقام لهم الكفار دولتهم في فلسطين سنة 1948، وصبر الشيوعيون سبعين عاما حتى قامت أول دولة لهم في روسيا سنة 1917، فما بال شباب الدعوة، وعدوهم على الباطل وهم على الحق!! والله مولاهم وهو نعم المولى ونعم النصير.


(ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ) محمد (11).


وبعد،


هناك حديثان قدسيان شريفان يعتبران جماع القول وفصل الخطاب يقول الأول: "يا عبدي ما أقل حيائك تطلب رحمتي وتبخل علي بطاعتي، فكيف أجود برحمتي على من يبخل علي بطاعتي".


ويقول الآخر: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه".


فلنجتهد إذن في طاعة الله، ولنتقرب إليه بالفرائض والنوافل حتى يرضى الله عنا ويرحمنا، ويصبح الواحد منا إسلاما يمشي على الأرض، وحتى نكون شامة بين الناس، وعسى أن نكون من خير الجلساء الموصوفين بحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "قيل يا رسول الله: أي جلسائنا خير؟ قال: من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في عملكم منطقه، وذكركم بالآخرة عمله".


وإنا لنرجوه سبحانه وتعالى أن يكون وجود هذا الطراز من الرجال طريق التوفيق فيعجل لنا بالنصر ويمكن لنا في الأرض، فتقوم دولة الخلافة وتعلو راية الإسلام من جديد إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.


وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.




فوزي سنقرط

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع