الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

حساب أخوة الإسلام لا يقبل القسمة على مصالح الاقتصاد

بسم الله الرحمن الرحيم


لقد مرت الأمة الإسلامية بمخاطر عظيمة في الماضي، فقد ابتلاها الله سبحانه بغزو التتار، والحملات الصليبية وغيرها، ولكن وقتها كان متأصلا في وجدان الأمة الوحدة والأخوة الإسلامية؛ هذه الوحدة التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة دولة الإسلام في المدينة التي جعلت المسلمين أمة واحدة، رايتها واحدة، وحربها واحدة، وسلمها واحد، ما أوهن كيد الأعداء وردهم على أعقابهم خاسرين. وهكذا استمرت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين ثم في خلافة الأمويين والعباسيين والعثمانيين، ولكن بتحول الحكم إلى جبري، فقدت الأمة وشائج الترابط، وقسمها عدوها - على علم منه بنتيجة ذلك - إلى دويلات ضعيفة، عليها حكام لا يأبهون لما يمس الأمة من سوء بل يهادنون أعداء الأمة وأيديهم تقطر دماً من دماء أمة الإسلام، ما يؤكد أن حكام هذا الزمان في وادٍ والأمة في وادٍ آخر.


وها هو حاكم السودان يمنح سفير روسيا بالخرطوم (إنفابرك فضليانوف) وسام النيلين من الطبقة الأُولى بمناسبة انتهاء فترة عمله بالبلاد، تقديراً للجهود التي ظل يضطلع بها في تنمية العلاقات الثنائية بين البلدين. جاء ذلك لدى لقائه يوم الخميس بمكتبه بمجلس الوزراء السفير الروسي بالخرطوم، والذي أوضح في تصريح (لسونا) أن اللقاء تطرق إلى آفاق التعاون بين السودان وروسيا، خاصة وأن البلدين يعكفان على التحضير لاجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين في ديسمبر القادم.


وأوضح السفير الروسي أن العلاقات بين السودان وروسيا تشهد تطوراً ملحوظاً خاصة في مجالات التجارة والاقتصاد والتعدين، وقال إن رئيس الجمهورية حمله تحية السودان حكومة وشعباً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. "الخبر من وكالة السودان للأنباء".


متابعة ولو قليلة لتعليقات المواطنين الروس على المواقع الإخبارية الروسية على أخبار تزويد سوريا بصواريخ س-300 توضح بما لا يدع مجالاً للتخمين ارتفاعاً ملحوظاً لشعبية بوتين، وحماسة شديدة ومطالبة بتزويد جنوب لبنان بأحدث الأسلحة والصواريخ. إن سياسة بوتين تجاه الشرق الأوسط موضع إجماع روسي شامل فهل مثل هؤلاء يستحقون تحية وأوسمة وهم يعلنون عداءهم الصريح للأمة الإسلامية، وينشرون أسلحتهم في سبيل الإيقاع بين المسلمين.


وفى وثيقة تم تسريبها تلقت صحيفة الواشنطن بوست نسخة منها تشير إلى طلبية عاجلة من الجيش السوري إلى الشركة الحكومية لصناعة السلاح الروسي (روسبوروناكسبورت) لتزويده بأسلحة قتالية للقتال اليومي من 20 ألف كلاشينكوف و20 مليون حزام من الذخيرة ورشاشات وقاذفات قنابل وبنادق للقناصة، ومناظير للرؤية الليلية. ولا يخفى اليوم على كل ذي عينين ما يفعله النظام في سوريا بهذه الأسلحة من قتل وتنكيل بالأبرياء العزل؛ من أطفال ونساء وشيوخ، واستباحة للمساجد وتدمير، تقف الكلمات عاجزة عن وصف بشاعة الجرائم التي تعرض كل يوم ويتابعها العالم، في عجز مهين عن مد يد العون لإخواننا في الشام الذين رفعوا راية التوحيد؛ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يشهدون على من خذلهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إنه لمن الخزي والصغار أن نوشح أعداء الأمة بالأوسمة، بدل أن نطلب منهم مغادرة بلادنا انتقاما لإخواننا في الشام.


فلا تحايا ولا مودة بين أهل السودان وبوتين الفاجر الكافر اللعين، لأن حساب أخوة الإسلام لا يقبل القسمة على مصالح التجارة والاستثمار بل يجمع بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وإن فرّقها المفرقون العاجزون. يقول الحق تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين: ((إنما المؤمنون إخوة)). وروى الإمام مسلم رحمه الله عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إنَّ آلَ أبي (يعني فلانًا) ليسوا لي بأولياءَ، إنما ولِيّيَ اللهُ وصالحُ المُؤمنين. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مِثْلُه. وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن آلَ أبي طالبٍ ليسوا لي بأولياءَ. وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم على أخوة المؤمنين في حجة الوداع فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا قَوْلِي، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَبَدًا، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، وَقَدْ بَلَّغْتُ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إلى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا، أَلا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْر الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ».وهذا يعنى أن الأخوة هي أخوة الإسلام وليس أخوة الدم ولا الوطن التي ما زادتنا إلا وهناً وضعفاً. وفي الوثيقة التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد إقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة أكد على أخوة المؤمنين، وأكد كذلك على وشائج المودة والتناصر بين كل رعايا الدولة الإسلامية ولو لم يكونوا من المسلمين، في لفتة دستورية وقانونية ليس لها مثيل في الحاضر، ولم يكن لها مثيل في الماضي قبل الإسلام، ولن يكون لها مثيل في غير دولة الإسلام العائدة عما قريب بعون الله وتوفيقه.


إن الواجب على الأمة أن تدرك أن وحدتها فرض، وأنها أمة واحدة ويجب أن تكون لها دولة واحدة، وحاكم واحد، فربنا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد، وحربنا واحدة، وسلمنا واحد.



كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع