الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالة مرسي عراب أمريكا الجديد في المنطقة العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

منذ توليه مقاليد الرئاسة، عمل مرسي بحزم لتقديم نفسه على أنّه إسلامي معتدل ومستقل عن النفوذ الأميركي، وأنّه يعمل لصالح مصر والمنطقة، ولكن باستثناء الخطابات الإسلامية فإنّ تصرفاته السياسية الداخلية والخارجية ليست أفضل من سلفه مبارك، عراب أمريكا السابق في المنطقة.


فعلى صعيد الجبهة الداخلية، يدّعي مرسي أنّ المعارضة لم تعطه الوقت الكافي للقيام بالإصلاحات التي تعالج الاقتصاد المصري المتداعي وفرض القانون والنظام وتحسين حياة الناس العاديين في مصر، هذا على الرغم من حقيقة أنّ هذه الإصلاحات صيغت تحت إشراف صندوق النقد الدولي كشرط على الحكومة المصرية من أجل حصولها على قرض قيمته 4.8 مليار دولار، حيث قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس "نحن نفهم أنّ السلطات المصرية تعمل على مراجعة برنامجها الاقتصادي، وبمجرد الانتهاء من هذه الخطوة، فسوف نناقش توقيت إرسال بعثة محتملة إلى القاهرة لتقييم البرنامج المعدّل"، والتأخر في مراجعة برنامج مصر الاقتصادي دفع بوكالة التصنيف الائتماني الأمريكية موديز لخفض القدرة الائتمانية لمصر، وبالتالي مواصلة الاستعباد الاقتصادي الأمريكي لمصر عبر صندوق النقد الدولي ووكالة موديز، بغض النظر عن ادعاءات حكومة مرسي بأنّها ستتبع سياسة اقتصادية مستقلة.


وعلى صعيد السياسة الخارجية فإنّه لا يمكن أن يخفي مرسي تأييده للولايات المتحدة عن المتظاهرين خلف جدار قصره، فسياسة مرسي الخارجية الموالية لأمريكا أكثر تميزا عن عهد مبارك فهي أكثر وحشية، فمثلا في 13 شباط 2013، غمرت مصر أنفاق غزة بمياه الصرف الصحي من دون سابق إنذار، وهي شريان الحياة للفلسطينيين الذين يعيشون في ما أشبه بمعسكرات الاعتقال في غزة، وقد كان القصد من هذا العمل الجبان تعزيز سيطرة دولة يهود الجبانة على غزة، على الرغم من أنّ هذه الأنفاق هي لجلب الغذاء والدواء والإسمنت والحديد، وتوفر ما يصل إلى 75 بالمائة من البضائع لسكان غزة البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة.


وقال مسؤول أمني مصري في سيناء لرويترز أنّ الحملة بدأت قبل خمسة أيام، حيث قال: "نحن نستخدم المياه لإغلاق الأنفاق عن طريق رفع منسوب المياه من أحد الآبار"، وحماس تحجم عن انتقاد وفضح مرسي، ولكن أهل غزة أكثر صراحة من سذاجة حماس ووحشية مرسي، حيث قال صاحب أحد الأنفاق، الذي لم يعرّف عن نفسه خوفا من الانتقام "لقد ساءت أوضاع الأنفاق بسبب التدابير المصرية منذ انتخاب مرسي، لقد كان تفكير الإخوة في حماس أنّه سيتم فتح غزة، ولكني أعتقد أنهم كانوا على خطأ، فقد تم إغلاق 150 إلى 200 نفق منذ هجوم سيناء... هذا هو عصر مرسي ".


لقد استخدمت حكومة مرسي الهجمات على القوات المصرية في سيناء في أغسطس 2012 ذريعة لتشن حملة وحشية لإغلاق أكبر عدد ممكن من الأنفاق، ولتعزيز أمن دولة يهود قبل الاستئناف المتوقع لعملية السلام التي باتت في سبات عميق، فمع محادثات الوحدة الفلسطينية المزمع القيام بها في الأيام المقبلة، ومع ضعف نتنياهو بعد الانتخابات الأخيرة، ومع زيارة أوباما المقررة لدولة يهود في آذار مارس 2013، فإنّ واشنطن حريصة على خلق المناخ المناسب لإعطاء دفعة حيوية للسلام بين العرب ودولة يهود، وجل هم الجميع في بدء محادثات السلام هو أمن دولة يهود، ومرسي مثل سلفه يفعل قصارى جهده لتلبية الرغبات الأمريكية واليهودية، ومع ذلك، فإنّ المقصود من توقيت العملية الأخيرة هو تهدئة الانتقادات اليهودية من تسليم أمريكا القوات الجوية المصرية أربع طائرات F16.


وبالمثل فإنّ علاقات مرسي الوثيقة مع إيران هي لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، وذلك بالحفاظ على بقايا نظام الأسد حتى يجهز البديل الأمريكي، والولايات المتحدة كانت تعمل بلا كلل أو ملل مع إيران وتركيا ومصر ودول الخليج وكذلك مع الاتحاد الأوروبي وروسيا لحماية نظام الأسد من خلال مجموعة من المبادرات وآخرها خطة الإبراهيمي، حتى تضمن استمرار هيمنة أمريكا على المشرق العربي، وفي هذا السياق زار مرسي طهران في سبتمبر عام 2012، وتحدث عن إيران باعتبارها شريكا أساسيا في إيجاد حل للأزمة السورية، حيث قال "إيران لاعب رئيسي في المنطقة ويمكن أن يكون لها دور فاعل وداعم في حل المشكلة السورية ... وأنا لا أرى مشكلة في وجود إيران في رباعية (تركيا ومصر وإيران والمملكة العربية السعودية) ولكنها جزء من حل المشكلة"، وهذا ما يفسر أيضا استقبال مرسي قبل بضعة أيام بحرارة لأحمدي نجاد، سفاح سوريا، حتى كانت طريقة تعامله مع الرئيس الإيراني سبب غضب بعض مؤيدي مرسي المقربين، مثل السلفيين الذين أصدروا بيانا قالوا فيه "تلتزم مصر بحماية جميع الدول السنية"وبالتالي فإنّه في غضون بضعة أشهر قليلة تمكّن مرسي من تجاوز مبارك وسلفه في فعل ما لم يفعله، أي بإقامة علاقة مع إيران لحماية المصالح الأمريكية في بلاد الشام.


أمريكا سعيدة من السياسات الداخلية والخارجية لحكومة مرسي، ففي 3 من شباط فبراير 2013 قالت سفيرة الولايات المتحدة لمصر آن باترسون "إننا نتطلع إلى مصر كقوة في المنطقة لمواصلة خدمة السلام والأمن والقيادة في الشرق الأوسط خلال رحلتها الصعبة نحو الديمقراطية."


هناك دروس مهمة لأهل مصر ليتعلموها من حكم مرسي: أولا، أنّه من خلال الدعوة لمجرد الإطاحة بالدكتاتور ليحل محله شخص يدعي الوصال بالإسلام فحسب هو سذاجة ذات أبعاد هائلة ولن تغير من محنة الشعب. ثانيا، السبب الحقيقي لبؤس المصريين هو النظام الحالي، ومن خلاله تواصل أمريكا استعمارها للبلاد، فما لم يتم القضاء على النظام من جذوره فإنّ الناس سيظلون يعانون من سياسات أميركا الاستعمارية التي ينفذها الموالون لها، وهم في الوقت الحاضر الإسلاميون/ الليبراليون. ثالثا، البديل الوحيد للنظام الحالي هو الشريعة الإسلامية، والديمقراطية الليبرالية الغربية التي ينادي بها الليبراليون قصيرة النظر، فالديمقراطية الليبرالية الغربية جنبا إلى جنب مع الرأسمالية تحتضر، وحتى الناس في الغرب يتطلعون بفارغ الصبر إلى نظام بديل. ولكن حتى تحقق أحكام الشريعة الإسلامية النجاح لا بد من تطبيقها بشكل كلي، وليس بشكل شكلي مثل التي يدافع عنها الإخوان المسلمون ومؤيدوهم. رابعا، الطريقة العملية الوحيدة لتحقيق تطبيق الشريعة في مجالات السياسة الداخلية والخارجية هو من خلال إعادة إقامة الخلافة، فالخلافة وحدها التي تضمن سياسة اقتصادية وخارجية مستقلة خالية من التدخل الغربي.

 

 

 

عابد مصطفى

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع