نفائس الثمرات قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول سبحانه وتعالى : [قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ] [سورة التوبة: 24].
[قُلْ] يا محمد عليه الصلاة والسلام للمسلمين. ثم ذكرت الآية الكريمة أربعة أنواع من أقرب الأقارب: [آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ] ثم عممت الآية بذكر [وَعَشِيرَتُكُمْ] والعشيرة تشمل جميع الأقارب وتشمل مع الأقارب الأصدقاء والجيران والمعارف الذين يعاشرهم المرء ويأنس بهم.
[وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا] أي اكتسبتموها وحصلتموها.
[وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا] تخافون فوات ربحها. والفرق بين هذه وسابقتها أن الأموال المقترفة هي التي صارت حاصلة باليد، والتجارة ربحها مأمول وليس حاصلاً باليد بعد.
[وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا] أي تحبونها لطيبها وحسنها.
أي إن كانت هذه الأشياء كلها مجتمعةً (انتبه أنها جاءت معطوفة على بعضها) [أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا] أي فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم في الدنيا أو في الآخرة. الآية الكريمة وضعت الأمور في كفتيْ ميزان: في إحدى الكفتين (الأقارب والعشيرة + الأموال + الوطن والمساكن) وفي الأخرى (محبة الله ورسوله أي الإيمان بالله ورسوله وطاعته والجهاد في سبيله)، فإذا حصل التوافق بين الكفتين، أي إذا استطاع المسلم أن يجمع بين محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله وبين الأقارب والعشيرة والأموال والوطن فبها ونِعْمَتْ. وإذا حصل التعارض بين الكفتين فالمسلم المؤمن لا يحتار في الاختيار ولا يتردد فالأمر عنده محسوم في اختيار الباقي على الفاني وفي اختيار الله ورسوله على ما سواهما: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسولهُ أحبَّ إليه مما سواهما».
[فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ] هذا وعيد من الله. قال بعض المفسرين هو فتح مكة، وقال آخرون هو عقوبة عاجلة أو آجله. والذي نرجحه أنه عقوبة عاجلة في الدنيا وعقوبة آجلة في الآخرة. إذ أن الركون إلى متع الحياة من الأموال والأولاد والأزواج والأقارب والمساكن وترك الجهاد سيجر الذل على المسلمين في الدنيا بحسب سنة الله في خلقه، كما هو حاصل بالمسلمين هذه الأيام. وسيجرّ عليهم عذاب الله في الآخرة لأنهم تركوا شرع الله وطاعته واتبعوا الشهوات.
[وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ] أي أن الذي يفعل ذلك من المسلمين هو فاسق. قال الزمخشري: الآية [فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ] آية شديدة لا ترى أشد منها.
فهل يعي المسلمون اليوم معنى هذه الآية الكريمة؟ فالقرآن جعل المسلم يميل مع شرع الله ورسوله حيث مال وليس مع القومية والعصبية والقرابة، وليس مع المصالح والمنافع والأموال، وليس مع المساكن والأرض والأوطان.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ