المؤامرة الأمريكية تجاه سوريا ج2
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نستكمل معكم تتمة موضوع " المؤامرة الامريكية تجاه سوريا" وقد كنا عرضنا لبعض من الأعمال والمتابعات التي قامت وتقوم بها أمريكا لاجهاض الثورة ومنها إنشاء حكومة انتقالية مؤقتة تحت قيادة الائتلاف الوطني في الأراضي يسيطر عليها الثوار ونضيف أيضا على تلك الأعمال والمتابعات:
4- العمل على استصدار قرار دولي من أجل دعم هذه الحكومة مالياً ومادياً والاعتراف الدولي بها، وذلك بعد اعتراف الجامعة العربية بهذه الحكومة، فقد دعا الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في 27-12-2012 "إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتمتع بصلاحيات كاملة إلى حين إجراء انتخابات جديدة، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السورية التي يزورها بحثا عن حل للصراع..." وصرح (سعد الدين العثماني) وزير خارجية المغرب في 10-12-2012 بعد مؤتمر مراكش "...أن المواقف ترتبط على المستوى السياسي بدعم الشعب السوري، ودعم الائتلاف الجديد، بينما تكمن على المستوى الإنساني في تقديم الدعم لأكثر من 2.5 مليون مواطن سوري، نازحين في الداخل أو لاجئين خارج سوريا".
وصرح الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون)، في مؤتمر صحفي مشترك مع نبيل العربي في القاهرة في 20-11-2012، "إننا نسعى لمرحلة سياسية انتقالية بسوريا"، داعيا المجتمع الدولي لدعم جهود المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي للوصول إلى ذلك، كما أعرب عن قلقه من عسكرة الصراع في سوريا، فيما شدد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على وقف إطلاق النار وإصدار قرار دولي بشأن المرحلة الانتقالية في سورية".
5- العمل على إعادة المهجرين من السوريين إلى منطقة الحماية هذه تحت إشراف دولي وحماية دولية، وهذا يكون مقدمة لتوسيع هذه المنطقة وتعزيز الأعمال السياسية للحلول المنظورة من قبل أمريكا وحلفائها، وخاصة تركيا.. فقد ذكرت صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 30-8-2012 تصريحا لوزير الخارجية الفرنسية (لوران فابيوس) أنه سيطرح على مجلس الأمن في جلسته القادمة فكرة أنه "إذا تجمع اللاجئون في منطقة محررة، سيكون من الضروري حمايتهم، وهذا يسمى منطقة عازلة مؤكداً القول: "نحن نفكر في الأمر حاليا ولكنه أمر شديد التعقيد، لا نستطيع القيام به من دون الأتراك ودول أخرى، وأن إقامة منطقة عازلة من دون حظر جوي أمر مستحيل، إذ يجب أن تكون لدينا وسائل جوية ووسائل مضادة للطائرات".
6- أمريكا ودول أوروبا تساهم بقوات رمزية (قوات إشراف ومراقبة) في هذه الأعمال حسب النص الدولي الذي توافق عليه أمريكا، وذلك حتى لا تجعل لدول أوروبا قدماً في الحلول المستقبلية، ولن تدخل أمريكا بقوات كما جرى في العراق وأفغانستان لأن المكان والواقع يختلف عن ذلك الواقع، بالإضافة إلى وضع أمريكا الاقتصادي، وتأثيرها ووزنها الدولي الآن لا يسمح بمثل هذا العمل.. ففي مقابلة على شبكة (سي بي أس) الأمريكية أعلن وزير الدفاع الأمريكي (روبرت غيتس) رداً على سؤال عما إذا كان على الولايات المتحدة التفكير في فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا التي تشهد احتجاجات تقمع بالعنف، قال غيتس: "أنه لا بد أن يؤخذ مثل هذا القرار على أساس كل حالة"، وأضاف: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً في سوريا، وأعتقد أن ما من دولة أخرى ستتخذ هذا المسار أيضاً".
7- بعد تركز الحكومة الجديدة الانتقالية وأخذ الدعم الدولي لها ونجاحها في إدارة المنطقة العازلة، ستباشر أمريكا عملية استبدال النظام الحالي بشكل عام بهذه القوة بشكل تدريجي -يبقي الجيش والقوى الأمني وهياكل الدولة كما هي لئلا يتأثر نفوذها السياسي-، خاصة بعد اطمئنانها على إضعاف قوى المعارضة المخلصة ذات التوجه الإسلامي، وترحيب الشعب السوري بالحلول والخلاص من الواقع المزري؛ وعملية الاستبدال هذه قد تسير فيها حسب الطريق التونسية أو اليمنية أو غير ذلك مما يتناسب مع الواقع... فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 27-5- 2012 "أن إدارة الرئيس باراك أوباما، تنوي العمل مع روسيا لخطة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، على نموذج الخطة اليمنية حسب ما ذكرت الصحيفة اليوم، وقالت إن الخطة تدعو إلى تسوية سياسية ترضي المعارضة السورية، هدفها تطبيق عملية انتقالية على غرار ما جرى في اليمن، بعد خروج الرئيس صالح عن السلطة، وأضافت الصحيفة أن نجاح الخطة لتوسيع الأزمة في سوريا رهن بروسيا الحليف الرئيسي لدمشق التي تعارض تنحي الأسد."
هذه هي الخطوات التي تسير عليها أمريكا وعملاؤها وأنصارها قي المجتمع الدولي في محاولة تجيير وحرف الثورة السورية عن مسارها الصحيح، ولكن السؤال المهم في هذا المقام هو: هل ستسير أمريكا مع خطتها هذه على بساط أحمدي، دون أن تلقى أية عقبات وصعوبات، وربما سدا منيعاً يحول دون تطبيق هذا الحل؟!
الحقيقة أن هناك عقبتين كبيرتين في طريق أمريكا؛ أحدهما الدول الأوروبية المنافسة لها في الصراع على المكاسب، والثانية هي القوى المخلصة التي تسعى لإسقاط النظام وترفض المشروع الأمريكي جملة وتفصيلاً..
فأوروبا وخاصة بريطانيا وفرنسا تتفقان مع أمريكا على أن يكون الحكم القادم علمانياً وتسعيان بشكل حثيث لتحقيق مكاسب سياسية في سوريا، وفي الوقت نفسه وضع العقبات أمام أعمال أمريكا وخططها السياسية، لتوجيه طريقة الحل حسب مصالحها.. وما اجتماع لندن السري مع قوى المعارضة في الائتلاف السوري إلا دليل واضح على هذا الأمر، فقد ذكر وزير خارجية بريطانيا (وليام هيغ) في 9-1-2013م بريطانيا ستستضيف اجتماعا دوليا، للترتيب للفترة التي ستعقب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد "المحتوم". ويشارك في المؤتمر خبراء متخصصون في الشؤون السورية، وأكاديميون متخصصون في تحقيق الاستقرار بعد الصراعات، وممثلون عن الائتلاف الوطني السوري المعارض... بالإضافة لأعمال بريطانيا فهناك محاولات فرنسا باستمرار، لاستضافة أعضاء من المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني، أو عقد مؤتمرات لهذين الممثلين في فرنسا..
ولكن العقبة الكأداء أمام أمريكا هي في مقتل الطاغية الأسد وأعوانه المقربين على يد الثوار المخلصين الواعين على مخططات أمريكا، أو حصول انقلاب عسكري من قبل ضباط مخلصين، حينها مشاريع وأعمال أمريكا ستكون هباءً منثوراً.. وهذا ما نرجوه من الله.
وفي المحصلة فإن مؤامرات أمريكا ضد سوريا هي عملية شاقة ومعقدة ومآلها الفشل بإذن الله، ولا ننسى تدبير المولى عز وجل ومكره، وهو الأمر الأهم في هذه الحسابات فالله سبحانه يقول:
((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) [الأنفال: 30]،
وقال: ((وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ 46 فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)) [إبراهيم: 47]
فنسأله تعالى أن يسبق بمكره كل هذا المكر البشري الكافر، لتكون سوريا الشام هي الخلافة، عقر دار المؤمنين، وقاعدة انطلاق لتوحيد أمة الإسلام، وإنقاذ باقي الثورات من الضياع والتحريف.. آمين يا رب العالمين ...
حمد طبيب - بيت المقدس